كارلو أنشيلوتي - ريال مدريد - الدوري الإسباني

سبورت 360 – من الصعب القول أن مدرب بخبرة وبراعة كارلو أنشيلوتي غير مدرك لمشكلة فريقه الحقيقية في مناسبات عديدة هذا الموسم، لكن في الوقت ذاته، لا يمكنك كمحلل أداء أو حتى كمشاهد متعمق في التفاصيل تجاهل القرارات الغريبة التي يتخذها المدرب الإيطالي أحياناً.

ريال مدريد خسر يوم أمس مباراة الكلاسيكو ضد الغريم التقليدي برشلونة، رغم أن كل التوقعات كانت تصب في مصلحته للخروج بنتيجة إيجابية، في ظل الفترة الصعبة التي يمر بها البرسا، والغيابات المهمة في صفوفه.

وبات واضحاً أن ريال مدريد يعاني بشدة هذا الموسم ضد الفرق التي تلعب بدفاع متكتل وتحاول إغلاق المساحات بشكل كامل، وتنجح في الحد من خطورة فينيسيوس جونيور عبر عدم السماح له بأن يكون في موقف واحد ضد واحد، وهذا تماماً ما فعله برشلونة بالأمس، وما فعله أتلتيكو مدريد أيضاً في المباراة الأخيرة بالليجا، والعديد من الفرق الإسبانية هذا الموسم طبّقت هذا الأسلوب وصمدت ببراعة ضد الريال.

أنشيلوتي يعتقد أن مشكلة ريال مدريد تكمن في خط الوسط

لسبب غير مفهوم، كارلو أنشيلوتي مقتنع تماماً أن مشكلة ريال مدريد ضد الدفاع المتكتل هي في خط الوسط، لكن هذا الاعتقاد خاطئ تماماً، لأن الفريق لم يواجه أي مشكلة في السيطرة على وسط الميدان والتحكم في نسق اللعب، سواء في الديربي أو الكلاسيكو، فقد كان مسيطراً على الملعب تماماً في كلتا المباراتين، وهذا يعود إلى أن الخصم لا يمانع ذلك بالأساس، طالما أنه سيغلق المساحات عليه في آخر 20 متراً.

في مباراة الديربي، أنشيلوتي قرر تغيير خط الوسط بشكل كامل في منتصف الشوط الثاني، وهو الأمر الذي لم يحسن بتاتاً أداء الفريق على الصعيد الهجومي، بينما جاء هدف التعادل بعد دخول المهاجم الشاب ألفارو رودريجز الذي استغل طوال قامته بتسجيل هدف من كرة رأسية.

وتكرر الأمر ذاته في مباراة الأمس ضد البرسا، حيث قام أنشيلوتي بتغيير خط الوسط مرة أخرى بإشراك أوريلين تشواميني، وإعادة فالفيردي لوسط الملعب بعد إشراك رودريجو، والنتيجة كانت لا شيء حرفياً، فالأمر لم يختلف عما كان عليه، لأن هذه التغييرات لم تعالج المشكلة الحقيقية للفريق، والتي هي عدم القدرة على الاختراق في الثلث الأخير من الملعب، والتي أساسها غياب الكثافة الهجومية.

لو راجعنا جميع عرضيات ريال مدريد في الديربي والكلاسيكو، سنجد أنها كانت تُرسل للاعب واحد فقط، إما كريم بنزيما أو فينيسيوس جونيور أو فيديريكو فالفيردي، وفي بعض الأحيان يكون هناك لاعبين ثنين داخل الصندوق، وفي أحيان أخرى لم يكن هناك أي لاعب، وبالتالي، لا يمكنك أن تسجل هدف بكثافة منخفضة كهذه، بل لن تتمكن من صناعة فرصة محققة للتسجيل.

استراتيجية جود لاعب واحد في منطقة الجزاء أو لاعبين اثنين بحد أقصى، يمكن أن تنجح فقط عندما يكون خصمك يهاجم ويترك المساحات خلفه، مثل مباراة ليفربول على سبيل المثال، بينما لن تكون فعالة بتاتاً ضد فرق قررت أن لا تهاجم إلا عن طريق المرتدات.

راجع مباريات ريال مدريد المحلية الأخيرة، وستجد أن معظم الأوقات يكون مهاجم واحد داخل الصندوق وسط غابة من مدافعي الخصم، والمعضلة الأكبر أن أنشيلوتي لا يحرك ساكناً تجاه هذه الأمر، لدرجة تُشعرك أنه لا يفهم أين المشكلة ولماذا لا يُسجل فريقه.

في لقاء الكلاسيكو بالأمس مثلاً، بدلاً من فوضى التبديلات التي افتعلها أنشيلوتي، كان يمكن ببساطة الدفع بمهاجم إضافي يحرر فينيسيوس وكريم بنزيما، والبعض سيقول أن هذا ما فعله بالفعل بإقحام رودريجو، لكن في واقع الأمر المهاجم البرازيلي شارك بدلاً من فالفيردي الذي هو بالأساس مهاجم، بمعنى أوضح أن الفريق كان يهاجم بثلاثة لاعبين، وظل يهاجم بثلاثة لاعبين، وواحد منهم يدخل الصندوق، ضد فريق يُمركز 6 لاعبين داخل منطقة الجزاء.

لكي ينجح ريال مدريد بخلخلة الدفاعات من هذا النوع، يحتاج لمهاجم إضافي في العمق، والأهم من ذلك أنه بحاجة لنزعة هجومية أكبر من لاعبي خط الوسط، شيء كالذي كان يفعله كاسيميرو مع زين الدين زيدان عندما يقتحم منطقة الجزاء ويتحول لرأس حربة دون سابق إنذار، وهو أمر لا نراه بتاتاً مع كارلو أنشيلوتي.

لوكا مودريتش مثلاً في الامس كان لاعب حر في خط الوسط في ظل وجود كامافينجا وتوني كروس في المحور، لكن ما الفائدة التي جناها الفريق من النجم الكرواتي؟ في الحقيقة لا شيء، لأن مودريتش لم يهاجم المساحة بتاتاً، وكان دائماً يريد استلام الكرة قبل خطوط برشلونة الدفاعية وليس بينها أو خلفها، وهو الامر الذي ينطبق على كامافينجا وكروس وتشواميني وسيبايوس وفالفيردي وأي لاعب خط وسط في ريال مدريد، وهذا كله بسبب تعليمات أنشيلوتي وليس بسبب اللاعبين.

لاحظ عندما يكون مانشستر سيتي او مانشستر يونايتد أو بايرن ميونخ أو حتى برشلونة نفسه يواجه فريق يلعب بدفاع متكتل، تجد أن معظم لاعبي خط الوسط أصبحوا قريبين من منطقة الجزاء أو اقتحموها بالفعل، بينما ريال مدريد يرفض اللعب بهذه الشراسة إلا في الخمس أو العشر دقائق الأخيرة، ويضيع باقي المباراة بتمرير الكرة برتم بطيء وانتظار حركة ابداعية من فينيسيوس جونيور.