حينما يطول الغياب يتأجج الشوق، ويزداد ألم الفراق، تزداد الحسرة بل تتحول إلى إنكسار في قلوب العاشقين، هذا ما تشعر به جماهير مانشستر يونايتد في الوقت الحالي بعد 6 سنوات من الحسرة والمرار والمعاناة، 6 مواسم من الضياع.

“أيامي بقت من غيرك ماليها الويل بتعذب كل ما يجي عليا الليل .. وبروح على صورتك أخدها فحضني وأنام، أهي حاجة وبتصبرني على الأيام” محمد فؤاد لم يغني للمحبوب هنا فحسب، بل أصاب في الوصول إلى قلوب عشاق كرة القدم ومن ضمنهم جماهير اليونايتد التي تحن بالوقت الحالي إلى ربان السفينة، السير أليكس فيرجسون.

لم يكن يتصور أحد أن تكون حالة مانشستر يونايتد سيئة بهذا الشكل بعد 6 مواسم بعد رحيل فيرجسون، التوقعات كانت تتحدث عن معاناة النادي لموسمين أو ثلاثة مواسم قبل أن يجد الطريق الصحيح للعودة، لكن هذا ما لم يحدث حتى الآن ليكتفي الفريق خلال المواسم الست ببعض الألقاب المتوسطة والضعيفة، مع تعيين 4 مدربين لقيادة دفة الفريق لم يستطع أياً منهم تصحيح المسار حتى الآن.

الأزمة تتعمق والمشكلة ليست فنية

لا يخفى على البعض بأن مشكلة مانشستر يونايتد ليست فنية فقط، هناك مشكلة إدارية واضحة منذ رحيل فيرجسون، لكن هذا الشعور يتزايد يوماً تلو الآخر، حتى وصل الكثيرون إلى قناعة الآن بأن المشكلة إدارية قبل أن تكون فنية.

الكلام لا يرمى جزافاً هنا، بل يوجد دلائل تدعم هذه النظرية وتؤكد وجود خلل واضح في طريقة إدارة الفريق الأول:

1- عدم تغطية العجز في بعض المراكز الأساسية المؤثرة. هذه المشكلة تتحملها الإدارة بالدرجة الأولى لأن لويس فان جال، ثم جوزيه مورينيو أظهرا استايئهما الواضح من وجود ضعف في بعض المراكز داخل صفوف الفريق.

نتحدث هنا بالدرجة الأولى عن مركز الظهيرين، حيث يتضح بأن اليونايتد بحاجة للاعبين على سوية عالية من المهارة والقدرات الفنية لتعزيزهما، ليس من اليوم فقط، بل منذ 4-5 مواسم، وكل صيف تخفق إدارة اليونايتد في تعزيز هذين المركزين، أو تتغافل عن تعزيزهما، وهو ما جعل الفريق مهزوز دفاعياً، وسيء في عملية الإرتداد هجومياً.

2- اللهث وراء النجوم الذين يطاردون المال، ولا يغريهم شيئاً غيره، ولا يهمهم إسم النادي ولا مشروعه. صديقي الصحفي أحمد المعتز يعتبر من المتابعين الدائمين لليونايتد قال بخصوص ذلك “الإدارة تعاقدت مع نجوم، لكنها لم تتعاقد مع لاعبين. بمعنى أصح؛ النجوم لم يأتوا برغبة القتال في أرض الملعب، بل لأمور أخرى مالية كما هو واضح”.

صحيح أن جميع نجوم كرة القدم يرغبون دائماً بتحسين أجورهم، لكن عملية التحسن يجب أن تكون منطقية ومعقولة، وهذا مثلاً لم يحدث في صفقة أليكسيس سانشيز والذي تصرف بطريقة سيئة حينما كان في آرسنال ثم غدر بمانشستر سيتي حتى يتحصل على 24 مليون جنيه استرليني سنوياً مع اليونايتد، وهو ما فعله بول بوجبا أيضاً ومن قبله دي ماريا ثم روميلو لوكاكو!

