ظلم كرة القدم.. كانتي ضحية العنصرية الأخرى!

محمود حمزة 16:55 04/09/2018
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • هلوسة كروية” سلسلة مقالات رياضية ساخرة لا تهدف سوى إلى رسم ابتسامة بسيطة على شفتي القارئ.. دون أغراض أخرى دنيئة! قد يراها البعض كوميدية ومضحكة، وقد يراها البعض الآخر تافهة وسخيفة.. كما أرى أنا! لكن يجب أن نتفق على أن هذه الفقرة بريئة جداً، لدرجة أن الباحث عن أدلة براءتها سيجد الكثير.. من أدلة الإدانة! لكنها حقًا لا تُكتب تأثرًا بمشاعر حب أو كراهية تجاه أي فريق أو لاعب، حتى وإن بدا أنها تحمل مشاعر كراهية وحقد.. تجاه الجميع!

    دائماً ما تبدأ الاعتراضات والانتقادات والسخرية بعد الإعلان عن المرشحين للفوز بجائزة فردية كبيرة، أو بعد الإعلان عن الفائز بها، يطالب المعترضون بإضافة هذا واستبعاد ذاك، وإذا تأملنا ما يطلبه معظمهم، سنجده مفعماً بنوع من العنصرية!

    يعاني كوكب الأرض من العنصرية أو التمييز العرقي، ولأن كرة القدم تُلعب على هذا الكوكب، بمشاركة لاعب أو أكثر من كوكب آخر! فمن الطبيعي أن تعاني كرة القدم أيضاً من التمييز العرقي، ولكن كرة القدم لا تعاني من التمييز على أساس العرق فقط، بل تعاني أيضاً من التمييز.. على أساس المركز! لأن للمراكز درجات مختلفة!

    هل أنت مهاجم أو جناح أو صانع ألعاب أو تلعب في أي مركز هجومي؟ إذاً من حقك أن تطمح إلى التصنيف ضمن أفضل لاعبي العالم، وأن تحلم بالفوز بالجوائز الفردية الكبرى، هل أنت لاعب وسط دفاعي أو مدافع؟ إذاً لا تطمع في أكثر من الإشادة بك! ولا تتطلع إلى الفوز بالجوائز التي يفوز بها اللاعبون الهجوميون، إنك لست مثلهم!

    يهاجم كثير من جمهور كرة القدم التمييز العنصري، ولكنهم يمارسون نوعاً آخر من العنصرية؛ إنها عنصرية المركز! ويرون أن الاختلاف كبير بين لاعب هجومي وآخر دفاعي، ومهما فعل اللاعب الدفاعي فلن يقترب من القمة التي يحتلها أصحاب المراكز الهجومية، حتى لو كان تأثيره في الملعب يفوق تأثيرهم!

    بعد الإعلان عن المرشحين لجائزة الأفضل من الفيفا، تساءل كثير من الناس: أين ليونيل ميسي؟ أين أنطوان جريزمان؟ أين كيليان مبابي؟ كلهم هجوميون! لماذا لا يقولون: أين نجولو كانتي؟! لا أقول إنه يستحق، أو إن اختياره منطقي، لأن الأمر كله بلا منطق! أو له منطق، ولكننا لا نعرفه!

    عندما فاز فابيو كانافارو بجائزتي الكرة الذهبية وأفضل لاعب في العالم في عام 2006، لم يفز لأن العالم قرر الاعتراف بأهمية الدفاع والمدافعين، بل فاز لأن كأس العالم كانت تحدد الفائز بالجوائز الفردية في ذلك الوقت، وبعد فوز منتخب إيطاليا بالمونديال، كان من الطبيعي أن يفوز لاعب إيطالي بجائزة أفضل لاعب في العالم، ولأن إيطاليا مشهورة بالدفاع، فاز بها مدافع!

    ونعلم جيداً أن لوكا مودريتش لم يكن ليفوز أو ليكون مرشحاً قوياً لولا ما قدمه في كأس العالم، فقد تألق في مواسم سابقة وقدم أداءً أفضل كثيراً من أدائه في هذا العام، ولكنه لم يقترب من الفوز بجائزة كبيرة، لأن مركزه ليس هجومياً بما يكفي! أو لأنه يلوث أداءه الهجومي.. بمساهماته الدفاعية!

    المعادلة بسيطة؛ لكل مركز مهامه، وإذا نجح اللاعب الدفاعي في مهام مركزه بنسبة 98%، ونجح اللاعب الهجومي في مهام مركزه بنسبة 85%، فالمنطق يقول إن اللاعب الدفاعي قدم أداءً أفضل، ولكن من وجهة نظر المشجعين والإعلام ومن يختارون الفائزين بالجوائز؛ سنكتشف أن 85 أكبر من 98! وستفوز نسبة الـ85 أو الـ90 بالمئة الهجومية، حتى لو وصلت نسبة نجاح اللاعب الدفاعي إلى مليون بالمئة!

    يقول أنصار اللاعبين الهجوميين إن كرة القدم بلا قيمة بدون الأهداف، ولذلك يجب أن يُنسب معظم الفضل -أو كله- إلى من يسجلون الأهداف أو يصنعونها، وهذا كلام منطقي في حالة واحدة، لو كان في ملعب كرة القدم مرمى واحد! لو كنا نتحدث عن فريق يلعب بلا مرمى يدافع عنه! ولكن في الملعب مرمى لكل فريق، ويعني ذلك أن الأهداف لها قيمتان، الأولى في تسجيلها، والثانية في منع تسجيلها!

    في فريق مثل تشيلسي، يحاول إدين هازارد تسجيل الأهداف أو صناعتها، ويحاول نجولو كانتي منع المنافسين من تسجيل الأهداف، وأتحدث عن كانتي القديم، لا عن كانتي الحالي مع المدرب ماوريتسيو ساري الذي حوّل الفريق كله إلى مهاجمين! وإذا نجح هازارد وسجل هدفاً أو صنعه، فتلك هي القيمة الأولى، أما القيمة الثانية، فهي منع المنافس من تسجيل أهداف تلغي قيمة هدف تشيلسي!

    وهنا تظهر قيمة كانتي التي لا تقل أهمية عن قيمة هازارد، ما فائدة الهدف لو سجلته واستقبل مرماك ثلاثة أهداف؟! هل المهم هو أن تسجل الأهداف فقط، أم أن تسجل أكثر مما يسجل منافسك.. أو تجعل منافسك يسجل أقل مما تسجل؟! الأمر واضح، ولكنهم لا يريدون الاعتراف بذلك!

    يعتقد كثير من الجمهور أن اللاعب الهجومي يستحق هذا الاهتمام لأنه يتميز بمهارات استثنائية تجعله يتفوق على غيره، أما اللاعب الدفاعي فإنه لا يتميز بشيء إلا القوة واللياقة البدنية وكثرة الركض! يقطع التمريرات، ويفسد الهجمات، ويعرقل المنافسين.. ويضربهم! ولا يتميز بأي مهارة تجعله مثل اللاعب الهجومي، وهذه النظرة هي نوع من التمييز.. غير العرقي!

    الأمر بسيط؛ هل كل اللاعبين الهجوميين مثل ميسي؟ بالتأكيد لا، هل كل اللاعبين الدفاعيين مثل كانتي؟ بالتأكيد لا! هل كل الهدافين مثل رونالدو؟ بالتأكيد لا، هل كل لاعبي الوسط الدفاعي مثل بوسكيتس؟ بالتأكيد لا! اللاعبون الدفاعيون أيضاً لهم مهاراتهم التي تميزهم وتجعل غيابهم يؤدي إلى مشكلة كبيرة، بل إن غيابهم في بعض الأحيان يكون مؤثراً أكثر من غياب الهجوميين!

    هل يستحق كانتي أن يكون مرشحاً لجائزة اليويفا أو الفيفا؟ لا أعرف! ولا أعتقد أن أحداً يعرف، لأننا لا نعرف معايير هذه الجوائز، ما نعرفه أنها بلا معايير ثابتة! ولكنني أعلم أن كانتي من أفضل لاعبي العالم في السنوات الأخيرة، ولا أحتاج إلى المراوغات والأرقام والإحصائيات!

    المهم هو ما يقدمه كل لاعب داخل الملعب، ولا أعتقد أن في العالم كثيراً من اللاعبين الذين يقدمون أداءً أفضل مما يقدمه كانتي!

    تابع حلقات:  هلوسة كروية  –  هجمة مرتدة سريعة  –  هدف ملغى