العنصرية باقية.. والحماقة مستمرة.. والحل مجهول!

محمود حمزة 20:21 25/01/2017
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • لن تنتهي العنصرية مهما اجتهدنا في سبيل القضاء عليها، لأنها تتغذى على مقاومتها! فكلما شُنت الحملات لمكافحة التمييز العنصري، كلما استفحلت مشكلة العنصرية وتحولت إلى وحشٍ كاسر قادر على هزيمة سوبر مان وبات مان وآيرون مان.. وكل عائلة مان! بالإضافة إلى أن الحماقة جزء لا يتجزأ من الطابع الإنساني، وسيظل بيننا من يرون أنفسهم أفضل من غيرهم، حتى لو كانت أفضل إنجازاتهم لا تتجاوز القدرة على قضاء حاجتهم دون الحاجة إلى مساعدة أحد!

    أما السبب الأهم لبقاء هذه الآفة، فيتمثل في حقيقة أن هناك من يريدون بقاءها، رغم أنهم أكثر من يدينونها، وقد أكون أنا أحدهم! وهم أكثر قوة ممن يرويدن القضاء عليها، لكننا لا نعرف هوية هؤلاء الذين يريدون استمرار آفة العنصرية، وإذا عرفناهم فسنتظاهر بأننا لا نعرفهم.. لأننا نخاف! والخوف ليس عيباً، بل يمكن اعتباره في بعض الأحيان فضيلة كبرى!

    تعرض بالوتيلي مهاجم نيس الفرنسي لهتافات عنصرية حقيرة من بعض جماهير نادي باستيا، ولن تكون تلك الواقعة آخر حلقات مسلسل العنصرية في الملاعب، لأن هناك من يستمتعون بمشاهدة المسلسل! ويربحون منه أكثر مما يربح اللاعبون في الصين! لذلك سيستمر هذا المسلسل لقرون من الزمن، أو لألفيات! وربما تشاهدون المربع الذهبي لكأس العالم يضم أربعة منتخبات عربية، لكنكم لن تروا عالماً بلا عنصرية!

    يمكننا أن نسخر من بالوتيلي بسبب عدم التزامه، أو بسبب شجاره مع مدربه، أو بسبب طريقة احتفاله بالأهداف، أو عدم احتفاله! يمكننا أن نضحك عندما نشاهده يتعامل مع الكرة باستهتار ليفقد مدربه أعصابه، ويقرر استبداله! لكن لا يمكننا أن نسخر من لونه، لأن من يفعل ذلك لا يسخر من الآخرين، بل يسخر من نفسه!

    16344447_10209864136911806_1151181236_n

    هناك من يقولون بأننا لا يجب أن نسخر من أصحاب البشرة السمراء، لأنهم لم يختاروا لون بشرتهم! ورغم حسن نية من يقولون ذلك، لكن هذا الكلام لا يعتبر دفاعاً عن أصحاب البشرة السمراء، بل هو اتهام لهم! لأنه يعني أن اللون الأسود عيب أو مشكلة، لكننا لا يجب أن نلوم أصحابه لأنهم لم يختاروه! هذا يعني أننا يمكن أن نسخر منهم لو كان لونهم من اختيارهم!

    لا ينبغى أن نسخر من أصحاب البشرة السمراء، لأن هذا شيء بديهي، ولا يحتاج إلى توضيح، ليس لأنهم لم يختاروا ذلك، بل لأن لونهم ليس عيباً أو مشكلة أو شيئاً غريباً، وهذا لا يعني أننا يمكننا أن نسخر من العيوب الخلقية والملامح الغريبة! لأن هذه حماقة أخرى لا تنافسها سوى حماقة العنصرية! واللون الأسمر من الألوان الشائعة بين البشر، مثله مثل الأبيض، فلماذا يعتبره البعض لوناً شاذاً؟ ويتحدثون عن بالوتيلي كما لو كانت بشرته زرقاء! وفي نفس الوقت.. يحبون الرجل الأخضر!

    لن أكون متطرفاً في دفاعي عن اللون الأسود، ولن أتغنى بجمال بالوتيلي، ولن أؤكد أن دروجبا بطيبة قلبه سيبدو في أعين النبلاء أكثر وسامة من بيكهام! لأن الحديث بهذا الأسلوب المبتذل يضع هذا اللون في موضع الاتهام، وكأنه يحتاج دائماً إلى من يدافع عنه، كما أننا لا يجب أن ننظر إلى الدنيا بعقلية الفتاة المراهقة التي تبحث عن فتى أحلامها الوسيم، وحتى هذا الفتاة ستغير نظرتها للحياة عندما تقرر الزواج، وستبحث عن رجل غني!

    إذاً كيف ندافع عن اللون الأسود؟ لا يجب أن ندافع عنه! ولا يجب أن نذكر مزاياه أو ننكر عيوبه، لأنه لا يختلف بأي حال من الأحوال عن اللون الأبيض، أو غيره من ألوان البشرة المتعارف عليها، والدفاع عنه بهذه الطرق يعطي انطباعاً لدى العنصريين بأن الأسود أقل من الألوان الأخرى، ولا يجب أن ننفي تهمة غير موجودة، أو نوضح فكرة واضحة، هل هذا سيحل المشكلة؟ بالتأكيد لا! لأنها مشكلة بلا حل، يستطيع بالوتيلي أن يتخلص من سلوكه السيء، وقد يفوز بالكرة الذهبية! لكنه لن يتمكن من الهروب من العنصرية، إذاَ ما العمل؟ لا أعرف! لن أدعي معرفة الحل، ولا يبدو أن أحداً يعرف، ما أعرفه أن العنصرية داء جاء إلى الدنيا دون دواء!

    ترتبط العنصرية بالقرود، دون سبب واضح! وتعتبر أصوات القرود من أكثر الطرق الشائعة للهتافات العنصرية القذرة، حيث يصدر العنصريون أصواتاً تشبه أصوات القرود لمضايقة اللاعب ذي البشرة السمراء، فيضعون أنفسهم في منزلة أقل كثيراً من منزلة القرود التي لا تعرف شيئاً عن العنصرية، لكن ما علاقة القرود باللون الأسود؟ ألا يعلم هؤلاء الحمقى أن هناك قرود بيضاء؟! أم يعتبرون القرد الأبيض وسيماً؟! ويفضلونه على القرد الأسود؟!

    16344177_10209864138711851_1825909944_n

    تابع حلقات:  هلوسة كروية  –  هجمة مرتدة سريعة  –  هدف ملغى