كرة القدم جميلة، يمكننا أن نقول أنها الشيء الوحيد الذي اتفق عليه جميع شعوب العالم أجمع، اللعبة التي لا تعترف باختلاف اللغات، الألوان أو الأديان، تاريخ وذكريات عظيمة ولكنها كانت قاسية ومؤلمة أحياناً.

29 مايو 1985 .. يوم أسود في تاريخ كرة القدم

اليوم التاسع والعشرين من شهر مايو عام 2019 يوافق الذكرى رقم 34 لحادثة هيسل، أحد الأيام السوداء في تاريخ كرة القدم، وقعت حادثة مؤملة راح ضحيتها 39 شخصاً لقى متحفهم وأصيب أكثر من 600 شخص.

الحادثة وقعت قبل ساعة تقريباً من بداية نهائي دوري أبطال أوروبا بين ليفربول الإنجليزي ويوفنتوس الإيطالي على ملعب هيسل بالعاصمة البلجيكية بروكسل.

المباراة المنتظرة دائماً بين مشجعي كرة القدم في جميع أنحاء العالم كتبت ذكرى مؤلمة في تاريخ اللعبة فاجعة عرفت ب “الساعة الأسوأ في تاريخ منافسات كرة القدم الأوروبية”.

ماذا حدث بالضبط حينها؟

في الساعة السابعة مساءاً بتوقيت بلجيكا، أى قبل حوالي ساعة من بداية المباراة بدأت المشاكل بتوافد جماهير يوفنتوس وليفربول على الملعب بإعداد كبيرة وعلى بعد ياردات بينهما كان يفصلهما فقط سور حديدي مع تواجد قليل من رجال الشرطة.

جماهير يوفنتوس تتواجد في المنطقة التي يفترض أنها محيادة ومخصصة للجماهير البلجيكية ويتواجد بجانبها جماهير ليفربول ، ولا يفصل بين الطرفين سوى سياج حديدي وبعض رجال الشرطة.

التوتر يتطور إلى تبادل بإطلاق الحجارة التي تحصل عليها الجماهير من الإسمنت المتهالك في مدرجات الملعب، العنف يزداد والأجواء تصبح مخيفة.

انفجر الملعب، جماهير ليفربول تخترق السياج الحديدي وتجتاز رجال الشرطة وتندفع نحو جماهير يوفنتوس، التراشق بالحجارة يتحول إلى قتال شوارع، جماهير يوفنتوس تهرب نحو الجدار العلوي للملعب، الضغط يزداد والجماهير تصرخ طالبةً للنجدة والشرطة لا تستطيع السيطرة على الأجواء… الآن يقع المحظور، جدار الملعب ينهار جراء ضغط الجماهير المتراكمة، والنتيجة أن يفارق 39 شخصاً الحياة معظمهم من جماهير يوفنتوس، مع جرح 600 شخصاً آخر.

بعدها قرر المسؤولون بالحكومة البلجيكية استئناف المباراة خوفاً من وقوع أى أحداث أخرى على أثر إلغائها، ولعبت بالفعل وفاز يوفنتوس على
ليفربول بهدف نظيف.

الاتهام بالقتل غير المتعمد

حتى وقتنا هذا المحرضون على العنف والسبب الرئيسي في هذه الفاجعة غير معروفين حسب التقارير التي خرجت من الشرطة البلجيكية، الأمر الذي استغلته بعض وسائل الإعلام الإنجليزية لتطلق على ليفربول لقب الضحية في مؤامرة دموية.

ولكن كانت هناك اتهامات واضحة ضد الجماهير الإنجليزية، حيث أكد السيد جونتر شنايدر مراقب المباراة أن جماهير ليفربول هى السبب الرئيسي في هذه الفاجعة وأنهم هم المسؤولين فقط عما حدث.

عكس الحكومة البلجيكية والحكم التي صدر من أحد كبار القضاة في البلاد السيدة “مارينا كوبيتيرز” التي رفضت إلقاء الاتهامات على الجماهير الانجليزية فقط واتهمت أيضاً الشرطة البلجيكية والقائمين على تنظيم المباراة بالتقصير وسوء التصرف الذي أدى إلى مقتل 39 شخصاً، لتصبح التهمة الوحيدة في القضية هى تهمة القتل غير المتعمد.

في عام 1987 تحديداً في شهر مارس، اشتركت الصحافة البريطانية في التحقيق بالواقعة ونشرت الصحافة صور 26 شخصاً متورطين في الحادثة، وتم التحقيق معهم بالعاصمة الإنجليزية لندن قبل أن يتم تسليمهم للسلطات البلجيكية في شهر سبتمبر من العام نفسه.

وفي أكتوبر عام 1988 بدأت المحاكمة، وتم توجيه اتهام بشكل رسمي لكلاً من ألبيرت روسينس رئيس الاتحاد البلجيكي بالإهمال والتلاعب في عمليات بيع تذاكر المباراة، وأيضاً للشرطي يوهان ماى وزميله مايكل كينسر اللذان كلفا وقتها بحماية الملعب.

وفي شهر أبريل من عام 1989 حكمت المحكمة على 14 من الجماهير الإنجليزية بالسجن لمدة 3 سنوات والسماح لهم بقضاء مدة العقوبة في لندن، الأمر الذي أغضب بعض السلطات البلجيكية التي استأنفت على الحكم، وصدر حكم جديد بحبس 11 من الجماهير الإنجليزية لمدة 5 سنوات، وتم إيقاف تنفيذ الحكم على الآخرين.

heysel

انتهاء جيل ليفربول الذهبي

أدت الكارثة إلى إيقاف الأندية الإنجليزية من المشاركة في البطولات الأوروبية لمدة عامين، وجاءت العقوبة أكثر قسوة على ليفربول العملاق الإنجليزي الذي تم إيقافه لمدة 5 أعوام تغير خلالها الكثير والكثير من الأشياء.

ليفربول الإنجليزي الذي امتلك وقتها جيلاً ذهبياً حقيقياً بقيادة الأيرلندي إيان راش وغيره من النجوم، نجح بالفوز بلقب دوري أبطال أوروبا 4 مرات في فترة زمنية قصيرة، أعوام 1977، 1978، 1981 و1984، تقع هذه الفاجعة عام 1985 ويغيب الردز عن التتويج باللقب لمدة 20 عاماً قبل أن يتوج مرة أخرى في نهائي إسطانبول الشهير عام 2005.

heysel 2

ماذا الآن؟ 

مرت 34 سنة كاملة و ما زال الأمرغامضاً حتى وقتنا هذا، والسؤال مستمر هل ليفربول كان الجاني الحقيقي أم ضحية مؤامرة دموية تسببت في نهاية جيل ذهبي في تاريخه وابتعاده عن منصات التتويج لمدة سنوات وسنوات.