كريم بنزيما

موقع سبورت 360 – يعيش مهاجم ريال مدريد كريم بنزيما لحظات مميزة في مسيرته الكروية في الآونة الأخيرة .. لمَ لا وقد بات نهايات الشهر الماضي أكثر فرنسي سجل مع نادٍ أجنبي واحد في التاريخ بعدما تجاوز مواطنه تييري هنري الذي سجل 228 هدفًا بقميص آرسنال الإنجليزي، كما أن بنزيما مستمر في تصدر قائمة هدافي الليجا بعدما وصل لهدفه العاشر هذا الموسم ناهيك عن تسجيله لـ4 أهداف في آخر مباراتين بدوري الأبطال أمّنا لفريقه استعادة التوازن عقب بداية خجولة ليصل الميرينجي كما هو متوقع إلى الأدوار الإقصائية.

يهمك أيضاً:

شمس ميسي تحرق بوروسيا دورتموند بلهيبها

لكن كل هذا لا يساوي شيئًا برأيي أمام ما أتصور أن كريم بنزيما يشعر به شخصيًا وهو تغير نظرة كثيرين تجاهه فتلمح ذلك في ملامح وجهه وطريقة لعبه وتفاعله مع ما يدور حوله.

أتذكر جيدًا هذا الشاب الذي لمع بشدة رفقة أوليمبيك ليون وكيف لفت نظري هدفه الرائع في مرمى مانشستر يونايتد في الموسم الذي توج فيه اليونايتد بطلًا لأوروبا، ولم يختلف الحال كثيرًا عندما وصل إلى ريال مدريد ضمن ميركاتو صيفي إعجازي للريال ليتنافس مع جونزالو هيجواين على المركز الأساسي في هجوم الريال.

بنزيما تألق في الآونة الأخيرة، لكن هل كان حقًا سيئًا في الماضي؟

GettyImages-93449477

رحل هيجواين ومعه استأثر بنزو بمركزه في هجوم ريال مدريد لتنفجر أرقامه بشدة فسجل 17 هدفًا ثم 15 ثم 24 هدفًا في ثلاثة مواسم بالليجا بالإضافة إلى كم كافٍ جدًا من الأهداف في دوري أبطال أوروبا ضمن مغامرات ريال مدريد في العودة لمنصات التتويج بالبطولة المفضلة لديه.

لكن شيئًا ما كان يعكر صفو هذا الأمر دائمًا، فبنزيما كان يعيش دائمًا في ظل أرقام هائلة لكريستيانو رونالدو ولم يكن كثيرون يشعرون بأرقامه مع هكذا أرقام للدون الذي كان يكتسح الأخضر واليابس في سباق محموم بلا رحمة مع ليونيل ميسي جعل أي رقم قياسي سابق يقف خجولًا أمام أرقامهما، إذ أصبح تسجيل هدف أو هدفين كل مباراة شيئًا عاديًا مع هذين السفّاحين.

هذا لا يعني أن الأمور دائمًا ما كانت وردية بينما الجميع متجنّي عليه، فقد مرّت فترات خاصة في السنتين اللتين سبقتا رحيل رونالدو كان فيها بنزيما شبح لاعب يضيع الكثير من الفرص ولا يقدم عددًا معقولًا من الأهداف حتى إن أدواره المركّبة تراجعت بوضوح في صناعة اللعب وإخلاء المساحات (نعم هو يبقى دورًا مهمًا قررت منظومة السخرية على السوشال ميديا أن تنال منه بأقسى طريقة ممكنة فبات حديث محلل أو آخر عن هذا المصطلح فرصة لاغتياله معنويًا).

مشكلة بنزيما هي مشكلة بشرية في العموم .. من حين لآخر تشاهدون تلك الصور الكاريكاتورية والتي تُظهر مجموعة من البشر يتطلعون إلى بعضهم البعض وكل واحدٍ فيهم يرغب في شيء يمتلكه الآخر .. جماهير ريال مدريد بشر حسب معلوماتي فكانت مقارنتهم بين ما لديهم وما لدى الآخرين مستمرة .. بايرن ميونخ يمتلك ليفاندوفسكي وأتلتيكو مدريد ثم تشيلسي يمتلكان دييجو كوستا ومانشستر سيتي يمتلك أجويرو وبرشلونة يمتلك لويس سواريز فلماذا نمتلك بنزيما؟

لكن لأن جماهير ريال مدريد بشر فإنهم مارسوا ما يمارسه أغلب البشر .. الفُجر في الخصومة. فبدلًا من وضع بنزيما في حجمه واعتباره واحد من المهاجمين الجيدين جدًا وليسوا الممتازين، تم تحويله إلى مهاجم لا يفقه شيئًا في كرة القدم لمجرد أنه أقل قدرة من هؤلاء المهاجمين على استغلال الفرص متناسين أي ميزة واضحة وحقيقية لا تخطئها العين للمهاجم الفرنسي.

