فلورنتينو بيريز والسفر عبر الزمن .. هكذا صعد ريال مدريد إلى القمة

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • فلورنتينو بيريز مع 5 كؤوس في دوري أبطال أوروبا

    سبورت 360 – “عرش ريال مدريد يهتز باستقالة فلورنتينو بيريز” هكذا عنونت صحيفة ذا جارديان البريطانية على الحدث الأبرز في ليلة 27 فبراير 2006، القرار الذي أشعل الجدل في عالم كرة القدم، فلورنتينو بيريز رئيس مجرة الجالاكتيكوس (كما وصفته صحيفة الموندو الإسبانية) استقال من منصبه في ريال مدريد!

    لم تتخيل صحف مدريد أن بيريز سيفاجئها بهذا القرار، بدون مقدمات، وبدون تمهيد، وبلا أي تسريبات، في ظرف دقائق قليلة جمع الصحفيين لعقد المؤتمر الصحفي، فألقى قنبلته، ورحل بكل هدوء تاركاً العاصفة خلفه! “فلورنتينو يستقيل” ماركا وليكيب لم يجداً شيئاً آخر لقوله على الغلاف في صبيحة اليوم التالي.

    6 سنوات من حقبة فلورنتينو بيريز انتهت في ذلك اليوم، وكانت نهاية حزينة، الرجل الأبرز في عالم “بيزنيس كرة القدم” رحل بعد أن أخفق في مشروعه الرياضي.

    مرت السنوات، عاماً تلو الآخر، واكتشف الجميع أن فلورنتينو لم يخفق في تلك الحقبة، صحيح أنه لم ينجح رياضياً، لكنه سبق الجميع بوضع ريال مدريد على قمة الهرم في عالم كرة القدم وصنع معادلة لم يفهمها أحداً غيره، وحينما حاولوا تقليده بعد عقدٍ ونصف كان القطار  قد فاتهم…

    إنه فلورنتينو بيريز .. الرجل القادم لكم من المستقبل

    فلورنتينو بيريز يستقيل من رئاسة ريال مدريد عام 2006

    2020 يظهر الفارق مع ريال مدريد .. الكرة الذهبية مثال على ذلك

    ريال مدريد قرر أن لا يفوز كريستيانو رونالدو بالكرة الذهبية” جورجيو كيليني مدافع يوفنتوس قرر مهاجمة النادي الملكي بعد تتويج ليونيل ميسي بالكرة الذهبية السادسة نهاية عام 2019، حيث يؤمن الإيطالي بأن الريال حرم رونالدو من نيل الكرة الذهبية حتى يحصل عليها الكرواتي لوكا مودريتش في عام 2018.

    السؤال الذي يُطرح على طاولة كيليني: هل يعقل أن يرغب ريال مدريد بتتويج اللاعب الذي رحل عن صفوفه بالكرة الذهبية بدلاً من لاعبه لوكا مودريتش؟ الجواب لأي عاقل “لا” فبرشلونة سيرغب دائماً بتتويج لاعبيه بالكرة الذهبية، وكذلك يوفنتوس وميلان وبقية الأندية، لن تجد نادياً يرغب بنيل أحد لاعبي المنافس جائزة فردية بدلاً من لاعبه.

    في الحقيقة كيليني كان يريد القول بأن ريال مدريد اشترى أصوات الناخبين ليحرم رونالدو من الكرة الذهبية، لكنه لم يجرؤ على قول ذلك بشكل مباشر حتى لا يصبح مادة للسخرية في عالم كرة القدم، فإن كان ريال مدريد يملك الأموال لرشوة الصحفيين في جائزة الكرة الذهبية، فمن أين سيأتي بالأموال لرشوة الملايين من الأشخاص حول العالم في جائزة ذا بست المقدمة من الفيفا؟ نعم في هذه الجائزة عدد المصوتين يمكن قياسه بالملايين من الأشخاص!

    كيليني يفهم الأمر جيداً، يعي كل شيء، لكنه لن يعترف به، فهو يعرف بأن “تأثير ريال مدريد” تخطى حدود إسبانيا بل وقارة أوروبا، فليس هناك داعي لأن تشتري أصوات أحد ما دام الناس يكرسون معظم وقتهم لمتابعتك ومتابعة أخبار لاعبيك، الكثيرون منهم سيتجهون للتصويت لك لأنهم ببساطة لا يعرفون أحداً غيرك!

