ملاحم كروية : ألمانيا والأرجنتين صراع القمم

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • كلاسيكو مونديالي و صراع عمالقة فريد من نوعه إذ لطالما كانت المنافسة بين الأرجنتين وألمانيا حاميه الوطيس ، لكنها امتازت عن غيرها بأنها دائماً كانت مباريات قمة حيث أن أكثر من نصف مواجهات الغريمين كانت على نهائي كأس العالم.

    سجل الفريقان أسميهما بحروف من ذهب في تاريخ كأس العالم، فقد كان نهائي كأس العالم 2014 ثالث لقاء جمع الفريقين في ختام العرس الكروي العالمي. النهائي الأكثر تكراراً في تاريخ كأس العالم ،إنجاز لم يسبقهما إليه إي فرق أخرى. فمع كل لقاء خاضه الفريقان في نهائي كأس العالم حبس العالم أنفاسه ،وتوجهت الأنظار إلى ملعب المباراة لمعرفة من سيتوج ملكاً على عرش الكرة العالمية.

    لطالما حملت المواجهات بين البلدين نكهة كروية مميزة، وقدمت وجبة دسمة لمتابعي كرة القدم حول العالم من خلال عداوة أخرجت كل ما في جعبة الفريقين من فنون و إبداعات كروية خلال 7 لقاءات في كأس العالم.

    ما يميز الصراع بين المنتخبين هو انتماء كليهما إلى مدرستين كرويتين مختلفتين تسيدتا منافسات كرة القدم العالمية. ألمانيا ( الماكينات) كما يلقب منتخبها تعتمد على الجماعيه و الديناميكيه بعيداً عن المهارات. تميزت  بالانضباط التكتيكي  ووحدة الفريق ،لايوجد بها نجم مميز عن الآخر على عكس الأرجنتين التي طالما اعتمدت على النجم الأوحد الذي يقود منتخبها للمجد مثل ماريو كيمبس في السبعينات، مارادونا في الثمانينات ،وحالياً ميسي . فلو أردنا تشبيه الصراع الأرجنتيني الألماني بصراع الأبطال الخارقين لوجدنا أن ألمانيا تمثلها شخصية آيرون مان ،بينما يرمز سوبر مان للمنتخب الأرجنتيني.

    الأرجنتين و ألمانيا أصبحتا طرفاً صعباً و ثابتاً في معادلات كرة القدم ،تنازعتا لفرض هيمنتهما على كرة القدم العالمية والظفر بكأس العالم، ولم تخل لقاءاتهما من إثارة لا محدودة صبغت بطابعها خصومة الفريقين التي بدأت منذ 58 عاماً.

    منافسة كروية بين منتخبين من مناجم الذهب في كرة القدم فمجرد ذكر أسماء فرانز بكنباور ،جيرد مولر ،لوثر ماثيوس ،توني شوماخر ومانويل نوير من جهة ،ماريو كيمبس، خورخي فالدانو ،مارادونا و ميسي من جهه أخرى كفيل بأن يخبرنا أنه صراع  فريد من نوعه ويستحق بكل جدارة أن يسمى صراع الأساطير.

    مراحل العداوة وأهم لحظاتها:

    كأس العالم السويد1958:

    8

    كانت المشاركة الأولى للأرجنتين في كأس العالم منذ عام 1934.المنتخب الملقب ب “أصحاب الوجوه القذرة” للعبه الكرة بمتعة وفرح الأطفال الصغار توج بكأس أمريكا الجنوبية عام 1957 بعد أداء مبهر فقد أكتسح كولومبيا 8-2،وهزم البرازيل 3-0والأورغواي4-0.

    سجل “ثلاثي الموت “المؤلف من عمر سيفوري ،هومبيرتو ماسكينو و أنطونيوأنجيليلو 20 من أصل 25 هدفاً لصالح المنتخب الأرجنتيني في كوباأمريكا 1957 ،تألقهم كان طامة كبرى على منتخب بلادهم ،فبعد انتقالهم للعب في الدوري الإيطالي ،ونظراً لتحدرهم من أصول إيطالية منعتهم الحكومة الإيطالية من اللعب لمنتخب الأرجنتنين ،وارتدوا بالمقابل قمصان المنتخب الإيطالي.كانت تلك ضربة قاسية للأرجنتين التي واجهت ألمانيا الغربية حاملة اللقب بقيادة فريتز فالترو أوفي زيلر في المباراة الافتتاحية،وما زاد الطين بلة أن الفريق نسي ملابسه في الفندق ،فأستعار ملابس نادي مالمو السويدي.

    سجل عمر كورباتا هدف الأرجنتين في الدقيقة الثالثة ،لكن رجال المدرب سيب هيربرغرعادوا إلى أجواء المباراة بهدف  هلموت ران في الدقيقة 33 ،ثم أضاف زيلر الهدف الثاني لصالح ألمانيا الغربية قبل نهاية الشوط الأول،وسجل هلموت ران هدفه الشخصي و الثالث لمنتخب بلاده في الشوط الثاني.

    انتهت المباراة3-1 لصالح ألمانيا الغربية،وخرجت الأرجنتين من الدور الأول بعد حلولها أخيرة في ترتيب المجموعة و خسارة قاسية أمام تشيكوسلوفاكيا6-1.

    germnay

    كأس العالم إنجلترا1966:

    بعد فوز ألمانيا الغربية العريض 5-0 على سويسرا ،وفوز الأرجنتين على إسبانيا 2-1 أصبحت مواجهتهما حاسمة لأنها كانت ستحدد من سيواجه منتخب إنجلترا صاحب الأرض والجمهور.

    كان فارق الأهداف في صالح ألمانيا ما عنى أنه كان على الأرجنتين الفوز بأي ثمن ،لكن عوضاً عن ذلك فضلت التعادل على أمل خسارة رجال هلموت شون مباراتهم الأخيرة في المجموعة أمام إسبانيا.

    كانت المباراة  متوترة و مليئة  بالتدخلات العنيفة.طرد لاعب الأرجنتين رافائيل ألبريشت في الدقيقة67. تغلبت ألمانيا الغربية على إسبانيا ،و حلت الأرجنتين في المركز الثاني وخرجت أمام إنجلترا التي هزمت ألمانيا الغربية في النهائي.

    كأس العالم المكسيك 1986:

    أجواء ما قبل اللقاء:

    1

    سادت حالة من الفوضى معسكر ألمانيا في كأس العالم 1986،فقد طرد حارس المرمى أولي شتين من معسكر الفريق بعد أهانته وانتقاده المدرب فرانز بكنباور ،و سكن الصحفيون مع اللاعبين في نفس الفندق فأصبحت أحاديثهم ومغامراتهم  مادة دسمة لصحف الفضائح في ألمانيا قبل مواجهة التانغو بقيادة مارادونا و المدرب كارلوس بيلاردو.

    ساد الصمت غرفة الملابس الأرجنتينية في ملعب الأزتيك قبل مواجهة ألمانيا الغربية،تحدث خورخي فالدانو بعد عدة سنوات من النهائي الشهير لمجلة دير شبيغل ،ووصف المشهد عندما كسر دييغو مارادونا حاجز الصمت ،فقد كان متوتراًوإتصل بوالدته “توتا” لطلب المساعدة منها والدعاء له بالتوفيق.

    بدأت ألمانيا الغربية اللقاء بخطة 5-3-2 الدفاعية  للحد من خطورة مارادونا، و أسندت مهمة رقابته إلى لوثر ماتيوس الذي وصفه مارادونا لاحقاً بقوله: “إنه أفضل منافس واجهته في حياتي، أعتقد أن هذا يكفي لوصفه”.

    maradona_1986_2972173b

    جاء الهدف الأول للأرجنتين من خطأ فادح للحارس توني شوماخر أثناء تصديه لضربة حرة  نفذها خورخي بورتشاغا لتصل الكرة إلى خوسيه لويس براون الذي لعبها برأسه داخل الشباك في الدقيقة23.

    مع إندفاع الألمان في الشوط الثاني لإدراك التعادل تملص مارادونا من الرقابة وقاد هجوماً معاكساً في الدقيقة 56 ،مرر الكرة إلى هكتور إنريكي الذي صنع الهدف الثاني بتمريرة إلى خورخي فالدانو تابعها في الشباك الألمانية.

    دفع بكنباور بديترهونيس لتعزيز الهجوم، وكان له ما أراد فقلصت ألمانيا الغربية الفارق في الدقيقة 73 من ركلة ركنية نفذها أندرياس بريمه وصلت إلى روي فولر الذي لعبها برأسه وأسكنها كارل هاينز رومينغيه داخل الشباك. بعد ثمانية دقائق فقط عادل فولر النتيجة بعد متابعته رأسية توماس بيرتهولد من ركلة ركنية أخرى نفذها المتخصص أندرياس بريمه.

