ساسولو والاعتراف بالذنب.. سر أجمل قصة في إيطاليا حالياً

محمد عواد 12:02 20/09/2016
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • ساسولو وقصة نجاح

    لم يكن أحد يعرف نادياً اسمه ساسولو في موسم 2012-2013، فخلال تلك الفترة كان مجرد فريق يلعب بالدرجة الثانية، لم يعرف في تاريخه مذاق الدرجة الأولى، وظهر لأول مرة في أعلى مستويات الكرة الإيطالية خلال موسم 2013-2014.

    من القاع إلى الاعتراف بالذنب

    لم تكن بداية ذلك الموسم موفقة، فقد خسر أول 4 مباريات، منها السقوط 7-0 ضد إنتر ميلان، وتلقى 15 هدفاُ وسجل مرة واحدة فقط بتوقيع سيموني زازا، ليكون الاعتقاد لحظتها أنه قادم ليذهب، صاعد ليهبط، ولن يستحق الذكر أبداً بعد ذلك الموسم.

    تحول الفريق عند تلك الخسارة إلى خطة 3-5-2 وأشكال مختلفة منها كـ 3-4-1-2 وحتى 3-4-3، كل ذلك كان تحت قيادة المدرب الذي صعد بهم دي فرانشيسكو، تعادل مع نابولي في عقر داره، ثم استضاف لاتسيو وفرض عليه التعادل، ليكون هناك رسالة مختلفة عن رسالة السقوط الكارثي ضد إنتر، رسالة مفادها في هذا الفريق بعض من روح.

    تحسنت النتائج شيئاً فشيئاً، خطف الفريق تعادلاً من روما، وحقق بعض الانتصارات، وبدأ يظهر أن سيموني زازا وبيراردي يستطيعان عمل شيء، ثم كان الفوز الشهير ضد ميلان 4-3 بسوبر هاتريك بيراردي خلال يناير “كانون ثاني” 2014، لكن ذلك الفوز تلته خسارتين ضد تورينو وليفورنو، مما أعاد ساسولو لمناطق الهبوط .. ثم جاء القرار الرهيب!

    مع سباعيات الإنتر اعتقدنا أن ساسولو سيهبط

    مع سباعيات الإنتر اعتقدنا أن ساسولو سيهبط

    قررت إدارة النادي إقالة دي فرانشيسكو، لم يكن معروفاً آنذاك، ولم ينتبه أحد لهذا القرار واعتقد كثيرون أنه قرار طبيعي، فكان جلب المدرب البرتو ميليساني، والذي قاد الفريق في 5 مباريات خلال بطولة الدوري، وخسرها جميعاً، ليكون قرار شجاع واعتراف بالذنب غير كل شيء.

    قررت إدارة ساسولو إعادة المدرب دي فرانشيسكو، وكان هناك اعتراف رسمي واضح بتصريحات، أن تجربة مدرب آخر جعلتهم يدركون بأن مشكلة النتائج لم تكن بالمدرب، فعاد المدرب البالغ من العمر آنذاك (45 عاماً) إلى منصبه، فخطف 17 نقطة في 12 مباراة، مكنت فريقه من الاستمرار في البطولة للموسم المقبل، حيث احتل المركز 17 بفارق نقطتين فقط عن كاتانيا.

    إشارات لم نفهمها وقصة متكررة
    تحقيق 34 نقطة ليس بالرصيد اللافت، لكن هناك إشارات لم ينتبه لها معظم الناس آنذاك، فالفريق كان قد حقق الانتصارات على فيورنتينا وسامبدوريا في ملعبهم، وهزم ميلان 4-3، وخطف نقاط تعادل من نابولي ولاتسيو وروما، كما انه في كأس TIM الودية أصبح أول فريق من غير الثلاثة الكبار يحمل لقبها، ورغم أنها ودية لكن هذا يعني شيئاً ونحن لا نعرف.

    لم تكن بداية الموسم التالي أفضل، ساولو حقق 4 نقاط في 7 مباريات، كان من ضمنها السقوط 7-0 مجدداً ضد إنتر ميلان، لكن هذه النقاط كان فيها شيئاً قيماً، تعادل مع يوفنتوس وآخر مع فيورنتينا خارج ملعبه، وهنا كانت الإدارة حكيمة هذه المرة، لان هذه المواجهات شملت أيضاً نابولي ولاتسيو.

