لماذا يتسابق ريال مدريد وبرشلونة على التوقيع مع المواهب اليابانية

Mitri Hajjar 12:06 17/07/2019
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • أبي وكوبو (Getty Images)

    أعلن نادي برشلونة رسمياً تعاقده مع أفضل لاعب شاب في الدوري  الياباني مهاجم كاشيما أنلترز  هيروكي آبي والبالغ من العمر عشرين عاماً. ليلحق بذلك بخصمه اللدود  ريال مدريد الذي ضم قبل أيام تاكافوزا كوبو من إف سي توكيو  والملقب بميسي اليابان والذي كان قد تدرب في أكاديمية برشلونة مابين عامي 2011  و2015 . صفقة اعتبرتها الصحافة الكتالونية سرقة ناجحة من ريال مدريد لموهبة صاعدة ملفتة الذي استغل غلطة كبيرة من الإدارة الكتالونية بعد تعاقدها معه بشكل غير قانوني بحسب الفيفا مما اضطرها لبيعه.

    تسابق اندية القمة في أسبانيا على لاعبين شبان من اليابان ليس صدفة حتماً  بل هو جزء من خطة كبرى فنية وتسويقية أيضاً ..فلماذا توجّه الاسبان نحو اليابان ؟ وكيف تمكن اليابانيون من جذب أنظار عملاقي أسبانيا وأندية اسبانيا عموماً بعد أن كانوا ناشطين اكثر في دوريات أخرى تتميز بالبدنية كالدوري في إيطاليا وألمانيا .

    البداية …من هما الناشئان اليابانيان اللذان نتحدت عنهما

    في سيرة مختصرة لكلا اللاعبين ، هيروكي آبي هو مهاجم نادي كاشيما أنلترز كما أسلفنا  ، يبلغ من العمر عشرين عاماً ويلعب في مركزي لاعب الوسط والمهاجم . كان في عداد المنتخب الياباني الذي لعب في كوبا أميركا الماضية ، وكان قد  اختير كافضل لاعب شاب في الدوري الياباني للعام 2018  بعد أن نجح في إحراز لقب دوري أبطال آسيا مع الفريق.

    تاكيفوزا كوبو والملقب بميسي اليابان بدأ مع كوازاكي فونترال قبل أن يضمه برشلونة إلى الأكاديمية في  عام  في 2011 ليتخلى عنه في العام2015  بعد أن اعتبر التعاقد معه غير قانوني من قبل الفيفا لينتقل إلى  أف سي طوكيو ومنها إلى يوكوهاما مارينوس على سبيل الإعارة. واليوم هو مع ريال مدريد كاستيا في صفقة اعتبرت مكسباً بكل المقاييس . لعب في كل فئات اليابان السنية وكان عضواً أيضاً في المنتخب الياباني الذي شارك في كوبا أميركا الماضية.

    كلاهما يلعب في المراكز الأمامية ويتميزان بالمهارة العالية والسرعة والقدرة على التهديف وهما قريبان من عمر بعضهما (آبي 20 عاماً وكوبو 18) وهما مستقبل اليابان وايضاً مستقبل ناديي برشلونة وريال مدريد إن تمكنا من إثبات نفسيهما في صفوفهما .

    لماذا السعي وراء المواهب اليابانية

    تشابه اللاعبين بالخصائص يدل بوضوح على الملاحقة الحثيثة لكبيري أسبانيا لبعضهما البعض . حيث سعى الريال لاقتناص صفقة فشل برشلونة في الحفاظ عليها ليرد الكتلان بضم لاعب مشابه له بالخصائص والصفات.

    بعيداً عن التنافس المعروف بين الناديين في كل شيء فإن لهذين اللاعبين تحديداً صفات جعلت عملاقي اسبانيا يتوجهان لهما تحديداً دون سواهما . فعلى صعيد الخصائص الفردية هما موهبتان استثنائيتان بمهارات عالية بما يناسب الفلسفة الاسبانية الأقل تكتيكية والأكثر مهارية وهجومية. لديهما قدرة عالية على الاحتفاظ بالكرة والتحكم بها ودقة في التهديف والتمرير.

    النقطة الثانية هي قدرتهما على التأقلم مع الحياة في أوروبا والأسلوب الاحترافي فيها  والمختلف كلياً عن اليابان. هذه المسألة أخذت بالاعتبار بعد متابعة دقيقة وخصوصاً في حالة ريال مدريد الذي استفاد من كون كوبو قد تدرب في برشلونة وبالتالي لديه نوع من التأقلم مع الحياة في اسبانيا اجتماعياً وكروياً في حين أن آبي يحتاج لبعض المراقبة لضمان نجاحه في التأقلم.

