موقع سبورت 360 – “شطحات كروية”، هي فقرة أسبوعية نهدف من خلالها إلى مناقشة وتفكيك بعض الأفكار غير المنطقية المنتشرة والرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع محاولة دحضها والرد عليها بأفكار جديدة وأدلة – تبدو من وجهة نظرنا – أقرب للواقع.

انفعل ساديو ماني، مهاجم نادي ليفربول، على مدربه يورجن كلوب، على خطوط ملعب “الترف مور” الخاص بنادي بيرنلي، أثناء انتصار الريدز بثلاثة أهداف نظيفة على الفريق المحلي ضمن الجولة الرابعة من الدوري الإنجليزي، يوم السبت المنصرم.

ولم ينتج انفعال السنغالي من قرار تبديله في الدقيقة 90، بل من الشكوى العلنية أمام مدربه من “أنانية” زميله في خط هجوم ليفربول، محمد صلاح، والذي لم يمرر له عدد من الكرات خلال اللقاء، كان آخرها فرصة في الدقيقة 86 سانحة للتسجيل، أهدرها الفرعون المصري بتفضيله للمراوغة.

وتُعيدنا الواقعة إلى الوراء، وبالضبط إلى الموسم قبل الماضي، عندما انتقل صلاح إلى ليفربول قادماً من روما، ليُصبح النجم الأول، وهو ما قلل من الحديث عن أدوار ماني المهمة مع أحمر الميرسيسايد.

ومنذ ذلك الوقت، تكونت مخاوف كبيرة لدى جماهير ليفربول بشأن إمكانية حدوث خلاف بين المهاجم المصري والجناح السنغالي، حيث رسم المتابعون على مواقع التواصل الاجتماعي، نظريةً مفادها أن النجمان يغاران من بعضهما البعض.

نار الغيرة:

لم تمر خسارة جائزة أفضل لاعب إفريقي عامين متتاليين، مرور الكرام على ماني، الذي فشل مرتين في الفوز بها بسبب الدولي المصري محمد صلاح، خاصة وأن أسد التيرانجا قدم مستويات استثنائية في آخر موسمين، لا سيما في المواجهات الحاسمة، بينما تراجع مردود صلاح قليلاً خلال الموسم الماضي.

ويخشى ماني خسارة الجائزة الإفريقية للعام الثالث على التوالي، لذا يسعى بكل ما لديه لضمان الفوز بها، خاصة وأنه نجح في الوصول إلى نهائي كأس أمم أفريقيا، في الوقت الذي ودع فيه صلاح البطولة من الدور ثمن النهائي.

ويمكننا أن نستعيد تفاصيل الهجمة التي قادها ماني ضد توتنهام هوتسبير خلال الموسم الماضي، وكان صلاح متاحاً في وضع مناسب أمام المرمى، إلا أن السنغالي انتظر قليلاً حتّى يمرّر للغيني نابي كيتا الذي أهدر فرصة التسجيل.

في المقابل، شعر محمد صلاح بأن ساديو ماني أصبح النجم الأول في الفريق بعدما قدم مستويات رائعة بالموسم الماضي، خاصة وأن أهداف الدولي السنغالي كانت حاسمة في أغلب الأوقات، عكس أهداف “أبو مكة” التي تأتي حينما يتفوق الريدز برباعية أو خماسية على خصومه.

وتجلت فردية النجم المصري صلاح في فترات عديدة من الموسم الماضي وهذا الموسم، حيث يفضل الاحتفاظ بالكرة والتسديد على المرمى بدلاً من التمرير لزملائه، وهو ما أثار استهجان مشجعي ليفربول الذين وقف أغلبهم في صف ماني.

دور ألماني:

ويأمل أنصار ليفربول ألا تتعمّق الأزمات بين محمد صلاح وساديو ماني، وألا يلجأ كل منهما للأنانية المفرطة أمام المرمى، خاصة وأن الفريق يسير على الطريق الصحيح ويتصدر جدول ترتيب الدوري الإنجليزي.

وسيكون للألماني يورجن كلوب، دور كبير في تخفيف حدة التوتر بين اللاعبين، إذ من المتوقّع أن يجتمع بهما للتأكيد على أهمية اللعب الجماعي، وعدم اللهث خلف الإنجازات الفردية، والتي من شأنها زعزعة استقرار ليفربول.

FBL-ENG-PR-SOUTHAMPTON-LIVERPOOL

وينبغي على المدرب الألماني أن يتعامل بحزم مع اللاعبين الاثنين، اللذين يتحتم عليهما الاتعاظ من سلوك زميلهما روبرتو فيرمينو، الذي لا يهمه عدد الأهداف المسجلة باسمه، بقدر المساهمة الفعلية التي يقدمها لمنظومة يورجن كلوب.

الأكثر أنانية:

خلال الشهر المنصرم، تحدث محمد صلاح عن علاقته بساديو ماني وروبرتو فيرمينو، وأهميتهم بالنسبة للفريق الأحمر، مشيراً إلى أنهم يلعبون ضمن جهد جماعي، يعمل من خلاله جميع لاعبي الفريق بجد.

وأكد صلاح أن الأهم هو استمرار الفريق في الفوز، وأن الأهداف سوف تأتي، مشيراً إلى أنه لا يفكر فقط في تسجيل الأهداف، وإنما تأدية كل أدواره كلاعب جناح، ومنها صناعة الأهداف، وإعطاء التمريرات الحاسمة لزملائه.

في المقابل قال ساديو ماني في مقابلة سابقة: “هذا النوع من الأشياء يحدث في كرة القدم، لا يهم إذا كنت أسجل أم لا، ما دام أن الفريق يسجل، يريد بعض الناس أن يقولوا عنها منافسة، وأعتقد أن هذا ما يجعل كرة القدم مثيرة للغاية (المنافسة)، لكنها لا تهمني حقاً”.

ويرى عشاق كل طرف أن الطرف الآخر هو الأكثر أنانية، مستشهدين بلقطات كثيرة من الموسم الماضي وهذا الموسم، لكن الحقيقة هي أن كلا اللاعبيْن يعانيان من غيرة قاتلة، وقد تثمر هذه الغيرة عن وابل من الأهداف لليفربول في المواجهات القادمة، أو تلقي طعنة صديقة بسبب سعي الثنائي للمجد الشخصي.