جاريث بيل

سبورت 360 – لا يمكن تفسير بعض القرارات التي يتخذها المدربين على الصعيد الرياضي، وتحتاج أحياناً للغوص في تفاصيل إدارية لا تهمك كمشاهد في شيء لكي تفهم ماذا يحدث، هذا تماماً ما ينطبق على قرار الدفع بجاريث بيل أساسياً في مباراة ريال مدريد وسيلتا فيجو.

المدرب الفرنسي زين الدين زيدان فاجأ الجميع بتشكيلته الأساسية أمام سيلتا فيجو التي شهدت تواجد جاريث بيل، وكما هو متوقعاً، ظهر اللاعب بشكل مخيّب للآمال طوال المباراة، لكن زيزو لم يكتفي بذلك، وقرر الإبقاء عليه في أرض الملعب حتى الدقيقة 85، رغم أن الفريق كان يعاني في معظم أوقات المباراة.

يمكننا التماس العذر لزيدان باعتماده على بعض اللاعبين، مثل مارسيلو، فهو رأى أن المباراة ليست صعبة، ولا بأس بالاعتماد على الظهير البرازيلي لزيادة الكثافة العددية في خط الهجوم، وهي فرصة أيضاً لإراحة فيرلاند ميندي الذي سيشارك أساسياً في مباريات مصيرية المرحلة المقبلة.

والسبب الأهم والمنطقي لزيدان، أنه يريد من مارسيلو أن يكون جاهزاً تحسباً لأي طارئ، لذلك يحاول إشراكه في المباريات السهلة ويعتمد على ميندي في المباريات المعقدة، وهو قرار سليم لأنه لا يمكن الاعتماد على ظهير واحد طوال الموسم، ويجب أن يكون البديل جاهزاً، وهذا ما يحاول زيدان فعله.

البعض كان غاضباً من بنزيما أيضاً الذي أهدر فرص محققة للتسجيل، ولم يقدم مباراة كبيرة، لكن في الحقيقة، يمكننا اختلاق الحجج لتبرير مشاركته، فاللاعب قدم مستوى مميز في الأشهر الاولى من الموسم، وحتى الآن ما زال هداف الفريق الأول، ومن الطبيعي أن يمر أي لاعب بفترة فراغ خلال الموسم.

لكن ما لا يمكن تفسيره بالعقل، ولا المنطق، هو إقحام جاريث بيل أساسياً، لا يوجد أي سبب رياضي أو فني يقول أن النجم الويلزي يستحق اللعب، فبعد إهانة النادي في أكثر من مناسبة، واستهتاره بالقوانين، والأداء المخزي الذي يقدمه، وعدم اكتراثه لأي شيء يصيب الفريق، من المفترض أن المدرجات هي مصيره المحتوم، وليس أرض الملعب ولا حتى دكة البدلاء.

هناك أسباب لا حصر لها توضح لماذا يجب أن لا يلعب جاريث بيل أساسياً أو حتى كبديل، فلا يوجد لديه رصيد كافي يشفع له مثل مارسيلو وبنزيما، ولا يحاول من الأساس أن يستعيد مركزه سواء في التدريبات أو عندما يحصل على الفرصة، كما أنه شخص سلبي جداً لدرجة الاستفزاز، فلا يوجد أي مبرر يجعل زيدان يعتمد عليه، خصوصاً أن هناك العديد من اللاعبين الذين يقدمون كل شيء على أرض الملعب للحصول على المزيد من الدقائق مثل فاسكيز وفينيسيوس ورودريجو ولوكا يوفيتش، فحتى لو لم يوفقوا في بعض الأحيان، إلا أنهم اكثر رغبة منه باللعب بمراحل.

هل أقول أن جاريث بيل هو سبب تعثر ريال مدريد؟ في الحقيقة نعم، لقد كان سبباً رئيسياً، لا تحدثني عن الأخطاء الدفاعية التي ارتكبها فاران وراموس، ولا تخبرني عن الفرص التي أهدرها كريم بنزيما، لأنني سأصدمك دائماً بسؤال يفند ما ترمي إليه؛ كم كان سيتغير شكل وأداء الفريق لو كان لاعباً آخر بدلاً من بيل داخل الملعب؟

زين الدين زيدان

زين الدين زيدان

زيدان عاد بشروطه إلى ريال مدريد .. لا اعتقد

نعلم جميعنا السبب الحقيقي وراء الاعتماد على بيل، المسألة واضحة، وكما قلت في بداية المقال، لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالجانب الرياضي والفني، وإنما الأمر كله يتعلق بإدارة النادي التي تطالب زيدان بإشراكه لكي تستطيع تسويقه في الصيف المقبل.