في ظروف أخرى كان الأمر ليمر بشكل عادي .. مهاجم لا يحظى برضا الجماهير فيغادر ويأتي غيره، لكن في ريال مدريد قرر فلورنتينو بيريز أنها لا داعي لإجراء صفقات كبرى في كل المراكز لعدة سنوات ليدفع الجمهور الثمن ويتحول بنزيما من مهاجم مميز ينقصه بعض الأشياء إلى مهاجم كارثي في السنة الأخيرة لرحيل رونالدو فاقدًا أي ميزة أخرى بخلاف التهديف بعد أن قهره الجميع .. الجمهور والإعلام الفرنسي والاتحاد الفرنسي.

GettyImages-491866054

المهاجم الفرنسي مر بمرحلة من أصعب الفترات التي تمر على لاعب في حياته .. مهاجم لم يعد دوليًا يشاهد منتخب بلاده يصل إلى نهائي يورو 2016 ويتوج بطلًا لكأس العالم 2018 مع تواجد من هو أقل منه مستوى في مركزه كأوليفييه جيرو بينما هو في مدريد منبوذ مكروه لا يطيق أحد استمراره في النادي الملكي.

لم يكن بنزيما يبدو وأنه يتأثر بمثل هذه الأمور في البداية لكنها نالت منه حتمًا فالرجل خرج عن شعوره وتكلم عندما وجد صحيفة ليكيب الفرنسية تختار أفضل 15 مهاجمًا حول العالم في عام 2018 ليرد عليها عبر حسابه قائلًا .. “ليكيب، هل يمكنني أن أكون الـ16؟”.

مع رحيل رونالدو ظهر شعاع من الضوء أعاد كريم إلى الواجهة فقد تحول إلى اللاعب الأكثر تحويلًا للتسديدات إلى أهداف متفوقًا حتى على ليونيل ميسي نفسه إذ سدد 97 كرة منذ رحيل رونالدو وحتى 13 نوفمبر الماضي سجل بها 41 هدفًا أي أنه يحتاج لـ2,3 تسديدة ليسجّل هدفًا مقارنة بـ2,5 لميسي و2,8 لسواريز و3,2 لرونالدو.

عودة بنزيما للتسجيل أكسبته ثقة لا بأس بها وجنبته “صداع الانتقادات” ليعود إلى اللعب بأريحية ويقدم ما قدمه لسنوات طويلة دون أن يشعر به كثيرون وهو حقيقة أنه لفترة طويلة كان أفضل مهاجم في العالم في مسألة صناعة اللعب .. على الأقل حتى ظهور روبيرتو فيرمينو في دائرة الضوء.

لم يقرأ كثيرون أهمية دور بنزيما مع خطة كالتي كان يلعب بها زين الدين زيدان، فالأخير عندما لا يتواجد إيسكو كان يلعب في فترته الأولى دون صانع لعب حقيقي في المناطق الأمامية بل يلجأ لمنظومة عامة من تدوير الكرة بين اليمين واليسار لإفساح المجال لإيصال الكرة لمارسيلو أو كاربخال على الجانبين لإرسال عرضية من وضعية جيدة تنتظر رأس رونالدو .. كانت الحاجة واضحة لبنزيما لملئ الفراغ الشاعر في المنطقة حول منطقة الجزاء وكذلك لمنح رونالدو الفرصة والوقت للدخول في منطقة الجزاء دون ترك فراغ في الجبهة اليسرى كان يشغله بنزيما. كل ذلك مع حقيقة مهمة تغافل عنها كثيرون وهي أن بنزو لعب طنًا من المباريات دون توقف ودون راحة حتى مع تقدمه في العمر.

GettyImages-1184808425

لذلك هنا إجابة السؤال .. هل أخطأ كثيرون التقدير بشأن كريم بنزيما؟ الإجابة قد لا تكون نعم بوضوح فبعض التحفظات كانت ذات أساس، أما الخطأ الحقيقي فكان في ردة الفعل تجاهه وسحقه معنويًا دون ضم ريال مدريد لبديل آخر وهي المهمة التي كانت صعبة أصلًا، فما هذا النادي الكبير المجنون الذي سيتخلى عن مهاجمه الأساسي في عصر ندر فيه المهاجمين المميزين في أوروبا.

وإن لم تُقنعك كل هذه الكلمات فلا بأس، لكن عليك أولًا أن تقنع فلورنتينو بيريز بدفع ربع مليار يورو على الأقل لشراء هاري كين أو كيليان أو مبابي، وإن فشلت في إقناعه أو لو لم يكن يمتلك المال الكافي فإن عليك أن ترضى بما قسمته الأقدار لك وهي لعمري ليست بالقسمة القليلة.