    أحتفل الألمان بالتعادل ،ولكن مارادونا عاقبهم بشدة قبل نهاية المباراة بتمريرة ماكرةمن أفضل وأشهر التمريرات في كأس العالم إلى بورتشاغا الذي تجاوز هانز بيتر بريغل وخطف هدف الفوز للتانغو.

    توجت الأرجنتين بكأس العالم على حساب ألمانيا الغربية بفضل عبقرية مارادونا.

    كأس العالم إيطاليا 1990:

    Diego Maradona of Argentina, Guido Buchwald and Lothar Mattheus of West Germany

    انتقام ألمانيا و تجريدها الأرجنتين من اللقب .

    تواجه المنتخبان مجدداً بقيادة نفس المدربين (بكنباور و بيلاردو) في نهائي فاحت منه رائحة الثار  ،افتقدت الأرجنتين لجهود 4 من لاعبيها الأساسيين كان من ضمنهم  المهاجم كلاوديو كانيجيا بسبب الإيقاف. حاولت ألمانيا افتتاح التسجيل مبكراً، نجح لوثر ماتيوس و غيدو بوخفالد في إحكام رقابة دييغو مارادونا و الحد من خطورته.في الشوط الثاني طرد الحكم المكسيكي إدغاردو كوديسال  البديل الأرجنتيني بيدرو مانزون بعد دخوله الملعب ب 19 دقيقة لعرقلته يورغن كلينزمان فأصبح أول لاعب يطرد في نهائي كأس العالم.

    كانت نقطة التحول الحقيقية في مسار اللقاء في الدقيقة84نفس الدقيقة التي سجلت فيها الأرجنتين هدف الفوز على ألمانيا الغربية منذ أربعة سنوات خلت، فقد إحتسب الحكم ركلة جزاء مثيرة للجدل لصالح ألمانيا بعدما عرقل روبرتو سنسيني المهاجم رودي فولر.

    كان سيرجيو غويكوشيا حارس الأرجنتين اختصاصيا في التصدي لضربات الجزاء،فقد تالق في صد ضربات الترجيح أمام ايطاليا في نصف النهائي ،لكنه فشل في التصدي لقذيفة أندرياس بريمه التي أعلنت تقدم ألمانيا على الأرجنتين.

    زادت معاناة الأرجنتين بعد طرد غوستافو دي زوتي في الدقيقة87.وهزم التانغو بهدف يتيم توج ألمانيا بطلة للعالم.

    جمع القيصر الألماني فرانز بيكنباور المجد من جميع أطرافه فقد أصبح أول لاعب و مدرب يحرز اللقب فقد فاز به في 1974 و 1990.

    كاس العالم ألمانيا 2006:

    ga3

    التانغو في مواجهة البلد المنظم.

    في لقاء حضره 72ألف مشجع في ملعب برلين الأولمبي تسلحت ألمانيا بأفضلية الأرض و الجمهور لمواجهة نجوم التانغو في ربع نهائي ناري كان نهائياً مبكراً. شنت وسائل الإعلام الألمانية حرباً نفسية وإعلامية شعواء على الأرجنتين ،وركزت هجومها وركزت على المهاجم  كارلوس تيفيز الذي سخرت من شكله.

    وضع روبرتو أيالا الأرجنتين في المقدمة بضربة رأسية بعد ركلة ركنية لعبها خوان رومان ريكلمي في الدقيقة 48،وعادل ميروسلاف النتيجة في الدقيقة79.

    أصيب حارس الأرجنتين روبرتو أبوندانزيري وحل مكانه ليو فرانكو.

    كانت تبديلات المدرب خوسيه بيكرمان التكتيكية مثيرة للجدل ، فقد أخرج ريكلمي وأدخل مكانه إستيبان كامبياسو،وخوليو كروز مكان هرنان كريسبو بينما أبقى النجم ليونيل ميسي على دكة الإحتياط.