    ربما تظن أنني أبالغ في هذا؟ حسناً، جرب واطلب من أحد المتابعين الجيدين للعبة كرة القدم أين ذكر لك أسماء 11 لاعباً من ريال مدريد، وستتفاجأ من أن عدد الأسماء التي سيذكرها لك سيفوق ذلك. لكن اطلب من نفس الشخص أن يقوم بتعداد 11 لاعباً من يوفنتوس فحتماً سيتلعثم، وحتى لو أجابك فلن يكون بنفس الاتساق والسرعة في الإجابة.

    كيليني يعرف هذا الأمر، ويفهم أن له التأثير المباشر في الجوائز الفردية، فالصحفيين قبل الجماهير يتابعون ريال مدريد ونجومه أكثر مما يتابعون الفرق الأخرى، لكن هل جرب أن يسأل نفسه لمرة واحدة؛ لماذا يحدث ذلك؟

    فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد

    فلورنتينو بيريز .. الرجل الذي أدخل ريال مدريد إلى كل منزل

    لنبقى مع يوفنتوس ما دام جورجيو كيليني هو من أثار اهتمامنا حول هذه القضية، وهنا لا أذكر يوفنتوس للسخرية منه أو الانتقاص منه بالتحديد، بل لاتخاذه كمثال لأن معظم أندية أوروبا كانت تعمل بنفس الطريقة لوقتٍ قريب جداً، قبل أن يغيروا قناعاتهم ويبدؤوا باستيعاب المتطالبات الجديدة للعبة كرة القدم.

    موجي، الرئيس السابق لنادي يوفنتوس، شرح في عدة مقابلات عن حيثيات تفاوضه مع فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد على صفقة انتقال زين الدين زيدان صيف 2001، موضحاً أن المفاوضات كانت طويلة وعسيرة، لكنهم في يوفنتوس كانوا أذكياء حيث أوصلوا بيريز للمبلغ الذي يريدون الحصول عليه من الصفقة، واستخدموا ذلك المبلغ للتعاقد مع بافيل نيدفيد، جيانلويجي بوفون، وويليام تورام.

    موجي يظن نفسه ذكياً، نعم فهو أجبر بيريز على دفع 70 مليون يورو كرقم قياسي ولا يصدق في ذلك الوقت للتعاقد مع زيدان، واستخدم ذلك المبلغ لبناء فريق جديد.

    لكن هل سأل موجي نفسه، ما هي حجم الاستفادة التي حققها بيريز من هذه الصفقة اقتصادياً في السنوات التالية، وما هي حجم الاستفادة التي حققها يوفنتوس من بناء الفريق الجديد؟

    ببساطة، بيريز كان يريد دفع هذا المبلغ ليوفنتوس، يريد تحطيم الرقم القياسي في سوق الانتقالات مجدداً بعد أن حطمه في عام 2000 بالتعاقد مع لويس فيجو من برشلونة، ويريد تحطيم هذا الرقم من أجل زين الدين زيدان بالتحديد، قيمة رياضية عظيمة واسم لامع جداً يعد الأبرز في ذلك الوقت على الإطلاق.

    “لقد نسخت قليلاً من سانتياجو برنابيو. حينما أصبح رئيساً كان هدفه أن يجعل ملعب تشامارتين (ملعب ريال مدريد سابقاً) أكبر، لأنه يعد المصدر الرئيسي للدخل في تلك الحقبة. وبالتالي في حال حققت أموال أكثر سأستطيع أن أتعاقد مع أفضل نجوم اللعبة” هذا ما قاله بيريز في حوار مع BBC قبل عامين من الآن، لكنه لم يخبرنا بالتحديد، ما علاقة ذلك بصفقتي زيدان وفيجو؟

    زمن “النجوم” في نهاية التسعينات كان واضحاً أنه سيطغى على زمن المنتخبات الكروية، بمعنى أن من يملك ألمع الأسماء وأبرزها من النجوم سيخطف الأضواء ويجذب الجماهير لمتابعته، وهو ما جعل بيريز يعمل على تكريس ثقافة “الجالاكتيكوس” داخل ريال مدريد.

    بيريز كان يعلم بأن الأسماء الرنانة من اللاعبين هي من ستصبح محط اهتمام الجماهير في وقتٍ لاحق، وليس المنتخبات الدولية، ولا حتى أسماء الأندية.

