حينما تواجه بايرن ميونخ في معقله أليانز أرينا فسوف تكون بحاجة لخطة محكمة، تطبيق مثالي من اللاعبين، انضباط لا متناهي في الملعب، تركيز عالي طوال الدقائق التسعين، وفي الحقيقة ريال مدريد امتلك كل هذه الميزات بنسب متفاوتة مما مكنه من العودة بنتيجة إيجابية للغاية.
تكتيك وعمل زين الدين زيدان كان واضحاً وله تأثير إيجابي ومثالي على نتيجة اللقاء، المدرب الفرنسي جهز للقاء بشكل جيد وعرف كيف يقود فريقه لتحقيق الانتصار خصوصاً مع تغير معطيات اللقاء، لكن بعض خياراته حيرت جزء واسع من جماهير ريال مدريد.
لماذا قرر وضع كروس كمساعد لمارسيلو على الجبهة اليسرى وليس جاريث بيل أو لاعب آخر مثل إيسكو وفازكيز؟
أول شيء، زيدان كان مؤمن بأن جاريث بيل يوفر له خيارات هجومية أفضل من إيسكو ولوكاس فازكيز لذلك قرر الاعتماد على الويلزي، شخصياً رأيت أنه من الأفضل للريال إشراك أحد اللاعبين على الجبهة اليسرى في ظل تراجع مستوى مارسيلو دفاعياً، لكن قناعات الفرنسي يبدو أنها ثابتة في هذا الشأن.
من هنا لم يشترك فازكيز أو إيسكو، لذلك بقي هناك 3 حلول أمام زيدان، استخدام كروس لمساندة مارسيلو في الحالة الدفاعية، أو استخدام لوكا مودريتش، أو وضع جاريث بيل على الجناح الأيسر.
الخريطة الحرارية لتحركات كروس ضد بايرن ميونخ
الاختيار الذي وقع على كروس أتى من 3 أفكار:
1- كروس اللاعب الأكثر انضباطاً من بين لاعبي ريال مدريد في الآونة الأخيرة، وبمعنى أصح، لا يقوم باختراع شيء في الملعب من تلقاء نفسه لم يتم الاتفاق عليه في التدريبات. أي أن الألماني إن طلب منه التواجد باستمرار على الرواق الأيسر كلما استلم روبن الكرة أو لام، فإنه يطبق ذلك بنسبة مرتفعة (هناك هامش بسيط للخطأ)، على عكس بيل ومودريتش اللذان يفقدا تركيزهم بشكل أكبر ويقومان بمبادرات فردية بعيداً عن العمل التكتيكي.
زيدان كان يعلم بأنه لا يوجد مجال لترك مارسيلو لوحده على الرواق الأيسر حينما تكون الكرة بين أقدام روبن خصوصاً إن تقدم لام لمساندته، هجمة أو اثنتين كفيلة بأن ترمي ريال مدريد في مقتل وتضعه في وضعية صعبة خلال اللقاء، لذلك كان خيار الاعتماد على كروس الأمثل لضمان اغلاق الجبهة على روبن ومن خلفه لام في معظم الدقائق.
2- كروس يعرف كيف يفتك الكرة بشكل أفضل من جاريث بيل ولوكا مودريتش، أثبت ذلك في العديد من مناسبات الموسم الحالي، كما أن روبن يملك مهارة مميزة ومن الوارد أن يجبر لوكا على ارتكاب خطأ ضده، وهو ما أراد زيدان تجنبه لأن الكرواتي يملك بطاقتين صفراء في جعبته ونيل الثالثة يعني غيابه عن المباراة المقبلة.
إبعاد لوكا تماماً على الجبهة اليسرى جعل زيدان يستخدم كاسيميرو حينما يكون هناك حاجة لمساندة مارسيلو وكروس أمام روبن ولام لخلق حالة 3 ضد 2 ، زيزو لم يترك شيء للصدفة في اللقاء.
Vs Bayern & at Allianz Arena and 2 Miss passes!!
97% of Pass accuracy(THE MOST)!.#Maestro pic.twitter.com/QaFLExkoo1
— Team Kroos (@SupportingKroos) April 12, 2017
3- ماذا بعد أن نستعيد الكرة؟ سؤال يجب أن لا نغفل عنه حين التفكير في سبب الاعتماد على كروس لمساندة مارسيلو. كما نعلم البايرن يعتمد أكثر على جبهة روبن ثم العمق، لذلك من الوارد أن يتم افتكاك الكرة من الجبهة اليسرى للريال بشكل أكبر من اليمنى.
