Getty Images

لم يكن أشد عشاق برشلونة تفاؤلاً يتوقع أن ينتهي اللقاء مع ليفربول بثلاثية نظيفة في ليلة الأبطال الساحرة خصوصاً مع الضغط الأحمر القوي الذي كاد أن يسفر عن عدة أهداف والأرقام التي تظهر بوضوح تفوق رجال كلوب في العديد من مراحل اللقاء .

السيطرة كانت أعلى لليفربول بـ ٥٣ ٪ مقابل ٤٧٪ و بـ ١٥ تسديدة على المرمى مقابل ١٢ مع ٥٤٧ تمريرة مقابل ٥١٠ تمريرات . لكن الفارق سيكون في الإحصائية القادمة ، خمسة تسديدات على المرمى من برشلونة مقابل أربعة لليفربول والحصيلة ثلاثة أهداف تؤكد الفاعلية المرعبة لفريق فالفيردي أمام المرمى .

الأرقام التي تنحاز لليفربول و الهدفان اللذان سجلهما ميسي وأحدهما بتسديدة إعجازية أعادت إلى الواجهة اللازمة المعروفة بين الجماهير منذ بداية الموسم وهي أن الحظ وميسي هما من يساعدان فالفيردي على حصد النتائج الرائعة مع الفريق . ورغم الإيمان التام بأهمية ميسي للفريق والكيفية التي يغير بها هذا اللاعب من شكل برشلونة ونتائجه إلا أن اعتباره السبب الوحيد في نتائج الفريق هو بكل بساطة ظلم واضح لزملائه ومدربه على حدّ سواء.

بالعودة لمباراة الأمس نجد أنه بعد نهاية الشوط الأول والذي انتهى بهدف من صناعة ألبا لسواريز أن الفريق الإنجليزي كان مسيطراً حتى الدقيقة ستين وهي الدقيقة التي نزل فيها سيميدو بديلاً عن كوتينيو الضائع . وهنا عاد الاتزان للفريق مع تعزيز خط الوسط وعاد برشلونة لاستعادة نوع من زمام المبادرة مع ارتفاع قدرته على بناء الهجمات المرتدة. ومع تقدم الفريق إلى الأمام وازدياد المساندة بدأنا نرى ميسي وسواريز أكثر وازدادت الخطورة بشكل أكبر والجميع يعرف ما حصل بعد ذلك .

إذا الذي غيّر اللقاء فعلياً هو تبديل فالفيردي وإدخال سيميدو والذي سمح بالوصول إلى المرمى كان العمل الجماعي لكامل الفريق. النقطة الثانية هي القوة الذهنية التي أظهرها برشلونة وتماسكه تحت الضغط القوي للاعبي ليفربول وأيضاً الحسم الشديد أمام المرمى رغم قلة التسديدات. هذا أيضاً عمل مدرب ونتاج جماعي وليس فردياً.

فالفيردي يحقق نتائج مميزة منذ استلامه دفة تدريب برشلونة ، وإن كان هادئاً في التعامل لدرجة الواقعية أحياناً فهذا لا يعني أنه مدرب دفاعي أو جبان لأن نتائج فريقه عكس ذلك تماماً . يكفي ان نعرف أنه قد سجل أكثر من ثمانين هدفاً في الدوري الإسباني وأنهى لقائيه مع اثنين من أقوى أندية إنجلترا بثلاثية نظيفة وإن عدنا إلى سجل الموسم لرأينا الخماسية تتكرر أكثر من مرة وأشهرها طبعاً لقاء الريال في ذهاب الموسم ومن دون ميسي وقتها .

زملاء ليونيل ميسي يقدمون اداءً طيباً كذلك ، فرأينا كيف عاد راكيتيتش لمستواه وتحسن فيدال بعد معاناة وعاد ألبا ليكون مفتاح لعب حقيقي صانعاً ومسجلاً . صحيح أن هناك مشاكل فنية لكوتينيو ومالكولم لكن أداء الفريق ككل متكامل ومتوازن والأهم .امتلاكهم جميعاً لقوة الشخصية المطلوبة للصمود تحت الضغط . وبالنظر إلى جميع أبطال المسابقة في السنوات الماضية نجد أنهم عاشوا أوقاتاً عصيبة أمام عدد من الخصوم لكنهم صمدوا وامتصوا الصدمة وتمكنوا من تحقيق الفوز .

باختصار برشلونة محظوظ جداً بوجود لاعب كليونيل ميسي لا يتكرر إلا كل خمسين عاماً (إن تكرر) . لكن الصحيح أيضاً أن برشلونة هو فريق لديه مدرب مميز استطاع ان يحصد النتائج منذ أن جاء إلى النادي . قد يفوز المرء مرة أو اثنتين أو حتى عشرة بوجود ميسي لكن إن لم يعمل مع المجموعة بشكل صحيح لن ينفع لا ميسي ولا غيره في تحقيق التفوق المنشود ..ولنا في الأرجنتين خير دليل على ذلك. فكفى ظلماً لزملاء وميسي ومدربه لأنهم شركاء بالانجاز.