    2006-06-30-germany2-in

    لم يتمكن أحد الفريقين من حسم النتيجة خلال الأشواط الإضافية فإحتكما إلى الركلات الترجيحية التي إبتسمت لأصحاب الأرض بعد لقاء ماراتوني  حسمت مجرياته ورقة أمسك بها الحارس الألماني  ينز ليمان  الذي تصدى لركلتي أيالا و كامبياسو ،ويقال أن الورقة إحتوت ملاحظات من الجهاز التدريبي و الحارس البديل أوليفر كان حول لاعبي التانغو.

    اندلع شجار بين لاعبي الفريقين بعد نهاية المباراة،وطرد الحكم لاعب الأرجنتين ليونادو كوفريه خارج الملعب.

    عاقب الإتحاد الدولي كوفريه ،والألماني تورستن فرينغز بالإيقاف لدورهما في الشجار، واتهمت ألمانيا الإتحاد الكروي الإيطالي بالتسبب في إيقافه قبل مواجهة الآزوري في نصف النهائي.

    كأس العالم جنوب إفريقيا2010:

    2010

    رباعية ألمانية تاريخية.

    الأرجنتين بقيادة مارادونا كانت تمني النفس بلقاء ألمانيا للثأر من هزائمها السابقة على يد الناسيونال مانشافت.

    افتتحت ألمانيا التسجيل سريعاً عن طريق رأسية لتوماس مولر الذي وصفه مارادونا سابقاً ب(جامع الكرات) في الدقيقة الخامسة،وفي الشوط الثاني أمطر الألمان شباك التانغو بثلاثية عن طريق ميروسلاف كلوزة في الدقيقة 67 من كرة عرضية مررها لوكاس بودولسكي.

    في الدقيقة 75 عمق آرني فريدريتش جراح الأرجنتين بهدف ثالث بعد توغل لباستيان شفاينشتايغر في منطقة جزاء الألبي سيليستي،وقبل نهاية الوقت الأصلي للمباراة بدقيقيتن أطلق ميروسلاف كلوزه رصاصة الرحمة على الأرجنتين بهدف رابع.

    كانت الخسارة أمام المانشافت أسوأ هزيمة للأرجنتين في 40 عاماً، والمسمار الأخير في نعش مسيرة مارادونا التدريبية.

    german

    كأس العالم البرازيل 2014:

    نهائي الماراكانا

    بعدما سحق رجال لوف البرازيل بسباعية في نصف النهائي واجهوا رفاق ميسي في نهائي على أرض ستاد الماراكانا الشهير.

    إنقسم البرازيليون حول المنتخبين فبعضهم أراد فوز ألمانيا نكاية بالجار الأرجنتيني المكروه الذي أقام الأفراح لهزيمتهم التاريخية أمام الماكينات ،والبعض الآخر تمنى فوز التانغو ليحرم المانشافت من التتويج على أرضهم ،وينتقم من الألمان لهزيمتهم المنكرة.

    قدم رجال يواكيم لوف أداءاً جماعياً رائعاً أوصلهم إلى النهائي الثامن في تاريخ كؤوس العالم،وكان عليهم هزيمة أبناء أليخاندرو سابيلا لحمل اللقب الغالي. فقد كان منتخبهم الأفضل في البطولة خاصة بعدما أكتسح البلد المضيف البرازيل،وكان التانغو العقبة الأخيرة في طريقهم.

    انتهى الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل السلبي ،فإتجه الفريقان للعب الأشواط الإضافية ،أخرج لوف المهاجم المخضرم ميروسلاف كلوزه و زج بماريو غوتزه لتنشيط الهجوم. في الدقيقة 112 إنطلق آندريه شورله من الجهة اليسرى ،ولعب كرة عرضية إلى غوتزه أستقبلها بصدره ثم سدد يسارية قوية داخل شباك الحراس سيرجيو روميرو.

    hi-res-63d114c3513e0db6648b40ddd87e6cc6_crop_north

    حسم غوتزه اللقاء بهدفه القاتل الذي أهدى الماكينات نجمتهم الرابعةو أعادهم إلى منصات التتويج بعد 24 عاماً،وأصبح المانشافت أول منتخب أوروبي يتوج بكأس العالم على أرض أمريكا اللاتينية.

    حققت ألمانيا لقبها الثالث عام 1990،وبعد 24 عاماً حققت اللقب الرابع وكان كلاهما بعد تخطي منتخب الأرجنتين العنيد مما يبرز قيمة الفريقين وموقعهما الهام كقوتين مؤثرتين وفاعلتين على مسرح كرة القدم العالمية
    لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك