لا تمضى 24 ساعة دون أن نسمع أو نقرأ خبراً يتحدث عن مستقبل ماتيس دي ليخت مدافع أياكس الشاب والذي تتصارع عليه كبار أندية أوروبا، اللاعب ألمح لرحيله في عدة مناسبات، لكن حتى الآن لم يتم حسم وجهته القادمة.

في إسبانيا، يؤكدون أن اللاعب قريب جداً من برشلونة الذي سبق وأن تعاقد مع زميله فرينكي دي يونج مقابل 75 مليون يورو، بينما تصر الصحف الإيطالية أن يوفنتوس يملك حظوظ وافرة للحصول على خدمات اللاعب، والأمر نفسه ينطبق على الصحافة البريطانية التي تدعي استعداد مانشستر يونايتد لتلبية مطالب أياكس المالية.

اليوم انتشرت تقارير جديدة تتحدث عن دخول ريال مدريد على خط المفاوضات مع اللاعب، تم تداول هذا الخبر على نطاق واسع في وسائل الإعلام، وذلك في ظل التقارير التي تتوقع رحيل قائد الفريق سيرجيو راموس الذي تلقى عرضاً مغرياً من أحد الأندية الصينية.

قيمة دي ليخت في السوق تتراوح ما بين 70 إلى 100 مليون يورو، وهذا سعر مبالغ به جداً بالنظر إلى صغر سنه وقلة خبرته، بالإضافة إلى المركز الذي يشغله، فقلوب الدفاع بالعادة لا تصل أسعارهم إلى هذا الحد، حتى مع ارتفاع أسعار اللاعبين بشكل جنوني في الموسمين الماضيين، لا يوجد مدافعين بهذا السعر باستثناء 4 أو 5 أسماء فقط.

في الحقيقة، السعر لن يكون مشكلة للأندية الكبيرة، لأن سياسة السوق الجديدة تعتمد على شراء المواهب الشابة بأسعار مرتفعة، وذلك لتجنب شرائهم في سن 25 عام بسعر أعلى من هذا بكثير، كما يتيح ذلك بيع اللاعب بعد 4 أو 5 سنوات بسعر مرتفع.

لكن، هل دي ليخت من نوعية مدافعي الصف الأول؟ في الحقيقة هذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه بسهولة، فصحيح أنه حصل على جائزة أفضل لاعب شاب، لكن للأمانة نادراً ما نجد المحللين والصحفيين يتابعون الدوري الهولندي باستثناء مباريات القمة فقط، وبالتالي فإن متابعتنا للاعب تقتصر على مبارياته في دوري أبطال أوروبا.

دي ليخت لم يقدم أداء ممتاز في دوري الأبطال، بل أن نقطة ضعف أياكس والتي أطاحت به من البطولة هي خط دفاعه، وبالأخص من العمق، وعلى الأقل يتحمل المدافع الهولندي 20% من مسؤولية هذه المشكلة.

ومن خصائص دي ليخت، أنه لاعب ذكي في افتكاك الكرة ويملك قوة بدنية عالية، ويمتاز أيضاً بالقدرة على الخروج بالكرة تحت الضغط، لكنه بطيء بالتحرك، ونشعر أنه ثقيل أحياناً، كما لديه مشاكل واضحة في التمركز، وحتى لو دخلت إلى موقع يوتيوب لتشاهد أجمل لقطاته، لن تجد لقطات كثيرة تثير اندهاشك من مستواه، مثلما يحدث معنا عند مشاهدة لقطات لسيرجيو راموس وفيرجيل فان دايك وكوليبالي على سبيل المثال.

إذاً لماذا سعره مرتفع ومطلوب من أندية كبيرة ؟

أولاً، وبدون نقاش، لأن وكيل أعماله هو مينيو رايولا الذي جعل مانشستر يونايتد يتعاقد مع بول بوجبا مقابل 105 مليون يورو من يوفنتوس، ورغم أن بوجبا لاعب ممتاز، لكن الجميع يعلم أنه لم يكن يستحق هذا المبلغ، خصوصاً وأننا نتحدث عن الأسعار السابقة للسوق، أي قبل صفقة نيمار التي غيرت خارطة الطريق.

رايولا يعرف تماماً كيف يسوق لاعبيه، وكيف يجعلهم حديث وسائل الإعلام لأشهر طويلة، وطالما أن اسم اللاعب يذكر بشكل مستمر في الصحف، فطبيعي أن يرتفع سعره إلى هذا الحد، خصوصاً عندما يتم الترويج له على أنه أفضل مدافع صاعد في العالم.

النقطة الثانية والأهم برأيي، هي الهالة التي تحيط باللاعب بخصوص مسألة ارتدائه شارة قيادة أياكس رغم أن سنه 19 عام فقط، فجميع زملائه الأساسيين أكبر منه سنناً، وهذا ما لفت الأنظار إليه وجعل الأندية تثق بقدراته دون التمعن جيداً بإمكانياته الفنية.

من الواضح أن دي ليخت يملك شخصية جبارة جعلت المدرب يمنحه شارة القيادة في هذا السن الصغير، ويمكن استنتاج ذلك بسهولة من خلال تتبع سلوكه أثناء المباريات، فتشعر أنه يبلغ 30 عام عندما يعطي التعليمات لزملائه ويمارس دوره كقائد.

لا شك أن دي ليخت موهبة ممتازة، ويبدو أنه مدافع صاعد بقوة، لكنه ما زال لم يصل لمستوى نقول عنه أنه من أفضل المدافعين في العالم، لاسيما وأننا لم نشاهد منه الكثير بعد، فهناك قاعدة عامة في كرة القدم وهي أن المدافعين البارعين يظهرون في سن متأخر، أي بعد 23 عام، لأن رصد مدافع ممتاز ليس بالأمر السهل أبداً، ويتطلب ذلك متابعة مستمرة، ليس مثل المهاجم أو لاعب خط الوسط.

نأمل أن لا يتحول دي ليخت لفقاعة مثل لاعبين كثيرين حدث لهم هذا الامر في الأعوام الماضية، ونأمل أيضاً أن تتفاوض الأندية مع أياكس بشكل منطقي أكثر بخصوص قيمة الانتقال، دون تبخيس لقدراته والأهم دون المبالغة بما يمكن أن يقدمه.