بلاتيني

ولد ميشيل فرانسوا بلاتيني أحد فناني وعباقرة الكرة في 21 يونيو 1955 في فرنسا ببلدة جوف الصغيرة في شرق البلاد..كان الطفل الثاني لعائلة بلاتيني الإيطالية في تلك البلدة.

كان صعود نجم ميشيل سريعاً فقد فاز مع فريق نانسي بلقب كأس فرنسا ولعب كذلك لمنتخب فرنسا بعمر الـ22 عاماً وتم اختياره للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في مونتريال..بل وتم اختياره في المرتبة الثالثة في جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في أوروبا.. كان قائداً منذ صغره وصعوده كان بسرعة البرق..ويبدو أن لاسمه الشبيه باسم معدن البلاتين حظاً كبيراً..فهو الذهب الأبيض..معدن كثيف ومرن وضد الصدأ.

كذلك انتقل ميشيل إلى سانت ايتيان وفاز معهم بالبطولة الفرنسية ثم قاد فرنسا إلى المركز الرابع في بطولة كأس العالم 1982.. قال ميشيل نادباً حظه : “لو كنت قد ولدت في إيطاليا لأصبحت بطلاً للعالم مع الآتزوري”.

إيطالي الجدود .. فرنسي الخيال

وهذا ما قد يُلخص نجومية اللاعب الفرنسي الكبير..والذي لم ينل حظه الكافي من الإشادة الإعلامية نظراً لعدم قوة وصلابة منتخبه مقارنة بالأجيال التي أتت بعده .. لكنه كان فريداً من نوعه لأنه هداف وصانع ألعاب وله لمسات ساحرة وبسيطة.. فهو صاحب الرقم 10 المثالي..الأنيق..الثابت على وضعه والذي يملك دوماً سحراً خاصاً في تعامله السهل للغاية بالكرة..سهل لدرجة الملل..ولكنه أحياناً أنيق ومفاجىء.

فاز بلاتيني رغم ذلك بكأس الأمم الأوروبية 1984 وكان قد جاء الموعد للانتقال إلى بلد أجداده الأصلية قبل سنتين قبل ذلك.. وكان يوفنتوس النادي الأنسب والأليق لميشيل..إنه يشبه أناقته وانضباطه وهدوء أعصابه على العشب الأخضر.. كان من الصعوبة بمكان أن يذهب لبلد آخر غير منفتح على اللاعبين الأجانب حيث كان الدوري الإيطالي وقتها قد أعاد التوقيع مع المواهب من خارج البلاد بعد سنوات طويلة من حظر هذا الامر..وكان ميشيل يحتاج للعب وفق منظومة بدلاً من اللعب بطريقته الحرة المعتادة.

بلاتيني مع منتخب فرنسا في كأس العالم 1982

بلاتيني مع منتخب فرنسا في كأس العالم 1982

لكن ما تركه من بصمات كان خالداً..ليس فقط بسبب تحقيقه لثمانية ألقاب..فحينما تقودنا الصدفة إلى فتح كتيب الذكريات لنرى أجمل الأهداف المُهدرة أو المُلغاة في تاريخ الكرة بالعالم..سنجد ميشيل متواجداً به في الصفحات الأولى بعد أن تقلب الغلاف..بهدفه العذب الرائع واللا متوقع في طوكيو ضد أرجنتينيوس جونيور في نهائي بطولة الانتركونتننتال – كأس العالم للأندية حالياً- بعد استدارة رشيقة بالجسم ثم تسديدة مُركزة أدهشت حتى زملائه وسكنت شباك الحارس للفريق الأرجنتيني..قبل أن يلغيه الحكم الألماني روث بدون داعي..لا يعلم أحد الداعي إلى الآن.

دائماً ما ترتبط الجماهير بالنجم الكروي أو الفني بسبب إبداعه الخالص على أرض الملعب..أو خشبة المسرح وهي لا تهتم في غالب الأحيان بشخصه خارج الميدان..أو ما الذي سيفعله بعد اعتزال مهنته، وما فعله ميشيل جعل الكثيرين يختلفون في وصفه أو اختيار اسم مستعار له.

جياني آنييلي رئيس يوفنتوس التاريخي الراحل

جياني آنييلي رئيس يوفنتوس التاريخي الراحل

اختاره الأفوكاتو الكبير جياني آنييلي -رئيس والمالك المُدير لنادي يوفنتوس لقود طويلة- لأنه ببساطة رأى فيه اللاعب القادر عن التعبير عن عنصر “الخيال” المفقود في تشكيلة يوفنتوس..وأخذ ميشيل كثير من الوقت لكي يستطيع أن يُظهر خياله الخاص في ملاعب الكالتشيو قبل أن ينجح في الفوز مع اليوفي بكل البطولات المُمكنة في العالم وقبل أن يتوج بالكرة الذهبية مرتين كأفضل لاعب في أوروبا..ونعم، لقد فاز الخيال..فاز ميشيل في إيطاليا بدور البطولة رغم كونه فرنسياً..ورغم أن أجداده من شبه الجزيرة الإيطالية ورغم أنه كان يُعتبر أجنبياً لكنه انخرط بخفته الكبيرة داخل الميدان مع أسلوب مُعقد للمدرب تراباتوني.

من الجيد دائماً تذكر هذا الكائن الذي لا تحتمل خفته وسأذكر لكم السبب في تلك اللقطة الشهيرة.. ميشيل يرفع ياقته ويهندم نفسه وهو يستعد لمواجهة نابولي في قمة الكالتشيو، وحينها سأله المذيع سريعاً وهو في طريقه للملعب.. سؤالا بسيطاً جداً: من الذي يُمكن أن تخشاه من نابولي؟؟أجاب مبتسما..دييجو، فبادره المذيع بنظرة تساؤل قائلاً: مارادونا؟..قال ميشيل نعم وضحك وكأنه يخبر المذيع دون كلمات – ومن يكون غيره؟- وهو يذهب داخل النفق المؤدي لملعب الكولومنالي في تورينو..نعم، هكذا كانوا يلعبون الكرة ببساطة وحب، وكان بلاتيني أحد المُمثلين عن هذا العالم..الحب حتى لخصمك.