يبدو أن الصحفيين الإنجليز أرادوا نبش جراح كارلو أنشيلوتي في دوري أبطال أوروبا موسم 03\2004 حينما خسر كمدرب لميلان الإيطالي أمام ديبورتيفو لاكورونا الإسباني في لقاء العودة من ربع النهائي بنتيجة 0-4 بشكل مفاجئ بعد تحقيق الفوز ذهاباً 4-1، وذلك في محاولة يائسة منهم لتحفيز نجوم آرسنال ووضع أنشيلوتي في دائرة الشك على الصعيد النفسي بعد 13 عام من هذه الحادثة.

لا أحد يستطيع القول بأن أنشيلوتي لم يخطئ في ذلك اليوم رغم دفعه بتشكيلته الأساسية وأفضل لاعبيه كأساسيين ممن أحرزوا اللقب موسم 02\2003 ، المدرب الإيطالي لم يجهز لاعبيه على الصعيد النفسي لخوض مباراة صعبة في ملعب ريازور حيث دخل ميلان المباراة وكأنها نزهة أو لقاء ودي ليتلقى 3 أهداف خلال الشوط الأول.

كابوس الديبور سيبقى محفوراً في ذاكرة أنشيلوتي وعشاق دوري أبطال أوروبا إلى الأبد فهو يجسد واحدة من أعظم حالات قلب النتيجة في تاريخ المسابقة كونها أتت ضد حامل اللقب وفي ربع النهائي.

لكن المهم هنا، هل يملك آرسنال الشخصية والمؤهلات التي تمكنه من قلب الطاولة على بايرن ميونخ في ملعب الإمارات الليلة؟

حين الحديث عن مؤهلات آرسنال فيجب العودة بالذاكرة إلى ديبورتيفو الجيل الذهبي في الأعوام ما بين 1999-2005 ، حينما كان أحد أفضل الفرق في أوروبا واستطاع حصد لقب الدوري الإسباني موسم 99\2000.

شخصية الديبور كانت واضحة على أرض الملعب، فريق يرفض الاستسلام، عنيد، مقاتل، والأهم أنه يعذب الفرق الكبيرة التي تملك نجوم بأسماء رنانة ضمن صفوفها، بل أنه كان متخصصاً في هذا المضمار.

موسم 03\2004 نفسه الذي أقصي خلاله ميلان من ربع النهائي كان الديبور قد حقق قبل ذلك انتصاراً مدوياً على جاره يوفنتوس وصيف النسخة السابقة من البطولة في ثمن النهائي وهزمه في لقائي الذهاب والعودة (رايح جاي) بنتيجة 1-0 ، وهو الأمر الذي لم يستوعبه أنشيلوتي ولاعبوه حينما خاضوا لقاء العودة فظنوا أن الخصم هين وفي المتناول دون أن يستشعروا مدى قوة شخصيته وعناده وإصراره ضد الفرق الكبيرة.

وفي الحقيقة ليست هذه إنجازات ديبورتيفو فقط في تلك الحقبة من دوري الأبطال، فخلال موسم 02\2003 هزم بايرن ميونخ “رايح جاي” وتفوق على ميلان في لقاء العودة من دور المجموعات الأول، وفي دور المجموعات الثاني عذب يوفنتوس وخسر أمامه لقاء واحد بصعوبة تامة، كما هزم مانشستر يونايتد في ختام الدور.

أما موسم 2001\2002 فاستطاع في دور المجموعات الأول التفوق على اليونايتد “رايح جاي” ثم كرر نفس الشيء بغريمه آرسنال في دور المجموعات الثاني، بل وتعادل مع اليوفي ذهاباً وهزمه في لقاء العودة، قبل أن يقصى من ربع النهائي على يد اليونايتد نفسه.

والآن نتساءل .. أين هو آرسنال من هذا كله؟

من يتابع نتائج الجانرز في الموسم الحالي والمواسم الماضي سيعي بأن الفريق يفتقر للشخصية والثقة ويقدم أداء مهزوز حينما يواجه فرق المقدمة في إنجلترا، كما أنه بالكاد يستطيع تحقيق الانتصارات على فرق القمة في أوروبا رغم امتلاكه لاعبين لا يقلون شأناً عن بعض الفرق.

ربما البعض يسترجع ذكريات تفوق آرسنال على بايرن ميونخ وتقديمه أمامه مباريات عودة كبيرة ويتخذها كدليل على قوة شخصية الجانرز، لكنها في الحقيقة دليل على استهتار البافاري في لقاء العودة وليس العكس، وحالة ديبورتيفو مختلفة لأنه كان يقاتل ويتألق ضد جميع الفرق الكبرى وليس ضد فريق بعينه بعد أن “تخرب مالطا”.

ليس هذا فقط ما يضعف من حظوظ آرسنال، الفريق يعيش في ظروف نفسية صعبة جداً في ظل وجود انقسام في غرف خلع الملابس، أو بالأحرى وجود حالة عداء لنجم الفريق أليكسيس سانشيز، الصحف البريطانية وضحت حدوث خلاف حاد بين سانشيز وزملائه بعد الخسارة أمام البايرن ذهاباً وهو ما تسبب في دخوله في خلاف مع مدربه الفرنسي أرسين فينجر.

الأجواء السلبية في آرسنال والحديث باستمرار عن رحيل فينجر وأوزيل وسانشيز في نهاية الموسم تجعل من مباراة الليلة بمثابة الكابوس على المدفعجية وليس العكس، فهو لقاء يأتي في غير موعده.

باختصار، آرسنال يفتقر للشخصية والرغبة والعناد والإصرار والروح القتالية وهي الصفات التي اتسم بها ديبورتيفو، وفوق هذا كله فهو يفتقر للهدوء والاستقرار وصفوفه تعج بالمشاكل، فعن أي كابوس يتحدثون في إنجلترا؟