رازافان لوشيسكو (Getty Images)

أحرز نادي الهلال لقب دوري أبطال آسيا للمرة الثالثة  في تاريخه بعد أعوام 1991  و 1999  ليعادل الرقم القياسي المسجل باسم فريق  يوهانج ستيلرز الكوري الجنوبي  لكرة القدم. نصر عربي جديد يرسخ السيطرة العربية  على كامل بطولات آسيا وإفريقيا معاً على صعيد الأندية والمنتخبات أيضاً. وهو ما يعني مشاركة عربية تاريخية سواء في كأس العالم للأندية أو كأس القارات القادمتين في قطر.

رازفان لوشيسكو هو المدرب الروماني الثاني الذي يحرز اللقب الآسيوي للهلال  بعد المدرب الشهير  إنجيل يوردانيسكو الذي قاد رومانيا  بشكل تاريخي في مونديال 1994  وأوصلها لربع النهائي . يوردانيسكو أحرز اللقب مع الهلال عام 1999  ليعود ويقود  الاتحاد السعودي  إلى نفس اللقب عام 2005 . دون أن ننسى نجاحاته الأخرى مع العين والهلال والاتحاد خارج مسابقة دوري أبطال آسيا حيث أحرز الألقاب مع جميع الفرق التي دربها .

إنجيل يوردانسكو مع محمد نور في الاتحاد (Getty Images)

إنجيل يوردانسكو مع محمد نور في الاتحاد (Getty Images)

المدرب  الروماني الذائع الصيت أولاريو كوزمين كان له بصمة كبيرة على أندية المنطقة العربية في آسيا. أحرز الدوري المحلي مع الهلال موسم 2007 -2008  وكأس ولي العهد مرتين وكأس نجوم قطر مع السد وسيطر على الساحة المحلية الإماراتية مع العين ثم أهلي دبي ولامس المجد الآسيوي عام 2015  عندما أحرز المركز الثاني في دوري أبطال آسيا.

أولاريو كوزمين (Getty Images)

أولاريو كوزمين (Getty Images)

القائمة بالمدربين الناجحين من شرق أوروبا لا تزال طويلة . منهم طيب  الذكر  زلاتكو داليتش  الذي تألق مع الأندية السعودية ومع العين الإماراتي حيث لامس المجد الآسيوي عام 2016  وحل ثانياً أيضاً. توميسلاف إيفيتش الاتحاد السعودي للوصول للنهائي الآسيوي عام  2004  لكنه خسر لقاء الذهاب الذي جرى في جدة  امام سيونغنام بهدف لثلاثة فتمت إقالته وتسلم مساعده الكرواتي أيضاً تالاييتش التدريب وقاد الفريق لمعجزة الفوز 5-0   على الفريق الكوري في أرضه وبين جماهيره ليكمل عمل مواطنه ويفوز باللقب.ولا ننسى المدرب الكبير التشيكي ميلان ماتشالا الذي قاد معظم منتخبات المنطقة لنتائج كبيرة خليجياً وآسيوياً.

زلاتكو داليتش مع العين (Getty Images)

زلاتكو داليتش مع العين (Getty Images)

وهنا يطرح السؤال ..لماذا ينجح المدربون الشرقيون في منطقة غرب آسيا أكثر من غيرهم ؟؟

الإجابة بداية لها شق تاريخي ..حيث عمل الكثير من مدربي دول أوروبا الشرقية في منطقة غرب آسيا منذ بدايات كرة القدم فيها . والسبب أن دول شرق أوروبا كانت تحت حكم أنظمة إما شيوعية أو اشتراكية. وقد عرفت هذه البلدان بتطورها الرياضي أولاً وعدم ارتفاع تكلفة جلب مدربيها إلى المنطقة ثانياً. أما المدربين الأوروبيين الغربيين  والأمريكيين الجنوبيين فكانوا متواجدين في المنطقة أيضاً وبقوة لكن ارتفاع تكلفة جلبهم حدّ من توسع رقعة انتشارهم مقارنة بالأوروبيين الشرقيين .

 انتشار  هؤلاء المدربين  بكثرة في منطقة غرب آسيا وتدريبهم  جميع الألعاب تقريباً وليس كرة القدم وحسب مكنهم من فهم المنطقة العربية ورياضييها بشكل أكبر من نظرائهم في أوروبا الغربية وأميركا الجنوبية وبالتالي تمكنوا من العمل مع العقلية العربية بشكل أفضل من غيرهم .

بالعودة إلى كرة القدم ، فإن المدرس الأوروبية الشرقية تعتمد أكثر  على البنية الجسمانية واللياقة البدنية من اعتمادها على المهارات الفنية التي تميز أميركا الجنوبية أو الخطط التكتيكية والفنية والتي تميز المدارس الأوروبية الغربية. أي أنها تتعامل أكثر مع الموهبة الفطرية الأقل صقلاً للاعب كرة القدم. ولاعبنا العربي في دول غرب آسيا لم يصل بعد للمستوى التكتيكي والفني المشابهة للاعبي أوروبا وأميركا الجنوبية في حين أنه أكثر قرباً للاعبي أوروبا الشرقية من ناحية الموهبة الفطرية والاعتماد على اللياقة البدنية أكثر من التكتيك والخطط . هذا التلاقي بين المنطقة العربية وأوروبا الشرقية على الصعيد الذهني أو الفني سمح بخلق بيئة ملائمة لعمل المدربين من شرق أوروبا وبالتالي نجاحهم  فيها . وكم من مرة فشل مدرب أوروبي أو أميركي جنوبي مع فريق عربي ليأتي مدرب شرقي (يكون في الغالب مساعداً أو مدرب لياقة ) وينقذ الموقف.

المحصلة 

المسألة بكل بساطة هي تشابه في العقليات والبنى وتقبل عرب المنطقة لآليات التدريب والتحفيز الأوروبية الشرقية بشكل كبير. هذا لا يعني أن المدارس الأخرى قد فشلت فهناك العديد من المدربين من مدارس كبرى وأسماء كبرى قد نجحوا في منطقتنا لكن النسبة أقل بكثير. وحالياً تطورت جميع المدارس الكروية وبات العالم أكثر انفتاحاً وبالتالي أصبح لاعبو المنطقة متقبلين بشكل أكثر بكثير للمدارس المتطورة رياضياً . لكن مدرسة شرق أوروبا بقيت ناجحة لأنها أقرب إلينا ذهنياً وفنياً وأيضاً ثقافياً بسبب العلاقة التاريخية معها.