هزت الصفقة المنتظرة بانتقال جونزالو هجيواين من نابولي إلى يوفنتوس مقابل 95 مليون يورو الوسط الرياضي وأثارت جدلاً كبيراً في مواقع التواصل الاجتماعي بين متتبعي كرة القدم، فمعظم الآراء تستهجن دفع هذا المبلغ بلاعب في سن 28 عام ولا يملك مهارة خارقة تجعلنا نتوقع منافسته على الكرة الذهبية في عام من الأعوام على سبيل المثال.
حتى الآن لم يتم تأكيد أو نفي دفع يوفنتوس 95 مليون حقاً، فربما يحدث ذلك بعد أن يوقع اللاعب بشكل رسمي خلال الساعات القادمة، فهناك بعض التقارير التي تتحدث أن الصفقة سوف تتم بمبلغ يتراوح من 70-85 مليون، ولن تتجاوز هذا الحاجز، لكن المرجح أن يوفنتوس سيدفع قيمة فسخ العقد كون إدارة نابولي رافضة بشكل قطعي فكرة رحيل اللاعب.
ونأتي الآن إلى السؤالين الأهم، هل يستحق هيجواين هذا المبلغ القياسي في الكرة الإيطالية؟ وهل أخطأ يوفنتوس بدفع مبلغ مجنون كهذا بلاعب له ذكريات سيئة في بعض المباريات الكبيرة ؟
الظروف تحكم أحياناً
دعونا نتفق على بعض القواعد قبل الإسهاب في التفاصيل، لا يوجد لاعب ينتقل من فريق إلى آخر في الوقت الراهن يستحق المبلغ الذي دفع به إلا في حالات نادرة، فلو راجعنا أسعار اللاعبين في موقع تراسنفير ماركت العالمي الذي يعتمد معايير محكية في تقييماته سنجد أن معظم الأندية تدفع مبالغ أكبر بكثير من السعر المقدر للاعب، مما يعني أنه يجب علينا التفريق بين سعر اللاعب وقيمة انتقاله من فريق إلى آخر لأن الحالة الثانية تدخل فيها العديد من العوامل الغير متعلقة بالجانبين الفني والرياضي.
ومن هذا المنطلق، يمكننا التأكيد على أن هيجواين لا يستحق هذا المبلغ بلا أدنى شك، لكن في الوقت نفسه لا يوجد أي لاعب في العالم يستحقه أيضاً باستثناء 4 أو 5 لاعبين، اعتقد أن جميعنا متفقين عليهم.
المشكلة ليست بهيجواين فقط، فمثلاً كان من المتوقع أن يصل سعر موراتا إلى 60 مليون يورو في حال قرر ريال مدريد بيعه هذا الصيف، أوباميانج أيضاً يتحدثون أن سعره لن يقل عن 70 مليون يورو إن قرر الرحيل، الشيء نفسه ينطبق على ليفاندوفسكي، دعونا من هذا كله ولكم أن تتذكروا انتقال رحيم ستيرلينج من ليفربول إلى السيتي مقابل 50 مليون باوند، أي ما يعادل 66 مليون يورو في ذلك الوقت.
يوفنتوس كان بحاجة لمهاجم من طراز عالي لكي ينافس على بطولة دوري أبطال أوروبا بعد رحيل كارلوس تيفيز الصيف الماضي وألفارو موراتا الصيف الحالي رغم أن الأخير بعيد جداً عم مستوى البيبيتا، كذلك لا يمكن الاعتماد على باولو ديبالا كرأس حربة كونه غير معتاد على هذا المركز.
كذلك فإن الفريق ليست بحاجة للعديد من التعاقدات، فصحيح أن بول بوجبا سيرحل بشكل شبه مؤكد لكن تم انتداب ميراليم بيانيتش الذي يمكنه تعويض رحيل النجم الفرنسي لما يملكه من مهارات كبيرة في صناعة اللعب وتسجيل الأهداف أيضاً، أما فيما يخص الخط الخلفي فلا اعتقد أن ماسيميليانو أليجري يريد تجميع أفضل المدافعين في العالم بفريقه، وهذا يعني أنه كان لابد من الاستثمار بجزء كبير من صفقة بيع بوجبا مقابل التعاقد مع مهاجم قادر على صناعة الفارق، ووقع الاختيار على هيجواين لسببين مهمين وهو أن اللاعب على استعداد للرحيل عن نابولي بالإضافة إلى أنه معتاد على الكرة الإيطالية، وهذان العنصران غير متوفران في مهاجمين آخرين أمثال ليفاندوفسكي أو أوباميانج أو حتى إدينسون كافاي كون إدارة النادي الباريسي ترفض التخلي عن خدماته بعد رحيل زلاتان.
