الملك وأميره: ميتشيلز هو منشئ أسلوب برشلونة وليس يوهان كرويف

أندي ويست 09:52 24/01/2020
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • رينوس ميتشيلز مؤسس مدربة الكرة الشاملة

    سبورت 360 – أكثر من 1000 تمريرة، أكثر من 80% استحواذ، خط دفاع ثلاثي يمارس الضغط العالي في الملعب، أجنحة معانقة للخطوط، دمج اللاعبين الموهوبين من فرق الشباب، أُعطيت القوة الإبداعية الرئيسية للفريق دوراً مركزياً.

    من المؤكد أن الظهور الأول لكيكي سيتيين مع برشلونة كان واعدًا ومبشرًا لاستعادة أسلوب اللعب الخاص بهم الذي تبدد ببطئ وثبات على مدار السنوات القليلة الماضية.

    من السابق لأوانه إستنتاج مدى النجاح الذي سيحققه كيكي سيتيين مع برشلونة بعد فوز فريقه 1-0 على غرناطة ليلة الأحد، لكننا رأينا بالفعل كيف سيوجه مدرب بيتيس السابق عمله.

    تشكيلة 4-4-2 التقليدية انتهت وتم استبدالها بتشكيلة مختلطة بين 3-5-2 و 4-3-3 تضم سيرجيو روبيرتو كمدافع، وريكي بوتش وأرتور في خط الوسط، وأنسو فاتي وألبا كجناحين، وميسي كمهاجم وهمي وأنطوان جريزمان كمهاجم متحرك له حرية التجول في الأمام.

    نحن نعرف أيضًا بالضبط من أين جاءت أفكار سيتيين ، منذ أن أصبح ناجحًا كمدير فني مع النادي الغاليسي الصغير لوجو الذي وصل لأعلى مركز له على الإطلاق تحت قيادته، لم يكن سيتين أبدًا خجولًا في إخفاء هويته المتأثرة بأفكار كرويف، حتي أنه ذهب بعيدا وقال أنه بدأ يفهم كرة القدم فقط بعد أن واجه فريق برشلونة تحت قيادة الهولندي.

    كل هذا يتناسب بشكلٍ جيد مع الأفكار السائدة في منزله الجديد، بقدر ما يَشعر الكثير من مشجعي برشلونة بالقلق، لكن كرويف ببساطة هو الملك، الرجل الذي أعطي النادي فلسفته، أعظم سلفًا وحاميًا لأفكار كرة القدم المقدسة.

    إلا أنه ليس كذلك. لم يكن كرويف هو الملك، بل الأمير، ورث أفكارًا عن شخص آخر وحسّنها. الهولندي الآخر، الذي جلب كرويف إلي كاتالونيا في المقام الأول وكان مسؤولاً أكثر من أي شخص عن تطبيق أسلوب اللعب المعترف به الآن في جميع أنحاء العالم باسم “كرة قدم برشلونة”، الرجل الذي يبدو أن إرثه في خطر الاختفاء: رينوس ميتشيلز.

    الملك والأمير في برشلونة

    القصة مألوفة ومشهورة: انتقل يوهان كرويف إلي برشلونة في عام 1973 وأصبح على الفور بطلاً شعبياً من خلال إلهام الفريق لأول لقب له في الدوري الأسباني منذ عام 1960 ، حيث حقق الفوز 5-0 على ريال مدريد بعد بضعة أشهر فقط  من وصوله وجعل نفسه محببًا لدي للسكان المحليين من خلال تسمية ابنه جوردي، الاسم الأول الكاتالوني الأكثر شيوعا.

    عاد كرويف لاحقًا إلي النادي كمدرب وسرعان ما أتت أمجاد أكبر عندما قام بتشكيل فريق الأحلام الأصلي، وهو مكون من اللاعبين مثل روماريو وهريستو ستويتشكوف ومايكل لاودروب ورونالد كومان ولاعب الوسط الشاب النحيل بيب غوارديولا.

    لقد وضعوا معًا معيارًا جديدًا للتميز من خلال الفوز بثلاثة ألقاب في الدوري وأول كأس أوروبي للنادي في عام 1992، حيث قاموا بتقديم كرة قدم مثيرة خلال ذلك.

