جنة كُرة القدم تنضُب من أنهارها !

04:04 30/07/2015
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • عضو فريق إبداع سبورت 360 محمد علاء

    ** هذا المقال مقدم من فريق إبداع 360، وهو فريق من الكتاب المميزين الناشطين في شبكات التواصل الاجتماعي، من غير العاملين بشكل دائم في المجال، حيث وجدوا في هذا الفريق مظلة تخرج أفضل ما لديهم لينشروا أفكارهم ويفيدوا الجمهور العربي.

    تحرك ذلك الكهل ليلاً طامحاً في إستنشاق القليل من الهواء النقي في مكانه المُحبب، نافورة تريفي، أحد اشهر معالم الفن المعماري في مدينة روما، إعتاد تلك الرحلة يومياً من منزله إلى ذلك المكان، الذي يحمل فيه العديد من الذكريات الجميلة مع محبوبته "مارتينا"، التي إنتقلت إلى السماء منذ عقدٍ من الزمان.

    بالرغم من ذلك الصخب الذي يعُم المكان، و الحركة المستمرة لزوار هذا المكان-و ما أكثرهم-، كان يستطيع أن يختلي بحبال أفكاره، و التخلل في حقيبة ذكرياته ليتذكر كم من المرات آتى إلى هنا ليُلقي قطعته المعدنية التي تحمل أُمنية جديدة في كُل مرة، و قبل أن تمتلئ عيناه بدموع البُكاء على الأطلال، خُرقت أذُناه بأصوات شابان إستطاعا و بالرغم من الضوضاء المُخيمة أن يصل صوتهم  إليه يتحدثان عن قُرب بدء الموسم الجديد من "الكالتشيو".

    الذئاب جائعة هذة المَرة عن كل ما سبقوها، و لن يَرحموا أي مُنافس و سيعثوا في الأرض طولاً و عرضاً يلتهمون كل خيراتها.

    كان صوت ذلك الشاب اليافع مُمتلئاً بالثقة و الفخر بناديه العريق "روما" الذي يبدو عليه أنه يعشقه منذ الصغر و عانى معه مرارة الهزائم كثيراً، إرتفع بعدها صوت ضحكات صديقه الذي يُرافقه و رد عليه ساخراً:

    فقط إهدأ يا (ماركو) فليس هذة هي المرة الأولى التي أستمع فيها لتلك الكلمات منك، و في كُل مرة لا أرى أي أثراً لاقدام هؤلاء الذئاب حتى، و لا أعتقد أن شئ قد إختلف عن المواسم السابقة حتى تتحدث بكل هذة الثقة.

    تحولت بعدها ملامح وجه الشاب المُدعى (ماركو) إلى العبوث الشديد، و حاول أن يتدارك الموقف بنفس سُخرية صديقه و قال له:

    الجميع في إيطاليا من أقصاها إلى أدناها يعلم كيف تحصل سيدتكم العَجوز تلك على البُطولات، فهنيئاً لكم ببطولاتكم البعيدة عن متعة المنافسة الشريفة، و هنيئاً لنا بعراقة روما و تاريخها المُمتع.

    العجوز إبتسم إبتسامة عدم الرضا على ما يشاع من كلام في ذلك الحديث الحاد بين هاذان الشابان، و من ثم صاح فيهم نهراً:

    حاولا أن تصنعا الجنة في خيالكم، فالواقع أكثر قُبحاً مما تُدركون.

    قطع الشابين حديثهما و إلتفا إلى ذلك العجوز الجالس، الذي ظهر على وجهه علامات التقدم الشديد في السن، و كأن وجهه أحد معالم روما القَديمة، و لكنهم إنتبهوا إلى كلامه الذي بدى عليه الحدة في الكلمات، و سُرعان ما قطع الفتى (روبيرتو) -الشاب الثاني-، ذلك الصمت و طرح عليه سؤالاً غريباً بعض الشئ:

    و أي نادٍ تُشجع أنت، و يَملُك واقع جيد عن واقع أنديتنا؟؟

    و تحركا معاً مُتجهين نحو ذلك العجوز حتى يُكملا حوارهما معه، قبل أن يسمعا ضحكته ترتفع بِشدة و يسترسل كلامه قائلا :

    أتعتقدا أن لازال هُناك أندية تُمارس كُرة القدم في إيطاليا؟

    علامات تعجب تُسيطر على وجه الشابين و لكن العجوز أهملها و أتبع كلامه قائلاً:

    أنت يا هذا كيف ترى أداء البيانكونيري يستحق المُتابعة بدون لمسة "ديل بييرو" الساحرة؟ كيف تجد الأسود و الابيض لائقين بأحدهم بعد أن غادره "نيدفيد"؟

    و أنت أيُمكنك أن تحصر موسمك بالكامل في دقائق معدودة يُشارك بها المَلك "توتي"؟

    لكم أُشفق عليكما يا صغيراي، أُقسم لكما بأن العاب الفيديو في ذلك العصر أصبحت أمتع من مشاهدة الكالتشيو بدون "باجيو" و أهدافه في كأس العالم الذهبية، كيف يُمكنك أن تُقييموا مهارة أحد اللاعبين بدون أن ترونه يقف عاجزاً امام عظمة "مالديني" أروع من منع لاعبي العالم من لعب كُرة القَدم.

    قاطعه (ماركو) مُتحدياً شيبته قائلاً :

    لكل عصر أساطيره، و لا يوجد أي لاعب عاش إلى ما لا نهاية، هذا يرحل و ذلك يأتي و تستمر مُتعة الكُرة في إيطاليا، مهما رحل من نجوم عن عالمنا.

    تحدث العجوز بكُل أسى في الدنيا و صوته بدأ ينخفض من شدة حُزنه :

    حينما يأتي من يقترب و لو قليلاً من الظاهرة "رونالدو" حدثني عن الدوري الإيطالي، حين ترى أحدهم في قُدرة "نيستا" على قطع الكُرات، حدثني عن المُتعة، في اللحظة التي ترى فيها النجوم و الأساطير من كُل البلدان يحلقون إلى إيطاليا و ليس منها، حدثني عن الدوري الإيطالي، جَنة كُرة القدم لا تُعمر بأشباه لاعبين، و رعب السان سييرو لا يُناسب الشباب الصغير، و لقب الذئب لا يُطلق على من يخشى التدخلات القوية حتى لا تُتلف قصة شعره، و السيدة العجوز لا تنقل سحرها القديم إلى من لم يتربى في داخل منزلها العَتيق، و دهاء الأفاعي لا يُورث إلى أصحاب القُلوب الرحيمة، مُتعتكم مُزيفة و مُصطنعة، و لن يَمُر الكثير من الوقت قبل أن تودعوا المَلك "توتي" الذي سيحتفظ بتاجه لأنه لن يَجد من يستحق إرتدائه فيما بعد، و من بعده "بوفون" و ستجلسون بجانبي في نفس المكان، نادمين على ما سيفوتكم من عمر قبل أن تُشاهدوا لذة الكُرة.

    نهض بعدها العجوز و ترك الصبيين يتبادلان نظرات اللوم بينهما، رحل و لكن رحليه لم يمنع كلامه من التردد في وجدانهما، و بدأوا تخيل تلك اللحظة التي تحدث عنها، التي سيودعون فيها "توتي" و من بعده "دي روسي"، و يُصبح بعدها الذئاب بلا أنياب، أو أن يضيع سحر السيدة العجوز الكامن في "جيجي بوفون"، وقف الشابان بعدها في بطئٍ شديد و الصمت هو ما يُخيم على ما تبقى من طريقهما.

    للمشاركة في فريق إبداع سبورت 360 اضغط هنا

    أقرأ أيضاً جميع أبداعات فريق سبورت 360 اضغط هنا