كي لا نقع في فخ دراما الاعلام!

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • ميسي و رونالدو

    في كل المنافسات الرياضية تتمخض أدوار البطولة فيها عن شخصيتين رئيسيتين تشعلان الصراع فيها، تسلبان عقول الجماهير التي تتحيز كل فئة منها للاعبها المفضل، لتصبح انجازاته في ذلك العام هي المقياس الحقيقي والوحيد للجوائز الفردية وألقاب الأفضل في العالم.

    في هذا النوع من المنافسات تنتهي فيها الأمور على طريقة المسلسلات الدرامية الطويلة، حيث يكون من الأسهل للجماهير أن تصنف بطلي الصراع لنوعين؛ الأول هو الطرف الخيّر، المتواضع المحب الذي يأتي من أجل اللعب والإستمتاع فقط لاغير. الذي لاينتهك القوانين ولا يتلاعب فيها ودائماً هو ضحية هذه المؤامرات من أجل تشويه صورته على حساب غريمه الماكر الشرير الذي يكون بالعادة وسيم وثري وبارع وبالتأكيد ذو كاريزما.

    وفي كرة القدم، لعل أبرز اسمين يمثلان هذا النوع من المنافسة الطويلة الشيقة هما كريستيانو رونالدو وميسي، حيث يبدو الأخير كأنه خلق من أجل دور الفتى الطيب، مع خجله وهدوءه الكبيرين خارج الملعب، وقصة طفولته المؤثرة ومرضه وعلاجه ثم صعوده للقمة وتربعه عليها رفقة فريقه برشلونة الذي يمتلك هو الآخر قصة درامية مع نضاله من أجل استقلال مدينته، في مقابل رونالدو الذي يلعب مع نادي العاصمة، الفتى الذي جاء كأغلى صفقة في وقته ويتمتع بجرأة وثقة كبيرتين، وكاريزما داخل وخارج الملعب.

    ميسي الذي لم يشاهد سوى برفقة امرأة واحدة ظل وفياً لها منذ بزوغ نجمه وحتى اللحظة، والتي أنجب منها طفليه ويستعد حالياً لتتويج هذا الإرتباط بالزواج، مقابل كريستيانو الذي أنجب من فتاة مجهولة في بداية نجوميته وارتبط بعدة علاقات ولايبدو مشروع الزواج مطروحاً في علاقته الحالية وإن كانت مستقرة، مع حرصه الدائم أن تتواجد حسناء الى جواره في مناسباته الهامة وهو على القمة.

    في حين أن الصحف الموالية لمدريد تروج لصورة مغايرة، باظهار الجوانب الرمادية في ميسي كقضايا التهرب الضريبي أو شخصيته الكبيرة في نادي برشلونة، فالفتى الأرجنتيني في روايتها لا يتجاوز كونه شخص مخالف القوانين ويرهق ناديه بشكل مستمر بطلب تجديد عقده في كل عام أو في كل بضعة أشهر! ولا يتم التجديد أو التعاقد مع أي لاعب في النادي دون الأخذ بمشورته وموافقته، بل إنه لايجيد شيئاً في حياته سوى كرة القدم، صورة مغايرة تماماً لما يعتقده عامة الناس من المتابعين لهذا الموهوب، ليرد عشاقه أنها لاتعد سوى حرب إعلامية وافتراء من أجل إبراز منافسه بصورة أكبر، وهذا الأخير ومع كل نشاطاته الخيرية وتصريحات المقربين منه عن شخصيته اللطيفة ونفي الغرور عنه، لكن مجرد احتفال صاخب في أرض الملعب تستخدمه الصحف المنافسة لإعادة صورته كشاب مغرور ماكر للأذهان؛ فالجميع يفضلون المتواضعين ذوو الشخصية الهادئة في مقابل أصحاب الشخصية القوية الذين يرتبك الجميع في حضورهم.

    رونالدو و ميسي

    رونالدو و ميسي

    كل هذه السيناريوهات تجعل تصنيف اللاعبين من أسهل مايكون على المتابعين السطحيين لنجوم الكرة، كل فئة ستتبنى رواية الصحيفة الأقرب لناديها، وفي النهاية مايحدث أمام الشاشة لا يعد بالنسبة لهم أكثر من ترفيه واستعراض، بما فيها شخصيات هؤلاء النجوم وحياتهم،

    قد تتفن وسائل الإعلام في رسم شخصية هذا اللاعب أو ذاك بالطريقة التي تخدم القصة التي ترويها للجمهور، سواء عندما ترغب في استدار العطف على هذا اللاعب في فترة حصد الجوائز، أو في اظهار قوة شخصيته في فترة احتداد المنافسات أو الاستعدادات، أو في اظهار جانبه المظلم عند الخلافات أو اذا كان لاعب الفريق الخصم، كل مناسبة لها قصتها الجاهزة وفي كل شخص تستطيع أن تنتزع ما يلائم السيناريو المرسوم، ف ميسي الذي تحدث الجميع عن خجله وابتعاده عن كل شيء عدا كرة القدم هو نفسه القائد في منتخب بلاده والذي يتطلع اليه جميع اللاعبين في برشلونة بل ويصرح أحد رؤساء النادي أنه الديك الوحيد في هذه المنظومة! وهذا ليس نفياً لهدوءه وخجله أو معالم شخصيته القريبة من القلوب، بل هذه شخصيته فحسب، كما أن شخصية رونالدو القوية الواثقة لاتنفيها تصريحات زملائه أنه طيب وليس مغرور، واكيد يمتلك كليهما نصيبه من السلبيات بقدر مايتواجد في كل شخص آخر لكن هذا لايعني أن كل ما يفعلونه خارج الملعب من باب الرياء والنفاق الإعلامي لا أكثر!

    في النهاية علينا كجماهير أن نتذكر دائماً أن من نتابعهم على أرض الملعب ليسوا نجوم دراما تلفزيونية، ليسوا شخصيات كتبت على الورق ويقومون بأداء أدوارها، هم بشر، حقيقيون مثلنا، يسيرون ويمارسون حياتهم اليومية بجوانبهم المضيئة والمظلمة. وتحترف وسائل الإعلام والصحف إلقاء الضوء على الزاوية التي تتناسب مع روايتها وقصتها في ذلك العدد، فلا يوجد ملائكة وشياطين تماماً في هذه الشخصيات، بل مجرد فتيان يمارسون هواياتهم مع وضع حياتهم تحت المجهر من أجل تسليتنا وترفيهنا.

    لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك