الفرق بين الكرة الشاملة والتيكي تاكا .. محاولة للفهم

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • ميسي وإنييستا وتشافي يمين - يوهان كرويف يسار

    سبورت 360 – أحبت شريحة كبيرة من جماهير كرة القدم ما يعرف بالكرة الشاملة، حيث اللعب الهجومي وتبادل المراكز، لذلك حظى منتخب هولندا بشعبية عملاقة في الأوساط الأوروبية والعربية والعالمية، رغم عدم فوزه ببطولات عديدة طوال تاريخه، والسر يكمن في كرته المميزة خلال سنوات طويلة، حتى نجحت إسبانيا مع لويس أراجونيس، ثم برشلونة رفقة جوارديولا، في حقبة 2008-2012، لتنتشر كلمة “التيكي تاكا” في كل مكان، كامتداد حقيقي وصريح لمفهوم الكرة الشاملة.

    بداية الكرة الشاملة لم تكن لها علاقة صريحة بمنتخب هولندا بل القصة أقدم من ذلك بمراحل. في عام 1872 وبالتحديد في مدينة رينجرز الإسكتلندية، كان هناك نادي كوينز بارك، معظم لاعبيه يهاجمون ويعتمدون في لعبهم مثل غيرهم على المراوغات والسرعة والإحتفاظ بالكرة كثيراً. إلا لاعب واحد سمين بعض الشيء ولا يستطيع الجري مثل بقية زملائه .

    يحتفظ هذا اللاعب بالكرة ثم يقف عليها ويمررها إلى لاعب أخر ويجري كي يحصل على مكان أفضل وهكذا. مجموعة تراوغ وتجري، وهو يمرر ويتحرك. بدأت الفكرة البدائية تنال إعجاب الجميع خصوصاً المدرب والطاقم المعاون. إنتقل مهاجم كوينز ويدعى تروفي بوب إلى صفوف نيوكاسل يونيتد لينقل معه الفكر الجديد الخاص بالتمرير مع الحركة .

    نيوكاسل وقتها فريق سريع مباشر يلعب بنفس الطرق القديمة لكن مع الوقت أصبح شكله داخل الملعب مختلف. الفريق يمرر كثيراً ويتحرك ويستحوذ على الكرة حتى أصبح لاعبه ماك ويليام مدرب لتوتنهام. ماك أدخل سياسة التمرير إلى ناشئين النادي اللندني وجميع المراحل السنية خلاله وإشتهر السبرز وقتها بهذه الميزة التي جعلته يتفوق على منافسيه .

    انتقل بعدها الرجل إلى ميدلزبره قبل أن يعود إلى توتنهام من جديد ليتتلمذ على يده ثلاث أشخاص، أرثر روي، بيل نيكلسون، وفيك باكينجهام. أرثر قاد توتنهام للصعود ثم الفوز باللقب، نيكلسون قادهم بعد ذلك للفوز بالثنائية. أما باكينجهام فدرّب ويست بروم ثم سافر إلى هولندا مع أجاكس، وعاد من جديد مع شيفلد ثم رجع إلى أمستردام من جديد .

    منتخب هولندا أفضل من طبق الكرة الشاملة في نهائي كأس العالم 1974

    منتخب هولندا أفضل من طبق الكرة الشاملة في نهائي كأس العالم 1974

    وهناك تأثر ناشئو الفريق الهولندي بأفكار المدرب الإنجليزي وطريقة فهمه لجوانب اللعبة. وبدأت من هنا تنتشر الكرة الهجومية القائمة على التمرير في ملاعب هولندا وأرضها البرتقالية. لذلك عرفت الكرة الجميلة في النمسا والمجر وبلاد الدانوب، في أوروبا كذلك، في البرازيل وأمريكا اللاتينية بعد ذلك، لكنها تميزت في هولندا بسياسة التمرير والإستحواذ الإيجابي.