    بيريز كان لديه 3 أهداف يريد تحقيقها على التوالي: 1- خلق ضجة إعلامية كبيرة في بداية انتشار الإنترنت حول العالم حول اسم ريال مدريد، وبالتالي جلب متابعة أكبر للنادي.

    2- المتابعة التي ستزداد جراء الضخ الإعلامي حول اسم النادي بسبب صفقاته الرنانة والغير مسبوقة ستخلق تسويقاً أفضل للعلامة التجارية للنادي بالمجان، بل وتسويقاً أعلى لكل العلامات التجارية المرتبطة بها (الرعاة).

    3- إرسال رسائل تطمئن الشركات العملاقة حول العالم بأن هناك مشروع رائد في مجال كرة القدم لا ينافسه فيه أحد جماهيرياً وإعلامياً، وبالتالي إن أردتم استثمار أموال أكبر في هذه اللعبة فالمكان المضمون حتى تستعيدون أموالكم سريعاً بل وتحققون انتشار أكبر لعلامتكم التجارية هو “ريال مدريد”.

    بيريز يتعاقد مع زيدان عام 2001

    نعم بيريز دفع مبلغ قياسي للتعاقد مع زيدان، لكن ذلك كان طواعية منه، بل بخطة محكمة من أجل الوصول للأهداف التي يريدها في السنوات التالية، رئيس ريال مدريد حينها كان يفكر بطريقة تسبق عصره بشكلٍ واضح.

    وربما لا يعرف الكثيرون أن فلورنتينو لم يكن أقوى المرشحين لنيل رئاسة ريال مدريد عام 2000، لكن وعده الانتخابي الغريب قلب الموازين لصالحه، فلورنتينو قال في اجتماع مع الجمعية العمومية عارضاً برنامجه الانتخابي “انتخبوني رئيساً ليصبح لويس فيجو لاعباً لريال مدريد” هذه القنبلة المدوية خلقت ضجة تخطت حدود إسبانيا وأوروبا، ووصل صداها للعالم أجمع.

    كيف سينتقل فيجو المرشح لنيل الكرة الذهبية وهو أحد أعمدة وقادة برشلونة إلى الغريم ريال مدريد؟ لم يصدق أحد ذلك وهو ما دفع بيريز للتأكيد مجدداً “إن لم نتعاقد مع فيجو سأدفع لكل الأعضاء ثمن اشتراكهم السنوي في النادي خلال العام المقبل”.

    لم يكن يتخيل أحد بأن ريال مدريد سيحطم الرقم القياسي في سوق الانتقالات بدفع 60 مليون يورو (أو أكثر) نظير فسخ عقد لويس فيجو مع برشلونة، لكن بيريز فعلها، وخطف فيجو بالفعل!

    بيريز كان يستطيع أن يقدم وعداً براقاً في ذلك الوقت بالتعاقد مع لاعب آخر خارج برشلونة، وربما كان سينجح في الانتخابات من خلاله، لكن هدفه لم يكن الفوز بالانتخابات فحسب، بل كان يريد جذب أنظار جميع متابعي كرة القدم، وخلق ضجة كبيرة تكون مقترنة باسم ريال مدريد، وبالتالي الحصول على الملايين من المتابعين والمهتمين حول العالم، مما يجعل الشركات العملاقة يسيل لعابها لكي تقرن علامتها التجارية باسم ريال مدريد، ولن يكون هناك وسيلة أفضل من فعل كل ذلك إلا عبر التعاقد مع أفضل نجوم الغريم.

    فلورنتينو بيريز خطط جيداً، وحقق بالفعل ضربات موجعة لأقوى الأندية اقتصادياً في تلك الحقبة، فبعد عامين من توليه الرئاسة فقط استطاع أن يعقد أضخم صفقة رعاية مع شركة Siemens ينال بموجبها 17 مليون يورو لمدة 4 أعوام. ثم حطم الرقم القياسي مجدداً بالتعاقد مع شركة BenQ والتي نال بموجبها على 25 مليون يورو سنوياً. ناهيك عن العديد من صفقات الرعاية التي عقدها مع الشركات العملاقة التي ترغب بترويج علامتها التجارية داخل ملعب سانتياجو برنابيو.

