ليونيل ميسي

سبورت 360 – كيف تعرف أن الثقة بين شخصين انعدمت؟ ببساطة عندما لا يصدق أحدهما الآخر، هذا تماماً ما نستنتجه من تصريحات ليونيل ميسي بخصوص تورط إدارة برشلونة بتهمة التعاقد مع شركة لتلميع صورتها وتشويه سمعة اللاعبين.

إذاعة كادينا سير فجرّت معلومات خطيرة أطلقت عليها “فضيحة إدارة برشلونة”، حيث تم اتهامها بأنها تعاقدت مع شركة “E3 ventures” المتخصصة بالتحكم بالرأي العام مقابل مليون يورو في السنة، وذلك بهدف إظهار صورة الرئيس جوسيب ماريا بارتوميو وإدارة بصورة جميلة طوال الوقت، بالإضافة إلى انتقاد اللاعبين ومهاجمتهم، لكي يتصدروا واجهة الأزمات ويتحملوا المسؤولية.

برشلونة خرج ببيان رسمي ينفي من خلاله وجود أي علاقة مع الشركة، لكن إذاعة كادينا سير واصلت إزعاج النادي الكاتالوني، ونشرت وثائق مسربة تؤكد وجود اتصالات مباشرة بين الإدارة وشركة “E3 ventures”.

بعدها بساعات، أدلى جوسيب ماريا بارتوميو بتصريحات يؤكد فيها تعاقد النادي مع هذه الشركة في عام 2017، لكنه نفى أن يكون بهدف تلميع صورته وانتقاد اللاعبين، وإنما لأهداف دعاية وإعلان للنادي فقط، كما أوضح أنه لم يكن على دراية أبداً بحسابات مواقع التواصل الاجتماعي التي تديرها الشركة وتسببت في كل هذا الجدل، وأعلن في نهاية خطابه أن النادي فسخ عقده مع الشركة مباشرة فور معرفته بهذه المعلومات.

ليونيل ميسي وسيرجي روبيرتو

ليونيل ميسي وسيرجي روبيرتو

ميسي لا يريد الحقيقة .. لأنه لم يصدق بارتوميو أساساً

ونشرت صحيفة موندو ديبورتيفو مقتطفات من مقابلة ليونيل ميسي اليوم الأربعاء، والتي قال فيها بشأن التهم الموجهة للإدارة “لقد أدهشني ما حدث فعلاً لأنني لم أكن هنا، كنت مسافراً، وعندما وصلت، علمت بكل شيء، لقد أخبرنا الرئيس بنفس الشيء الذي تم الإعلان عنه، ونفس ما قاله في المؤتمر الصحفي ولا يمكنني قول أكثر من ذلك الآن”.

وتابع “في الحقيقية أرى أنه من الغريب أن يحدث شيء كهذا، لكنهم قالوا أيضاً أنه سيكون هناك دليل، سننتظر لنرى ما إن كان ذلك صحيحاً أم لا، لا يمكننا قول الكثير، يجب أن ننتظر ولنرى ماذا سيحدث مع كل هذا، أنا حقاً، بدا لي الأمر غريباً”.

من الواضح أن ليونيل ميسي يشكك بصحة ما قاله بارتوميو في خطابه، بل لو دققنا في التصريح، سنجد إنه بمثابة الإعلان الرسمي عن عدم استعداده للتصديق بدون دليل، وهذا يوضح إلى أي مدى تعقدت العلاقة بين الإدارة واللاعبين، وبالأخص قادة الفريق، وعلى ما يبدو أن الأمور لن تمضي هذه المرة بدون رحيل أحد الأطراف، وعلى الأغلب ستكون الإدارة.

تصريحات ميسي لم تكن هجومية وبشكل مباشر مثلما فعل مع إيريك أبيدال رغم أن الأمر أخطر كثيراً، لأنه لا يريد أن يظهر كأنه يفتعل المشاكل دائماً في الوقت الذي سيدخل فيه الفريق على مرحلة حاسمة من الموسم، لذلك اختار أسلوب الحياد الأقرب للتشكيك، ليزيد الضغط على الإدارة، لكن بأسلوب لن يخلق الكثير من الجدل مثلما حدث قبل أسبوع في قضية زميله الفرنسي السابق.

