ليلة الكامب نو .. سحر الشياطين ونحس البافاريين

محمد السعدي 21:26 24/03/2018
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • نهائي دوري أبطال أوروبا 1999

    تعتبر مباراة نهائي أبطال أوروبا عام 1999 الأشهر في تاريخ المسابقة لما شهدته من أحداث ،فوز تاريخي حققه اليونايتد لم يتوقعه أحد حيث قلب الشياطين الحمر هزيمتهم أمام بايرن ميونخ إلى إنتصار في لحظات حاسمة إغتالت أحلام البافاريين بالتتويج باللقب الأكثر رونقاً في القارة الأوربية على مستوى الأندية.

    أقيمت المباراة على ملعب الكامب نو في برشلونة بتاريخ 26 مايو 1999 ،إزدحمت شوارع المدينة بعشاق الفريقين وإمتلأت الفنادق ،ونشرت الصحف صوراً لمشجعي مانشستر يونايتد نام بعضهم في الشوارع وبعضهم لم يأمل شيئاً منذ وصولهم ..إرتفعت أسعار التذاكرفي السوق السوداء إرتفاعاً جنونياً ،قال أحد المشجعين الإنجليز أنه دفع 28 ألف باوند للحصول على تذكرة ولكن البائع أخذ المال ولم يعد.

    أثار حضور المشجعين الإنجليز قلق السلطات الإسبانية فنشرت 2000 عنصراً من قوات مكافحة الشغب في شوارع برشلونة لحفظ الأمن ومساعدة الشرطة المحلية لإحتواء حالات الشغب التي قد يقوم بها الهوليغانز الذين ملأوا الحانات..

    كان نهائي أبطال 1999 هو أول نهائي لا يخوضه فريق إيطالي منذ 8 سنوات،ولأهمية المباراة أسندت مهمة التحكيم إلى الحكم الشهير بيير لويجي كولينا.

    كان وصول البايرن إلى نهائي أبطال أوربا مذهلاً بعد فترة عدم إستقرار عاشها الفريق فقد خسر الدوري في الموسم الماضي لصالح كايزرسلاوترن ،ولم يفز ببطولة الدوري إلا مرتين خلال عامين ،وتصدرت فضائح لاعبيه ومشاكلهم صفحات الجرائد التي أطلقت عليه لقب “إف سي هوليوود” لكثرة سقطات نجومه التي كانت حديث الشارع الرياضي في ألمانيا آنذاك.

    حقق تراباتوني بطولة دوري وكأس مع البايرن ،لكن الرياح لم تجر بما تشتهي السفن ففي موسم 1998 وقبل المباراة أمام شالكه في الدوري دفع بمحمد شول ،توماس سترونز وماريو باسلر في التشكيلة الأساسية للفريق ،رفض الثلاثة اللعب بحجة الإصابة ،وأصروا على البقاء في حافلة الفريق قبل الوصول إلى الملعب ،أذعن المدرب لمطالب اللاعبين وأجلسهم على دكة الإحتياط.

    جن جنون تراباتوني بعد الهزيمة من شالكه وعقد مؤتمره الصحفي الشهير الذي تكلم فيه بالألمانية ،إنفجرغضب المدرب الإيطالي أمام وسائل الإعلام،وصف لاعبيه بعبوات مياه فارغة لا يجيدون إلا التذمر والشكاية،وقال أنه لهذا السبب لا ترغب الأندية الإيطالية بالتعاقد مع لاعبي الدوري الألماني،هاجم المدرب الغاضب محمد شول ،ماريو باسلر،وسترونز الذي قال عنه تراباتوني “سترونز ،لقد أمضى عامين هنا ولعب 10 مباريات ،إنه مصاب دائماً،يا لها من جرأة ،لقد أصبحنا أبطالاً في الموسم الماضي بوجودهامان ونيرلينغر،هؤلاء كانوا لاعبين وأصبحوا أبطالاً،إنه مصاب دائماً ،يجب إحترام زملائك لقد سئمت من الإعتناء بهؤلاء اللاعبين والدفاع عنهم،أنا ألقي اللوم دائماً على هؤلاء اللاعبين الأول هو ماريو ،الثاني هو محمد ،لن أذكر سترونز لقد لعب 25 بالمئة من المباريات “.أنهى تراباتوني كلامه وغادر القاعة مباشرة.

    رحل تراباتوني وحل الألماني أوتمار هيتزفيلد بديلاً عنه، وكانت مهمةهينزفيلد الصارم والملقب ب”الجنرال”الأولى التعامل مع الثلاثي المثير للمشاكل في بايرن ماتيوس _إيفنبيرغ _باسلر.