    كل هذا العمل تحقق لأن فلورنتينو بيريز كان يفكر بطريقة تسبق عصره وكأنه كان يتنقل عبر الزمن، فما فعله في عام 2000 – 2003 بدأت أندية أخرى تطبقه بعد 10-15 عاماً، فمثلاً يوفنتوس الإيطالي ذهب للتوقيع مع كريستيانو رونالدو بعد 18 عاماً من مجيء فلورنتينو بيريز إلى سدة الحكم في ريال مدريد. عائلة أنييلي استوعبت درس بيريز القاسي لهم في صفقة زيدان بعد 18 عاماً، وحاولوا تصحيح المسار واللحاق بما يفعله “القرش المفترس” لكنهم لا يعلمون بأن الفارق الذي خلقه ريال مدريد معهم طوال هذه الفترة يصعب تقليصه بسهولة.

    هل فهمت يا جورجيو كيليني كيف يصبح لوكا مودريتش محط اهتمام العالم أجمع، فيما يتراجع الاهتمام برونالدو إعلامياً بمجرد رحيله عن ريال مدريد؟ ليست شراء للأصوات كما تعتقد، هناك رجل كان يعمل قبل 18 عاماً للوصول إلى هذه النقطة في الوقت الذي كان فيه ناديك يغط بنومٍ عميق.

    ريال-مدريد-الصين

    آسيا سوق هرول إليه بيريز قبل الجميع .. السفر عبر الزمن

    من هي الجماهير التي لم تسمع بكرة القدم كثيراً حتى الآن؟ هذا السؤال الذي كان فلورنتينو بيريز يفكر به خلال حقبته الأولى، وهو السؤال الذي وجد إجابته مبكراً، نعم إنه شرق آسيا، إنه السوق الذي لم تدخله أندية أوروبا بقوة حتى الآن.

    فلورنتينو كان يريد جزءاً من هذه الحصة العملاقة من الجماهير، فهي تعد حيزاً لم يتم ملؤه بعد كما يجب، لذلك خطط جيداً للتعاقد مع ديفيد بيكهام نجم مانشستر يونايتد صيف 2003 والذي يحظى بشعبية جارفة جداً في شرق آسيا، ثم سافر إلى الصين واليابان وهونج كونج وتايلاند بعدها بأسابيع قليلة ليخوض عدة مباريات ودية هناك.

    في شرق آسيا لا يحبون كرة القدم كثيراً، لذلك حتى تجعلهم مضطرين لمتابعتك فأنت بحاجة لنجم يألفونه ويملك الكاريزما والشعبية، مما يعزز الاهتمام بمرور الوقت بمؤسستك وبعلامتك التجارية، وفي حال فزت بهذه المعركة مبكراً قبل بقية أندية أوروبا فسوف تكون قد أخذت خطوة أكبر نحو خلق شعبية جارفة جماهيرياً حول العالم.

    بيريز لجأ لهذه الخطوة رغم معرفته بصعوبة منافسة أندية الدوري الإنجليزي في الصين، لسبب بسيط يتمثل في جدول مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز الذي تلعب العديد من مبارياته في وقت مثالي بالنسبة لسكان الصين، بينما تلعب مباريات الدوري الإسباني عند ساعات الفجر في شرق آسيا.

    لكن ذلك لم يمنع ريال مدريد من منافسة مانشستر يونايتد وآرسنال وتشيلسي في هذا السوق، بل والتفوق عليهم في بعض الدراسات، فحتى الآن يحتل ريال مدريد المركز الأول في أكثر الأندية الأوروبية متابعة على موقع التواصل الاجتماعي Weibo الذي يعد من أكثر التطبيقات استخداماً داخل الصين.

    الآن وبعد 15 عاماً تشاهد أن شرق آسيا أصبحت وجهة أندية أوروبا، بل قبلتها كل صيف، فتلاحظ أن كبار أوروبا يتهافتون على السفر إلى هناك، وهو ما سبقهم إليه بيريز بسنوات.

    بيكهام يوقع على عقد انتقاله إلى ريال مدريد

    الوداع ثم العودة لتصحيح الأخطاء

    أنا أتحمل الحالة السيئة من النجوم” هكذا كان الوداع في فبرار 2006 الذي وصفته صحيفة أس بأنه “النهاية الحزينة” فلم تكن أعوام بيريز الأخيرة مع ريال مدريد كما تمنى، واضطر للاستقالة من منصبه بعد اقتراب ريال مدريد من الخروج خالي الوفاض من الألقاب للعام الثالث على التوالي.