    رينوس ميتشيلز ويوهان كرويف في برشلونة سوياً

    ماهو أكثر من ذلك أن كرويف ترك إرثًا طويل المدي من خلال وضع الأسس لنظام تنمية الشباب الذي في وقت لاحق أعطي مجموعة من اللاعبين العالميين للدخول في عصر ذهبي آخر تحت قيادة تلميذه الذي لديه الحماية غوارديولا، الذي طبق الأفكار التي تعلمها من كرويف ليصنع فريقًا من النجوم الرائعين الذين فازوا بكل شئ وفعلوا ذلك بطريقة لا تُنسي.

    كل ما سبق صحيح تماما.  فعل كرويف هذا وأكثر من ذلك بكثير، ولا يمكن التشكيك في مكانته كواحد من أعظم الشخصيات في تاريخ كرة القدم حتي لثانية واحدة.  لم يكن كيكي ستين يقدر أن يختار نموذجًا أكثر ملائمة وهو يحدد وظيفته الجديدة.

    ذلك غالبًا ما يتم التغاضي عنه، إلا أن كرويف جاء إلي برشلونة في المقام الأول لتلبية استدعاءات معلمه، ميتشيلز، الذي دربه لمدة ست سنوات في أياكس.

    لقد حولوا فريقًا معتدلاً سابقًا إلي قوة عظمي لا تقهر، وفازوا بأربعة ألقاب في الدوري ثم كأس أوروبا في عام 1971 – عند هذه النقطة قرر ميشيلز مواجهة تحدٍ جديد بمحاولة إيقاظ عمالقة برشلونة النائمين.

    قضي كرويف سنوات في استيعاب كل ما علمه إياه ميشيلز، وواصل القيام بذلك بعد لم شملهم في الكامب نو – وكذلك على المسرح الدولي، حيث حُرموا من المجد الذي شعر معظم المشاهدين المحايدين أنهم يستحقونه بعد أن خسروا في نهائي كأس العالم عام 1974 بنتيجة 2-1 أمام المانيا الغربية المضيفة.

    وهكذا بعد سنوات، عندما تولي كرويف مقاليد الإدارة الفنية بنفسه، كان يمشي على خطوات ميتشيلز بدقة. نعم، قام بتعديل نظام ميشيلز لمنهج أكثر ملائمة للعبة تطورت وأصبحت أسرع في هذه الأثناء.

    كرة القدم التي قدمها كرويف لم تكن نسخة طبق الأصل من معلمه وكانت لديه أفكاره الخاصة، ولكن على الرغم من ذلك أساس النظام الذي أستخدمه لم يكن نظامه بل هو النظام الذي وضعه ميشيلز قبل عقدين من الزمان.

    الباقي هو التاريخ

    ولد في أمستردام عام 1928، ميشيلز كان في دفاتر أياكس كشاب قبل أن تنقطع حياته المهنية بوقاحة بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، وبعد انتهاء الأعمال العدائية، انتقل إلي فريق أياكس الأول، وفي سن 18 سجل خمسة أهداف في أول ظهور له مع الفريق.

    بقي هو الدعامة الأساسية لفريق أياكس لأكثر من عقد من الزمن، حيث سجل هدفًا في كل مباراة باعتباره مهاجمًا مبدعًا في الأمام وحصل على حفنة من المشاركات الدولية مع المنتخب الهولندي.  أجبرته إصابة مزمنة في الظهر على الاعتزال في سن الثلاثين، لكن ميتشيلز كان دائمًا طالبًا متحمسًا للعبة وسرعان ما بدأ مسيرته التدريبية مع نادي الهواة المحلي JOS Watergraafsmeer.  ثم أخذ فريقًا آخر متواضعًا في أمستردام، وهو AFC Door Wilskracht Sterk ، إلي ربع نهائي كأس أوروبا عام 1965 ، حيث قرر أياكس أن نجمه السابق كان يستحق التوظيف كمدرب جديد له.

    الباقي هو التاريخ، حقا وليس مجرد جزء صغير من كتب تاريخ كرة القدم بل أحد أهم الفصول، إن عبارة كرة القدم الكاملة التي أطلقت على فريق أياكس الذي هزم الجميع تحت قيادة ميشيلز، دخلت معجم الرياضة اليومي.

    لاعبون مثل كرويف ويوهان نيسكينز ورود كرول وجوني ريب الذين كانوا يتجولون ف الميدان في رقصة ميشيلز المصممة بعناية قاموا بتغيير مفاهيم كيفية لعب كرة القدم.

