موقع سبورت 360 – لا يخفى على أحد أن نادي برشلونة كان أحد أنشط الأندية الإسبانية والأوروبية في الانتقالات الصيفية، فقد تعاقد مع أربعة لاعبين هم آرثر ميلو، كليمنت لينجليت، مالكوم دي أوليفيرا وأرتورو فيدال ودفع مبدئياً في تلك الصفقات ما لا يقل عن 131.9 مليون يورو حتى الآن، وهو مبلغ مرشح للارتفاع لأكثر من 140 مليون في حالة ما تحققت الحوافز الموجودة في عقود اللاعبين الأربعة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن الفريق عرف خروج العديد العناصر الزائدة عن الحاجة، وهو ما جعل مداخيل النادي في الميركاتو تصل إلى 135.7 مليون يورو، وسيكون هذا المبلغ مرتفعاً خلال الفترة المقبلة في حال قررت بعض الأندية تفعيل خيار الشراء، على غرار بروسيا دورتموند وإيفرتون وغيرها من الأندية التي استعارت منبوذي الفريق الكتالوني.

وفي هذا الموضوع، سنلقي الضوء على ميركاتو برشلونة، حيث سنقوم بتقييم شامل للقادمين والمغادرين:

تقييم التعاقدات:

كان من المؤكد عدم استحسان جزء كبير من جماهير برشلونة لنتائج فريقها خلال الموسم المنصرم، فالفريق خرج بشكل غريب من ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، في الوقت الذي تابع فيه جاره وعدوه اللدود ريال مدريد يحقق اللقب الثالث على التوالي في الكأس ذات الأذنين، الأمر الذي جعله مطالباً بالقيام بردة فعل سريعة من أجل العودة للواجهة القارية.

ولأن سوق الانتقالات يعد فرصة من أجل ترميم الصفوف ووضع اليد على مكامن الخلل من أجل إخفائها، فإن برشلونة سعى لاستغلاله قصد استعادة توازنه واسترجاع عرشه على الكرة الأوروبية، خاصة وأن الفريق خرج من ربع النهائي للموسم الثالث على التوالي.. لكن دعونا نتعرف على انتدابات برشلونة وتقييمها بشكل مقتضب:

آرثر ميلو: إرنستو فالفيردي ألحّ كثيراً على تدعيم خط الوسط، فهو يعلم جيداً أن مربط الفرس يكمن في الرفع من جود لاعبي وسط الميدان، لذلك سارع برشلونة في جلب آرثر ميلو من جريميو البرازيلي بمبلغ لم يعد يسيل اللعاب في ظل الأرقام المجنونة في السوق، وستأمل الإدارة الكتالونية أن يكون اللاعب خياراً ناجحاً هذه المرة بعد سلسلة من الإخفاقات في اختيار موزع جيد.

فلسفة الاستحواذ على الكرة التي ينهجها النادي الكتالوني تُجبره على أن يمتلك لاعباً قادراً على تنظيم اللعب، الوقوف على الكرة في الوقت والمكان المناسبين، التحكم في نسق المباراة والمساهمة في العمل الدفاعي والهجومي في آن واحد.. وهي كلها صفات يتميز بها آرثر ميلو الذي جاء ليتعلم وليشتد عوده قبل أن يحجز لنفسه مكاناً أساسياً في خط الوسط.

كليمنت لينجليت: أمام الحاجة الماسة لتعزيز خط الدفاع، وخاصة لضخ دماء الشباب فيه بعد عدم تأقلم ياري مينا، تعاقد برشلونة مع مُدافع إشبيلية الأشول كليمنت لينجليت في صفقة يتوقع منها النادي الكتالوني تقديم إضافات كثيرة على المدى القريب والمتوسط خاصة.

لينجليت لاعب سريع ومميز في الرقابة الفردية، قوي بدنياً وقادر على لعب دور قيادي داخل رقعة الميدان، ناهيك عن كونه لاعباً يسارياً، وهو ما يحتاجه برشلونة خاصة أثناء التغطية على تقدم الأظهرة والمُشاركة في بداية الهجمة، كما أنه بصم على أفضل أداءٍ في مسيرته مع الفريق الأندلسي خلال الموسم المنصرم.