    بيريز تحمل مسؤولية الإخفاق، ورحل بعد أن قفز بريال مدريد من نادي غارق بالديون إلى أعلى أندية العالم دخلاً متفوقاً على مانشستر يونايتد، وثاني أعلى الأندية قيمة بعد اليونايتد (انتزع منه المركز الأول بعدها بأعوام).

    ريال مدريد قبل مجيئ بيريز كان في حالة اقتصادية متردية، فالرئيس لورينزو سانز دمر النادي اقتصادياً وجعله غارقاً بالديون إلى أخمص قدميه (270 مليون يورو)، فيما عمل بيريز على سداد هذه الديون بل وجعل ريال مدريد أقوى الأندية اقصادياً خلال سنوات قليلة.

    لكن الجماهير لا تكترث لهذه التفاصيل، فالنجاح الاقتصادي لا يهم إن لم يترافق مع نجاح رياضي لنادي بحجم ريال مدريد، وهو ما جعل بيريز يفكر لمدة عامين ونصف في كيفية تصحيح أخطائه في حال عاد لسدة الحكم في النادي الملكي.

    يمكن تلخيص أخطاء بيريز الكارثية رياضياً في 4 نقاط:

    1- لم يكن يستمع للخبراء رياضياً، ويفكر دائماً بعقلية اقتصادية في كل تحركاته.

    2- خلق تشكيلة غير متوازنة ببيع لاعبين مؤثرين في مراكز حساسة مقابل التعاقد مع نجوم مميزين، لكنهم يشغلون مراكز لا يحتاجها الفريق.

    3- التعاقد مع مجموعة من المدربين المغمورين الذين لم يستطيعوا ضبط أجواء غرفة خلع الملابس التي تعج بأفضل نجوم اللعبة، والتي بالأساس نجمت عن الخطأ الكارثي بالتخلي عن فيسنتي ديل بوسكي.

    4- جلب نجوم متقدمين بالسن مما يجعل عطاءهم ينخفض في وقتٍ قصير.

    لذلك حينما عاد فلورنتينو بيريز إلى رئاسة ريال مدريد قرر هذه المرة الاستماع بشكلٍ أفضل لمن حوله، وإعداد خطة واضحة للنهوض بالفريق رياضياً.

    بيريز فهم المعادلة جيداً، النجاح الاقتصادي يجعل النادي قادراً على المنافسة لمدة طويلة رياضياً، لكن النجاح الرياضي في حقبة صغيرة يجعل الرئيس قادراً على البقاء في منصبه، بمعنى أن عدم التتويج بالألقاب سيضر بالرئيس في نهاية المطاف وسيؤدي للإطاحة به، بينما سيستفيد من عمله اقتصادياً رؤساء آخرون.

    خورخي فالدانو (مدير ريال مدريد الرياضي) استطاع أن يتعاقد مع مدرب جيد (مانويل بيليجريني) كما استقطب مجموعة من اللاعبين لتعزيز جميع مراكز الفريق، مثل تشابي ألونسو، ألفارو أربيلوا، كريستيانو رونالدو، ريكاردو كاكا، راؤول ألبيول، كريم بنزيما.

    صفقات ريال مدريد تم انتقائها بعناية، فهي تجمع بين النجوم البارزين لتحقيق النجاح الاقتصادي، والشبان القادرين على العطاء لفترة طويلة قادمة، و “اللاعبين العاملين” الذين يضحون من أجل الفريق، مع تعزيز جميع المراكز بشكلٍ متوازن.

    ورغم ذلك لم يستطع ريال مدريد انتزاع لقب الدوري الإسباني بسبب قوة برشلونة جوارديولا في ذلك الوقت، وهو ما جعل فلورنتينو يتجه للحل المثالي “جوزيه مورينيو”.

    خورخي فالدانو يصافح جوويه مورينيو في ريال مدريد

    جوزيه مورينيو .. الرجل الذي بحث عنه بيريز طويلاً

    بحث فلورنتينو بيريز عن رجل يحقق له المعادلة الاقتصادية – الرياضية طويلاً فلم يجده، حتى أتى له جوزيه مورينيو الحانق على برشلونة على طبقٍ من ذهب.

