خارج الصندوق: عندما كانت كرة القدم الإنجليزية مُتعبة بحق

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • هذه الأيام يُعزى أي فشل لمنتخب إنجلترا إلى الاجهاد الذي يعانيه لاعبو المنتخب بسبب جدول البريميرليج المزدحم. مشجعو الأسود الثلاثة اعتادوا الحجة لدرجة أنهم أصبحوا يتوقعون من الآن سماعها بعد كأس العالم 2018، أيًّ كانت نتائج المنتخب. فحتى لو حقق رجال ساوثجيت اللقب فستخرج علينا الصحافة الإنجليزية لتقول إن اللاعبين حققوا اللقب “بالرغم” من جدول البريميرليج المزدحم. لكن إن كان لاعبو اليوم يظنون أنهم يعانون من الإرهاق فعليهم ربما أن يتذكروا ما عاناه لاعبو المنتخب خلال موسم 1985/86.

    موسم 1985/86 كان أول موسم تخوضه الأندية الإنجليزية دون المشاركة في أي مسابقة أوروبية بعد أن منعها الاتحاد الأوروبي من المشاركة لأجل غير مسمى (تم إنهاء العقوبة بعد خمس مواسم مع حرمان ليفربول لثلاث مواسم إضافية) إبان كارثة ملعب هايزل خلال نهائي دوري الأبطال للموسم السابق بين يوفنتوس وليفربول. الكارثة التي راح ضحيتها 39 مشجعاً بريئاً كانت انعكاساً لكثير من المشاكل التي تعيشها كرة القدم الإنجليزية. حالة الملاعب الرديئة وظاهرة الهوليجانز، وما رافقها من عنف متبادل بين المشجعين والشرطة، كانتا أكبر مشكلتين عاشتهما كرة القدم الإنجليزية خلال الثمانينيات. وبدلاً من أن تستفيد الأندية الإنجليزية من فترة الحرمان الأوروبي في محاولة ترميم ملاعبها المتهالكة أو خلق مناخ أفصل داخل هذه الملاعب، قام مالكو الأندية والاتحاد باختراع مسابقتين لا معنى أو غاية منهما سوى تعويض بعض المداخيل المادية التي كانت تجنيها من المسابقات الأوروبية.

    premier-league

    المسابقة الأولى كانت تدعى بكأس السوبر للدوري والتي كانت تضم الأندية الستة التي تأهلت للبطولات الأوروبية في ذلك الموسم وحُرمت من المشاركة (ليفربول، ايفرتون، نوريتش سيتي، ساوثهمبتون، توتنهام، ومانشستر يونايتد). وفي حين يمكننا إيجاد بعض المنطق في خلق بطولة لتعويض الغياب الأوروبي فإن البطولة الثانية كانت لا تحمل أي ذرة من المنطق. رابطة الدوري الإنجليزي أطلقت على هذه البطولة اسم كأس الأعضاء الكاملين (Full Members’ Cup) نظراً لأنها كان من المفترض أن تضم أندية الدرجتين الأولى والثانية والذين كانوا يتمتعون بعضوية كاملة في رابطة الدوري (بينما كانت عضوية أندية الدرجتين الثالثة والرابعة جزئية). لكن عديد الأندية سرعان ما رفضت فرصة المشاركة في هذه البطولة نظراً لأنها لا تقدم لها أو لجماهيرها أي شيء لا تقدمه بطولتا كأس الاتحاد وكأس الرابطة. عدد المشاركين النهائي كان 21 فريقاً فقط من أصل 44 فريق.

    البطولة كانت كئيبة وسيئة بكل المقاييس والعديد من مبارياتها سجلت أرقاماً قياسياً في قلة عدد الجمهور. ثلاثة أندية (مانشستر سيتي، فولهام وكوفنتري) حققت أقل عدد حضور جماهيري في تاريخها خلال احدى مباريات هذه البطولة؛ بينما شهدت مباراة شروزبري واكسفورد على أرض الأخير تواجد 12 مشجع للفريق الضيف مقابل 15 شرطياً ومضيفاً!!!

    وبالرغم من قلة الإقبال الجماهيري والاهتمام الإعلامي فإن كلا البطولتين استمرتا. لكن المشكلة الكبرى كانت إيجاد موعد لمباراتي النهائي المفترض إقامتهما في ويمبلي. ليفربول وايفرتون، والذين تأهلا لنهائي كأس السوبر، رفضا ان تؤثر مباراة النهائي على مشوارهما في الدوري وفضلا تأجيل نهائي البطولة لبداية الموسم التالي في حادثةٍ كانت ستكون محطاً للسخرية لو جرت اليوم (ليفربول وايفرتون احتلا المركزين الأول والثاني على التوالي في الدوري نهاية ذلك الموسم). أما نهائي كأس الأعضاء الكاملين، بين تشيلسي ومانشستر سيتي، فقد تقرر إجرائه في الأول من شهر أذار. لكن نادي أوكسفورد سيتي، والذي كان سيخوض مباراة ضد مانشستر سيتي في الدوري في نفس التاريخ رفض أن تُؤجل مباراته لصالح نهائي بطولة لا معنى لها. وبدل أن يقوم منظمو البطولة بالحل البديهي وهو لعب المباراة في منتصف الأسبوع (الأمر الذي كان سيكلفهم مالياً)؛ تم لعب مباراة النهائي يوم الأحد 23 أذار بعد يوم واحد من خوض كلا الفريقين لمباراة في الدوري. تشيلسي تمكن بالفوز في النهائي، بنتيجة 5-4، بعد 24 ساعة من فوزه على ساوثهمبتون في ملعب سانت ماري. بينما فاز مانشستر سيتي بديربي مدينة مانشستر قبل النهائي بيوم. أي أن تشيلسي يمكنه أن يفتخر بكونه، ربما، الفريق الوحيد في العالم الذي فاز بمباراة في الدوري ونهائي لكأس محلي في نهاية أسبوع واحدة!!!

    الموسم استمر طويلاً ولم ينتهي حتى منتصف شهر أيار، أي قبل أسبوعين فقط من بداية بطولة كأس العالم في المكسيك الأمر الذي أثار سخط وغضب بوبي روبسون مدرب المنتخب. وربما لذلك لم يملك لاعبو إنجلترا الطاقة الكافية للجري خلف مارادونا أثناء تسجيله “لذلك” الهدف. لكن بكل تأكيد فإن لاعبي الجيل الحالي لإنجلترا ومن خلفهم الاتحاد الكروي عليهم أن يعترفوا بأن الإرهاق لم يعد السبب الرئيسي لضعف نتائج المنتخب، وربما حينها سيتمكنون من وضع يدهم على السبب الحقيقي ومعالجته.

    لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك