مشاكل ريال مدريد تبدأ من كورتوا .. حارس يذبح الفريق

رامي جرادات 15:21 13/12/2018
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • جيتي إيميج

    من غير المنطقي تحميل تيبو كورتوا مسؤولية الأزمة التي يعيشها ريال مدريد، فهناك خلل واضح في المنظومة بشكل عام، وذلك جراء سلسلة من القرارات الإدارة والفنية السيئة للغاية شهدناها على مدار الأشهر الماضية، لكن في الوقت ذاته، لا يمكن أن يعفي من المسؤولية أيضاً.

    مشاكل ريال مدريد عديدة ولا يمكن حصرها، بداية من تخبط فلورنتينو بيريز في سوق الانتقالات وفشله في تدعيم صفوف الفريق كما يجب، والاحتفاظ بأسماء يعلم الجميع أنها لم ولن تقدم أي شيء، مثل جاريث بيل، مروراً بالتجارب الغريبة للمدربين الذين يعينهم لخلافة زين الدين زيدان، وانتهاءً بتراجع مستوى العديد من اللاعبين الكبار مثل لوكا مودريتش وتوني كروس وسيرجيو راموس وغيرهم الكثير.

    في هذا المقال، لسنا في صدد إعفاء الجميع من المسؤولية وإلقائها على عاتق تيبو كورتوا، فرغم أنه لم يبرهن على أحقيته باللعب أساسياً بدلاً من المتألق كيلور نافاس سوى في مباريات معدودة، إلا أنه لم يرتكب أخطاء فادحة ومباشرة لكي نلومه على تعثرات الريال.

    ولكن، كورتوا هو آخر حارس في العالم يمكن أن يناسب ريال مدريد، وبالفعل، المشاكل تبدأ منه في الوقت الراهن رغم أنها لا تنتهي عنده أبداً، والمسألة ليس بفشله بالتصدي للعديد من الأهداف التي دخلت مرماه، بل هي أعمق من ذلك بكثير.

    الفروقات بين حراس المرمى الكبار ضئيلة للغاية من حيث التصدي للكرات، فمعظمهم سوف يبعدون جميع الكرات التي تأتي قريبة من الجسد، كما سوف يتصدون للعديد من الكرات البعيدة عنهم إن كانت المسافة والزمن يسمحان بذلك، ولو كان كيلور نافاس هو الحارس الأساسي هذا الموسم وتلقى نفس الكرات التي واجهها كورتوا، فربما لم يختلف الأمر كثيراً، حيث سيكون الفارق ضئيل سواء أكان إيجابياً أو سلبياً.

    لاحظ أنني أشرت أن نافاس يجب أن يواجه نفس مواقف كورتوا لتتم المقارنة بشكل صحيح، لكن هذا أمر مستحيل عملياً، فلو كان الحارس الكوستاريكي هو من يحمي عرين الفريق في المباريات الماضية، لكانت ظروف جميع المباريات مختلفة، وسيواجه كرات مغايرة تماماً، وهذه النقطة تحديداً ما نريد توضيحها.

    عندما قرر بيب جوارديولا الانتقال لمانشستر سيتي، كان أول قرار له هو التعاقد مع كلاوديو برافو حارس برشلونة والتضحية بجو هارت، السبب بسيط ويعرفه الجميع، فلا يوجد فرق بين الحارسين بالتصدي، لكنه أراد حارس يلعب بشكل جيد بقدميه لكي يشارك في عملية الخروج بالكرة، وبعد انخفاض مستوى برافو بشكل غريب ومفاجئ، قرر بيب التعاقد مع إدرسون بصفقة قياسية آنذاك، ورغم أن الجميع انتقده في البداية، إلا أن صحة قراره اتضحت بعد ذلك بفوزه بلقب الدوري الإنجليزي.

    في كرة القدم الحديثة، حارس المرمى ليس مجرد شخص يبعد الكرات عن شباكه، فهناك أدوار أخرى يجب عليه القيام بها، ولا تقل أهمية عن دوره الرئيسي، ويعتمد كل هذا على استراتيجية الفريق في اللعب على الصعيدين الدفاعي والهجومي.

    مثلاً، الفريق الذي يلعب بخط دفاع متقدم، يحتاج لحارس مرمى لا يتردد بالخروج من منطقة الجزاء لإبعاد الكرات التي تأتي في ظهر مدافعيه، وهناك أسماء كثيرة توضح هذا النوع من الحراس الذين يلعبون بفرق تعتمد هذه الاستراتيجية، منهم تير شتيجن في برشلونة، مانويل نوير في بايرن ميونخ، إدرسون في مانشستر سيتي وأليسون في ليفربول وغيرهم الكثير، بينما لو كان الفريق يلعب بدفاع متقلص، مثل أتلتيكو مدريد، فلا يوجد حاجة لحراس من هذه النوعية.

    كذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار طريق بناء الهجمة للفريق، فمحاولة بناء الهجمة من الخلف، واللعب بطريقة التمريرات القصيرة والاستحواذ، تتطلب حارس يجيد التمرير واستخدام قدميه بشكل جيد، ويكون يملك ثقة بالنفس بالتعامل مع الكرة عندما تعود إليه من المدافعين، ويحاول إيجاد أفضل لاعب يمرر الكرة له لكي يتم بناء الهجمة بشكل سليم.

