مشكلة الاحتراف في الأردن “تفرم” الوحدات في قضية أبو عمارة

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • منذر أبو عمارة

    لم تكن تنتظر جماهير الوحدات الأردني في فترة التنقلات الشتوية أن يكون أبرز نجومها مهددين بالرحيل، معظم الجماهير كانوا يمنون النفس بتعاقدات جديدة تزيد من حيوية الفريق وجودته، وتجعله قادراً على انتزاع صدارة الدوري الأردني من الجزيرة بل والتأهل لدوري أبطال آسيا لأول مرة في نظامها الجديد.

    لكن رياح التغيير جاءت بما لا تشتهيه جماهير الوحدات، ولا حتى الجهاز الفني بقيادة عدنان حمد، فالنادي مهدد حالياً بخسارة أبرز نجومه منذر أبو عمارة في ظل تقدم العربي الكويتي بعرض مغري للتعاقد معه، صفقة لم تحسم بعد وغير معروف كيف ستؤول الأمور فيها حتى الآن.

    هل هذا هو الاحتراف؟!

    في الكرة الأردنية يحمل الكثيرون مفهوم خاطئ عن الاحتراف، فما هو واضح بأن اللاعبين _وحتى الجماهير_ مقتنعة بأن اللاعب يجب أن يبحث عن مصلحته دائماً، ورغم وجود حقيقة كبيرة في ذلك لكن بدون نسيان الشق الآخر من المعادلة، النادي.

    حينما تكون مصلحة اللاعب تضر تماماً بالنادي فحينها يكون الأمر بعيد تماماً عن الاحتراف، وبمعنى أصح، رحيل لاعب بارز في أي فريق وسط الموسم لا يندرج تحت المفهوم الاحترافي بالمعنى الاصطلاحي (ترفعاً عن كلمة “أخلاقي” حتى لا يغضب أحد).

    الوحدات حالياً بحاجة ماسة إلى عمارة، فهو مقبل على مفترق طرق في الاستحقاقات المحلية والخارجية والفريق بالأساس بدأ يتلمس خطاه بالعودة إلى سابق عهده مع المدرب الخبير عدنان حمد، وفي فترة العودة إلى القمة منذر استعاد وهجه وتألقه المعهود مقارنة بالجولات الأولى.

    لذلك سيعني رحيله بعد أن وصل الفريق إلى قمة جاهزيته بمثابة انتحار فني وسط الموسم، فكل ما بناه عدنان حمد، بل كل ما اعتاد عليه اللاعبون سيكونوا مضطرين لمسحه، والبدء من جديد، ليست مبالغة على الإطلاق فمسألة التعاقد مع لاعب جديد محفوفة بالمخاطر إن أتى كإضافة، فإما أن تكون إمكانات اللاعب أقل من المتوقع أو أن يأخذ وقتاً طويلاً للتأقلم مع فريقه الجديد، فما بالك إن أتى كإحلال وتبديل مكان أحد أهم أركان الفريق؟

    الاحتراف لا يعني الرحيل عن النادي وسط الموسم وفي فترة صعبة إلا في حال كان المقابل المادي مرتفع جداً والنادي بحاجة ماسة له.

    مشكلة الاحتراف في الأردن .. الفيصلي عانى منها سابقاً

    حين الحديث عن إمكانية تراجع مستوى الوحدات في النصف الثاني من الموسم برحيل أحد أعمدته فحينها يجب الإشارة لما حدث للفيصلي الموسم الماضي الذي تراجعت نتائجه كثيراً في مرحلة العودة بعد رحيل مهاجمه السنجالي ألاسان ديالو.

    إدارة الفيصلي لمحت إلى أنها كانت مضطرة للقبول بهذه الصفقة من أجل الاستفادة من المبلغ المالي الذي سيسمح لها بسداد بعض الالتزامات اتجاه النادي.

    التعاقد مع اللاعبين، ثم رحيلهم وسط الموسم بدون خطة مدروسة يكشف عن خلل واضح في تطبيق الاحتراف في الأردن، فالأندية إما أن تكون مضطرة لبيع اللاعب لسداد عجزها المالي، أو مضطر لبيع اللاعب كون عقده يحميه، أو كلاهما.

    في حالة أبو عمارة، وحسبما وضح موقع كورة، فإن القرار بيد اللاعب حسبما ينص عليه عقده، حيث سيكون مسموحاً له فسخ عقده إن تلقى عرضاً مقابل 250 ألف دينار أو أكثر من ذلك.

    والسؤال، ما الذي يجبر نادي كبير بحجم الوحدات أن يكون مضطراً لقبول بهكذا شرط يكون في صف وصالح اللاعب فقط؟ الجواب معروف، النادي _مثل بقية أندية الأردن_ لا يملك الأموال الكافية لإقناع اللاعبين بالتوقيع على عقود طويلة الأمد تضمن حقه، وغياب هذا العنصر يجعله أيضاً ضعيف في وضع شروطه الخاصة على الصفقة.