    واصل المدرب التنويع بين خطط 4-3-3 و3-4-3 و3-5-2 في البدايات، وتحسنت النتائج تدريجياً، وحقق خلال هذا الموسم نتائج طيبة للغاية، فهزم ميلان ذهاباً وإياباً، وانتقم من الإنتر بلقاء العودة هازماً إياه 3-1 لينتهي الفريق محرزاً 49 نقطة في المركز 12، وكان صاحب ثاني أفضل ختام في أخر 5 مباريات للدوري.

    موسم القمة .. 2015-2016

    11 نقطة في اول 5 مباريات، انطلاقة غير مسبوقة لساسولو، أكد من خلالها عقدته لنابولي بفوزه عليه، كما أنه فرض التعادل على روما، ليعرفه جمهور معظم الكبار، فاسمه “الخفيف” لا يعكس حقيقة ما يجري على أرض الملعب، فساسولو فعلاً خصم ثقيل.

    باستثناء جنوى، لم يستطع أي فريق الفوز عليه مرتين، وخلال هذا الموسم هزم يوفنتوس لأول مرة، وأعلن إنتهاء أسطورة 7-0 المتكررة مع الإنتر، فهزمه ذهاباً وإياباً، وتبادل الفوز مع ميلان، وهزم لاتسيو مرتين، ليكون بالتأكيد صائداً للكبار، وأن هناك سر واضح بهذا النجاح.

    أنهى ساسولو الموسم بالمركز السادس، واحتفل بفوز اليوفي على ميلان بنهائي الكأس، لأن هذا يعني ذهابه للعب في الدوري الأوروبي للمرة الأولى، حيث يشارك الآن قارياً، في حين أن عمالقة بتاريخ أكبر منه أمثال ميلان ولاتسيو وسامبدوريا ينظرون إليه.

    ساسولو انطلق هذا الموسم بقوة، هزم باليرمو وبيسكارا وجنوى، لكن خطأ إداري أحمق جعله يفقد نقاط بيسكارا، بسبب إشراكه اللاعب أنتونيو راجوسا في المباراة رغم أنه غير مسجل في قائمة الفريق حتى الآن، ولكنه في الدوري الأوروبي سحق أتلتيك بلباو 3-0، في مؤشر خير جميل.

    فيديو سحق أتلتيك بلباو:

    زيمان الجديد .. والسر الأكبر
    يمكنني القول إن الاعتراف بالذنب أفضل شيء حدث لساسولو، لم تكابر الإدارة بعد إقالة المدرب الذي صعد بالفريق إلى الدرجة الأولى، فاعترفت بأن المشكلة لم تكن منه، ليعود بقوة، وهو الآن يعتبر ضمن الجماهير الإيطالية المتابعة أحد أفضل المدربين.

    دي فرانشيسكو، رجل مؤمن بالكرة الهجومية، يعرف أنها أسرع الطرق للنجاح وأفضلها، يصفه كثيرون بزيمان الجديد، لكنه بنفس الوقت متعلم بشكل أسرع من المدرب التشيكي وأكثر مرونة، ويخضع للأمر الواقع ويعدل ما يحتاجه، إضافة إلى أنه صاحب علاقة مثالية مع اللاعبين، ويعطي كثيرين منهم الحرية التي يريدونها على أرض الملعب.

    مرونة وفكر حديث وثقة بالنفس وعلاقات طيبة، كل هذه الأمور تجعل دي فرانشيسكو ضمن أفضل المدربين في إيطاليا، وضمن أفضل الصاعدين في أوروبا، وهذا يشرح ببساطة لماذا تم ربطه بتدريب ميلان، والآن هناك كلام عن أنه البديل الأوفر حظاً في حال رحيل أليجري خلال موسم أو اثنين عن يوفنتوس.