في حال افتكاك الكرة وكان جاريث بيل يقف بجانب مارسيلو، فهذا يعني بأنه سيكون محاط بلاعبين على الأقل من البايرن لأنهم بالأساس متقدمين نحو الهجوم، وبالتالي لن يجد الويلزي المساحة للانطلاق بالكرة.
ما حاول زيدان فعل أن يكون كروس حاضر لاستعادة الكرة، وما دام المنافس متمركز على الجبهة اليسرى لفريقه يقوم الألماني بتمرير الكرة عرضياً على الجبهة الأخرى نحو جاريث بيل وكارفخال، وهو دور يجيده توني بشكل بارع خلال الموسم الحالي.
صحيح أن ريال مدريد لم يستطع تطبيق ذلك بشكل مثالي لأن البايرن كان يقوم بضغط كبير على جميع اللاعبين، وأنشيلوتي واضح أنه قرأ هذه الفكرة منذ بداية اللقاء لذلك كان بيل دائماً تحت الضغط حتى حينما لا تكون الكرة متواجدة على الجبهة اليمنى للريال، لكن تبقى فكرة زيدان مثالية باعتقادي.
لماذا أشرك أسينسيو كبديل لجاريث بيل ولم يشرك إيسكو أو فازكيز؟
معظم جماهير ريال مدريد أبدوا حيرتهم من قرار زيدان بالاعتماد على أسينسيو بدلاً من إيسكو أو حتى فازكيز، ليس لأن الإسباني الشاب لا يقدم أداءً مميزاً، بل لأن هذا الأمر غير معتاد من زيزو.
طبعاً بغض النظر إن كان تبديل جاريث بيل لأسباب اضطرارية بسبب الإصابة، أو لأسباب تكتيكية، فإن قرار الاعتماد على أسينسيو بحد ذاته كان لمجابهة أسلوب لعب البايرن الذي ازداد شراسة بالضغط العالي بعد تسجيل ريال مدريد لهدف التعادل.
الريال مر ببضعة دقائق بعد تسجيله للهدف في حالة انعدام توازن نسبياً، الفريق لم يكن قادر على الخروج بالكرة بشكل جيد من مناطقه تحت الضغط، لذلك كان من الضروري أن يكون البديل يملك ميزة القدرة على التعامل مع الكرة تحت الضغط، القدرة على المراوغة، وفي ذات الوقت السرعة الكبيرة والقدر على استغلال المساحات في ملعب البايرن جراء تقدمه.
في الحقيقة هذه الصفات لا تتواجد جميعها في فازكيز أو إيسكو، الأخير يجيد التعامل مع الكرة تحت الضغط لكن لا يملك السرعة، والأول يملك السرعة لكنه لا يجيد التعامل مع الكرة تحت الضغط بل يخسرها أحياناً بسهولة في مواقع خطيرة جداً (مع الأخذ بعين الاعتبار بأن فازكيز سافر مع الفريق إلى ميونخ، لكنه لم يتواجد في قائمة الفريق الرسمية التي ستخوض اللقاء، لذلك لم يكن متاحاً من الأساس لكي يشركه زيزو مكان بيل).
أسينسيو وفر هذا الحل لزيدان، لكن بعد ذلك حصل الطرد وتغيرت المعطيات، فوضعه زيزو مع مرور الدقائق على الجبهة اليسرى لكي يساعد في اغلاق المساحة على روبن، ونقل كروس لوسط الملعب، الفكرة كانت تتمثل في ممارسة ضغط كبير على البايرن في مناطقه حين فقدان الكرة وكان يجب أن يتفرغ توني من أداء الواجب الدفاعي على الجناح الأيسر حينها.
زيزو فعل باعتقادي كل شيء بطريقة صحيحة، ربما فقط نلومه على قرار إشراك خاميس من أجل لعب الكرات العرضية العالية اتجاه رونالدو لأنه كان يملك أسلحة مارسيلو، كارفخال، كروس، وأسنيسيو، ولم يكن بحاجة للاعب إضافي في هذا المضمار، بل ربما كان بحاجة لمهاجم آخر حتى يستغل الفرص السانحة للتسجيل.
بغير ذلك، مباراة مثالية وتعامل مثالي من زيدان مع مجريات اللقاء.
