فالفيردي وزيدان

لا يوجد ما هو أغرب من تدهور مستوى ريال مدريد وبرشلونة إلى هذا الحد بعد أن سيطرا على القارة العجوز خلال العقد الأخير، فيوم بعد الآخر يزداد وضعهما سوءاً، وأصبح جميع الخصوم يتجرؤون أمامهم لأن سقوطهم بات أمراً سهلاً وليس كما السابق.

ريال مدريد خسر يوم الأربعاء الماضي من باريس سان جيرمان بنتيجة عريضة وبدون الثلاثي الهجومي، ولم تحصل جماهير الغريم التقليدي برشلونة على وقت كافي للشماتة حتى تلقى الفريق هزيمة صادمة من غرناطة يوم أمس بهدفين نظيفين.

بداية كارثية لكبيري إسبانيا خلال الموسم الحالي، وهناك العديد من النقاط السلبية التي يتشابهان بها مثل عدم قدرة المدربين زين الدين زيدان وإرنستو فالفيردي على إيجاد حلول تكتيكية لإخراج فرييقهما من هذه الأزمة، بالإضافة إلى سوء التخطيط من قبل إدارتي النادي خلال السنوات الماضية.

لكن هناك العديد من الفروقات أيضاً، فما يعيشه ريال مدريد الآن مختلف تماماً عن ما يمر به البرسا، وهناك 5 نقاط توضح هذه المسألة:-

ريال مدريد في مرحلة إحلال وتجديد

هناك فارق كبير بين مشروع برشلونة وريال مدريد، صحيح أن النادي الكاتالوني يحضّر لفترة ما بعد ليونيل ميسي وأبرم العديد من الصفقات المهمة للمستقبل، لكن الهدف أيضاً هو رفع الجودة بشكل فوري وتحقيق لقب دوري أبطال أوروبا الذي تم إهداره في المواسم الماضية بسبب تفاصيل صغيرة.

على الجهة المقابلة، تركيز ريال مدريد لا ينصب على الموسم الحالي ولا حتى على الموسم القادم، القرارات المتخذة هدفها بناء فريق جديد لأعوام قادمة بعد أن تم استهلاك الفريق الحالي على مدار 5 سنوات، وتحقيق كل شيء ممكن.

ريال مدريد من إدارة وجماهير ولاعبين وجهاز فني لا يتوقعون الكثير في الموسم الحالي، والهدف الرئيسي هو إحلال وتجديد الفريق بشكل تدريجي على مدار أكثر من عام، لحين الوصول إلى تشكيلة مثالية قادرة فعلاً على المنافسة مستقبلاً، وهذا يتضح من كمية الصفقات الشابة التي قام بها النادي في السنوات الأخيرة.

مشكلة برشلونة ليست بالجودة

أحد أهم مشاكل ريال مدريد أن الفريق لم يعد يملك تشكيلة قوية، ولا حتى دكة بدلاء عميقة كما كان في السابق، العناصر الرئيسية تراجع مستواها بشكل كبير، وأهم لاعب بالفريق رحل قبل عام، أما الوافدين الجدد فهم ما زالوا لم يصلوا لدرجة النجومية المطلوبة في نادي بحجم الريال، باستثناء إدين هازارد.

يمكننا القول أن ريال مدريد بالفريق الحالي لا يملك فرص كبيرة للمنافسة، هناك مشاكل تكتيكية من زين الدين زيدان، وتخبط إداري في بعض القرارات، لكن المشكلة الرئيسية تكمن في أن إمكانيات اللاعبين محدودة بالوقت الراهن، ومن الواضح أن الفريق بحاجة لأكثر من صفقة كبيرة في المرحلة القادمة.

العكس تماماً بالنسبة لبرشلونة، فعندما تنظر لتشكيلته الأساسية وما يملكه من حلول على دكة البدلاء، تتعجب من مستوى الفريق والنتائج، جميع الخطوط تضم لاعبين من الأفضل في العالم، ومستوى العناصر الأساسية لم ينخفض بالشكل الذي حدث في الغريم التقليدي.