    أندية الأردن في ظل السباق الكبير بينها لضم اللاعبين في ظل الشح المالي فإنها تكون مستعدة لتلبية أي شرط للاعب، إما بعقد قصير، أو بشروط تمكنه من فسخ العقد في حال تلقى عروض أفضل، فقط حتى تحصل على توقيعه، الأمر الذي يؤكد مرة أخرى أن تطبيق الاحتراف بالوضع الحالي أمر غير ممكن.

    الأندية بحاجة لملاعب بمرافق عامة أفضل تحولها إلى قلعة رفاهية وليست إذلال، ويجب توافر طرق جديدة لجذب الجمهور وحمايته وعدم إهانته عند مداخل البوابات، مع إيجاد وسيلة لكي لا تتحول الملاعب إلى ساحة للشتم مما يسبب بعزوف قسم كبير عن متابعة البطولات المحلية في المدرجات، وحينما يتحقق ذلك فإن الجماهير ستغزو المدرجات مما يوفر دخل مالي أفضل، بل ويجنب الأندية الغرامات المالية من الجماهير.

    تحسن الوضع المالي ولو بشكل بسيط سيجعل الأندية أكثر قدرة على التفاوض مع اللاعبين الجيدين، وبعد أن يتوفر اللاعب الجيد في الدوري يتم الانتقال للخطوة الأخيرة، تسويق الدوري المحلي لبيع حقوق بثه مقابل مبلغ مالي محترم، بما يعود بفائدة مالية مضاعفة على الأندية.

    لم نشت عن القضية الأساسية، لأن قصة أبو عمارة ستتكرر كل عام مع جميع الأندية، والمشكلة ستبقى نفسها دون أن يجد لها أحد حلاً.

    رغم ذلك .. منذر أبو عمارة معذور

    لا نريد القسوة على منذر لأن المسألة في الحقيقة تعتمد على عدة أوجه ولا يجوز أن نطالب اللاعب الأردني بما نطالب به اللاعب في بطولات أوروبا الكبرى من التزام وتمتع بأعلى درجات الاحترافية كون الفارق كبير في التعامل مع اللاعبين.

    في الأردن يعاني اللاعبون من شح في المردود المالي نسبياً، العقود بالكاد تلبي مستلزمات الحياة المتوسطة في الأردن بأحسن الأحوال وليس على المدى البعيد، وهذا ما يحاول أي لاعب محترف الهرب منه نظراً لقصر فترة تواجده في الملاعب.

    ليس هذا فقط، اللاعب مهدد بأن لا يحصل على جميع مستحقاته المالية، أو على الأقل التأخر في دفعها، فهذه أصبحت سمة رئيسية لطريقة عمل الأندية الأردنية إن لم تكن العربية، كما اضطر العديد من اللاعبين اللجوء إلى القضاء من أجل الحصول على مستحقاتهم المالية من أندية مرموقة، والبعض لم يتحصل عليها حتى بعد لجوئه إلى القضاء لخلل في العقود وعدم دراية منه بدهاليزها، الأمر الذي يجعله مضطراً للقبول بأي عقد احتراف خارجي.

    لا أتحدث هنا بالضرورة عن الوحدات الذي ربما يكون أقل من غيره في تعريض لاعبيه لهذه المشاكل، لكن هذا المناخ العام للكرة الأردنية ألقى بظلاله على طريقة تفكير اللاعبين وطريقة تعاملهم مع الاحتراف، وهو ما جعل أبو عمارة يفكر في عقد احتراف وسط الموسم ما دام قرار فسخ عقده الحالي يبدو أنه بيده.

    إذاً ما الحل؟

    الأفضل في الموقف الحالي أن ينتظر أبو عمارة حتى نهاية الموسم قبل الرحيل عن الوحدات، حينها يكون أوفى بالتزامه اتجاه ناديه تماماً، الذي يجب عليه أن يبحث عن البديل المناسب منذ اليوم الحالي ما دام اللاعب أعطاهم إشعار بالرحيل منذ مدة.

    منذر مستواه في تطور وبكل تأكيد سيحصل على عقود ممتازة مثل العقد الممنوح له من العربي إن واصل العمل وطور من مستواه البدني، بل حينها ستكون الخيارات مفتوحة أمامه على مصراعيها كون الأندية تبحث عن اللاعبين قبل انطلاق الموسم بشكل أكبر من وسطه.

    رحيل أبو عمارة حالياً ليس في مصلحة اللاعب رياضياً وإن كان في مصلحته على الصعيد المالي، فالأنظار لا شك أنها مسلطة عليه بعد دخوله في التنافس على لقب هداف الدوري الأردني، وانسجامه مع لاعبي الوحدات يساهم في قدرته على إبراز موهبته وربما سيفتقد لهذا الأمر وسط الموسم مع العربي مما يؤدي لتراجع مستواه.

    أبو عمارة كما قلت، معذور إن بحث عن فرصة جديدة للاحتراف في الوضع الحالي للكرة الأردنية، والوحدات ليس بيده حيلة مثل باقي الأندية، لكن الأفضل لكلا الطرفين استمرارهما سوياً حتى نهاية الموسم على الأقل، منذر من أجل الاستمرار في تطوير مستواه والحفاظ عليه، والوحدات حتى يبقى منافساً على الألقاب.