بيب جوارديولا

موقع سبورت 360 – “شطحات كروية”، هي فقرة أسبوعية نهدف من خلالها إلى مناقشة وتفكيك بعض الأفكار غير المنطقية المنتشرة والرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع محاولة دحضها والرد عليها بأفكار جديدة وأدلة – تبدو من وجهة نظرنا – أقرب للواقع.

لا يُخفى على أحد أن مانشستر سيتي ليس على ما يُرام، خلال الموسم الجاري، فالفريق يبصم على نتائج مخيبة بالدوري الإنجليزي، ويُهدر نقاطاً بالجملة، لدرجة أنه يبتعد عن ليفربول المتصدر بفارق 14 نقطة بعد الخسارة المؤلمة في الديربي ضد مانشستر يونايتد.

ويُحاول الكثيرون تفسير ما يحدث لمانشستر سيتي خلال الموسم الكروي الراهن، وبدأ البعض يتحدث عن إفلاس بيب جوارديولا تكتيكياً، وعبارة “الإفلاس” هي من العناوين المُطلقة التي يتم استخدامها للإعلان عن نهاية أي لاعب أو مدرب، لكنه ببساطة عنوان لا يبتعد كثيراً عن الوجدانية تماماً، فهي كلمة غير مرتبطة فعلياً بالواقع وتنطلق من نظرة عشوائية.

ويحاول هؤلاء، الاستناد على بعض الأرقام لتبرير آرائهم ومواقفهم من جوارديولا، فيقول قائل إن المدرب الإسباني وصل خلال الموسم الجاري إلى أدنى معدل في مسيرته من ناحية الاستحواذ، فيُجادل مجادل آخر بأن بيب تلقى أهدافاً كثيرة هذا الموسم من الهجمات المضادة وبات دفاعه هشاً، وبأن اللمحات التكتيكية التي كان يقدمها فريقه بدأ بالاختفاء تدريجياً.

GettyImages-1193338023 (1)

والحقيقة، أن ما يجعل الحديث عن هذه السخافات ممكناً، هي مثالية جوارديولا، تلك المثالية التي لعبت إنجلترا دوراً استثنائياً بتحولها إلى واقعية، لا نتحدث عن الاستحواذ فقط بل عن المقاربة المختلفة للعبة ومحاولة إيجاد الحلول المثالية للمحافظة على طريقة اللعب خاصة وأن نوعية الخصوم باتت مختلفة ونوعية الأسلوب التي تتبعه أيضاً.

العقبة الكبيرة التي واجهت جوارديولا عند قدومه إلى إنجلترا، هي “كيف يوفق بين المساحة والاستحواذ”، خاصة حين يلعب ضد أندية تُجيد الضغط وتملك سرعات، إنه ذلك الفخ الذي كان يقع دائماً فيه عندما يواجه يورجن كلوب.

والحقيقة، أن جوارديولا يبحث في كل مواجهة عن حلول مختلفة، فأمام الأندية التي تعود للخلف يحاول استغلال أنصاف المساحات عن طريق كيفن دي بروين يميناً ودافيد سيلفا يساراً، أما عندما خسر بيب الاستحواذ فلم يكن الأمر خياراً بل كانت تحت تأثير قوة وسط الخصم الذي يُجيد الضغط عالياً ويجيد الخروج المثالي بالكرة والاختفاظ بها.

ابتكارات جديدة؟

في الواقع، ليست هنالك ظروف أصعب من ظروف الدوري الإنجليزي، فلا نعلم إن كان جوارديولا قادراً على ابتكار شيء جديد بعد دخول الأظهرة للعمق والتحرك في أنصاف المساحات (half spaces) معتمداً على فعالية سيلفا ودي بروين وبرناردو والأجنحة السريعة.

وتُواجه جوارديولا في الوقت الحالي مشكلتين، الأولى هي افتقاده لقوة الدفاع بسبب كثرة الإصابات وتراجع المستويات الفردية، والثانية هي تحدي دوري أبطال أوروبا، ولذلك فإن المدرب الإسباني يحتاج إلى مزيد من البراغماتية خاصة في المباريات الكبيرة، ويحتاج كذلك لبعض التعديلات من أجل المزج بين الفلسفة والنتيجة، وما يلي ذلك من صراع بين الاستحواذ وخلق المساحة الممكنة لصناعة الفرص.

من هنا، فإن “الإفلاس” ليس عنواناً صحيحاً لحالة جوارديولا مع مانشستر سيتي، فهذا الموسم يتشابه مع موسم بيب الرابع مع برشلونة، فالأمر يتعلق بالجوانب المعنوية لا التكتيكية، أو بظهور منافس أو ند قوي لفريقه يكسر هيمنة فريقه على الدوري المحلي أو بالأحرى يفك شيفرة “طريقة بيب”، وهو ما فعله جوزيه مورينيو في 2012، وهو الأمر الذي يُكرره يورجن كلوب اليوم.