    وبناءً على ذلك، يمكن القول أن تعاقد ريال مدريد مع كورتوا كان أسوأ قرار ارتكبه فلورنتينو بيريز، ليس لأنه حارس سيء، على العكس، هو حارس جيد ومن الصفوة في أوروبا، لكن ببساطة لا يتناسب مع أسلوب لعب الفريق، وبالأخص بعد تعيين جولين لوبيتيجي خليفة لزيدان في الصيف الماضي.

    صحيح أن ريال مدريد لا يستحوذ على الكرة مثل برشلونة ومانشستر سيتي، لكنه من الفرق التي تصر على خروج الكرة من الخلف وبشكل تدريجي، كما أنه يلعب بدفاع متقدم في معظم مبارياته، وكورتوا هو أسوأ حارس بالعالم يمكنه أن يكون جزء من منظومة فريق يلعب بهذه الاستراتيجية.

    لكي لا نبقى نتحدث بالعموميات، ونوضح المسألة بشكل مفصل، دعونا ننظر إلى نسبة التمريرات الصحيحة لكورتوا مع ريال مدريد، والتي لا تتجاوز 77% في الدوري الإسباني، و74% في دوري أبطال أوروبا، وهنا تحديداً تكمن المشكلة.

    كما أسلفنا، ريال مدريد يحاول بناء الهجمة من الخلف كحال معظم الفرق الإسبانية، وكورتوا سيء جداً بالتعامل مع الكرة بقدميه، ويمكنك أن تلاحظ مدى ارتباكه عند كل كرة تعود إليه، ودائماً ما يوضع أمام خياران، إما التمرير القصير لأقرب مدافع إليه، أو إرسال كرة طويلة.

    في الحالة الأولى، كورتوا دائماً يلجأ للاعب الأكثر أماناً كي يعطيه الكرة حتى لو كان موقفه لا يساعد في بناء الهجمة، وعندما يتعرض ريال مدريد للضغط العالي مثل مباراة إيبار على سبيل المثال، يبدأ بإرسال الكرات الطويلة، والتي غالباً ما تكون تشتيت للكرة أكثر من أن تكون تمريرة طويلة لأحد اللاعبين، فكراته المشتتة إما أن تخرج من الملعب، أو يضعها في مكان لا يتمركز فيه أحد من زملائه وتذهب للخصم.

    في مباراة إيبار، أرسل كورتوا 16 كرة طويلة، وهو رقم كبير جداً بالنسبة لحارس يلعب في ريال مدريد، وهذا بسبب عدم ثقته بنفس بأنه قادر على تمريرة كرة قصيرة في ظل الضغط العالي الذي فرضه الخصم، وكانت نسبة نجاح تمريراته 50% فقط، أي نصف الكرات التي عادت له خسرها فريقه، وهذا يوضح لماذا كان الريال عاجزاً عن بناء هجمات منسقة على مدار التسعين دقيقة.

    وفي مباراة الأمس التي خسرها الفريق أمام سيسكا موسكو، بلغت نسبة نجاح تمريراته 72% فقط، وأرسل 10 كرات طويلة بنسبة نجاح لم تتعدى %50، ولا يمكن لفريق تطبيق استراتيجيته إن كان هناك خلل ما في إحدى عناصر المنظومة، فالأمر أشبه بتعطل آلة توزيع المنتجات في إحدى المصانع، فلن يستطيع المصنع إخراج منتجه النهائي إن لم يتم تصليح هذا العطل.

    لا نريد مقارنة كورتوا بتير شتيجن أو نوير أو أليسون في هذه الناحية لأنها ستكون مقارنة ظالمة بالنسبة له، لكن ماذا عن زميله كيلور نافاس الذي يجلس على دكة البدلاء ؟ نسبة نجاح التمريرة للحارس الكوستاريكي في المباريات التي خاضها هذا الموسم تبلغ 87%.

    الأرقام ليس شرطاً أن تعكس الواقع، وهي ليست برهان على وجهة نظر معينة في عالم كرة القدم، لكن الفكرة الرئيسية تكمن في فشل كورتوا بتأدية الدور المطلوب منه في العملية الهجومية، فلا يعقل أن أقصى ما يمكن فعله هو تمريرة الكرة لأقرب مدافع إليه أو تشتيها، فيجب أن يجد الحارس حلول أخرى، وهي دائماً ما تكون متاحة للحارس البلجيكي، لكنه لا يراها، أو لا يثق بقدرته على تنفيذها بشكل صحيح، لذلك لا يفضل المغامرة.

    كورتوا كان رائعاً في تشيلسي (قبل ساري) وأتلتيكو مدريد لأن الفريقين يعتمدان على الكرات الطويلة واللعب بدفاع متقلص، لكن ريال مدريد يلعب باستراتيجية مختلفة تماماً، وكان الأجدر البحث عن حارس مرمى يجيد اللعب بقدميه ويملك ثقة أعلى بالنفس في هذه الناحية، أو الإبقاء على كيلور نافاس الذي ليس مثالياً هو الآخر في هذه النقطة لكنه أفضل حالاً بكثير من منافسه.

    بالطبع، وكما أسلفنا سابقاً، لا يجب ان يكون كورتوا شماعة أخطاء بيريز وغيره، لكنه أيضاً يساعد في تفاقم أزمة الفريق، ونشعر أن لاعبي ريال مدريد جيدون راحة أكبر باللعب مع كيلور نافاس، ويكون حال الريال أكثر تنظيماً في الخطوط الخلفية بوجوده.