getty images

موقع سبورت 360 – ضجت وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بلقطة بيب جوارديولا مدرب مانشستر سيتي، وهو يشرح لستيرلينج بعض الأخطاء في تحركاته خلال التتويج بكأس إنجلترا مع العلم أن ستيرلينج سجل ثلاثية في هذا اللقاء الذي انتهى بسداسية . الجدل اشتعل حول ما إذا كانت هذه اللقطة طبيعية جوارديولا أو أنها عبارة عن استعراض أمام الكاميرات لجذب الأنظار. خصوصاً أنها ليست المرة الأولى بل فعلها سابقاً مع كيميش أيضاً في نهائي كأس ألمانيا الذي فاز به البايرن وقتها .

عشاق المدرب الكتالوني يؤكدون بأن اللقطة جزء من طبيعة هذا المدرب وهي أبعد ما تكون عن الاستعراض حيث أنه مهووس بعمله بشكل كبير وكل من يعرفه يؤكد هذا الأمر. وهناك صورة شهيرة على وسائل التواصل الاجتماعي بعد لقاء برايتون ظهر فيها جوارديولا في الطائرة يناقش أحد أفراد طاقمه حول لقاء واتفورد في نهائي الكأس. وكتاب جوارديولا أيضاً حول سنته الأولى في بايرن ميونخ مليء بالدلائل حول هذا الهوس غير الطبيعي بالعمل وكرة القدم.

المسألة الأخرى التي يتناقش بها محبو هذا المدرب والمدافعون عنه هي أن اختيار جوارديولا لبعض اللحظات الغريبة لتوجيه ملاحظاته الهدف منها ترسيخ هذه الملاحظة في الذاكرة حيث ان اللاعب لن ينساها أبداً لأنها جاءت في ظروف استثنائية.

إذاً هل هي استعراض أم حقيقة

للإجابة على هذا السؤال لابد من فهم طبيعة عصر الكرة الحالي الذي باتت فيه الكاميرا موجودة في كل مكان بفضل الهواتف النقالة مما جعل النجوم والمدربين مرصودين في كل حركة يقومون بها. مع هذه الدرجة من الانكشاف باتت صورة المدرب الخارجية أكثر من مجرد زينة أو حاجة كمالية وبات من الضروري العمل عليها بشكل مدروس ودقيق .

لماذا أصبحت صورة المدرب مهمة للغاية

في الماضي كان العلاقة بين المدرب واللاعبين بشكل أساسي وطبعاً مع مفاصل النادي الذي يعمل به وبالدرجة الثانية وسائل الإعلام . النتائج هي التي تعبر عن المدرب ولم يكن مهماً إن كان هادئاً أو عصبياً أو صدامياً أو ما إلى ذلك . حيث يكفي تصرفه في غرفة الملابس ليؤثر في اللاعبين سلباً أم إيجاباً .

اليوم الوضع مختلف تماماً ..الانكشاف الإعلامي الكبير لمفاصل وكوادر كرة القدم وانغماس اللاعبين أنفسهم بوسائل التواصل الاجتماعي وأيضا الاهتمام المتزايد بكرة القدم كلعبة جعل من صورة المدرب مسألة مهمة ليس له وحسب بل للفريق ككل وأيضاً للجمهور، حيث تزيد الصورة القوية والجذابة للمدرب من تأثيره في اللاعبين وهو الأهم و المشجعين كذلك بما يكفل حشدهم خلف الفريق بدلاً من تشكيل الضغوطات عليه .

كيف تبنى صورة المدرب

بناء صورة المدرب يعتمد عوامل موجودة في شخصيته لأنه لا يمكن بطبيعة الحال أن تبني شيئاً من لاشيء. ومع معرفتنا بأن الكثير من الشخصيات العامة المشهورة تحرّكها شركات علاقات عامة عملاقة أو على الأقل هناك خبراء في التواصل يحددون لهم ما يجب أن يظهروه بشكل أكبر للجماهير وما يجب أن يخفوه . فإنه ليس من الغريب أن نرى أن جوارديولا أكثر من مرة في مظهر المهووس بكرة القدم وتحقيق الانتصارات أويظهر كلوب وكونتي في قالب العصبي والمتحمس على مقاعد البدلاء ومورينيو المشاكس والقوي مع الصحافة والإدارات. بالتأكيد لهؤلاء المدربين صفات أخرى كثيرة لكن هذه الصفات هي التي تجذب الاهتمام إعلامياً وتسهم في رسم الصورة المطلوبة لكل منهم  ومع الزمن تترسخ هذه الصورة في أعين الجماهير وإدارات الأندية على حد سواء . فنشر صورة لجوارديولا وهو يناقش مباراة أموراً مع  أحد أعضاء جهازه الفني إثر الفوز بالدوري وبعدها مباشرة نشر  فيديو المحادثة مع ستيرلينج ليس صدفة أبداً بل هو جزء من ترسيخ الصورة

ما الفارق الذي تصنعه شخصية المدرب للمدرب نفسه

المدرب ذي الشخصية المميزة أو الطابع يمتلك تأثيراً أكبر في اللاعبين والجمهور على حد سواء. ويمكن لهذه الشخصية أن تحميه حتى ولو لم يحقق الشيء الكثير مع الفريق الذي يدربه والمثال الأكبر هو يورجن كلوب . فهو أكثر تأثيراً من فالفيردي وأليجري اللذين حققوا ألقاباً أكثر منه مع برشلونة الإسباني، ويوفنتوس الإيطالي. لكن شخصيتهما الهادئة أو لنقل البعيدة نسبياً عن وسائل الإعلام جعلتهم غير محبوبين من الجماهير والجميع يطالب برحيلهم  -أليجري رحل فعلاً-  أما كلوب فلا أحد يفكّر في أنه المدرب غير المناسب لليفربول على الإطلاق .

جوارديولا وكلوب

جوارديولا وكلوب

قد يقول البعض أن جوزيه مورينيو وكونتي أقيلا بسهولة وأكثر من مرة من فرقهم .وهنا نؤكد بأنه ليس هناك مدرب بعيد عن مقصلة الإقالة مهما علا حجمه . لكن الأكيد أيضاً أنه لولا شخصية مورينيو وكونتي المميزة لتمت أقالتهم بشكل أسرع بكثير. كما أن هذا الطابع الذي يميزهم هو ورقة تستعمل في المفاوضات ، فأن تكون مدرباً بطابع خاص هو جزء من الباقة التي يتم التفاوض عليها عندما يتم التوقيع مع أي فريق جديد .

GettyImages-651089148 (1)

لكن يبقى الأهم هو الانتصارات أولاً وكرة القدم التي يقدمها الفريق ثانياً لأنها التي تحدد المسار رياضياً وتجارياً . أما الطابع المدرب فسيكون في المرتبة الثالثة تقريباً وتبرز أهميته بشكل كبير عندما يكون هناك قصور في المسألتين السابقتين . لكنه يبقى مهماً لأن عصرنا هو عصر إعلامي بامتياز ، والمدرب الذكي الذي يعرف كيف يبني شخصية علنية بطابع مميز سينجح بشكل أكبر ممن يركز على الملعب وحسب حيث أنه في عصر الأعمال الحالي حتى الشخصية هي منتج مهم .