موندياليات 360 فقرة يومية أو شبه يومية نسلط فيها الضوء على أمور قد تكون مخفية إلى حد ما لكنها تؤثر في اللعبة بوضوح الشمس أكثر مما سنتحدث في التكتيك والتكنيك والأمور الفنية المتعلقة بالمستطيل الأخضر ..عسى أن تنال إعجابكم
كرة القدم هي لغة عالمية يتحدثها جميع محبي هذه الرياضة حول العالم وهو أمر معروف. وهي ككل لغة قادرة إن استعملت بالطريقة الصحيحة أن تجمع الأفرقاء وتوحد الخصوم ، لكنها بالوقت نفسه قادرة على خلق الفرقة والعداوات بين الناس ، وهذه العداوات هي الأتفه على الإطلاق لأنها تتم على خلفية لعبة رياضية ليس إلا …ما علينا فهذا ليس موضوعنا.
هذه اللغة العالمية خاصة بمتابعي كرة القدم “ الأصلاء “ الذين يعتبرون هذه الرياضة ولغتها ساحتهم الخاصة وركنهم الآمن الذي يتجمعون فيه ويشجعون ويتانقشون بأريحية بعيداً عن الحياة وهمومها . لكن هذه اللغة تصبح عالمية مع كل كأس عالم حيث يتكلمها كل فرد على سطح هذه المعمورة سواء أكان متابعاً أم غير متابع ، رجلاً كان أم امرأة ، كهلاً كان أم شاباً …الجميع يختار منتخباً ليشجعه والجميع يريد أن يكون له قول في هذا الحدث العالمي ولو كان صغيراً .
هنا يبدأ الانزعاج بالظهور على متابعي كرة القدم “ الأصلاء “ ويعتبرون أن عالمهم الخاص قد انتهك ممن لا يستحقون دخوله . حيث يستنكرون استعمال لغتهم الخاصة من قبل جميع الناس لأنها تبدأ “ من وجهة نظرهم “ تصبح مشوهة ، فليس “ كل من صف الصواني صار حلواني “ كما يقال في المثل الشامي الشهير …فكيف لشخص بعيد تماماً عن عالم كرة القدم أن يأتي ويحاول الحديث عنها وعن نتائجها وتكتيكاتها وأفكارها ؟ أين كان خلال الموسم الحالي والمواسم السابقة عندما كانت الأندية تطحن بعضها البعض ؟ وكيف يحاول الدخول إلى حقل تحتاج المعرفة فيه إلى متابعة كبيرة تصل لسنوات عبر التلفاز والصحف والمجلات والإنترنت وكل وسائل الاتصال المرئية والمسموعة ..هذا بالنسبة للمشجعين الذين يعتبرون أنفسهم “ الأصلاء “ اعتداء على مساحة خاصة أو لنقل ناد خاص لا يسمح بدخوله إلا بشروط ..كالمتابعة الطويلة والالتزام بفريق واحد والعداء لمنافس معين إلخ إلخ …
هذه الفوقية لدى المشجعين والتي تزداد مع كل حدث عالمي سواء أكان كأس عالم أو دوري أبطال أو حتى كلاسيكو أو غيره هي مرفوضة جملة وتفصيلاً وتتنافى كرة القدم نفسها والتي هي لعبة الجميع صغاراً كانوا أم كباراً ، هواة أم محترفين …والآن رجالاً كانو أم نساءً مع تطور الفرق النسائية بشكل كبير . كرة القدم ديمقراطية حقيقية يحق لكل الناس متابعتها والاستمتاع بها في أي وقت وفي أي زمان . وكأس العالم هو المثال الأفضل لهذه الظاهرة الديمقراطية حيث يصبح تتاح الفرصة للذين لم يسمعوا بكرة القدم حتى للاستمتاع بها ومعرفتها . وهو فعلياً ما يوسع قاعدتها الجماهيرية ويجعلها جاذبة للأموال التي تطور مستواها …فدعونا نستمتع بها جميعاً ونتخلى عن فوقيتنا تجاه “ الوافدين الجدد “ إلى اللعبة كما يقال ، ولنتذكر أن هذه الجماهيرية سواء أكانت لحظية أم دائمة هي التي تطور كرة القدم بشكل فعلي …وبانتظار ما ستحمله لنا قادمات الأيام في هذا المونديال .
لمتابعة الكاتب على فيسبوك وتويتر