    المدرب البرتغالي كان الرجل المنشود لبيريز، فهو يخلق ضجة أينما ذهب، يخطف الأضواء من الجميع، ويجذب الأنظار إليه، لكن الأهم أنه يكمل الحلقة التي كانت فارغة، ففي عهد الجالاكتيكوس امتلك ريال مدريد اسماً لامعاً في الإدارة (بيريز)، وأسماء لامعة في الملعب، لكن كان هناك حلقة مفقودة في الوسط، هذه الحلقة اكتملت بمجيء جوزيه مورينيو.

    “السبيشل ون” لم يكن مدرباً يخطف الأضواء فحسب، بل مدرباً ناجحاً، هو الأنجح في ذلك الوقت مع بيب جوارديولا والسير أليكس فيرجسون، لذلك وجوده على دكة بدلاء ريال مدريد يعد قوة رياضية كبيرة، بالإضافة طبعاً إلى أن الهالة الإعلامية التي تحيط به تعد ترويجاً جيداً للعلامة التجارية لريال مدريد.

    وإن كان بيريز لديه أخطاء في حقبته السابقة، فإنه صحح كل أخطائه مع مورينيو، حيث عرف تماماً أنه وجد الشخص القادر على قيادة المركب فمنحه الحرية في سوق الانتقالات مع خورخي فالدانو، واستطاعا سوياً أن يبرما عدة صفقات جيدة للريال مكنته من تكوين فريق أكثر صلابة وقوة.

    حقبة جوزيه مورينيو مع ريال مدريد ربما لم تكن الأنجح رياضياً، لكنها كانت الحقبة المطلوبة لمحو الصورة السيئة عن بيريز رياضياً، وفي ذات الوقت كانت الحقبة التي أعادت ريال مدريد إلى محور اهتمام الشركات العملاقة ووسائل الإعلام مجدداً بعد الركود في عهد رامون كالديرون.

    ألفريدو ريلانو رئيس تحرير صحيفة أس الإسبانية أكد في مقالٍ له بعد رحيل جوزيه مورينيو بأن كل الجدل الذي افتعله جوزيه لم يغضب بيريز، بل أسعده، لأنه كان يريد هذا الجدل، يريد أن يكون ريال مدريد محط اهتمام الجميع كل صباح.

    طبعاً بيريز لم يستمر طويلاً بذلك، ليس لشيء بل لأنه يفهم ما حصل معه في ولايته الأولى، فغياب الألقاب سيضعه في “بوز المدفع” مجدداً، لذلك أتى البحث بعد مورينيو عن رجل هادئ يقود المشروع، يوحد الصفوف ويحتوي الجدل والضجة الإعلامية، فما يريده ريال مدريد مع مورينيو قد تحقق رياضياً واقتصادياً، ومن هنا أتت فكرة التعاقد مع كارلو أنشيلوتي الذي قاتل بيريز ضد مصالح باريس سان جيرمان للتعاقد معه، وبالنهاية نجح فيما مسعاه.

    فلورنتينو بيريز مع كأس دوري أبطال أوروبا

    ريال مدريد 2020 .. الحقوا بقطار بيريز قبل فوات الأوان

    نستنتج من تجربة فلورنتينو بيريز أنه كان يسبق الأندية بسنوات في التفكير الاقتصادي، حيث تقوم الأندية المنافسة بنسخ أفكاره وتطبيقها بعد سنوات، ومع مرور الوقت أصبح الأمر مترافقاً في ريال مدريد مع النجاح الرياضي.

    لكن حينما نبحث حالياً في ريال مدريد نجد أن بيريز لم يعد يعمل بنفس الطريقة التي كان عليها قبل 15 عاماً، خورخي فالدانو قال في إحدى المقابلات عام 2017 “حينما شاهدنا ريكاردو كاكا في مباراة النجوم عام 2002 ذهبت إلى بيريز وأخبرته أن يتعاقد معه لأن سعره سيرتفع من 12 مليون إلى 60 مليون في 4 سنوات، فأجابني بيريز حينها: ليس هناك مشكلة، سأتعاقد معه حينما يصبح سعره 60 مليوناً”.

