إهمال الشرطة،إتهامات مارغريت تاتشر وصحيفة الصن الخاطئة لمشجعي ليفربول.

“فلتتعفني في الجحيم ماغي”بهذه الكلمات التي كتبت على الجدران واللوحات إستقبلت جماهير ليفربول خبر وفاة مارغريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية التي إتهمتهم زوراً بالتسبب في إحدى أفظع الكوارث في تاريخ كرة القدم،ولا تزال الجماهير تصب لعناتها عليها بغناء الأغنية الشهيرة التي تقول كلماتها “لن أذرف الدموع عندما تموت ماغي .لقد ماتت الساحرة”.في إشارة إلى موقفها من جماهير ليفربول أثناء كارثة هيلزبره التي تمثل جرحاً لا يندمل لعشاق الفريق الأحمر.

أضاف ليفربول شعلتين ناريتين إلى شعاره تخليداَ للضحايا ال 96 الذين قضوا نحبهم على مدرجات ملعب هيلزبره في 15 إبريل 1989 ضمن الدور النصف النهائي لمسابقة  كأس الإتحاد الإنجليزي لكرة القدم. يوم أسود في تاريخ كرة القدم.

خلفيات وأسباب الكارثة:

أختير ملعب هيلزبره التابع لفريق شيفيلد وينزداي الذي كان يتسع ل 35 أف متفرج كمكان محايد لإستضافة مباراة نصف نهائي كأس الإتحاد الإنجليزي لكرة القدم بين ليفربول ونوتنغهام فوريست.في تلك الفترة شهدت الملاعب الإنجليزية تواجد سياج حديدي يفصل المدرجات عن أرض الملعب في ظل إنتشار ظاهرة الهوليغانز خلال سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم.

إعترض ليفربول على إختيار الملعب بسبب عدم موافاته لأدنى مواصفات السلامة وصغر مساحته،ووجه أحد المشجعين رسالة إلى الإتحاد الإنجليزي لكرة القدم ووزير الرياضة شرح فيها قلقه من حالة الملعب وصغر مدرجاته ،وعبر عن شعوره بالقلق وعدم الإرتياح لحالة الملعب لكن كل ذلك ذهب سدى.

إكتظت بوابات الدخول بالمشجعين،ولاحظ مذيع هيئة الإذاعة البريطانية الذين كان موجوداً للتعليق على المباراة وجود خطأ تنظيمي في إجراءات دخول المشجعين وطلب من المصور تصوير منطقة جماهير ليفربول. أما خارج الملعب فقد أصبح الوضع سيئاً للغاية،فقبل إنطلاق المباراة الذي كان مقرراً بحلول الساعة 3 عصراً وجد بعض المشجعون أنفسهم أمام بوابات دخول خاطئة ومنع دخولهم لكنهم لم يستيطعوا الخروج بسبب الزحام.

تحمست الجماهير لدخول الملعب وبدأت الهتافات من داخل الملعب تصل إلى بوابات الدخول ورفضت مناشدات الشرطة المستمرة بتأخير إنطلاق المباراة لضمان سلامة الجماهير. بتواجد أكثر من خمسة آلاف شخص عند البوابات،وزيادة المخاوف المتعلقة بالسلامة فتحت الشرطة بوابة الملعب الكبيرة التي تستخدم عادة لخروج الجمهور بعد نهاية المباريات وبوابتين إضافيتين مما قادهم إلى نفق ضيق يستخدم للوصول إلى منصات الملعب مما زاد الضغط عليها ،ولم يتواجد رجال شرطة لإرسال المشجعين إلى منصات أخرى لتخفيف الضغط .قال تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية أنه كان من الممكن تجنب الفاجعة لو تم إرسال إثنين من رجال الشرطة الخيالة على الأقل لإرشاد المشجعين.

1_4_4

الكارثة:

قال حارس ليفربول بروس غروبيلار”أنه سمع صيحات الجماهير تطلب منه المساعدة حيث تفاقم الوضع في المدرجات”.