    دي فرانشيسكو .. سر النجاح

    دي فرانشيسكو .. سر النجاح

    إدارياً .. هناك عمل يجب تقديره
    لا بد من الاعتراف لإدارة ساسولو بفضل كبير في أمرين؛ الأول بإعادة دي فرانشيسكو، والثاني بعدم التدخل به، وهذه حالة نادرة في إيطاليا، الأمر الذي يجعلها الجو المريح بالنسبة له، مع العلم أنه كان قد رحل عن ليتشي بسبب افتقاده لهذه الحرية.

    وهناك عمل كيبر وجريء تم على مستوى سوق الانتقالات، فهم خلال موسمهم الاول بالصعود أنفقوا 37 مليون يورو، جلبوا من خلالها زازا وساناربيا وأتشيربي وعدة لاعبين آخرين، وحافظوا على تدعيم الصفوف من صيف إلى آخر، ولم يكن هناك أي موسم منذ صعودهم فيه ربح خلال السوق، فدوماً يستثمرون أكثر مما يبيعون ، باستثناء موسم 2016-2017 لأنهم حصلوا على ماتري مجاناً، وباعوا لاعبين اثنين مقابل 29 مليون يورو وحصلوا على 7 مقابل 21 مليون.

    باستثناء خطأ مباراة بيسكارا، لا يمكن إيجاد أي سلبية على فريق عمل رئيس النادي كارلو روسي، فهناك حفاظ على النجوم بشكل جيد، والسماح لهم بالرحيل في الوقت المناسب، مدركاً أنه فريق لا يستطيع الحفاظ على اللاعبين لفترة أطول من المعتاد، لكن يبدو أنهم إدارة تملك دوما خططاً بديلة.

    الفتي الذهبي

    سيكون ظالماً الكلام عن ساسولو إن لم نتكلم عن دومينكو بيراردي، فهو الفتى الذهبي لهذا النادي، وأحد أهم أركان نجاحه.

    40 هدفاً في 92 مباراة هو رقم ممتاز للغاية في الدوري الإيطالي، يضاف لها صناعة 23، ورغم انخفاض أرقامه الموسم الماضي، وكثرة بطاقاته الصفراء  فإنه يبقى أحد أهم عناصر بناء اللعب في ساسولو.

    من المتوقع أن يكون بيراردي جزءاً مهماً في المشروع أيضاً عند بيعه، فالتقديرات تتحدث عن أغلى صفقة في تاريخ النادي قريباً، حيث من المتوقع رحيله في نهاية الموسم عما لا يقل عن 30 مليون يورو.

    الفتى الذهبي .. بيراردي

    الفتى الذهبي .. بيراردي

    هل يستمر ساسولو؟
    قبل أن أفكر بالأمر، أريد القول إنني أتمنى أن يستمر، لأنه أجمل قصة مضيئة في عالم إيطاليا الحزين نسبياً لما كان عليه الحال في الماضي.

    متوسط أعمار الفريق غير مريح، فهو الخامس في الدوري الإيطالي، وارتباط المشروع كثيراً بدي فرانشيسكو، يجعل الموسم الحالي وصيفه التالي، مرحلة حساسة؛ يتحول من خلالها ساسولو إلى دائم الوجود والحضور، أو نرى تراجعاً قد يجعلنا ننساه مع الزمن.

    أشاهد فريقاً ذكياً على أرض الملعب، يملك تركيزاً وانتباهاً فائقين لا يملكهما الكثير من الفرق الإيطالية الكبرى، يستطيع الحسم بلحظة، وهذا كله يأتي مع الأجواء السعيدة والنتائج الإيجابية، وبالتالي لا أعرف كيف سيكون التصرف لو ساءت الامور؟ .. ومن عادة اللعبة أن تسوء الأمور فيها!

    التشكيل الحالي يحقق نتائج أكبر مما هو متوقع منه، واستمراره يحتاج تركيزاً دائماً، ولمسات مستمرة من المدرب ومن الإدارة من الأفراد أيضاً، فقصص النجاح الوردية علمنا التاريخ أنها قد لا تستمر .. لكن كما قلت “أتمنى أن يكون لديهم مفاتيح النجاح للاستمرار، لأن من شبه المؤكد أن دي فرانشيسكو قد يقرر الرحيل في الصيف، وأن بيراردي لن يكون باللون الأخضر الموسم المقبل حسب ما نقرأ يومياً”.