دييجو مارادونا .. الذي حَوّل كرة الجلد المنفوخ إلى كنز من الجمال

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • دييجو أرماندو مارادونا

    موقع سبورت 360 – يحتفل العالم بعيد مولده..عيد دييجو أرماندو مارادونا أو ولد الذهب.. واحد من أبرز اللاعبين في تاريخ رياضة كرة القدم، وبالنسبة للبعض فهو الأفضل دون نقاش على مدار العصور ولديه شخصية ثرية يمكن أن يطول الحديث عنها في مجلدات وكُتب عديدة حتى يُمكن لتجربته أن توفيها وتتشربها تماماً..لكن هذه محاولة بسيطة في يوم مولده للعوم في بحر هذا الدييجو.

    بدايةً..دارت نقاشات ساخنة حول نجم الكرة الأرجنتينية كثيراً..حول شخصيته خارج الملعب وأسلوب حياته وكذلك مآثره داخل الميدان فقد كتب صفحات ناصعة وتاريخية مع منتخب الأرجنتين، برشلونة ونابولي على وجه الخصوص..حيث أصبح الأيقونة والمثال الكبير لإعجاز كرة القدم بالنسبة للشعب الأرجنتيني وكذلك لشعب نابولي الذي جلس على زعامة شبه الجزيرة الإيطالية معه.

    لاعب قام بإحياء الأمل لشعوب الجنوب في العالم ولاعب استطاع إخراج الأرجنتين من الازمات السياسية والاجتماعية بانتصار تاريخي خالد كأس العالم 1986 فهو يُمثل أكثر من مجرد لاعب كرة قدم.

    مارادونا مجرد لاعب كرة قدم؟ لا .. أكثر من ذلك بكثير

    دييجو في تدريبات المنتخب الأرجنتيني

    دييجو في تدريبات المنتخب الأرجنتيني

    مارادونا يملك تلك الشخصية الجذابة التي ساعدته في تحقيق آمال تلك الشعوب ولكنه كذلك لديه صفحات مثيرة للجدل في تاريخه مثل تعاطي الكوكايين وانخراطه مع بعض الأشخاص وعائلات المافيا التي حاولت تدمير إنجازاته وإيقاف الصعود المفاجىء لنابولي في أوروبا وإيطاليا في نهاية الثمانينات وبداية التسعينيات.

    وكذلك كان لدى مارادونا تصريحات سياسية ومقولات ضد بعض الزعماء في العالم، إضافة لصداقته مع بعض الزعماء الآخرين مثل فيدل كاسترو..وكل هذا جعل منه شخصية يترقبها الجميع ويتحدث عنها حتى بعد اعتزاله بعشرات السنين.

    ومن أشهر ما قاله دييجو بعد تتويجه بلقبي الدوري الإيطالي التاريخيين مع الفريق الجنوبي : “أريد أن أكون المثل الأعلى للأطفال الصغار في نابولي لأنهم يشبهونني عندما كنت طفلاً فقيراً في بيونيس آيريس..يكفيني أن أكون أفضل لاعب في تاريخ نابولي”.

    لقطة من هدفه الشهير ضد إنجلترا

    لقطة من هدفه الشهير ضد إنجلترا

    لكن بالنسبة للجميع فإن دييجو تسبب بكلماته وقراراته في أن يكتسب العديد من الكارهين..كان ماراونا عبقرياً ولكن لا يخلو من بعض التهور كما كانت الكرة بين قدميه داخل الملعب..فهو يفعل الأشياء الساحرة الرشيقة ويتهور بالتفكير في إحداث أمور لا يمكن أن يتخيل أحد غيره أن يفعلها، ولكن كانت لديه الثقة والقدرة في فعلها..والمثال الأكبر على ذلك هدفه التاريخي في مرمى منتخب إنجلترا بعد أن راوغ كل اللاعبين من منتصف الملعب وحتى منطقة جزاء الإنجليز بما فيهم الحارس قبل أن يضع الكرة بالمرمى لينفجر المعلق الأرجنتيني هوجو موراليس زاعقاً : “عبقري..عبقري..عبقري!”.

    باختصار.. كان الأرجنتيني المثال على الروعة التي يُمكن أن تتحقق رغم كل المعوقات والمستحيلات، فمن كان يتخيل أن يُسقط نابولي كبار إيطاليا مثل ميلان و إنتر و يوفنتوس وهم في أفضل حالاتهم تقريباً.. وأن يجعل مدينة بأكملها تحلم، وحتى وصل النجاح إلى الفوز بكأس الاتحاد الأوروبي على حساب بايرن ميونيخ، لقد جعل المعجزة تعيش وتصبح أمراً واقعاً، وهو ما جعل جماهير المدينة تخرج عن بكرة أبيها للاحتفال ولتكتب على مقابر الأجيال السابقة : “استيقظوا..لا تعرفوا ما فاتكم”.

    مارادونا بطل إيطاليا مع نابولي مرتين وكان قريباً من الثالثة

    مارادونا بطل إيطاليا مع نابولي مرتين وكان قريباً من الثالثة

    عبقرية البيبي دي أورو يمكن أن يتم قرائتها بشكلٍ دقيق في كلمات المدافع الإيطالي فرانكو باريسي الذي قال: “مارادونا كان الأعظم لأن كان بمقدوره أن يفعل بالبرتقالة ما أعتقدنا نحن أن من المستحيل فعله بكرة القدم”.

    تلك الموهبة لم يشعر بها زملائه في الأرجنتين..بوكا جونيورز أو برشلونة ونابولي لأنه لم يكن يُظهر أبداً داخل غرفة الملابس أنه الموهوب وأنه الأكبر والأهم..لقد كان قائداً وصاحب كاريزما تجعل من حوله يحبونه ويتبعونه.

