جوزيه مورينيو (Getty Images)

اهتز عالم كرة القدم بعودة جوزيه مورينيو إلى عالم التدريب من بوابة الدوري الانجليزي وتحديداً مع   توتنهام . الجميع يريدون متابعة السبيشل وان وكيف سيبلي مع فريق مختلف نسبياً عما اعتاد قيادته سابقاً . فتوتنهام ليس بفريق كبير ولا هو بصغير بل يمكن وصفه بـ ” ثلاثة أرباع الفريق الكبير” بناء على كرة القدم التي يقدمها والنتائج التي يحققها في السنوات الأخيرة. ولم يتوقف الترقب حول النتائج داخل أرضية الملعب بل امتد ليشمل سلوك جوزيه مورينيو وهو الأكثر إثارة للجدل واستقطاباً للكاميرات في السنوات الماضية.

وفعلاً لم يخيب مورينيو الظن ، فعلى صعيد النتائج حقق الفريق بقيادته ثلاثة انتصارت ، اثنان في الدوري وآخر في الأبطال أمام أولمبياكوس . وهذا الانتصار الأخير تحديداً كان مثيراً للغاية لأنه جاء بعد تأخر بهدفين نظيفين . لكن سلوكه في المؤتمرات الصحفية كان أكثر إثارة ولفتاً للانتباه لأننا رأينا جوزيه مورينيو مختلفاً كلياً عما عهدناه في الفترة الأخيرة . مورينيو هادئ ولطيف وقريب من لاعبيه وذو كاريزما عالية بشكل مشابه لما كان عليه في بداياته اضغط هنا لقراءة مقال الزميل سامر جرادات حول الموضوع   لكن بنسخة أكثر نعومة ولطفاً وتفهماً حتى .

في المؤتمرات الصحفية التي أجراها السبيشل وان سواء قبل أو بعد اللقاء  شدد أكثر من موضوع الماضي . فأكد تاره بأنه تعلم من الأخطاء وسيرتكب أخطاء جديدة . وفي حديثه قبل لقاء مانشستر يونايتد أكد بأن تدريبه للفريق الأحمر حقبة هامة تدرج في سجّله التدريبي وباتت من الماضي الذي تعلم منه الكثير مقتبساً من الراحل نيلسون مانديلا حيث قال : ” مانشستر يونايتد فصل مغلق بالنسبة لي . لقد تركت النادي وأخذت  كل وقتي في هضم واستيعاب كل ماحدث. أخذت وقتي أيضاً لأحضر نفسي للتحديات القادمة. وصراحة أقول مانشستر يونايتد بالنسبة بات في سجل خبرتي التدريبية ، جزء من تاريخي وشخصيتي . وهنا أقتبس من نيلسون مانديلا الذي قال ، انت لا تخسر أبداً ، إما أن تفوز أو تتعلم . وفي اليونايتد فزت وتعلمت.”

واضح تماماً أن ماضي السبيشل وان بات عبئاً عليه بمقدار ما هو أحد أهم أصول جوزيه مورينيو وأكثر ما يملكه قيمة والسبب الأساسي لكونه يعمل. لأن معاناته مع اللاعبين والإدارات في آخر ثلاثة تجارب خاضها (ريال مدريد – تشلسي – مانشستر يونايتد) وخروجه مطروداً بعد أن سبب مشاكل أكثر مما حل جعلت فترة بقائه بلا عمل تمتد إلى 11  شهراً وهي المرة الأولى منذ أن سطع نجمه مع بورتو. عنجهيته وأنانيته التي كانت تظهر بوضوح للعيان وباتت مزعجة للإدارات بقدر ماهي شهية للإعلام هي أكثر ما فهمه مورينيو في فترة التوقف وهو ما يشير له دائماً في معظم مؤتمراته الصحفية خصوصاً عندما يوضع في مواجهة مع هذا التاريخ كما هو الحال عندما يلعب ضد اليونايتد .

باستعماله للغة ملطفة للغاية ودبلوماسية يوضح مورينيو للجميع أنه فهم الدرس . وأنه بات أنضج وأكثر تواضعاً وتقبلاً للذات وللآخرين ولم يعد مهتماً بالصدامات الإعلامية الفارغة دون أن يفقد ذكاءه وسرعة بديهته وهو ما شاهدناه في إجابته عن سؤال حول ما قاله للاعبين خلال شوطي مباراة أولمبياكوس كما هو موضح بالفيديو أدناه :

مورينيو الذي طالب الجميع بحضور المسلسل الوثائقي من أمازون أكد بوضوح أن هناك حاجة للنسخة اللطيفة منه وأن اللاعبين بحاجة للحب والعطف أحياناً أكثر من الغضب والانتقاد . نسخة يؤكد مورينيو بأنها فاجآته هو شخصياً لكن ذلك غير صحيح . كل ما قام به مورينيو كان مقصوداً وكان يعرف تماماً ماذا يفعل . لا مورينيو غاضب ومنفعل بعد الآن ..خصوصاً في بدايات عمله مع توتنهام ، لابد أن يكون كل شيء جديداً كلياً من ناحية التعامل مع اللاعبين . صدمة اللطف في البداية هذه ستجعلهم في صفه وربما لآخر يوم عمل له مع الفريق .

هذا التجديد في شخصية مورينيو وضح تماماً في اعتذاره من إريك داير لتبديله خلال لقاء أولمبياكوس كما هو موضح في الفيديو أدناه .

جوزيه مورينيو طلب السماح من داير  لاستبداله في الدقيقة  30 وهو ما يحدث للمرة الأولى في مسيرته ، وشرحه بوضوح الأسباب الفنية لقراره هذا يعطي رسالة واضحة بأنه جاء ليركز على الملعب  ، وكل ما يفعله هنا هو لمصلحة الفريق وليس. تواضعه في طلب الصفح من لاعبه يؤكد أيضاً أن مورينيو المغرور والمتعالي والصعب المراس بات من الماضي والموجود حالياً هو النسخة اللطيفة التي تحدث عنها سابقاً هي التي ستستمر. زوما شكره لحامل الكرات أيضاً اعتباره السبب في تسجيل الهدف الثالث وتحويله لبطل إعلامي إلا في هذا السياق أيضاً. لكن هذا الإيثار لا يعني أبداً أنه فقد أياً من مهاراته التدريبية. والأسباب الفنية التي أوردها في الفيديو أعلاه تؤكد بوضوح أنه استفاد حتى من عمله كمحلل في سكاي حيث رأى كرة القدم من وجهة نظر آخرى لم يتح له الوقت سابقاً ليركز عليها.

الخلاصة …جوزيه مورينيو يريد أن يثبت من خلال تجربته في توتنهام أنه تعلم فعلاً من أخطاء الماضي وهو سيركز على الملعب فقط وليس الصدامات والمعارك مع الفريق والإعلام. وحتى اللحظة يبدو ناجحاً والأمور تسير بشكل جيد . لكنها ثلاث مباريات فقط وليس هناك ضغوط كبيرة ..لكن ماذا لو اشتدت الضغوط ؟ هل ستبقى هذه النسخة المتفهمة والجميلة من مورينيو أم سنعود للسبيشال وان القديم ؟