    وبدأت الكرة الشاملة تنتشر أكثر فأكثر حتى أصبحت هي العلامة البارزة لكرة القدم في حقبة السبعينات والمعشوقة التي أسرت قلوب الملايين بعد ذلك وحتى يومنا. من ميتشيلز إلى كرويف، ومن كرويف إلى جوارديولا، وهكذا، والفضل في هذه المعلومات إلى كتاب “قلب الهرم” لمؤلفه جوناثان ويلسون.


    عرفت الكرة الشاملة باللا مركزية، والهجوم والدفاع كوحدة واحدة. حينما يلعب الخصم بطريقة دفاعية فإن اللاعب الظهير يصعد إلى الأمام ويتحول إلى لاعب جناح بينما يدخل الجناح في العمق كمهاجم ثان ويصبح العدد في الأمام أربع لاعبين. يتحول لاعب من عمق الدفاع إلى الوسط ليصبح لاعب ارتكاز ويصعد الإرتكاز الحقيقي إلى الأمام، هنا تصبح طريقة 4-3-3 أقرب إلى 2-4-4 بتواجد ثنائي فقط بالخلف، رباعي بالوسط، مع ثلاث مهاجمين وظهير متقدم.

    الفكرة أن يضع المدرب أكبر قدر ممكن من اللاعبين في نصف ملعب الخصم، وفي نفس الوقت يبدأ الشق الدفاعي بواسطة لاعبي الهجوم، لذلك عرفت هذه الكرة بالشاملة أي الكل في الكل، مما جعلها تستمر بعدة أوجه ومع أكثر من فريق، حتى فترة بيب جوارديولا مع البارسا، حيث تطور الهجوم أكثر ليرتبط بالتمرير والاستحواذ المرتفع والحيازة، مع تضييق المساحات على الخصم بتقارب الخطوط، ولعب التمريرات القصيرة من لمسة واحدة في أضيق الفراغات، ليطلق الوسط الإعلامي الإسباني على هذه الصيحة إسم “التيكي تاكا”، في دلالة على السرعة واللعب من لمسة، مع كثرة التمرير طولاً وعرضاً.

    برشلونة بطل أوروبا 2011 والذي اشتهر بمسمى "التيكي تاكا"

    برشلونة بطل أوروبا 2011 والذي اشتهر بمسمى “التيكي تاكا”

    التيكي تاكا مصطلح إعلامي أكثر منه تكتيك. بيب جوارديولا نفسه قال رسالة واضحة خلال وقت سابق، إلى بعض الإعلاميين  الذين وضعوا كلمة “تيكي تاكا” في كل شيء له علاقة بالكرة الهجومية. فريق فاز التيكي تاكا هي السبب، فريق خسر، التيكي تاكا انتهت، وهكذا.

    جوارديولا أبداً أبداً لم يذكر كلمة “تيكي تاكا” خلال محاضراته الكروية أثناء فترة التدريب أو في المؤتمرات التي عقدها أو حضرها، وذلك لأن العبارة إعلامية جماهيرية بحتة وصفت خاصية التمرير والهجوم والضغط التي اشتهر بها بارسا بيب خلال أربع سنوات.

    الأساس هو التمركز واستغلال أكبر قدر ممكن من المساحات بجعل الكرة هي من تتحرك لا اللاعب، ومحاولة تحريك الخصم لا الكرة فقط فيما يعرف باللعب التموضعي، لذلك فإن الكرة الشاملة هي الأساس، الفلسفة الأولى للكرة الهجومية، وبعدها تأتي الاستراتيجية، حيث التمركز وتغطية المساحات بتطبيق الهجوم والسيطرة على المناطق والتحكم فيها بكرة وبدونها، وأخيراً التكتيك، ما يعرف التغييرات التي يقوم بها المدرب وفقاً لفريقه وللمنافس، أي شكل ومسميات الخطط وتغييرها تبعاً للظروف.

    مما يعني بعد كل ذلك أن الكرة الشاملة مفهوم عام للهجوم والمبادرة، بينما “تيكي تاكا” مصطلح إعلامي للدلالة على تطور هذه المدرسة بالسنوات الأخيرة مع برشلونة.