    بعد سنوات، فعل رود خوليت وفرانك ريكارد وماركو فان باستن نفس الشيء عندما قاد ميتشيلز البالغ من العمر 60 عامًا وقتها هولندا إلي لقب أمم أوروبا عام 1988 .

    لقد تم تغيير هذه الرياضة إلي الأبد حيث تم توجيهها بشكل لا رجعة فيه لطريقة التمرير المتمكن واللعب المنظم قبل دخول الذكورة المفعمة للكرة الإنجليزية والمهارة الفردية للبرازيلين.

    كرويف يعانق ميتشيلز مؤسس الكرة الشاملة

    كان الفجر الجديد قد حان، وكان ميشيلز هو المهندس المعماري، وبجانب كون أياكس النادي الأول الذي حصد ثمار أفكاره الثورية كان هناك برشلونة. أمضي ست سنوات في الكامب نو على مدار فترتين منفصلتين، حيث أحضر نسخته من كرة القدم الكاملة إلي كتالونيا وسمح لهم بالتخلص من براثن عقدة النقص الذين عاشوا فيها مع ريال مدريد. كان استنداب كرويف للنادي بطبيعة الحال عنصرًا أساسيًا في هذه الاستراتيجية، مما ضمن في النهاية أن عمله قد تم تداوله في الجيل التالي من المواهب عندما عاد كرويف كمدرب بعد أكثر من عقد.

    على مدار حياته، بدا إرث ميشيلز ومكانته بين عظماء اللاعبين آمنة، لا سيما عندما تم اختياره مدرب القرن في عام 1999، خلال القرن الماضي أو نحو ذلك، تم إهمال ميشيلز بشكل متزايد أو حتى تم نسيانه بالكامل. كانت التغطية الإعلامية لتعيين ستيين على سبيل المثال مكتظة بتفاصيل علاقته بكرويف، أما عن ميشيلز بالكاد قيلت كلمة واحدة.

    على الرغم من أن كرويف كان عظيمًا بلا شك، يجب ألا نسمح لمعلمه أن يصبح مهمشًا.

    التطور والتأقلم

    إذا عدت للوراء بما فيه الكفاية، عدد قليل من الإبتكارات يعتبر أصلى بالكامل: البيرت اينشتاين استوحى نظرية النسبية الشهيرة من أفكار ديفيد هيوم، إعتمد جيمى هيندريكس تقنييات موسيقيين البلوز ماد واترز وألبيرت كينج عندما أعاد تطوير جيتار الروك.

    وهكذا كان الأمر مع ميتشيلز، على الرغم من أن كرة القدم الكاملة لم تشاهد من قبل بهذه الطريقة المعقدة، إلا أنها كانت فى الحقيقة تطورًا للاستراتيجيات الذى إستخدمها من قبل مدربوا أياكس الإنجليزون السابقون جاك رينولدز وفيكتور بكينجهام (الذى سبق ميشيلز فى برشلونة)، بينما كان يحمل أوجه تشابه مذهلة مع الفريق(المجرى الرائع) فى خمسينيات القرن الماضى، الذى حير إنجلترا عن طريق إدخال المهاجم ناندور هيدجكوتى كمهاجم وهمى خلال إنتصارهم المدوى 6-3 فى ويمبلدون عام  1953

    بالمرور للخلف- من ميتشيلز إلى بكينجهام ورينولدز وما بعدهم- إمتد أيضا للمستقبل بعد أن قام بتصدير نظامه من هولندا إلى برشلونة: من ميشيلز إلى كرويف ولويس فان خال وفرانك ريكارد وبيب غوارديولا. والأن، بعد إتباع الأساليب المباشرة والأكثر براغميتية من قبل لويس إنريكى وإرنستو فالفيردى، يعيد المدرب الجديد سيتين إحياء الأساليب القديمة..من الناحية المثالية إذا سارت الأمور على ما يرام.. سيكون كيكى هو الجسر المثالى للمدرب القادم، تشافى.

    بعد وفاة ميتشيلز عام 2005، قال كرويف: “كلاعب ومدرب، لا يوجد من علمنى أكثر من رينوس ميشيلز.”

    والأن يعيد كيكى سيتيين إحياء تلك الدروس، ولا يلعب فريقه كرة القدم على طريقة كرويف، إنما يلعب فريقه على طريقة ميتشيلز.