التنس الرياضة التي لا يظلم فيها أحدا

أحمد الصبيح 14:51 21/07/2017
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • لأن التنس عادل ولأنها رياضة العدالة ورياضة الرجال فإن الإنصاف دائما ما كان حاضرا في ملاعبها , هنا الرياضة التي لا يُظلم فيها احد , واللعبة التي لا يفوز فيها إلا من يستحق , قد يتأخر التتويج وقد تتأخر ثمار العمل لكن في النهاية كن واثقا أنها ستأتي رغم كل لحظات الشك خلال الطريق.

    موسم 2017 يقدم لنا أروع صورة عن عدل هذه الرياضة وإنصاف من يعمل , ومن يعمل فقط , لا نجاح إلا مع عرق ولا نجاح دون الم وتضحيات حتى لو كنت أسطورة , اسمك لن يجلب لك النجاح والمجد.

    مؤخرا خرجت تسريبات عن أن سبب نهاية علاقة بوريس بيكر ونوفاك ديوكوفيتش وهو أن نوفاك أصبح اقل اهتماما باللعبة , يقضي أوقات اقل في الملعب للتدريب من الحد الأدنى وانه لا يبذل الجهد الكافي في التدريبات , هذا ما سبب توتر ومشاحنات بينهما وأدت في النهاية إلى الانفصال بينهما بعد 3 مواسم هائلة , ماذا حدث بعدها ؟ خسر نوفاك كل شيئ وفاته القطار , ببساطة لا يمكنك أن تنافس باسمك فقط , حاول العودة فجاءته الإصابة في وقت قاسي , قد تكون عقوبة على استهتاره ودرسا يستفيد منه.

    نيك كيريوس لاعب موهوب جدا لكنه مستهتر جدا أيضا بنفس الدرجة , أضاع أوقات طويلة في اللهو وعدم الجدية في اللعبة , في هذا الموسم قرر أن يلعب بجدية وان يستثمر موهبته لتحقيق انجازات ثم ماذا ؟ ما أن يخرج من إصابة حتى تأتيه أخرى , كأنه عقاب أيضا.

    ديفيد نالبانديان ومارات سافين كلهم لديهم مقومات أبطال عالم وأبطال جراند سلام لعدد ليس سهلا , ماذا كانت حصيلتهم ؟ سافين أنقذ نفسه بـ 2 جراند وهو رقم اقل من موهبته لكنه ما يستحقه فعلا بالنسبة لما قدمه للعبة , نالبي لم يحقق أي بطولة كبرى وهي حصيلة لا تعبر عن مستواه الفني لكنها تعبر عن مستواه الجدي في اللعبة.

    هل هناك حالات معاكسة ؟ نعم بالتأكيد , هل تذكرون كيف بكى روجر فيدرر قبل 3 سنوات على خسارة نهائي ويمبلدون ؟ هل تذكرون أيضا كيف استلم صينية أخرى مجبرا بعد عام في نفس الملعب ؟ ثم هل تذكرون تلك السقطة المؤلمة قبل عام في نفس الملعب ؟ هذه ليست لقطات معيبة بل هي لقطات مشرفة للاعب لا يستسلم ودائما كان مؤمنا بنفسه وكان مؤمنا باللعبة وأنصافها , جاء في ويمبلدون وبعد 3 سقطات جاء التنس وعوضه وكافأه عن كل تلك المحاولات.

    حسب قناعتي في ويمبلدون 2017 هو لم يقدم شيئا أفضل بكثير بفرق من ويمبلدون 2014 و 2015 , كلهم في فلك واحد , لكن لأنه استحق لقبا على الأقل في تلك السنوات حصل على اللقب بمستوى قريب من تلك السنوات فقط دون الحاجة لمستوى خارق مثلا , انه العدل.

    نادال أيضا , عانى من عامين من التراجع وسوء النتائج التي لا تليق به , خسائر كثيرة وعديدة ومحبطة وبسيناريوهات سيئة , حتى مملكته الترابية تخلت عنه لعامين متتاليين , لكنه رغم هذا لم يفقد الأمل , عمل وعمل كثيرا حتى جاء وحقق عاشرته الرولانية بمستوى عظيم جدا ربما من أفضل 5 مستويات في مسيرته , العدل اقتضى أن يحقق اللقب كما اعتاد أن يحقق في أفضل أيامه , بتلك الطريقة القوية وتلك الصورة المميزة له.

    مهما كانت موهبتك لن تفيدك بدون الاجتهاد , مهما كنت رائعا التنس يعتمد عليك أنت فقط , ليس هناك من يحملك ويرفعك عند تراجعك , نادال في 2015 و 2016 لم يخدمه تاريخه في رولان جاروس مثلا ولم يرفع كؤوسا لأنه حامل اللقب 9 مرات , بل رفعه هذا الموسم لأنه قدم مهر الكأس من عرقه وتعبه واجتهاده.

    نوفاك لن يعود حتى يقدم مهر العودة من عرقه وتعبه , فيدرر لم يفعل ما فعله لأنه فيدرر , لقد بكى بعد تتويجه في ويمبلدون من التعب قبل الفرح , من الألم قبل السعادة , لأنه كان يتذكر كل تلك الأيام القاسية في مشواره للقب.

    هنيئا لنا بالتنس وهنيئا لنا بأبطاله , أبطال حقيقيون وأساطير واقعية , ليسوا قنابل إعلامية ولا أبطال من ورق ولا محظوظين ولا تصنعهم الظروف , بل هو من يصنعون أنفسهم.

    تابع أخبار التنس على صفحة : خربشات تنسية