    لكن لم يعد ريال مدريد يعمل بنفس الطريقة حالياً، فما الذي تغير؟ المسألة تتعلق بمداخيل الأندية، فهي لم تحقق قفزات مرعبة مقارنة بقفزات أسعار اللاعبين وأجورهم، فمثلاً أصبح يوفنتوس مضطراً لدفع ما يقارب 45 مليون يورو شاملة الضرائب للاعب مثل كريستيانو رونالدو من أجل اقناعه بالانضمام إلى صفوفه، مع دفع 100 مليون يورو لفسخ عقده مع ريال مدريد، بينما لن يستطيع يوفنتوس تحقيق قفزات كبيرة في دخله السنوي عبر ذلك.

    هنا نتحدث عن لاعب واحد فقط وهو ألمع نجوم اللعبة مع ليونيل ميسي، فما بالك لو تحدثنا عن مجموعة لاعبين؟ مثلاً، إن أردت التعاقد مع لاعب مثل ساديو ماني فربما تكون مضطراً لدفع 200 مليون يورو حالياً، بينما لن تحقق قفزة في الدخل السنوي بما يوازي ما أنفقته.

    بيريز يقول عن ذلك “لم يعد هناك سوبر ستار في عالم كرة القدم، لذلك نحن نصنع السوبر ستار الخاص بنا” طبعاً لا نستطيع القول أنه لا يوجد “سوبر ستار” في عالم كرة القدم، لكن بالنسبة لبيريز المسألة ليست بالمفهوم الرياضي فقط، فالسؤال المطروح: كيف سيستعيد ريال مدريد الأموال التي أنفقها مقابل لاعب واحد فقط إن لم تكن شهرة هذا اللاعب ستجلب له عقود هائلة اقتصادياً؟

    رفض بيريز التعاقد مع كاكا قبل 18 عاماً لأنه ببساطة كان يملك القدرة على التعاقد مع ذات اللاعب بعد أن يصبح “نجماً” ، حيث أن ريال مدريد كان يقدم المبلغ المطلوب في السوق والذي لا توجد أندية أخرى مستعدة لتقديمه، وبالتالي سيكون ريال مدريد منفرداً بالهالة الإعلامية في هذا الجانب، مع كسب الشعبية التي يملكها النجم في ناديه السابق.

    لكن حالياً لم يعد الريال منفرداً في هذه العقلية فقد نسخها الآخرون عنه، أي أن دفع 200 مليون يورو لن يجعل الجميع يتحدث عن ريال مدريد طوال الموسم بسبب هذه الصفقة، وبالتالي لن يحصل بيريز على رواج إعلامي كما كان يحصل بالماضي، وفي النهاية لن يكون هناك تدفق مالي يوازي القيمة المدفوعة في استقطاب اسم النجم.

    العقلية الجديدة التي يطبقها فلورنتينو بيريز في استقطاب أبرز المواهب الشابة ربما تثير غثيان الجماهير والأندية المنافسة، لكن لا أستبعد أن تكون هذه هي العقلية التي ستسيطر على كرة القدم بعد 10 أعوام، تماماً كما تسيطر عقلية التعاقد مع “الجلاكتيكوس” على كبار أوروبا في الوقت الحالي.

    المسألة لا تتعلق بالتعاقد مع مواهب شابة، بل جلب أسماء بارزة في هذا الجانب، شبان يملكون مؤهلات رياضية جيدة تترافق مع مقومات للنجاح اقتصادياً بتحويل أسمائهم لعلامة تجارية في المستقبل تجذب اهتمام الجماهير والشركات العملاقة.

    هذا لا يعني أن ريال مدريد لن يتعاقد مع نجوم بارزين، لكن القصد أن سياسة النادي في النجاح مستقبلاً لن تعتمد على ذلك، فهو سيتعاقد مع النجوم الذين سيكون بحاجة لهم رياضياً بالدرجة الأولى، وليس العكس.

    ربما تشاهد صفقات مدوية مثل صفقة كيليان مبابي، لكنها لن تكون بنفس الحدة في الماضي، ولن ترى تكرارها كل عام.

    من هنا نقول لكيليني وكل من يهاجم سطوة ريال مدريد وتأثيره الإعلامي والجماهيري:

    “توقف عن الثرثرة والبكاء على الأطلال… اجلب ورقة وقلم لتتعلم من فلورنتينو بيريز حالياً بدلاً من التفكير بعقلية عام 2002، ثم اركب أسرع قطار وادعوا الله أن تلحق به في نهاية المطاف”.