Getty

موقع سبورت 360 – “شطحات كروية”، هي فقرة أسبوعية نهدف من خلالها إلى مناقشة وتفكيك بعض الأفكار غير المنطقية المنتشرة والرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع محاولة دحضها والرد عليها بأفكار جديدة وأدلة – تبدو من وجهة نظرنا – أقرب للواقع.

في منتصف الأسبوع المنصرم، حقق توتنهام هوتسبير المفاجأة وبخر أحلام مانشستر سيتي في التتويج برباعية تاريخية، ليتأهل الفريق اللندني إلى نصف نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا، رغم خسارته 3/4 على ملعب “الاتحاد” في إياب ربع النهائي.

وفشل بيب جوارديولا في التأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة على التوالي، لتتسرب إلى مسامعنا بعض الآراء الغريبة من قبيل؛ إنه مجرد مدرب صغير تم تضخيمه إعلامياً، صنعه ميسي وساهمت اليويفا في ألقابه، إنه المحظوظ الذي وجد فريقاً متكاملاً يمكن لأي طفل صغير أن يغزو به العالم، أليس كذلك؟ إنها أمور لن تقرأها في مواقع التواصل الاجتماعي إلا كلما خسر الفيلسوف الإسباني بأي حال.

لكن لماذا جوارديولا بالضبط؟ لماذا لا نسمع مثل هذه الخزعبلات عن البقية؟ لماذا لم يخبرنا أحد أن أنشيلوتي مدرب صغير استفاد من الجيل التاريخي لميلان علماً بأنه حقق 3 ألقاب للدوري حتى الآن في ربع قرن من التدريب؟! لماذا لا نسمعه عن السير أليكس فيرجسون الذي لم يحقق سوى لقبين في دوري الأبطال خلال 30 سنة أمضاها وهو جالس على مقاعد التدريب؟!

صنعه ميسي وبرشلونة؟

يميل الكثيرون إلى التأكيد على أن جوارديولا صنعه برشلونة، أو صنعه ميسي الذي صنع برشلونة، وهذا رأي مخالف للمنطق في رأيي، فالفريق الكتالوني عانى الأمرين قبل وصول المدرب الإسباني، لدرجة أنه غاب عن منصات التتويج لعامين، كما كانت منظومة البارسا طافحة باللاعبين غير المرغوب فيهم، وهو ما يؤكد أن بيب لم يستلم فريقاً جاهزاً.

GettyImages-473066196 (1)

ثم ماذا عن إسهاماته الشخصية الواضحة في القائمة مثل بيكيه وبوسكيتس وبيدرو، وماذا عن أرقام ميسي التي ازدادت تحت قيادته موسماً بعد آخر؟ صحيح أن البولجا قبله كان موهبة فذة لكنه لم يصل بأي حال من الأحوال إلى تلك المرحلة من التوحش، ودعوني أخبركم بأنه سجل 42 هدفاً في 4 مواسم قبل قدومه مقابل 38 هدفاً في أول موسم مع بيب فقط، وأن هذا الرقم استمر في التصاعد إلى أن بلغ 73 هدفاً في موسم 2011/2012 الأخير لجوارديولا في كتالونيا وهو الرقم الأعلى في مسيرة ميسي حتى الآن.

هذا هو ميسي الذي لا يحتاج لمدرب في برشلونة، ولكنه إن فشل في منتخب الأرجنتين فالمشكلة تكمن في خورخي سامباولي، وهذا هو ميسي الذي صنع جوارديولا وأنقذ فالفيردي ولكنه أخفق في صناعة مواطنه تاتا مارتينو لأنه لاعب عادي!!!

الأموال وحدها لا تكفي؟

إذا أخبرت منتقدي بيب جوارديولا بأن هذا الأخير يعتبر أفضل مدرب في العالم من حيث تطوير قدرات اللاعبين داخل أرضية الملعب، فإنهم سيقولون لك – وكأنهم لُقنوا الجواب – بأن الإسباني يصرف ملايين اليوروهات للتعاقد مع أجود اللاعبين في العالم، وهو كلام غير دقيق ولا يعبر عن الحقيقة كاملة.

فمانشستر سيتي فريق اعتاد على صرف الأموال الطائلة في سوق الانتقالات منذ بداية العقد الجديد، ما يعني أن دفع تلك الملايين لا علاقة له بجوارديولا، كما أن هذا الأخير اعتاد على اللجوء للاعبي المدرسة وهو أمر تجلى أكثر في فترته مع برشلونة وأيضاً أثناء قيادته لبايرن ميونخ (جوشوا كيميتش خير دليل).

بالإضافة إلى هذا، فإن بيب جوارديولا لا ينفق تلك الأموال على ليونيل ميسي أو كريستيانو رونالدو مثلاً، بل على لاعبين يخدمون أسلوبه الهجومي، وهو ما يدفع إدارة مانشستر سيتي لصرف مبالغ كبيرة من أجل ضمان إغلاق تلك الصفقات بسرعة، حتى يتمكن هؤلاء اللاعبون من المشاركة في الفترات التحضيرية والجولات الصيفية استعداداً لبداية الموسم.

والآن ومع كل ما قدمه جوارديولا لكرة القدم، فإن الرجل مُطالب بالاحترام من البعض، ليس فقط من أجل الأساليب المعقدة والطرق الحديثة في اللعب، بل بالنتائج أيضاً، فهو جمع بين الجانبين وبغض الطرف عن الجودة والمال المتاح، فمن سوء طالع بيب أن إيمريك لابورت (أحد أفضل لاعبي السيتي هذا الموسم) لم يجد سوى مباراة توتنهام ليرتكب فيها هفوتين، فلولا هذ الأخطاء الفردية لوصل مانشستر سيتي لنصف نهائي البطولة وقد يظفر بها، لكن لا مشكلة، فحتى القمر يظهر في معظم الأوقات غير مكتملاً.