ظن رجال الشرطة في البداية أن جماهير ليفربول كانت تحاول النزول إلى الملعب فمنعوهم ،ولكنهم أدركوا الحقيقة لاحقاً .ركض قائد شرطة جنوب مقاطعة يورك شاير إلى الملعب وطلب من الحكم إيقاف اللعب فوراً بعد أقل من 5 دقائق على بداية المباراة. تسلق بعض المشجعون السياج الحديدي للهرب من التدافع،وأنقذ البعض الآخر على يد الجماهير الجالسة فوق المنصات المخصصة للوقوف حيث سحبوهم إلى الأعلى.

قتل الكثيرون في المنصات المخصصة لوقوف الجماهير نتيجة الإختناق ،وطلب من لاعبي الفريقين التوجه إلى غرف الملابس وأخبروا أن المباراة ستتوقف نصف ساعة.

أخليت أرض الملعب وتحولت إلى ساحة إنقاذ وكان للجماهيردور فعال في عملية الإنقاذ وإسعاف الجرحى . تبين لاحقاً أن ذلك كان متعمداً من قبل الشرطة لإلهاء الجماهير خوفاً من أن يصبوا جام غضبهم عليهم أو أن يشتبكوا مع جماهير نوتنغهام الغاضبة التي ظنت أن جماهير ليفربول نزلت إلى الملعب عنوة.

حاول بعض مشجعي ليفربول الهرب بإتجاه جماهير نوتنغهام لكن الشرطة منعتهم ومنعت دخول44 سيارة إسعاف وسمحت بدخول واحدة فقط.. توفي 94 شخصاً تتراوح أعمارهم ما بين 10-64، جراء الإصابات التي لحقت بهم، بعضهم  توفي في الملعب و بعضهم في سيارات الإسعاف و البعض الآخر في المستششفى،وأصيب 760 شخصاً.

ردود الفعل وإتهامات تاتشر وصحيفة الصن للجماهير:

تدفقت التعازي من قادة العالم وزعماء العالم ،وتلقى ليفربول تعزية حارة من فريق يوفنتوس ،وفتح ملعب أنفيلد أمام الجماهير لتقديم التعازي والورود رغم الجدل أثاره رئيس الإتحاد الأوروبي جاك جورج  بوصفه مشجعي ليفربول ب”الوحوش”ملمحاً إلى دورهم في كارثة هيسيل،وطالب رئيس الإتحاد الإنجليزي لكرة القدم رابطة الدوري المحلي بإلغاء المنصات المخصصة لوقوف الجماهير وإزالة الأسيجة الحديدية وإستخدام كاميرات لمراقبة الملاعب.

إتهمت مارغريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية جماهير ليفربول بالتسبب بالكارثة وساندتها في موقفها صحيفة الصن التي عنونت صفحتها الأولى في اليوم التالي للكارثة بعنوان “الحقيقة”وزعمت أن مشجعي ليفربول كانو ثملين وهاجموا رجال الشرطة كما إدعت أنهم سرقوا أموال الجرحى والموتى ، وعرقلوا وصول سيارات الإسعاف.

رغم إعتذارها عن أخبارها الكاذبة لا تزال جماهير ليفربول تقاطع صحيفة الصن ،ويرفض لاعبو الفريق ومدربوه التصريح أو إجراء أحاديث صحفية معها.

files

عدالة طال إنتظارها:

تجلت الحقيقة بعد 27 عاماً من الإنتظار ومعارك قضائية خاضتها أسر الضحايا التي رفضت نتائج التحقيقات الحكومية التي وجهت أصابع اللوم إلى جماهير ليفربول ونشرت تقارير جنائية تصف موتهم بحادث عرضي.

بعد نشر تقرير في إبريل 2016 أجرته لجنة محلفين أدان الشرطة البريطانية وإتهمها بالتقصير والسماح بدخول أعداد كبيرة من المشجعين ،وأشار التقرير إلى أخطاء جسيمة في تأمين سلامة الملعب وبطء وعدم تنسيق في التعامل مع مجريات الأحداث.كما أنه لم يتم وضع خطة للتعامل مع الطوارىء وإخلاء الملعب.

في الوقت ذاته برأ التحقيق مشجعي ليفربول وذكر أنهم لم يتسببوا بأي حوادث في ذلك اليوم المشؤوم.