هيجواين قادر على مساعدة يوفنتوس لتحقيق المجد
وهنا نأتي إلى الشق الثاني من المسألة، وهي أن الكثير يرى بهيجواين مهاجم متذبذب المستوى ويرفضون اعتباره واحد من أفضل المهاجمين على مستوى العالم، وذلك يعود لسبب بسيط جداً، أن اللاعب لم يكن على وفاق مع كريستيانو رونالدو في ريال مدريد على عكس بنزيما مما جعل شريحة جداً من الجماهير تنبذه، والسبب الثاني مشابه أيضاً لسبب الأول، حيث يعتقد البعض أن هيجواين هو المسؤول الأول عن فشل ميسي في الحصول على لقب رفقة منتخب بلاده، وهذا يعني أن اللاعب قد خسر أكثر من 70% من جماهير كرة القدم.
كما يتحدث البعض أن هيجواين يختفي في المباريات الكبيرة ويضيع مجهودات زملائه رغم أن الحقيقة عكس ذلك تماماً، فالجميع يهدر الفرص، فمثلاً ميسي أهدر فرصة سهلة في نهائي المونديال مثلما فعل هيجواين تماماً لكن جميع الانتقادات وجعت للأخير باعتبار أن ميسي قدم ما عليه في البطولة، ونفس الأمر ينطبق على المباراتين الشهيريتين أمام بوروسيا دورتموند في نصف نهائي دوري الأبطال، رغم أن الجميع في ريال مدريد أخفق في تلك المواجهتين وليس هيجواين فقط.
هيجواين مهاجم فريد ومميز وقادر تحويل أي فرصة إلى هدف، وأرقامه الكبيرة تؤكد على ذلك، فليس من السهل تحطيم رقم صمد لأكثر من 70 عام في الكالتشيو بتسجيل 36 هدف في موسم واحد فقط رغم أنه يلعب في فريق متوسط ولا يضم نجوم هم الأفضل في مراكزهم.
البعض سيتحدث أن الكالتشيو الحالي لم يعد قوياً وأن المستوى الفني والتكيتيكي قل كثيراً في آخر السنوات عما كان عليه في الماضي، لهذا تمكن جونزالو من تسجيل هذا العدد الكبير من الأهداف، وفي الحقيقة لو أردنا التسليم بهذه الفرضية فيجب علينا أن نطرح سؤالاً وهو لماذا لم يسجل ديبالا هذا الرقم؟ تيفيز؟ ماندزوكيتش، ألفارو موراتا، ماورو إيكاردي، كارلوس باكا؟ لا داعي للتوضيح أكثر من ذلك.
هيجواين تقدم في السن وليس لديه الكثير ليقدمه
الحجة الأخيرة التي يسخر فيها البعض من خيار يوفنتوس بالتوقيع مع هيجواين وهو أنه في سن 28 عام ومن غير المنطقي دفع هذا الرقم بلاعب تبقى له 3 أو 4 مواسم ليبقى في نفس المستوى الذي هو عليه الآن، لكن من قال أن يوفنتوس يحتاج لأكثر من ذلك؟
يوفنتوس يعلم جيداً أن هذا الفريق ربما لن يتكرر مرة أخرى على المدى القصير، لذلك وضعت الإدارة أهدافاً كبيرة لتحقيقها في السنوات القليلة المقبلة والاستفادة قدر الإمكان من هذا الجيل، وهي تتلخص بالفوز بلقب دوري الأبطال أو المنافسة بشكل مستمر، لذلك كان التفكير في شراء مهاجم جاهز ويملك خبرة كبيرة، خصوصاً وأن لديهم مهاجم آخر صغير في السن ويعتبر نجم المستقبل للفريق.
وهناك العديد من اللاعبين الذي انتقلوا بصفقات كبيرة قبل سنوات عندما تجاوزاً حاجز 27 عام، لويس سواريز على سبيل المثال بانتقاله إلى برشلونة، ونفس الأمر ينطبق على زلاتان إبراهيموفيتش عند انتقاله لبرشلونة أيضاً عام 2009، فحالة هيجواين ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.
الخلاصة
بعد تطرقنا للعديد من الجوانب المتعلقة في الصفقة لا بد لنا من التأكيد مجدداً أن قيمة انتقال هيجواين إلى يوفنتوس مبالغ بها إلى حد كبير كما أشرنا، لكن بالمقارنة لما يحدث في السوق في الفترة الأخيرة وبالنسبة إلى احتياجات يوفنتوس وحصوله على 120 مليون جراء بيع بوجبا نجد أن الأمر منطقي بعض الشيء وليس غريباً بالدرجة التي يتخيلها البعض، خصوصاً لما يمكن لهيجواين إضافته للفريق، فلا استبعد أن يحطم رقم قياسي جديد في الموسم المقبل.