برشلونة دعّم صفوفه بلاعب مثل أنتوان جريزمان الذي يعد ضمن الأفضل في العالم بمركزه، رغم أنه يملك ثلاثي ناري من الأساس متمثل بليونيل ميسي ولويس سواريز وعثمان ديمبيلي، كما تم انتداب دي يونج الذي يملك إمكانيات كبيرة في خط الوسط، وبوجود لاعب مثل سيرجيو بوسكيتس وآرتور ميلو وحتى فيدال وراكيتيتش، يمكننا القول ان البرسا أصبح يملك خط وسط مثالي، والأمر نفسه ينطبق على خط الدفاع أيضاً، ففي كل مركز هناك لاعبين بمستوى من جيد إلى متوسط، أما حارس المرمى فهو يملك واحد من افضل 3 حراس في العالم، وبالتالي فلا يوجد مشكلة بالجودة أبداً.

تعامل الصحافة مع الأزمة

الصحف الموالية لريال مدريد لا ترحم أبداً، فحتى عندما كان يحقق الفريق إنجازات عظيمة، كان هناك دائما انتقادات وشكوك بمستوى الفريق عند أي فرصة سانحة لذلك، بينما ما زالت صحافة البرسا تتعامل مع النادي على أنه الأقوى في العالم، ورغم محاولات توجيه بعض الانتقادات لإرنستو فالفيردي وبعض اللاعبين بين الحين والآخر، إلا أنها لا تفرض ضغوط كافية لاتخاذ قرارات جذرية.

لطالما قلنا أن الصحافة الكاتالونية هي جزء من مشاكل برشلونة، ترفض تسليط الضوء على العديد من النقاط السلبية، ولا تبتدأ بالانتقادات أو الهجوم إلا عندما يصبح الأمر لا يطاق، في المقابل نشاهد الصحافة المدريدية لا تتوقف عن انتقاد الفريق واللاعبين والمدرب والإدارة وحتى الجماهير أحياناً لا تسلم من ذلك.

كل فريق قد يفاجئنا بطريقته الخاصة

عودة ريال مدريد وبرشلونة لقمة مستواهما خلال الفترة المقبلة ليس أمراً مستحيلاً، وربما نرى كلاهما يتوج بالألقاب في نهاية الموسم رغم الحالة المزرية التي وصلا لها الآن، لكن طريقة عودة كل منهما ستكون مختلفة تماماً لو حدثت.

رغم الانتقادات التي يتعرض لها زيدان في الوقت الراهن، لكن هناك اعتقاد سائد لدى الجميع تقريباً أنه قادر على مفاجئتنا بأي لحظة، خصوصاً في دوري أبطال أوروبا، فالفريق دخل في أزمات عديدة بالماضي ونجح المدرب الفرنسي بتجاوزها وحصد بالنهاية إنجازات لا تصدق، صحيح أن التشكيلة الحالية أقل جودة من التشكيلة الماضية، لكن باختصار لا مأمن من ريال زيدان.

الأمر نفسه ينطبق على برشلونة لكن بشكل مختلف، لأن الفريق الكاتالوني قادر بالفعل على الفوز بالألقاب ليس بفضل صحوة مدرب أو قدرته النفسية على التعامل مع المشاكل وغرفة خلع الملابس، وإنما بفضل براعة بعض اللاعبين، وبالأخص ليونيل ميسي وتير شتيجن.

برشلونة حقق ألقاب عديدة في السنوات الأخيرة بفضل الأفراد وليس المنظومة أو بعمل جماعي، ميسي وشتيجن وسواريز كانوا يخفون عيوب الفريق، وهم قادرين على فعل ذلك بالمرحلة القادمة، فهو امر وارد جداً.

الاختلاف في فقدان الثقة

نجوم ريال مدريد فقدوا الثقة بأنفسهم منذ الموسم الماضي، ونشعر دائماً أن الفريق يستعيد الثقة بين الحين والآخر، ومن الواضح أن زين الدين زيدان يعمل على ذلك في المقام الأول، في المقابل مشكلة الثقة في برشلونة مختلفة تماماً، لأن الفريق لم يفقد الثقة بنفسه بهذه الأسماء الموجودة، وإنما فقد اللاعبين الثقة بمدربهم على ما يبدو.

زيدان رغم أنه بدأ يسخر دعم الجماهير والصحافة، لكنه يحظى بثقة مطلقة من اللاعبين، والجميع مؤمن به في غرفة تبديل الملابس، والمشكلة متعلقة بانعدام الثقة للاعبين أنفسهم بقدرتهم على تجاوز هذه الأزمة، أما فالفيردي فوضعه أصعب قليلاً، اللاعبون ينظرون إليه على أنه المشكلة وليس الحل.