اللاعبون في كرة القدم باتوا يتألقون في مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من تألقهم على أرضية الميدان، هذا ما سلط الضوء عليه الصحفي البريطاني الشهير مارتن صامويل في مقال مثير نشره في صحيفة ديلي ميل الإنجليزية.
هناك أندية محددة تأثرت بمواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها مانشستر يونايتد دون أدنى شك، لاعبو الشياطين الحمر أصبحوا يختبئون وراء حساباتهم الرسمية على “السوشيال ميديا” لتبرير النتائج المخيبة التي يحققها الفريق وطلب المغفرة من الجماهير على الأداء الكارثي.
نجوم اليونايتد هم الأكثر اهتماما وانشغالاً في مواقع التواصل، ودائماً ما يستخدمون هذه النافذة لكسب تعاطف عشاق النادي والابتعاد عن الانتقادات، وربما أكثر من ذلك، فالأمر لم يعد يقتصر على التخاطب بشكل مباشر مع الجماهير دون أن تكون وسائل الإعلام وسيطاً، بل هناك أهداف أخرى بعيدة المدى.
أليكسيس سانشيز على سبيل المثال، بعد موسم كارثي بجميع المقاييس سجل فيه هدفين فقط في جميع المسابقات، نشر رسالة اعتذار عاطفية لجماهير اليونايتد عقب نهاية الموسم، ادعى خلالها أن الأمور لم تسير كما أراد، وأن الإصابات حرمته من الوصول لقمة مستواه وتقديم الإضافة للفريق.
الجميع يعلم أن سانشيز يتحصل على أعلى راتب في الدوري الإنجليزي، ويقال أنه يجني 500 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً، وفي ظل التقارير التي تؤكد رغبة النادي ببيعه للتخلص من راتبه المرتفع، كان لا بد له من استعطاف الجماهير لكي يضمن مستقبله وعدم خسارة كل هذه الأموال التي يجنيها، طبعاً أسهل شيء يمكن فعله هو اختلاق الاعذار.
لقطة أخرى من بول بوجبا توضح كيف يتعامل نجوم اليونايتد مع مواقع التواصل للوصول إلى أهدافهم، حيث انتشر مقطع فيديو للنجم الفرنسي وهو يرد بطريقة حضارية ومثالية على انتقادات الجماهير في المباراة الأخيرة أمام كارديف سيتي، طبعاً بوجبا كان يعلم أن اللقطة يتم تصويرها وسوف تنتشر بشكل واسع على تويتر وإنستجرام، وحدث ذلك بالفعل، وظهر الأشخاص الذين ينتقدونه مثل الشياطين، بينما لعب هو دور الملاك.
الصحفي مارتن صامويل أوضح كيف بدأت تتغير كرة القدم في العصر الحديث، وكيف تأثرت نتائج مانشستر يونايتد بسلوك لاعبيه على مواقع التواصل، فلم يعد هناك حاجة للرد في الملعب طالما أن منشور واحد على حساباتهم في مواقع التواصل سيحل المعضلة، ويجنبهم الانتقادات، ويجعلهم أقرب للجماهير.
في الماضي، كان اللاعب في مانشستر يونايتد يبذل أقصى طاقاته بعد مباراة سيئة لكي يعود أقوى في المباراة التالية، لكن الآن باتت الأمور أسهل كثيراً، فيمكنه تجنب الهجوم الجماهيري من خلال اعتذار على إنستجرام، أو نشر مقطع فيديو ممتع في غرفة خلع الملابس، أو استعراض خدعة مع الكرة في التدريبات، أو حتى مزحة مع زميل له في الفريق، وبذلك يتم مسح ذاكرة المباراة الأخيرة بذكاء ويسر.
فجأة، لم يعد الأمر متعلق بـ90 دقيقة التالية، بل بفيديو مدته 30 ثانية ينشر على حساب اللاعب في مواقع التواصل، أو 140 حرفاً على تويتر، وربما الاكتفاء بصورة وتعليق مقتضب، فعل ذلك أقل إرهاقاً وضغطاً من العمل في التدريبات وانتظار المباراة القادمة للاعتذار والرد في الملعب.
واختتم مارتن صامويل المقال الممتع بإنصاف جوزيه مورينيو الذي كان يشير دائماً إلى هذه النقطة، ودخل في حرب مع بول بوجبا كلفته خسارة منصبه في النهاية، المدرب البرتغالي كان يعلم أن البطولات والألقاب والانتصارات يتم تحقيقها في الملعب، وليس عبر شاشة الهاتف الذكي.