    النقطة الثالثة هي السعي لخطف ثمار العمل الياباني المستمر من العام 1993  بهدف بناء كرة قدم عالية المستوى وتحقيق حلم الفوز بكأس العالم 2050 . وقد بدأت المواهب اليابانية فعلاً في غزو أوروبا حيث رأينا الكثير من لاعبيهم  كناكامورا وناكاتا  وهوندا وناكامورا وناغاتومو وغيرهم يتألقون في ملاعب إيطاليا وإنجلترا وألمانيا. ومع التطور الفني لهؤلاء اللاعبين وامتلاك بعضهم لخصائص تناسب الكرة الاسبانية كان لابد من التحرك بسرعة تجاههم لضمان قطعة من الكعكة.

    هيدوشي ناكاتا مع روما (Getty Images)

    هيدوشي ناكاتا مع روما (Getty Images)

    النقطة الرابعة هي الوصول إلى أسواق جديدة ..سواء أكان ذلك فنياً من خلال البحث عن مواهب في تلك الأسواق أو تجارياً من خلال الامتداد أكثر فأكثر في البلدان التي يعرف شعوبها بمتابعة كل لاعب لهم في هذه الدوريات فما بالكم إن كان هذا اللاعب من اليابان التي يمتلك شعبها  قوة شرائية كبيرة ومقدرة عالية على السفر والمتابعة. هنا سنحصل على فائدة من اتجاهين ، والأولى هي في توسع السوق أكثر فأكثر في اليابان وثانياً زيادة في السياح اليابانيين الذين يسعون لحضور مباريات الفريقين داخل أوروبا.

    لكن كيف تمكن اليابانيون من فرض أنفسهم على أندية من حجم من ريال مدريد وبرشلونة

    يعرف الجميع أن اليابان قد بدأت برنامجاً طموحاً لتطوير كرة القدم في بداية تسعينيات العام الماضي عندما بدأت بجلب اللاعبين المعتزلين أو المخضرمين إلى دوريها لتطوير مستوى كرة القدم فيها وهي السياسة التي اتبعتها دول كثيرة من بعدها. الهدفان الاستراتيجيان هي تواجد أكبر عدد ممكن من اللاعبين اليابانيين في صفوف أفضل أندية العالم والحلول في المركز الرابع كأقوى دوري في العالم عام 2030   والأهم والأكبر إحراز كأس العالم في العام 2050   . بمعنى الوصول لمرتبة القوة العالمية الكبرى في الرياضة الأكثر شعبية على وجه المعمورة.

    كيسوكي هوندا مع ميلان (Getty Images)

    كيسوكي هوندا مع ميلان (Getty Images)

    ولأجل تحقيق هذا الهدف يفرض الاتحاد الياباني على الأندية اليابانية ضرورة امتلاك أكاديمية خاصة فيها  فريقان رديفان وليس واحداً  للمشاركة في دوري المحترفين . وليس ذلك وحسب بل يجب أن يكون في التشكيلة الأساسية  الفريق الأول لاعبان على الأقل من الأكاديمية وواحد منهم على الأقل تحت 21  عاماً . والنتيجة اليوم هي توسع تواجد اللاعبين اليابانيين في الدوريات  الكبرى (14  لاعباً في الدوريات الخمس الكبرى على مستوى العالم  ) ووصول سادس على التوالي للدور الثاني في نهائيات كأس العالم. الدوري الألماني لوحده استوعب أكثر من 31  لاعباً يابانياً في السنوات الأخيرة.

    شينجي كاجاوا (Getty Images)

    شينجي كاجاوا (Getty Images)

    بالمحصلة النهائية ، ضم لاعبين يابانيين إلى ريال مدريد وبرشلونة ليس تنافساً بينهما أو سعي لفتح أسواق جديدة في الشرق الأقصى وحسب . بل هو ناتج أيضاً عن فرض اليابان نفسها على الكبار في أوروبا من خلال برنامج طموح يسعى للوصول إلى القمة العالمية في فترات زمنية منطقية. وبناء على العمل الذي يتم إنجازه حالياً لن يكون آبي وكوبو آخر الأسماء التي نراها في أسبانيا خصوصاً مع تطور لاعبيهم من تكتيكين وانضباطيين إلى مهاريين وقادرين على الاحتفاظ بالكرة واللعب وفق نسق الضغط العالي الذي يعتبر الحاضر والمستقبل القريب في كرة القدم العالمية بشكل يجاري المواهب الأوروبية والأمريكية الجنوبية. ويمكن القول الآن أن مسلسل الكابتن ماجد أو الكابتن تسوباسا باليابانية  لم يعد مجرد خيال  وأماني وأحلام  بل هو في طريقه للتحقق وبأفضل طريقة ممكنة.