فالفيردي يصافح بارتوميو

لم يُحسم استمرار إرنستو فالفيردي في منصبه كمدرب لبرشلونة بشكل نهائي، الصحف ما زالت تنشر الأنباء المتضاربة بين رحيل المدرب وبقاؤه، لكن يبدو أن استمراره هو الأقرب للحدوث.

صحيفة موندو ديبورتيفو أكدت أمس بأنها تواصلت مع المسؤولين في برشلونة وعلمت منهم بأن أنباء رحيل فالفيردي مجرد شائعات، فيما ذكرت قناة  ESPNالتلفزيونية بأنها تواصلت مع الرئيس بارتوميو شخصياً الذي أكد لها بقاء فالفيردي على رأس الإدارة الفنية في الموسم المقبل.

وفي الحقيقة، نستطيع القول بأن استمرار فالفيردي هو الأقرب للحدوث بغض النظر عن أنباء الصحف، المسألة تعود إلى وجود عدة حقائق على أرض الواقع تدعم هذه النظرية، والتي يمكن تلخيصها في خمسة عوامل أو أسباب.

المناخ العام المحيط بالمدرب إيجابي

رغم أن جماهير برشلونة لا تحب المدرب إرنستو فالفيردي ولا تفضل استمراره في تدريب الفريق، لكن لا يبدو أن حال إدارة النادي أو نجوم الفريق مختلف تماماً، فجميع التصريحات التي صدرت من رجالات النادي تؤكد الدعم المطلق للمدرب فالفيردي، سواء من ليونيل ميسي، أو جوسيب ماريا بارتوميو، أو جيرارد بيكيه.

ليس هذا فقط، لم تنشر الصحف المقربة من برشلونة أي تقرير طوال الموسم عن استياء اللاعبين أو تململهم من المدرب باستثناء تقرير واحد نشر أمس، بل لم يلمح أي لاعب حول ذلك، ولم يحصل أي صدام داخل غرفة خلع الملابس، مما يعني أن الأجواء هادئة في برشلونة مما يرجح استمرار المدرب.

النجاح الرياضي حاضر ومتواصل

جماهير برشلونة غير راضية عن نتائج فريقها في الموسمين الأخيرين بعد خروجه من دوري أبطال أوروبا بطريقة غريبة ضد روما ثم ليفربول، لكن بالنسبة لإدارات الأندية وفي عالم كرة القدم فإن موسم برشلونة كان نجاحاً، ليس مبهراً، لكنه ناجح بشكل متوسط، وهو شيء مقبول.

برشلونة حقق لقب الدوري الإسباني لموسمين متتاليين، وحسم اللقب قبل عدة جولات من النهاية بدون معاناة، بل أنه حصد رصيد نقطي جيد (حتى جولة حسم اللقب) مؤكداً أن تتويجه يعود لقوته واستقراره ووحدة صفه وليس لأن المنافسين يمرون بحالة ضعف فقط.

 فلسفة برشلونة في تغيير المدربين

منذ بدء متابعتي لعالم كرة القدم الأوروبية عام 1995لم أعهد على برشلونة قيامه بإقالة أي مدرب بعد أن يحقق أحد الألقاب خلال الموسم، صحيح أن هناك 3 حالات لرحيل مدربين بعد تحقيق الألقاب في نفس الموسم حدثت خلال هذه الفترة، لكن لم يكن أياً منها بقرار من الإدارة (إقالة).

الأولى حدثت مع بوبي روبسون عام 1997 حينما قرر نيل منصب المدير الرياضي في برشلونة بعد تحقيق لقبي كأس الملك وكأس الأندية أبطال الكؤوس الأوروبية، والثانية مع بيب جوارديولا الذي رحل عن النادي بقرار شخصي منه، والثالثة مع تيتو فيلانوفا الذي لم يستطع الاستمرار في عالم التدريب بسبب مرض السرطان قبل أن يرحل عن عالمنا بأشهر قليلة.

هذه الحقيقة تعزز من حظوظ فالفيردي بالاستمرار في برشلونة بعد تحقيق لقب الدوري الإسباني الذي يعد أقوى بطولة دوري حسب تصنيف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وثاني أقوى بطولة دوري في العالم حسب رأي معظم الجماهير (خلف الدوري الإنجليزي).

GettyImages-1142454509

النجاح الاقتصادي يرضي الإدارة

في عالم كرة القدم لا يهم النجاح الرياضي فقط، بل النجاح الاقتصادي أيضاً، وفي حالة فالفيردي النجاح موجود باعتبار أن المدرب وصل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، وحقق لقب الدوري في موسمين متتاليين لينال بالتالي أعلى حصة من ريع بيع حقوق البث التلفزيوني.

لا ننسَ بأن فالفيردي سيوفر أيضاً للإدارة سيولة مالية لأنه سيوافق على رحيل فيليب كوتينيو وربما عثمان ديمبيلي، وسبق أن رضي برحيل نيمار دا سيلفا بدون أن يتذمر صيفة 2017 بل استطاع ترتيب الأوراق سريعاً وتصحيح مسار الفريق لكي يتصدر ترتيب الدوري الإسباني، كل ذلك يجعل منه رجلاً جيداً على الصعيد الاقتصادي بالنسبة لإدارة النادي.

Getty

الاخفاق ليس مسؤولية المدرب وحده وهناك مشكلة بجودة اللاعبين

ليس توقع، هذا ما أكد عليه ليونيل ميسي بنفسه حينما قال “المدرب ليس مسؤولا بتاتاً عن الهزيمة ضد ليفربول، نحن اللاعبون السبب فيما حدث” وإن كنا نرى أن ميسي يجامل مدربه، فإن الرئيس بارتوميو لم يكن مضطراً للمجاملة بعد نهائي كأس الملك حينما قال “الهزيمة ضد فالنسيا ليست مسؤولية فالفيردي”.

صحف إسبانيا صرحت بأن ليونيل ميسي التقى بالرئيس بارتوميو في الجولة الأخيرة من الدوري الإسباني وتناقشا حول أوضاع الفريق، ومن الوارد أن كلا الرجلين وصلا لاتفاق بأن “المشكلة في اللاعبين”.

فالفيردي لمح حول ذلك في آخر مؤتمر صحفي له في الموسم قائلاً “أنتم الصحفيون دائماً تضعون اللوم على المدرب، مهما حدث فالمدرب هو الملام”.

الحديث عن جودة اللاعبين لم يأتِ من فراغ، فلويس سواريز مستواه انخفض في الموسم الحالي ولا يوجد له أي بديل في الفريق، جوردي ألبا لا يوجد له بديل أيضاً، ولا يوجد ظهير أيمن قوي ضمن صفوف الفريق، لا ننسَ أيضاً أن فيليب كوتينيو لم يقدم المطلوب منه في برشلونة، وعثمان ديمبيلي لم يظهر الانضباط الكافي مع الفريق ناهيك عن تعدد إصاباته، جميع هذه العوامل ربما جعلت المدرب ضحية بنظر الإدارة وليونيل ميسي، وليس العكس.

طبعاً، هنا لا أقول بأن هذا هو المعتقد السائد بنسبة 100%، فنحن نرصد الحقائق، ونحاول الوصول من خلالها لمفهوم معين، والخطأ يبقى وارداً، مثلما يبقى رحيل المدرب عن برشلونة وارداً.