    ورغم أن ميلان في الوقت الذي لعب به دييجو كان أقوى فريق في أوروبا بأكملها..وكان يفوز دائماً في أوروبا لكن المدرب آريجو ساكي قال تصريحاً واضحاً أقر فيه بالعجز عند مواجهة الأرجنتيني : “اللعب ضد مارادونا كان أشبه باللعب ضد عقارب الساعة..لأنك تعلم أنه عاجلاً أو آجلاً سوف يسجل أو سيجعل غيره يسجل في مرماك”.

    الظاهرة الحقيقية

    معشوق لجماهير بوكا جونيورز

    معشوق لجماهير بوكا جونيورز

    أما الإنجليزي جاري لينكير مهاجم إنجلترا و برشلونة فقد عاد بالزمن للوراء ليتذكر هزيمة إنجلترا أمام الأرجنتين في مونديال المكسيك : ” عندما سجل دييجو الهدف الثاني ضدنا شعرت أنني أريد التصفيق في الملعب كما لم أصفق من قبل في حياتي.. إنها الحقيقة، هو أفضل لاعب كرة قدم في كل العصور..ظاهرة”.

    وبالنسبة لأسطورة مانشستر يونايتد ريان جيجز الذي شاهد دييجو وهو طفل قبل أن يكتب تاريخه في الكرة الإنجليزية فإنه يرى في دييجو شىء مختلف عن بقية اللاعبين الكبار على مدار التاريخ : “أعجبت بما قدمه في مونديال 1998 و1990..وفي كل أوقات مسيرته الكروية، لقد شاهدت وعاصرت الكثير من كبار اللاعبين مثل ميسي و رونالدو لكن الأشياء التي رأيت مارادونا وهو يفعلها لم أر أبداً أي شخص غيره يفعلها”.

    أما كلمات الصحفي باسكوالي برونو فكانت مهمة وكاشفة حيث قال : “من يحبون المقارنة بين اللاعبين يجعلوني أضحك..مارادونا كان وجوده نعمة لكرة القدم، بالنسبة لي ميسي لاعب عظيم ولكن مارادونا كان يملك شخصية فريدة وأعتقد أنه لو كان يلعب في السنوات الحالية كان سيسجل عدداً مهولاً من الأهداف..ميسي اليوم يلعب وهو يتفوق على كل من حوله”.

    كارافاجيو الكرة العالمية .. بطل الشوارع وضواحي بيونيس آيريس

    مع نابولي في 1989

    مع نابولي في 1989

    ونستمر مع كلمات الصحفي جياني بيريرا الذي وصف عبقرية مارادونا في كلمات بسيطة : “لقد أعاد مارادونا اللاعب الكرامة والإيمان والإبداع لمدينة بأكملها وهذا أمر إعجازي كان ينظر له الناس دائماً أنه حلم مبتذل وغير مُمكن طوال ملايين السنين”.

    أما الخصوم فقد كانت لهم رؤيتهم الخاصة تجاه دييجو، ومنهم لاعب منتخب بولندا ويوفنتوس بونياك الذي قال : “بين شوطي مباراة يوفنتوس ونابولي كنا نتحدث عن المباراة وعن كيفية إيقاف مارادونا..أخبرنا أنفسنا أن السبيل الوحيد لذلك هو أن نجعله يخرج من الملعب مصاباً، ولكن بعد عشرة دقائق من الميدان نظرنا لبعضنا البعض وأخبرنا أنفسنا أن لا نفعل..لأنه كان من الجيد حقاً رؤيته وهو يلعب”.

    وبالنسبة للرسام فيتوريو سارجبي فإن مارادونا يشبه المبدع الكبير في مجال الرسم كارافاجيو.. فقد قال : “إنه كارافاجيو القرن العشرين وبالنسبة لي فهو يستحق أن يتواجد في المتحف..لوحات كارفاجيو تعبر عن البشر، نحن أبناء هذه الحياة ونحن في الشوارع والضواحي وفي كل مكان..لقد قام مارادونا بتحويل حياة هؤلاء كلهم إلى فن..إنه مثل كافاراجيو”

    مارادونا بقميص برشلونة

    مارادونا بقميص برشلونة

    وعنه أيضاً قال الروائي والشاعر داروين باستورين :”إن أكبر بطل رأيته هو دييجو مارادونا..أكبر من بطل أي رواية صدقوني يا أبنائي، لن يوجد رجل مثله مرة أخرى أبداً وإلى الأبد..الكمال يكتمل أيضاً بالنقص، لقد دخل في طريق سىء في وقتٍ ما من مسيرته وكان ضحية لبعض الأصدقاء المزيفين..لكن مارادونا كان قادراً على تجاوز أي عقبة وكسر كل القواعد..لقد حول كرة مصنوعة من الجلد بشكلٍ بسيط للغاية إلى صندوق به كنز من الجمال”.

    وبالنسبة لخورخي فالدانو بطل العالم ونجم ريال مدريد  فإن الاعتراف بعبقريته كان واجباً : “في عصرنا كان كل مشجعي كرة القدم كانوا يخونون فرقهم وينتظرون مبارياته..إنهم لا يريدون حرمان أنفسهم من رؤية تلك العبقرية”.

    لكن هناك آخرين لم يتأثروا بسحر هذا الرجل ومنهم كان الأسطورة البرازيلية بيليه والذي كان دائماً ما يُقارن بينه وبين مارادونا فقد قال: “إنه ليس مثالاً جيداً للشباب..فقد أعطاه الله موهبة خاصة وهي معرفة كيفية لعب كرة القدم ولكن حياته لم تكن على نفس القدر من الروعة..لقد كان لاعباً رائعاً لكنه ليس مثالاً جيداً”.