بول بوجبا وجوزيه مورينيو

لم يكن إبقاء بول بوجبا على دكة بدلاء مانشستر يونايتد في مواجهة هادرسفيلد تاون ضمن منافسات الدوري الإنجليزي الممتاز مجرد قراراً عادياً، أن تضع أفضل لاعبي فريقك فنياً وأغلى لاعب في العالم سابقاً على دكة البدلاء فهو حدث يستحق الوقوف عنده طويلاً.

مورينيو صرح قبل المباراة لقناة سكاي سبورت بأنه وضع بوجبا على دكة البدلاء من أجل منح الفرصة للشاب ماكتوميناي، فيما صرح بعد المباراة “لست أهدف لمعاقبة بوجبا، نحن فريق نفوز معاً ونخسر معاً” ووضح بعد ذلك “اتخذت هذا القرار لأنني أردت ضغط أفضل على هادرسفيلد حين خسارة الكرة لإجبارهم على ارتكاب الخطأ”.

تصريحات مورينيو ليست مقنعة لأحد، فلو تحدث عن رغبته في إراحة بوجبا وتجنيبه الضغط البدني ربما حينما كان سيقدم إجابة مقنعة أكثر، لأن جوزيه ليس من نوعية المدربين الذين يؤمنون بأن اللاعبين اليافعين قادرين على تقديم أداءً أفضل من النجوم، مما يعني أن قرار استبعاد بوجبا عن التشكيلة الأساسية إداري وليس فني أو تكتيكي.

ما الذي حصل حتى يستبعد بوجبا عن التشكيلة الأساسية؟

حتى تكتمل الصورة لمن لم يسمع بالقصة، جوزيه مورينيو دخل في حالة نقاش يبدو أنه حاد مع بول بوجبا على أرض الملعب خلال مواجهة توتنهام هوتسبير قبل أيام، النجم الفرنسي جادل مدربه أثناء إلقاء التعليمات عليه وبدا غي مقتنعاً بتنفيذها، ويبدو أن بول لم يلتزم بتعلميات مورينيو بالفعل بعد ذلك مما دفع جوزيه لاستبداله.

لا يوجد أدلة حقيقية على أن بوجبا لم يكن راضياً عن تعليمات مورينيو ولم ينفذها، لكن معظم المحللين والمتابعين يتوقعون ذلك، وما عزز وجهة النظر هذه هو قيام مورينيو باستبعاد بوجبا عن التشكيلة الأساسية في المباراة التالية.

هل القرار الذي اتخذه جوزيه مورينيو ضرورياً ؟

مورينيو قال بعد مواجهة هادرسفيلد “لم أعاقب أحد، نفوز معاً ونخسر معاً” وفي الحقيقة جوزيه كان صادقاً فيما قالها هنا، فهو لم يستبعد بول لأنه خسر ضد توتنهام وإلا لفعل ذلك سابقاً في هزائم أخرى لم يقدم خلالها الفرنسي الأداء المطلوب، الفكرة هنا مختلفة وتتعلق بقرار ناجم عن مشكلة إدارية وليس قراراً ناجماً عن مشكلة فنية أو تكتيكية.

بوجبا في حال لم يكن مقتنعاً بتعليمات مورينيو، أو في حال رفض تنفيذها، أو جادل مدربه بشكل أكبر من اللازم أثناء المباراة في وقت الجدال فحينها سيكون جوزيه محقاً في قراره، بل يجب عليه اتخاذه، فحتى لو كان المدرب يقبل بالنقاش في قراراته فممكن أن يحدث ذلك خلال التدريبات وليس خلال المباريات، فكيف إن كانت مباراة من هذا المستوى؟

المدرب يكون مجبر دائماً على اتخاذ قرارات من هذا النوع حينما يتم رفض قراراته، فالانضباط داخل صفوف الفريق أهم من القدرات الفنية، وفي حال تساهل مع بوجبا بسبب سعره أو قيمته الفنية فحينها سيلجأ لاعبين آخرين لنفس الأسلوب وسيفقد القدرة على السيطرة على الفريق.

قرار مورينيو إدارياً صحيح، وأكرر، المباريات ليست الوقت للنقاش الحاد والاختلاف في وجهات النظر.

لكن .. لماذا يعد القرار خطيراً ؟

هل تسمعون عبارة “بين المطرقة والسنديان” ؟ هذا بالضبط ما يمر به جوزيه، فهو مضطر لمعاقبة بوجبا، أو فلنقل ضبطه إدارياً، وفي ذات الوقت يعلم بأن القرار خطير على مستقبل الفريق في حال “ركب الفرنسي راسه”.

بوجبا لاعب مؤثر جداً في غرف خلع الملابس، أولاً هو النجم الأبرز بالفريق، وثانياً شخصيته المرحة تجعله محبوباً ومقرباً من زملائه، وثالثاً هو صديق مقرب لثاني أفضل لاعبي الفريق (لوكاكو)، أي أن بول يستطيع التأثير بسهولة على زملائه سلبياً في حال قرر التمرد على مورينيو أو إضعاف نفوذه داخل الفريق.

المعادلة في عالم كرة القدم بالسنوات الأخيرة تؤدي إلى نتيجة واحدة حتمية وهي “اللاعبون ينتصرون” وجوزيه يفهم هذا الأمر بل ربما عانى منه في تشيلسي، لذلك لن يكون بمصلحته أن يخسر دعم أبرز نجوم فريقه.

قرار جوزيه لا يوجد شك بأنه استفز بوجبا خصوصاً في ظل النتائج السلبية التي يحققها اليونايتد بالموسم الحالي، والسخرية الواسعة التي يتعرض لها في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب أدائه الغير مقنع أحياناً في ظل مقارنته بالأداء المميز والممتع من الغريم مانشستر سيتي.

لذلك فإن جوزيه بحاجة لأن يمسك العصا من المنتصف، يعاقب بوجبا أو يضبطه إدارياً لتوجيه رسالة إلى غرف خلع الملابس بأنه من يسيطر على الأجواء، وفي ذات الوقت الحديث مع اللاعب فردياً ومحاولة كسب دعمه وتأييده.

جوزيه بحاجة إلى خطاب مختلف مع بوجبا فردياً، خطاب يشعره بأهميته للفريق، أهميته للمشروع، ومدى ضرورة وحدة الصف بالوقت الحالي، في ذات الوقت المدرب يجب أن لا يشعر لاعبه بحاجته الماسة لدعمه فالخطاب يجب أن يكون تحفيزي للعطاء لا لتعزيز الأنا العليا.

الأيام المقبلة ستكشف إن كان جوزيه قادر على احتواء الموقف والتعامل معه بإيجابية أم سيخطئ من خلاله ليخسر كل شيء.

 ** فيديو مهم : ماهو حدث السوبر بول الذي يعتبر الأهم في العالم ؟ تابعوا معنا