كلوب وأرنولد

موقع سبورت 360 – (مقال مترجم: بقلم سام ماجواير) حتى وقت قريب لم تكن للأظهرة قيمة كبيرة في عالم كرة القدم، هؤلاء اللاعبون كانوا أشبه بالخراف السوداء في قطيع الغنم، يمكن فهم النظرة تجاه هذا المركز حينما نسمع رأي جيمي كاراجير السلبي حول لاعب الظهير على الرغم من أنه المركز الذي لعب فيه أسطورة ليفربول في بداية مسيرته الكروية.

في 2013 وصف كاراجر هذا المركز بالطريقة التي تعبر عن أفكار الجميع حيث قال : “أنت لا تريد أن تكبر لتصبح جاري نيفيل، لأن هذا المركز يعني أنك أحد اثنين، إما جناح فاشل أو قلب دفاع سيئ ، وبأي حال سينتهي بك المطاف في هذا المركز”.

إلى حد بعيد، كان كلام كاراجر صحيحاً، فعلى الرغم من أن جاري نيفيل يُعد أحد أفضل الأظهرة في تاريخ الدوري الإنجليزي إلا أن أدوراه كانت تتمثل في حماية زميله ديفيد بيكهام، وغالباً ما كان أشبه بالعداء الذي يُوفر المساحة للاعب خط الوسط، وبالتالي لم تكن مهامه مميزة ليحصل على التقدير المطلوب.

ولكن هذا الأمر تغير في أيامنا هذه، فأفضل فرق أوروبا أصبحت تعتبر الأظهرة مفاتح الصناعة وخلق الفرص، ويمكنك رؤية سيميوني وهو يعتمد على كيران تريبيير في تحويل الكرات، ولهذا السبب رأينا بيب جوارديولا مفتوناً بهذا المركز لدرجة أنه أنفق 200 مليون يورو لتعزيز هذا المركز.

ثورة الأظهرة العصرية في كرة القدم:

يُعتبر سيميوني وجوارديولا ضمن أفضل مدربي العالم تكتيكياً نظراً للابتكار الذي يقدمانه، إلا أن يورجن كلوب غالباً ما يتم تجاهله كمدرب تكتيكي من الطراز الرفيع لكونه لا يعطي انطباعاً عن نفسه كشخص هادئ ومنهجي وذو اهتمام بالأرقام، وحينما يُسأل في المؤتمر لسؤال يحتاج لتفصيل سيقول “لم يكن رائعاً”.

الثورة التي قام بها كلوب فيما يتعلق بالأظهرة منذ وصوله لليفربول كانت استثنائية، حينما جاء في 2015 كان لديه كلاين ومورينو، الأول متحفظ وذكي دفاعياً والآخر متمرد قليلاً ومتهور لدرجة أنه يتحول كجناح في كثير من المرات، وفي أوروبا هذا النوع من التوازن كان مطلوباً في أغلب الأندية.

GettyImages-1178443463 (1)

في أفضل نسخ برشلونة كان التوازن حاضراً، ألفيس بقوة هجومية وأبيدال بصلابة دفاعية، أما في ليفربول فلم يكن مطلوباً من الأظهرة أن يكونوا ممتازين بالكرة نظراً لأن صانع اللعب الأول في ليفربول كان “الضغط العكسي” الذي يقوم به اللاعبون، وهو الأسلوب الذي كانت أظهرة الريدز تجيده.

لاحقاً لجأ ليفربول إلى أسلوب آخر بدلاً من الضغط العكسي، وهو التمرير إلى فيرمينو أو كوتينيو أو لالانا في الثلث الأخير، في تلك المرحلة كانت الأظهرة تتواجد في الثلث الأخير أيضاً ولكن غالباً لإلهاء الخصم، كلاين ومورينو كانا يحاولان التخلص من الكرة عوضاً عن القيام بعرضيات.

في أول موسم لكلوب كان متوسط تمريرات الظهير في المباراة هو 30 في 90 دقيقة، في الموسم التالي استخدم كلوب ميلنر كظهير أيسر وارتفع متوسط التمريرات خلال اللقاء ليبلغ 65 تمريرة، ومن هنا بدأت تتغير النظرة من ظهير مهمته الركض إلى لاعب منتج أثناء المباراة.

هذا التحول في الأسلوب مكّن ليفربول من خلق فرص عديدة من مناطق واسعة لم يستطع فعلها من قبل، إلا أن بطء ميلنر أحبط الكثيرين وجعل الفريق ذا بعد واحد في كثير من الأحيان، في صيف 2016 اشترى ليفربول ماني وفينالدوم وتحول من الرسم الخططي 1/3/2/4 إلى 3/3/4 مع تواجد لالانا وفينالدوم في الوسط.

ونجح ليفربول في أن يحقق المطلوب منه وأنهى الموسم رابعاً واستطاع هذا الثنائي اللعب في منتصف الملعب بخطة 3/3/4، والسبب يعود لقدرة ميلنر على تغطية ظهر فينالدوم ولالانا، وفي موسم 2017/18 كان الاختبار الجديد مع انضمام محمد صلاح واجه كلوب تحدياً جديداً يتمثل في خلق التوازن بسبب تواجد أجنحة سريعة.

وكانت بداية صعبة لليفربول حينها، روبرتسون كان يتأقلم مع أسلوب كلوب ما يعني أن مورينو هو اللاعب الأساسي في حين أن أرنولد كان ينافس جوميز على الظهير الأيمن، ولكن الأخير غالباً من كان يبدأ المباريات، أما ميلنر فقد تحول لوسط أيمن ليصبح اللاعب الخلاق في الفريق.

وعانى ليفربول ليجد التوليفة المناسبة حتى النصف الثاني من الموسم، نقطة التحول تمثلت بتواجد تشامبرلين في الوسط الأيمن حيث كان يزحف وينطلق لمواقع عميقة وضيقة من الملعب ليحصل على تمريرات أرنولد ليبدأ بها هجمات الفريق وتشكيل الخطورة على الخصوم.

بالنسبة لماني فقد كانت عليه مسؤولية تعويض رحيل كوتينيو ولعب دور خط الوسط المهاجم، وهو ما أعطى روبرتسون مزيداً من الحرية على الطرف الأيسر مستغلاً لعبه كـ”وينج باك” مع هال سيتي، الأمر الذي مكنه من القدرة على تهدئة اللاعب إذا أراد واحتلال المساحات الفارغة في الوسط أيضاً.

بعد حصول أظهرة ليفربول على راحة كاملة للعب في وسط الملعب، أصبح من الممكن تكرار ما كان يفعله ميلنر سابقاً من صناعة للفرص في مركز الظهير ولكن بسرعة وقوة أكبر، ولأجل فعل ذلك، قرر كلوب التضحية باثنين من أصل ثلاثة لاعبين في منتصف الملعب لأن التوازن هو أساس الاستمرارية.

وقرر كلوب أن يزيل اثنين من لاعبي الوسط الخلاقين لمنح أرنولد وروبرتسون الحرية الكاملة، لكنه كلفهما بمزيد من المسؤوليات الهجومية، والنتيجة كانت صناعة الثنائي لـ28 هدفاً منذ بداية موسم 2018/19.

وأصبح خصوم ليفربول يعرفون كل شيء عن قوة أظهرة ليفربول، ويسعى مدربو هذه الفرق لإيقاف أرنولد وروبرتسون، وحتى حينما يستطيع هؤلاء المدربون غلق المساحات أمام هذا الثنائي إلا أنهم لن يتمكنوا من إيقافهم طوال 90 دقيقة.

GettyImages-1034838136 (1)

على سبيل المثال قام مانشستر يونايتد بعمل جيد ضد ليفربول، لكن روبرتسون استطاع صناعة هدف التعادل، وعلى الرغم من غياب أرنولد عن الصناعة لثلاث مباريات متتالية إلا أنه كان نجم اللقاء ضد توتنهام وقاد الفريق للفوز حيث صنع 7 فرص، ولولا الحظ العاثر لأنهى اللقاء بأكثر من أسيست.

ويقدم أرنولد موسماً رائعاً حتى اللحظة حيث يصنع في كل 90 دقيقة، 0.8 فرصة خطيرة جداً وهو رقم رائع مقارنة بـ0.44 لكل 90 دقيقة خلال الموسم الماضي، أيضاً ارتفع متوسط الأسيست المتوقع من اللعب المفتوح ليصل إلى 0.30 في كل 90 دقيقة بدلاً من 0.14 في الموسم الماضي.

لقد انتقل هذا الثنائي لمستوى مختلف تحت قيادة كلوب، فبعد أن كانت أدوار الأظهرة تتمثل في توفير الحماية لزملائهم أصبحت الأدوار مقلوبة تماماً حيث يتوجب على لاعبي الوسط توفير المساحات لأرنولد وروبرتسون ليخلقا الفرص لبقية اللاعبين.

لم يكن صدفة أن يتحول ليفربول لمنافس على اللقب، فحين أهملت فرق – يتوجب عليها المنافسة مثل مانشستر ويونايتد وتوتنهام – هذا المركز، كان ليفربول يركز على الاستفادة القصوى من القدرات الإبداعية للاعبيه في خانة الظهير.