لا أحد يريد شراء بيل من الأندية الكبيرة مقابل مبلغ مالي، معظم الأندية التي تتفاوض من أجله تحاول الحصول عليه مجاناً أو بمبلغ زهيد لا يتجاوز 20 مليون يورو، وهو أمر منطقي بحكم مستواه المتواضع وتقدمه بالسن والإصابات التي تجعل العيادات الطبية منزله الثاني، أضاف إلى كل هذا راتبه المرتفع الذي يحصل عليه مع ريال مدريد ولن يقبل بالحصول على أقل منه في نادٍ آخر.

كل هذه المعاناة التي يعيشها ريال مدريد بسبب جاريث بيل في بعض المباريات، هي من أجل محاولة الحصول على 40 أو 50 مليون يورو في الصيف، وفي الحقيقة لا أعلم، هل هذا المبلغ أهم مثلاً من لقب الليجا الذي احتكره الغريم التقليدي في آخر عقدين بضعف ما حصل عليه الريال؟

عندما عاد المدرب الفرنسي إلى ريال مدريد العام الماضي، جميع الصحف أكدت انه فرض شروطه على إدارة النادي، وأهم هذه الشروط أن يكون المتحكم بكل صغيرة وكبيرة متعلقة باللاعبين وفيما يخص سوق الانتقالات، لكن بعد مرور 11 شهراً، لا اعتقد أن هذا ما حصل فعلاً.

لا يعقل أن يواصل الاعتماد على لاعب لم يكن مقتنعاً به أساساً في ولايته الأولى عندما كان مستواه أفضل كثيراً من الآن، فما بالكم بعد انخفاض مستواه إلى هذا الحد، بالإضافة إلى افتعاله مشاكل عديدة خلال الأشهر الماضية، فهل هناك أحد يصدق أن زيدان يعتمد على بيل لأنه يراه قادراً على صناعة الفارق حقاً؟ لا أظن ذلك.

FBL-ESP-LIGA-REAL MADRID-CELTA

شخصية زيدان المسالمة جداً مع الإدارة هي من ستجعله يفقد منصبه في نهاية المطاف، لأن بيريز أول من سينقلب عليه عندما يخسر الألقاب، حيث سيبدأ بممارسة هوايته المفضلة بالتفكير ببدائل سريعة ووضع خطة لإقالته، ورغم أن المدرب الفرنسي يفهم هذا الأمر جيداً، إلا أنه لا يحاول أبداً أن يمنع تدخل الإدارة بعمله.

البعض سيقول أننا نبالغ، ريال مدريد لن يخسر الألقاب لمجرد لاعب واحد تم فرضه على المدرب، لكن في الحقيقة سيحدث هذا حقاً إن استمر الوضع على ما هو عليه الآن، فالأمر لا يقتصر على مستواه السيء، وإنما بانعدام الروح القتالية والرغبة باللعب من الأساس، فيمكن أن يهدر كريم بنزيما فرصة، ثم يسجل هدفاً، وقد يتسبب مارسيلو بتلقي هدف، ثم يعوض بصناعة هدف، لكن لاعب لا يريد اللعب من الصعب الاستفادة منه بأي شيء، سيكون عبئاً على الفريق طوال التسعين دقيقة، سواء من الناحية الهجومية أو حتى الدفاعية، وهذا ما نراه بالفعل كلما شارك.

معظم المباريات التي شارك بها بيل هذا الموسم عانى فيها ريال مدريد، ومنذ عودته من الإصابة الاخيرة، ودخوله بالتشكيلة في بعض المباريات، تشعر أن منظومة الفريق عادت للشكل السيء الذي كانت عليه في الموسم الماضي وبداية هذا الموسم، فمشاركته بحد ذاتها تعطي رسالة سلبية للفريق واللاعبين، وكأننا نصبح أمام ريال آخر غير الذي تطور كثيراً في الأشهر الماضية.

أمام أوساسونا، لعب جاريث بيل أساسياً، والفريق عانى كثيراً في الشوط الأول، وعندما غادر أرض الملعب تحسن الاداء كثيراً وتم تسجيل هدفين، ومن الأمثلة الأخرى أيضاً مباراة العودة ضد باريس التي قدم فيها الفريق أداء أكثر من رائع، لكن الفريق انقلب 180 درجة في الدقائق الأخيرة، وخمن ماذا، بيل دخل كبديل لهازارد المصاب بالدقيقة 71، وهناك العديد من الأمثلة الأخرى سواء هذا الموسم أو الموسم الماضي التي نتعذر عن ذكرها لعدم الإطالة.