مطاردة المال بشكل مبالغ به تؤثر بشكل واضح على أداء الفريق حالياً بخلق حالة عدم إنتماء أو لا مبالاة جراء ما يحدث، تحسين الأجر شيء ضروري، لكن لا أن يتحول إلى الهدف الوحيد للاعب كرة القدم.

Getty

3- عدم تجديد عقود اللاعبين الذين يقاتلون من أجل النادي ويظهر عليهم الإنتماء له، والسماح لهم بالرحيل بالمجان، والحديث هنا بالدرجة الرئيسية عن أندير هيريرا. أنت لديك مشكلة إنهزامية ولا مبالاة داخل صفوف الفريق، فكيف إذاً ستتخلى عن اللاعب الذي أظهر عكس ذلك؟

4- عدم ضبط الأجواء داخل الفريق الأول، فتشاهد مثلاً بول بوجبا يضحك في المدرجات أثناء تلقي فريقه الهزيمة في أرض الملعب، ثم يبادل القمصان مع زوما ويبادله الضحكات في أرض الملعب بعد الهزيمة 0-4 أمام إيفرتون، وطبعاً لن يكون بوجبا الوحيد الذي يتصف بهذه العقلية داخل الفريق. المشكلة متجذرة، والإدارة لم تضع لها حداً.

5- تجديد عقد أوليه جنار سولشاير قبل انتهاء الموسم على الرغم أنه لم يحقق أي من أهداف النادي بعد، لا في بطولات الكؤوس ولا في التأهل لدوري الأبطال. لا أقول أن سولشاير مدرب سيء لأنه في الحقيقة حتى الآن أظهر قدرات تكتيكية جيدة، لكن كان من الأفضل رؤية ما الذي يستطيع تحقيقه حتى نهاية الموسم قبل إتخاذ قرار مصيري باستمراره في إدارة الفريق.

6- عدم وجود هيكلة إدارية واضحة في النادي لإدارة فرق كرة القدم، أو أنها موجودة لكنها مضعفة، فلم نكن نسمع قبل 6 أعوام سوى بإسم السير أليكس فيرجسون، ولم نعد نسمع بعده سوى باسم إدوارد وودوارد، فهل يعقل أن يدار واحد من أقوى أندية العالم بكرة القدم عبر رجل واحد فقط؟

GettyImages-1134089674 (1)

ما الحل إذاً؟

مثلما انتهينا في النقطة السابقة نبدأ الآن، فأول شيء يجب تغييره في مانشستر يونايتد هو الهيكلة الإدارية، يجب أن يكون هناك توزيع أفضل للمهام فيما يخص إدارة الفريق الأول. النادي بحاجة لمدير رياضي لفريق كرة القدم، وربما بحاجة لسكرتير تقني متخصص في جمع المعلومات من كشافي المواهب حول النجوم والأسماء الشابة، ثم التفاوض مع الأندية على الصفقات في حال إقتناع المدرب بها، طبعاً هذا هو الحد الأدنى في عملية إدارة الأندية الكبرى بالوقت الحالي.

مسألة تجديد عقود اللاعبين يجب أن تتم أيضاً بطريقة أفضل وأكثر سرعة ودهاء، وربما يكون النادي بحاجة لشخص متخصص يشرف عليها، فلا يعقل أن يقترب عقد ديفيد دي خيا من الانتهاء مجدداً وأنت لم تستطع حتى الآن إيجاد أي صيغة تفاهم معه، رغم أنك عانيت من نفس المشكلة قبل 4 أعوام.

بعد ذلك الفريق بحاجة لتقييم حقيقي فنياً ثم إدارياً، جميع اللاعبين يجب أن يوضعوا تحت المجهر للتعرف على من يستطيع منهم التطور وتقديم الأفضل للنادي، ومن يجب أن يرحل لتوفير أجره والحصول على مبلغ مالي من عملية بيعه من أجل تمويل صفقات جديدة.

مانشستر يونايتد بحاجة لعمل فريق وليس لعمل أفراد، كل شخص في هذا الفريق يجب أن يكون بارعاً في تأدية عمله، مثلما يجب أن يعرف دوره المحدد من أجل النهوض بالفريق الأول مجدداً وإعادته للمسار الصحيح.