بالملكي .. بنزيما فاتح المساحات؟ أكثر وصف ظلمه

رامي جرادات 15:09 16/09/2019
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • عندما بدأ كريم بنزيما إهدار الفرص بشكل لا يصدق خلال موسمي 2016-17 و2017-18 اللذان شهدا انخفاض حاد في مستواه خصوصاً من حيث الفاعلية امام المرمى، بدأ عشاقه وبعض المحللين محاولة إيجاد أعذار للاعب بأن دوره لا يقتصر على تسجيل الأهداف وحسب، وإنما ما يقوم به داخل الملعب أهم من ذلك بكثير.

    “فتح المساحات”، من منا لم يسمع هذه الجملة عندما يتما الحديث عن كريم بنزيما مؤخراً، هذا الوصف أصبح ملاصقاً له بشكل دائم، الجميع يتحدث عن براعة بنزيما في تأدية الأدوار التكتيكية والقدرة العالية التي يملكها على منح زملائه المهاجمين الفرصة للتسجيل بدلاً من تكفله بذلك، وبالأخص كريستيانو رونالدو الذي منذ رحيله، واستعاد المهاجم الفرنسي جزء كبير من مستواه، أو ربما هذا هو مستواه الحقيقي وكان هناك خللاً ما في السابق.

    اتفق أن بنزيما يملك ميزة خلق المساحات لزملائه سواء المهاجمين أو لاعبي خط الوسط، فهو قادر بالفعل على سحب المدافعين بكل براعة، وتفريع المنطقة للاعب القادم من الخلف، حتى بعد رحيل رونالدو استمر في تأدية نفس الدور أيضاً وإن كان بكثافة أقل، وعدد الفرص المهول الذي حصل عليه فينيسيوس جونيرو وجاريث بيل ولوكاس فاسكيز وحتى ماركو أسينسيو في الموسم الماضي يوضح كل شيء.

    لكن ما أراه ظلماً للاعب أن نلخص مسيرته بوصف “فاتح المساحات”، لأنه يملك مزايا عديدة أخرى، وتفريغ المساحات ليس أهمها، كما أن هذا المصطلح مطاط ويتم استخدامه لوصف كل شيء يقوم به بدون أي تحليل منطقي ومحدد، الجميع يستخدمه عندما يريد مدح بنزيما، كما يتم استغلال رعونته أمام المرمى لانتقاده.

    في الحقيقة أهم ما يميز بنزيما ليس فتح المساحات، وإنما الجودة العالية التي يملكها على الكرة، فمن النادر أن نجد رأس حربة يملك لمسة مميزة بالمراوغة والتمرير والترويض، وكأنه صانع ألعاب أو لاعب خط وسط محور، فهذه الخصائص غير متوافرة بمعظم مهاجمي العالم الكبار.

    راجع أي مباراة لريال مدريد ضد الفرق التي تملك مهاجمين كبار مثل بايرن ميونخ الذي لديه روبرت ليفاندوفسكي، باريس سان جيرمان الذي يملك إدينسون كافاني، برشلونة الذي بحوزته لويس سواريز، أو اختار أي فريق آخر، لا يهم، ستجد بالنهاية أن بنزيما كان يلمس الكرة أكثر من مهاجم الخصم أحياناً بأضعاف، فحتى لو لم يسجل أو يصنع، لكنه كان دائماً حاضراً في بناء هجمة الفريق.

    الجميع يشيد بليونيل ميسي في آخر السنوات لأنه أصبح يلعب كصانع ألعاب أكثر من مهاجم، وأحياناً يعود لاستلام الكرة من منتصف الملعب لمساعدة خط الوسط الذي فقد قدرته على الخروج بالكرة بعد رحيل تشافي وأندريس إنييستا، لكن لا يلتفت أحد إلى أن بنزيما يقوم بهذا الدور منذ 10 سنوات وهو رأس حربة وليس مهاجماً وهمياً أو مهاجم ثاني أو حتى جناح، طبعا هنا لا نقارن البنز بالبرغوث، لأن الأخير أفضل في كل شيء، وإنما نسلط الضوء على أحد أهم مزايا المهاجم الفرنسي التي لا يتطرق لها أحد، ويتم تلخيص كل هذا بكلمة أراها ساذجة في الكثير من الأحيان ألا وهي فتح المساحات.

     ** فيديو يوضح المهارات الكبيرة التي يملكها بنزيما بعيداً عن الأهداف وفتح المساحات

    من خصائص بنزيما التي لا تجدها بمهاجمين آخرين أيضاً، أنه لا يعترض على شيء، يقوم ما يطلبه منه المدرب بدون أي تذمر أو شكوى، ومستعد لأن يكون الجندي المجهول مقابل فوز فريقه في المباراة، حتى لو ذهب المجد في النهاية للاعبين آخرين واكتفى هو باستقبال صافرات استهجان الجماهير، وهذا السبب تحديداً ما يجعل جميع المدربين يعتمدون عليه في أغلب الأحيان رغم مجاورته للعديد من المهاجمين البارعين خلال السنوات العشرة الماضية، وما يجعل فلورنتينو بيريز يراهن عليه دائماً، لأنه ببساطة لاعب لا يفتعل أي مشاكل سواء داخل الملعب أو حتى خارجه، لو استثنينا القضية التي تورط بها بخصوص ابتزاز ماتيو فالبوينا التي تم تبرئته منها لاحقاً.