عيوبه موجودة، فهو لاعب نادراً ما يظهر بشكل جيد في المباريات الكبيرة، كما أنه مُتهور ويبالغ في الاحتفاظ بالكرة ولا يزال يملك بعض الشوائب في جودة خروجه بالكرة من الخلف، كما تبين لي خلال مشاهدتي له عن قرب في السوبر الإسباني بمدينة طنجة، لكن كل هذه الأمور قد تتحسن مع اكتساب خبرة أكبر.

مالكوم دي أوليفيرا: إن ألقينا نظرة على فريق برشلونة الحالي، فالحقيقة أننا لن نجد أي حاجة ماسة من النادي الكتالوني لإبرام صفقة مماثلة، لكن الإدارة التقنية قامت بتحرك مشابه لعدة أسباب، أهمها أن مالكوم كان فرصة لو لم يستغلها النادي الآن لما أتيحت له مجدداً، خاصة وأن أسعار المهاجمين والأجنحة أصبحت مُستفحلة ومتفاقمة في السنوات الأخيرة، إضافة إلى أن اللاعب البرازيلي قد يكون بديلاً ممتازاً في خط الهجوم، الأمر الذي سيعطي إرنستو فالفيردي مُتنفساً خططياً.. من وجهة نظري، أراه تدعيماً رائعاً وسيُعطي عمقاً أكبر لتشكيلة البلاوجرانا.

منير الحدادي: بعد الموسم المميز جداً الذي بصم عليه المغربي الأصل مع ديبورتيفو ألافيس وتحوله لأفضل هداف للفريق في الليجا الإسبانية، وبعد تطوره على الصعيد البدني وكذا اكتسابه للنضج الفني الكافي، سارع برشلونة لاستعادة ابن لاماسيا منير الحدادي من أجل تعزيز خط الهجوم، وسيتوقف تقييم الصفقة على ما إذا لعب المهاجم الإسباني (الجنسية) بذات المستوى الذي ظهر به خلال الموسم الفائت.

أرتورو فيدال: بعد رحيل باولينيو إلى الدوري الصيني، كان لزاماً على برشلونة التعاقد مع لاعب “بوكس تو بوكس” قادر على التأمين الدفاعي وتعطيل الهجمات وكذلك عدم التقاعس في المشاركة الهجومية ودخول معترك العمليات لتقديم الزيادة العددية المطلوبة.

إدارة برشلونة وجدت المواصفات السابقة في أرتورو فيدال الذي كان سعره مُنخفضاً، لكن تألق اللاعب اللاتيني رفقة برشلونة سيكون رهيناً بمدى قدرته على الابتعاد عن الإصابات التي جعلت فترته مع بايرن ميونخ تتحول إلى كابوس حقيقي.

تقييم المغادرين:

يمكنني أن أمنح برشلونة العلامة الكاملة في تعامله مع ملف المغادرين سواء في أسمائهم أو في المبالغ التي دُفعت فيهم، فالفريق الكتالوني تخلص من حمل زائد ونجح في تسريح العناصر التي لم تقدم الإضافة المرجوة.. لكن دعونا نلقي نظرة سريعة على موضوع الراحلين:

أندريه جوميز: الخبر الذي أبهج الكثير من مشجعي برشلونة كان رحيل اللاعب البرتغالي إلى إيفرتون الإنجليزي ولو على سبيل الإعارة لمدة موسم واحد.. جوميز بات في السنوات الأخيرة مدعاة للسخرية من طرف جماهير البلاوجرانا بسبب مستواه المخيب، ليكون التخلص منه خطوة إيجابية بدون أدنى شك.

ياري مينا: بعد التعاقد الدفاعي الذي قام به الفريق هذا الصيف، وأمام قلة الفرص التي تحصل عليها اللاعب الكولومبي في الموسم المنصرم بسبب صعوبة التأقلم مع الأجواء الأوروبية وكذا رغبة النادي الكتالوني في الاستفادة من سعره المرتفع بعد أدائه في مونديال روسيا، أصبح رحيل ياري مينا عن برشلونة حتمياً، فالفريق لم يعد بحاجة ماسة له.

أندريس إنييستا: رحيل الرسام يُعد خسارة كبيرة ومعضلة أخرى يصعب حلها في المستقبل القريب، فكلنا نعرف أهمية أندريس إنييستا في خط وسط برشلونة، لكن للسن أحكامه، واللاعب صاحب الـ33 ربيعاً لم يكن قادراً على خوض جل المباريات خلال الموسم الماضي، لذلك قرر مغادرة الكامب نو حين شعر بأن دوره لن يكون بارزاً في خطط فالفيردي.