طبعاً، لا يمكن أن نعتبر تصريحات ميسي طبيعية، وأنها لا تدل على وجود ضغينة تجاه الإدارة في الوقت الحالي، وأنه بالفعل يريد أن ينتظر ما ستسفر عنه الأيام المقبلة بخصوص القضية، لأنه في الحقيقة، متأكد أن جوسيب ماريا بارتوميو متورط بشكل أو بآخر في المسألة، وحتى لو لم يكن كذلك في هذا القضية، فهناك أخطاء أخرى عديدة ارتكبتها الإدارة، منها ما خرج للعلن ومنها ما لم يتم الكشف عنه، وبكل تأكيد، النجم الأرجنتيني غير راضٍ عن طريقة إدارة بارتوميو للنادي.

لو كان ليونيل ميسي يثق بالإدارة أو يريد بقائها، لكان دعمها بكل بساطة حتى تخرج أدلة أخرى تؤكد تورطها أو تبرءها، فالمتهم بريء ما لتم تثبت إدانته، لكن البرغوث لم يفعل ذلك، بل وصف الأمر بالغريب مرتين، وهي كلمة بسيطة تدل على اندهاشه، رغم أنه بالحقيقة يحاول خلالها تصعيد الأمور والتأكيد على أن المسألة ليست بسيطة أبداً.

ليونيل ميسي نجم فريق برشلونة الإسباني

ليونيل ميسي نجم فريق برشلونة الإسباني

ليونيل ميسي لن يرحل عن برشلونة بسبب الإدارة

في نفس المقابلة، صرح ليونيل ميسي إلى أي مدى هو متعلق ببرشلونة، الأمر لا يقتصر على النادي وإنما المدينة بشكل عام، والأجواء، وحياته مع عائلته، وهي إشارة واضحة منه أنه لا يفكر بالرحيل، وإن كان هناك أحد يجب أن يرحل، فهو الإدارة وليس هو.

ميسي كان حكيماً بتصريحاته، وفصل تماماً بالحديث بين نادي برشلونة ككيان والإدارة التي تديره، وكأنه يرسل رسالة أن النادي ملكه هو واللاعبين والجماهير، وليس ملك مجموعة من الأشخاص ترتدي ملابس رسمية وتجلس على المكاتب، وعلى ما يبدو تحوّل الأمر إلى حرب بين الطرفين الآن، ربما تكون باردة، لكن سرعان ما ستشتعل وتظهر بشكل أكثر وضوحاً.

هذا بالطبع يوضح مدى تعلق ليونيل ميسي ببرشلونة، وينفي جميع الشائعات حول رحيله، الأمر بالنسبة له ليس صفقة مال، ولا محاولة لإيجاد معاملة أفضل، وإنما تحدي لإصلاح النادي، فالأمر كان مختلفاً تماماً مثلاً مع كريستيانو رونالدو قام بتحويل صدامه مع فلورنتينو بيريز إلى خلاف مع كيان ريال مدريد بشكل كامل، وهذا بالطبع بسبب أن النجم البرتغالي يعتبر النادي الملكي جزء من مسيرته والعلاقة بينهما احترافية، الاختلاف بوجهات النظر والانتماء والقرارات أمر طبيعي بين رونالدو وميسي بحكم اختلاف ظروف ومعطيات كل منهما.

ميسي أيضاً تحدث إلى حبه للروتين، وهي إشارة أخرى إلى عدم تفكيره بالرحيل وخوض تجربة جديدة في نادٍ آخر قد تجعل حياته الاجتماعية والعائلية أكثر صعوبة، فهو يتمتع بشخصية هادئة ويفضل دائماً أن تسير حياته بدون ضغوطات وتحديات خارج المستطيل الأخضر.