    عندما تكون مهاجماً لواحد من أقوى وأفضل فرق العالم على مر التاريخ، وتمتلك مهارة المراوغة والتمرير والصناعة، ولمستك على الكرة مميزة للغاية، ثم تكتفي بخدمة كريستيانو رونالدو وجاريث بيل، ومساعدة لاعبي خط الوسط على بناء الهجمات، فهذا ينم على مدى التضحية التي يقوم بها اللاعب، المسألة لا علاقة لها بفتح المساحات، بقدر ما هي سمة في شخصيته يفتقدها معظم المهاجمين في العصر الحديث.

    ثنائية بنزيما ورونالدو كانت الأفضل في تاريخ ريال مدريد لسبب بسيط، أن عقليتهما متناقضة تماماً، ولذلك كانا يكملان بعضهما البعض، والفريق هو المستفيد بالنهاية، فلا يمكن وضع لاعبين بخط الهجوم يريدان التسجيل دائماً ويسعيان للمجد الشخصي باستمرار، كذلك لا يمكن الاعتماد على نجمين في الخط الأمامي يريدان التضحية من أجل الفريق، فيجب دائماً أن تمتلك في فريقك لاعبين بخصائص مختلفة، وبعقليات مختلفة أيضاً لتحقق التوازن المطلوب.

    آخر ميزة يمكن ان نسلط الضوء عليها هي قدرة بنزيما على الربط بين ثلاثي خط الهجوم، وقد صرح بذلك بنفسه في أكثر من مناسبة أن دوره الرئيسي كان يتمثل بأن يكون حلقة الوصل بين رونالدو وبيل، كما كان حلقة الوصل بين خطي الوسط والهجوم في السنوات الأخيرة التي لم يعتمد فيها ريال مدريد على صانع ألعاب تقليدي، كل هذه الخصائص ونحن نتحدث عن رأس حربة صريح، ثم يأتي مشجع ما ويقول لك لا نريد مهاجم يفتح المساحات فقط وإنما يسجل الاهداف.

    لماذا أصبح بنزيما يسجل الأهداف بعد رحيل رونالدو؟

    في الحقيقة، الموسم الماضي لم يكن الوحيد الذي وصل فيها بنزيما إلى عدد أهداف جيد، لقد فعل ذلك في العديد من المواسم بالسابق، لكن وجود كريستيانو رونالدو كان يجعل الجميع لا يلتفت لأرقام البنز التهديفية، وذلك ببساطة لأن المهاجم البرتغالي كان يفعل شيء إعجازي وغير طبيعي بالنسبة لجميع مهاجمي أوروبا.

    لكن لا شك أن بنزيما تحسن مردوده التهديفي في الموسم الماضي وبداية هذا الموسم بعد أن كان يعاني كثيراً في الموسمين السابقين، وهناك عدة أسباب وراء ذلك أهمها أنه أصبح أكثر تحملاً للمسؤولية بعد رحيل الدون، وبدأ يشعر أنه نجم الفريق الأول، وبالتالي لم يعد يخشى التسديد في أي وقت يريده أو المراوغة في الثلث الأخير من الملعب.

    اما السبب الثاني والأهم ان خطة اللعب أصبحت تقوم عليه كما كانت تقوم على رونالدو سابقاً، الجميع يريد إيصال الكرة له في منطقة الجزاء أو حتى خارجها، مما جعل الكرت التي تصله في مناطق فعالة اكبر بكثير مما كانت تصله في الماضي.

    الخلاصة

    بنزيما ليس مهاجماً أسطورياً، وليس هذا ما نريد إيضاحه بالمقال، لكنه مهاجم عصري إلى أبعد درجة، ويملك إمكانيات لا يملكها أقرانه، وحتى معدله التهديفي ليس سيئاً لو قارناه بمهاجمي الفرق الكبرى، واستثنينا ليونيل ميسي ورونالدو من المعادلة، ويكفي القول أنه الهداف التاريخي الرابع لدوري أبطال أوروبا برصيد 60 هدفاً، والهداف التاريخي السادس في تاريخ ريال مدريد.

    باختصار، بنزيما هو أفضل مهاجم كان يمكن أن يحصل عليه ريال مدريد، ولا اعتقد أن هناك مهاجم آخر كان سيساعد الفريق بالقدر الذي فعله ربما باستثناء لويس سواريز وبدرجة أقل سيرجيو أجويرو، وهناك مشكلة لدى الجماهير بشكل عام أنها دائماً تتمنى اللاعبين الذي يلعبون خارج النادي لمجرد مشاهدة مقطع فيديو له على اليوتيوب أو تابعت له إحدى المباريات التي يتألق بها، ولا يعلمون أنهم يهدرون الفرص بقدر بنزيما، وبعضهم أكثر، طبعا يجب أن نستثني موسمي 2016-2017 و2017-2018 اللذان كان الأخير فاقد الثقة بهما بشكل كامل بسبب مشاكل نفسية في المقام الأول.