    كان ماتيوس الأب الروحي للكثير من اللاعبين ،لقبته الصحافة ب”الثرثار”أثار المشاكل داخل النادي ،ولم يتردد في التحدث للصحف عما يجري في الكواليس وغرف الملابس ،وعندما تعاقد البايرن مع يورغن كلينزمان إنتقده علناً ،وتضخم الخلاف بين اللاعبين إلى درجة أن ماتيوس تحدى كلينزمان لخوض مناظرة تلفزيونية مباشرة ،أثار ذلك غضب مدرب المنتخب الألماني بيرتي فوغتس الذي إستبعد من تشكيلة الفريق الذي توج ببطولة يورو 1996.

    لم يكن ماتيوس لاعب بايرن الوحيد الذي أستبعده فوغتس بسبب خلافات معه ،فقد إستبعد أيضاً ستيفان إيفنبيرغ الذي رفع أصبعه الأوسط للجماهير في مونديال 1996 ،وأثار المشاكل داخل وخارج الملعب ،وحصل على عدد كبير من البطاقات الصفر والحمر ،وكان باسلر الرجل الثالث السيء السمعة في النادي فرغم نجوميته إلا أنه كان قليل الإنضباط ،يدخن ويتراخى في التدريبات ،وعندما عين تراباتوني محققين خاصين لمراقبة لاعبي الفريق كان باسلر المشتبه الرئيسي.

    قال باسلر لشبكة إي إس بي إن :”خمسون بالمئة من اللاعبين يكرهونني ،إنه نفس الشيء بالنسبة للمشجعين ،نصفهم يرغب بإرسالي إلى القمر بدون تذكرة عودة”.”.

    أعاد هيتزفيلد الأمور إلى نصابها في بايرن ،إحتوى مثيري المشاكل ووصل ببايرن إلى نهائي دوري أبطال أوروبا 1999 بعد إقصاء دينامو كييف الأوكراني ليواجه مانشستر يونايتد الذي أقصى يوفنتوس في نصف النهائي،مواجهة الفريقين تكررت للمرة الثالثة في البطولة فقد كانا في المجموعة الرابعة التي عرفت بمجموعة الموت إلى جانب برشلونة الإسباني و بروندبي الدنماركي.

    لعب البايرن اللقاء بكتيبة ألمانية تكونت من 10 لاعبين وكان الغاني صامويل كوفور هو الأجنبي الوحيد في التشكيلة البافارية،إفتتح ماريو باسلر التسجيل مبكراًفي الدقيقة 6 لبايرن ميونخ من ضربة حرة سددها بإتقان في شباك بيتر شمايكل ،ضغط اليونايتد لتعديل النتيجة بلا جدوى ،دفع فيرغسون مدرب اليونايتد بالبديلين الإنجليزي تيدي شيرينغهام والنرويجي أولي غونار سولسكيارلتقليص الفارق وكان له ما أراد.

    بينما كان لاعبو وجماهير البايرن يستعدون للإحتفال بالتتويج سجل شيرينغهام هدفاً مفاجئاً في الدقيقة 91،وعلى الذهول وجوه لاعبي بايرن ميونخ وجماهيرهم ليعود سولسكيار ليخطف الفوز بعد دقيقتين بعد متابعة كرة شيرينغهام من ركنية متفنة نفذها ديفيد بيكهام ،سيطر بعدها الصمت والذهول على لاعبي ومشجعي بايرن ميونخ بينما إنفجرت دكة ومدرجات اليونايتد بفرحة هيستيرية .

    أصيب الجميع بالمفاجأة بما فيهم رئيس الإتحاد الأوربي لينارت يوهانسون الذي غادر مكانه في المقصورة الرئيسة لتسليم الكأس ،لم يعلم يوهانسون بالنتيجة فقد كان في المصعد ومر خلال عدة غرف وممرات داخل الكامب نو ،وصرح لاحقاً”لقد كنا في الداخل ولم نسمع شيئاً أبداً،بعدها رأيت ما يحصل على دكة الإحتياط وكنت مرتبكاً،ثم فكرت ذلك مستحيل الفائزون يبكون والخاسرون يحتفلون.”.

    زينت الكأس بشرائط تحمل ألوان بايرن ميونخ وعمل على ذلك السكرتير العام للإتحاد الأوربي لكرة القدم الألماني غيرهارد إيغنر الذي لم يصدق ما حصل ،قال إيغنر عندما أعلم بالنتيجة “هل أنتم مجانين؟.”.

    سقط لاعبو بايرن ميونخ أرضاً ،بكى صامويل كوفور بحرقة وضرب الأرض بيديه ،بينما ذهل ماتيوس مما حصل فقد ضاع منه لقب الأبطال الذي لم يفز به رغم مسيرته الحافلة ،غادر صامويل كوفور برشلونة مباشرة بعد توزيع ميداليات الوصافة وقال أنه لم يشاهد إعادة المباراة أبداً