مارلون سانتوس: بعد الموسم الجيد الذي بصم عليه مع نيس الفرنسي، تهاطلت العروض الصغيرة على المدافع البرازيلي الذي عرج نحو الدوري الإيطالي على أمل التألق والعودة يوماً ما للفريق الكتالوني.. برشلونة يحتفظ بخيار إعادة شراء اللاعب في المستقبل، لكن في الوقت الحالي لا يملك مكاناً له داخل تشكيلة إرنستو فالفيردي.

دوجلاس بيريرا: كان متوقعاً أن يرحل اللاعب البرازيلي إلى غير رجعة هذه المرة، الظهير الأيمن فشل في إيجاد مكان له في برشلونة وأدمن الإعارات لتنتهي علاقته أخيراً بالفريق الكتالوني وينتقل إلى صفوف سيفاس سبور التركي.

جيرارد دولوفيو: سار اللاعب الإسباني على درب جل خريجي لاماسيا الذين لم يجدوا مكاناً في الفريق الأول، حيث فشل في إقناع المتابعين قبل إقناع فالفيردي، وكان بعيداً عن الحسابات لفترة طويلة كما ظل حبيس الدكة في أغلب أوقات الموسم المنصرم، الأمر الذي جعله يعرج نحو واتفورد بحثاً عن مكان أساسي.

أليكس فيدال: رحيل صاحب الـ24 ربيعاً كان أمراً متوقعاً بالنظر إلى سلسلة الإصابات التي ضربته، وكذلك لعدم وجود مكان له في ظل الصفقات التي أجراها النادي الكتالوني، علاوة على أن إرنستو فالفيردي يملك عدداً كافياً من الأجنحة التي تلعب على الخط على غرار عثمان ديمبيلي ومالكوم دي أوليفيرا وأيضاً سيرجي روبيرتو في بعض الأحيان.

لوكاس ديني: رحيله كان غريباً نوعاً ما، فاللاعب كان بديلاً لا بأس به في مركز الظهير الأيسر، وما فتئ يتحمل المسؤولية عندما يعتمد عليه إرنستو فالفيردي.. لكن التخلص منه كان مفهوماً في رأيي، فالنادي الكتالوني يريد الاعتماد على لاعبين شباب في هذا المركز، خاصة وأن لاماسيا تعج بالأظهرة اليسارية المميزة.

باولينيو: من أبرز اللاعبين الذين قدموا مستويات رائعة رفقة برشلونة خلال الموسم السالف، فاللاعب البرازيلي ساهم في العديد من الأهداف المهمة، كما منح البلاوجرانا قوة كبيرة في خط الوسط.. لكن لسبب ما، قررت الإدارة الكتالونية إعادته إلى حيث أتى بنظام الإعارة، وهو ما خلف استياءً كبيراً لدى فالفيردي.

باكو ألكاسير: مهاجم جيد لم يحظَ يوماً بثقة إرنستو فالفيردي كاملة، فقرر الخروج بحثاً عن دقائق أكثر للمشاركة.. عودة منير الحدادي جعل رحيل ألكاسير حتمياً ولا مناص منه، رغم أن البعض يظن أنه يملك ما يكفي من القدرات والإمكانيات ليكون ورقة هجومية تفي بالغرض، خاصة في المباريات السهلة.

تقييم ميركاتو برشلونة بشكل عام:

تميز سوق برشلونة هذه المرة بوعي أكبر بمتطلبات الفريق، فالحاجة الملحّة للتخلص من الزوائد، جعل الإدارة الكتالونية تتحرك لإنجاز كل الصفقات في وقت مبكر من أجل التفرغ لملف المغادرين.. الأمر الإيجابي في ميركاتو البلاوجرانا هو تجنب الركض خلف خيارات شبه مستحيلة كما حدث في الصيف الماضي، كما أن انتهاء مسلسل جريزمان قبل شهر يوليو ساهم في تحرك إيريك أبيدال نحو صفقات أخرى، حتى لو لم تكن لها نفس خصائص النجم الفرنسي.

برشلونة، وبصفقاته الحالية أظهر رغبة كبيرة في إعطاء عمق أكبر للتشكيلة وضخ دماءٍ شابة في الفريق، خاصة وإن عرفنا بأن عمر من انتدبهم الفريق (باستثناء فيدال) لا يتعدى 23 سنة، وهو ما يأتي ليحل مُشكلة تقدم بعض نجوم الفريق في السن.