الأرجنتين .. البلد الوحيد الذي يخجل من فوزه بكأس العالم!

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • منتخب الأرجنتين بطل كأس العالم 1978

    ربط السياسة بكرة القدم أمر معروف في زمننا الحالي، وفي الحقيقة المسألة تعود إلى نشأة هذه اللعبة، فالكثيرون سمعوا عن تدخل السياسيين في عالم كرة القدم والتي يحاولون من خلالها السيطرة على الشعوب، أو فلنقل كسب المزيد من الشعبية من خلالها.

    وكرة القدم والسياسة أمران لا يمكن في معظم الأحيان فصلهما. ذلك ليس لأي تشابه جوهري بين الأمرين، بل لأن السياسيين في مختلف أنحاء العالم كانوا سريعين لملاحظة أن الرياضة وسيلة فعالة للغاية في إيصال رسالتهم للجمهور. وكون كرة القدم الرياضة الشعبية الأولى في معظم دول العالم، فقد تحولت الأداة المفضلة للسياسيين. الأرجنتين لم تكن يوماً من الأيام المثال الوحيد لعلاقة السياسة بكرة القدم، لكنها بدون الشك المثال الأشهر.

    كرة القدم في الأرجنتين تحمل تاريخاً عريقاً. حيث كانت بلاد الفضة أول بلد خارج بريطانيا يتم فيه تنظيم بطولة دوري (1891)؛ ويعتبر الاتحاد الأرجنتيني من أوائل الاتحادات الوطنية التي تم تأسيسها خارج أوروبا والأول في اميركا الجنوبية. لذلك كان من الطبيعي أن يكون لكرة القدم شعبية جارفة في الأرجنتين. هذا الأمر لفت انتباه خوان دومينيجوبيرون الذي وصل لحكم البلاد عام 1946وكان يملك شعبية جارفة بين جماهير بوكا جونيورز التي اعتادت على هتاف “بوكا وبيرون قلب واحد”. بيرون لم يكن يكتفي بحب جماهير البوكا بل حاول أيضاً الحصول على حب جميع جماهير كرة القدم عبر شعارات كـ”بيرون راعي الرياضة” و”بيرون الرياضي الأول”. بيرون سيطر أيضاً على صحيفة موندو ديبورتيفو ومحرريها واستخدمها كأداة لنشر أفكاره التي كانت ترتكز على القومية والفخر الوطني (وهي الأفكار التي لطالما كان من السهل نشرها عبر كرة القدم). هذه الأساليب قادت بيرون للفوز بفترة رئاسية ثانية بنسبة تجاوزت 62% من الأصوات وهو الفوز الأكبر في تاريخ الانتخابات الأرجنتينية.

    ARGANTINA-1978

    لكن بيرون لم يتمكن من انهاء فترته الثانية بعد انقلاب عسكري أدخل البلاد في فترة طويلة من الانقلابات وعدم الاستقرار انتهت بوصول ديكتاتورية عسكرية للحكم في أكثر من مناسبة أخرها، وأهمها، كان عام 1976.الحكم العسكري برئاسة الجنرال خورخي فيديلا سارع بشن ما عٌرف بـ”الحرب القذرة” ضد معارضيه. حيث تم إنشاء مراكز تعذيب في مختلف أنحاء البلاد، أحدها على بعد أمتار من ملعب البومبونيرا، لتعذيب المعارضين وقتلهم. عشرات ألاف المعارضين خطفوا من الشوارع و”اختفوا” دون أن تمنح عائلاتهم أي معلومات عنهم. هذه الممارسات أثارت القلق حول العالم وكان هناك دعوات كبيرة لتدخل الأمم المتحدة لإنهاء الحكم العسكري، بينما كانت عدة اتحادات، أهمها الاتحاد الهولندي، تدرس إمكانية عدم المشاركة في البطولة. لذلك فإن فيديلا وأعوانه كانوا بحاجة ماسة لإظهار وجه مغاير للأرجنتين للعالم خلال كأس العالم 1978 الذي كانت الأرجنتين قد فازت بشرف تنظيمه قبل 12 عام.

    لذلك تم ضخ كميات هائلة من الأموال لبناء الملاعب المبهرة بالرغم من أن البلاد كانت تمر بأزمة اقتصادية خانقة. وحين حاول الجنرال عمر اوكتيس، رئيس اللجنة المنظمة، التنويه علناً للمصاريف الهائلة لتنظيم البطولة تم اغتياله في “ظروف غامضة”.ولكن الحدث الأكثر إثارة للجدل حدث خلال البطولة، وبالتحديد في الدور الثاني. حيث كانت الأرجنتين بحاجة لتجاوز البيرو بفارق أربعة أهداف لتصل للنهائي. وبالرغم من أنه لم يستطيع أحد تأكيد أي شيء حتى اليوم، فإن العديد يجمعون بأن فيديلا تدخل شخصياً وتفاوض مع الديكتاتور العسكري الذي كان يرأس البيرو لكي يتم تسليم اللعبة لمنتخب التانجو. منتخب البيرو، والذي كان قدم أداء رائعاً في الدور الأول من البطولة، سحب نجمه فيلاسكويز، والذي كان أحد نجوم البطولة، وكابتن الفريق شومبيتاز خلال المبارة التي أقيمت في ملعب المونمتال، أي على بعد مرمى حجر من مركز التعذيب الشهير في الكلية البحرية الذي شهد على تعذيب وقتل ما يقارب 5 ألاف شخص، وخسر المباراة بستة أهداف.

    لكن كأس العالم كان ناجحا من وجهة نظر الحكومة العسكرية. حيث فازت الأرجنتين بالبطولة مما أعاد إحياء المشاعر القومية التي حاول بيرون خلقها، بينما تنقل السياسيون والضيوف الأجانب، ومن أبرزهم هنري كيسنجر وزير خارجية أميركا حينها، بأمان بين ملاعب البطولة. هذا النجاح منح فيديلا وأعوانهالقدرة على الاستمرار بحكم البلاد حتى العام 1983. لكن ممارساتهم الوحشية لطخت، حتى يومنا هذا، الفوز الأول للأرجنتين بكأس العالم بالعار. متوسط ميدان التانجو ريكي فيلا، الذي انتقل بعد البطولة إلى توتنهام، قال إن منتخب التانجو استخدم دون شككأداة سياسية في العام 1978. بينما أضاف زميله ليوبولد لوكي “لا يمكنني أن أقول إنني فخور بفوزي بكأس العالم بعد أن أصبحت أعرف ما كان يجري. لكنني لم أدرك ذلك وقتها، معظمنا لم يدرك ذلك. كنا فقط نلعب كرة القدم”. وبينما يحتفى حتى اليوم بدييجو مارادونا والفريق الفائز بكأس العالم 1986 فإن فريق 1978 مازال يرتبط في عقول وقلوب الأرجنتينيين بنظام فاسد ودموي ترك جراحاً مازالت الأرجنتين تحاول شفائها حتى اليوم.

    رئيس ناد يوناني يعترض على ضربة جزاء مستعملاً المسدس