ميسي موهبة ورونالدو اجتهاد.. حقيقة أم خرافة؟!

محمود حمزة 10:59 03/02/2018
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • “خرافات كروية” .. سلسلة مقالات ساخرة تتحدث عن المعتقدات الخاطئة التي يؤمن بها كثيرون، تنتشر تلك الخرافات بسرعة كبيرة، تغزو العقول، حتى تتحول إلى حقائق! وقد يتحدث هذا المقال عن حقيقة يعتقد الكاتب أنها خرافة، وفي هذه الحالة يصبح المقال.. مجرد خرافة!

    يعتقد كثيرون أن الفارق كبير بين الحقيقة والخرافة، لكن الفارق بينهما ضئيل جداً في واقعنا الغريب، وأحياناً لا يوجد بينهما فارق!

    تتحول الخرافة إلى حقيقة بسهولة، يكفي أن يرددها شخص فيصدقه آخرون، ثم يزداد عدد من يرددونها، فتصبح حقيقة يسحق أنصارها من يزعم أنها خرافة!

    من أشهر الخرافات الشائعة في عالم كرة القدم؛ ليونيل ميسي موهبة طبيعية، ولا يحتاج إلى كثير من التدريبات! أما كريستيانو رونالدو، فقد وصل إلى هذا المستوى بفضل اجتهاده وتدريباته الشاقة.. وصالة الألعاب الرياضية! وليس بسبب موهبته! يتكرر هذا الحديث كثيراً، في القنوات التلفزيونية والصحف والملاعب والشوارع والمقاهي.. ووسائل المواصلات! في كل مكان يتحدثون عن الفارق بين ميسي الطبيعي.. ورونالدو الاصطناعي!

    انضم كارلوس تيفيز مهاجم بوكا جونيورز إلى هذا الحزب بتصريحاته التي تحدث فيها عن الفارق بين اللاعبين، حيث أكد أن ميسي لم يكن ملتزماً بالتدريب في صالة الألعاب الرياضية في بداية مسيرته، بينما كان رونالدو “هناك في الصباح وبعد الظهيرة وفي المساء وفي كل الأوقات”!

    أضاف الأرجنتيني: “كان يجب على رونالدو أن يعمل ويبني نفسه ليصبح الأفضل، أما ميسي فقد أصبح كذلك بشكل طبيعي”.. هذا ما يقوله كثيرون عندما يتحدثون عن الفارق بين اللاعبين، حتى أصبح الأمر حقيقة علمية!

    في بداية مسيرة كريستيانو رونالدو، وقبل أن يتحول جسده إلى تمثال منحوت ببراعة فنية! كانت موهبة البرتغالي واضحة للجميع، بل كان من أفضل المواهب في العالم، ولم يكن أحد يتحدث عن قوته الجسدية واجتهاده وكل هذه الخرافات!

    مع مانشستر يونايتد كان رونالدو يراوغ لاعباً ولاعبين وثلاثة وأربعة وخمسة! وكان يقدم استعراضاً في كثير من مبارياته حتى يصيب المنافسين بالملل.. واليأس! وكنا نشاهد ذلك بأعيننا، فهل كنا نحلم؟! هذه الموهبة طبيعية، وهذه المهارات لا تُكتسب داخل صالة الألعاب الرياضية!

    لو كان الاجتهاد يؤدي إلى هذه النتيجة لشاهدنا نسخاً كثيرة من كريستيانو رونالدو، الحل بسيط وواضح؛ إذا كنت تمتلك مهارات جيدة فاجتهد وتدرب في الصالة الرياضية طوال الوقت، وستصبح أفضل لاعب في العالم! ولا يجب أن ننسى ما حدث لجاريث بيل عندما أصبح يذهب كثيراً إلى صالة الألعاب الرياضية!

    من هو اللاعب الشاب الموهوب الذي قاد منتخب البرتغال إلى نهائي يورو 2004.. ثم خسر أمام اليونان؟! من هو الشاب الموهوب الذي كان الجميع يتابعون مباريات مانشستر يونايتد ليستمتعوا بموهبته.. الطبيعية؟! هل كان رونالدو أم كان لاعباً آخر؟!

    رونالدو لاعب مجتهد بلا شك، لكن هذا الاجتهاد ليس سوى وسيلة للحفاظ على موهبته والاستفادة منها بأكبر قدر ممكن، وليس وسيلة لاختراع موهبة من العدم! ولن تساعده التدريبات الشاقة على مراوغة عدد كبير من اللاعبين، ولن تمنحه صالة الألعاب الرياضية كرات ذهبية!

    من أسباب انتشار هذه الخرافة تغيُّر أسلوب أداء رونالدو مع ريال مدريد في المواسم الأخيرة، عندما تحول من لاعب مبدع إلى آلة لتسجيل الأهداف، ثم تقدمه في العمر وعدم قدرته على المراوغة والتفوق على المنافسين بسرعته، وهذا أمر يحدث لجميع اللاعبين.. حتى أصحاب المواهب الطبيعية!

    أصبح اجتهاد رونالدو واضحاً في هذه المرحلة، لاعب لا يقدم كثيراً من المهارات، ولا يتميز بالسرعة التي اشتهر بها من قبل، ولا يراوغ بطريقة تصيب المشاهدين بذهول، لكن تأثيره في الملعب يجعله يفوز بجميع الألقاب الفردية والجماعية، ومن المعروف أن ذاكرة الجماهير قصيرة، فنسي كثيرون كريستيانو الحقيقي، وأصبح رونالدو الحالي هو الحقيقة!

    أما ليونيل ميسي فليس مجرد لاعب موهوب، ومن الظلم أن ننسب الفضل إلى موهبته فقط، لو امتلك لاعب آخر هذه الموهبة ولم يجتهد ليحافظ عليها.. سيفشل! أو على الأقل لن يصبح أسطورة، ويزخر تاريخ كرة القدم بكثير من الموهوبين الفاشلين، وكثير من الموهوبين الذين تألقوا لفترات قصيرة، وكثير من الموهوبين الذين لم يتطوروا، وكثير من الموهوبين الذين انتهت مسيراتهم.. قبل أن تبدأ!

    ميسي لاعب موهوب، لكنه لاعب مجتهد ومتطور وملتزم أيضاً؛ كان يلعب في مركز الجناح الأيمن، ثم انتقل إلى قلب الملعب وأصبح مهاجماً وهمياً وقائد هجمات وصانع ألعاب، ولعب في مراكز لا نعرف أسماءها! وبمرور الوقت كان يتطور باستمرار، ولن يحدث هذا التطور بدون تدريب واجتهاد والتزام، ولن تتطور الموهبة تلقائياً!

    وعندما أعاده لويس إنريكي إلى مركز الجناح الأيمن لم يكن نفس اللاعب الذي كان يلعب في هذا المركز قبل سنوات، بل قدم أداءً مختلفاً وأصبح يعرف كيف يقود فريقه من هذا المركز، ولا يجب أن ننسى أنه لم يكن يجيد تسديد الضربات الحرة، أو لم يكن يحاول! ثم أصبح يسددها بشكل جيد، ثم جيد جداً، حتى أصبح من أفضل مسددي الضربات الحرة في التاريخ.. بفضل التدريب والاجتهاد!

    لم يكن ميسي يمتلك شخصية القائد في الملعب، كان يتألق ويقدم سحره عندما يحصل على الكرة، لكنه كان يتعرض لانتقادات بسبب شخصيته، ثم اكتسب روح القيادة تدريجياً، وعندما نشاهد مباريات برشلونة حالياً نستطيع أن نحدد من القائد بسهولة، فقد أصبح يستطيع ـ بأقل مجهود ـ أن يؤثر على مستوى الفريق بالكامل! ولم يكن يستطيع أن يكتسب هذه القدرات بدون اجتهاد وعمل شاق، ورغم ذلك، يؤكد كثيرون أن ما يقدمه سببه الموهبة فقط، لأنه لا يحتاج إلى الاجتهاد مثل رونالدو!

    كلا اللاعبين موهوب وكلاهما مجتهد، ربما أحدهما موهوب بدرجة أكبر من الآخر، وربما أحدهما أكثر اجتهاداً من الآخر، لكن كليهما وصل إلى ما وصل إليه بسبب موهبته الفريدة ثم بسبب اجتهاده والتزامه، ومن الطبيعي أن تختلف درجة الموهبة ودرجة الاجتهاد، لكن هذا الاختلاف لا يعني أن الفارق بينهما مثل الفارق بين امرأة جميلة لأنها خُلقت جميلة، وامرأة أخرى جميلة.. لأنها خضعت لعمليات تجميل!

    هذا المقال يهدف إلى الفكاهة فقط، وما يرد فيه لا يعبر بالضرورة عن حقيقة أو رأي أو موقف

    تابع حلقات:  هلوسة كروية  –  هجمة مرتدة سريعة  –  هدف ملغى