جمهور في العراق وسوريا .. فلماذا لا نشاهده في مصر؟

محمد عواد 11:33 13/02/2017
  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • يتواصل الغياب الجماهيري في المباريات التي تقام في الدوري المصري، وذلك نتيجة تكرار الحوادث المؤسفة، التي أدت إلى عشرات الوفيات، والأيام السوداء التي عاشتها الملاعب.

    في نفس الفترة، التي كانت فيها أبوظبي تحتفل باستقبال عملاقي الكرة المصرية، حيث حول الجمهور الملعب إلى كرنفال جميل، كانت هناك مباراة تقام في العراق بين الزوراء والقوة الجوية بحضور جماهيري رهيب، في حين ما زال الدوري السوري يستقبل الجماهير، ورغم الحرب المدمرة التي شهدتها حلب لسنوات، فإن الديربي عاد وسط حضور جماهيري أيضاً.

    ربما نتفق على وجود رسائل سياسية فيما يتعلق بالجمهور في الشأن السوري، لكن الأمر في العراق لافت، لأن الحالة الجماهيرية هناك تأتي عكس المزاج السياسي، أي بعيداً عن الاختلافات واستخدام خطر الإرهاب كحجة لتأخر مناحي التنمية العديدة.

    صور من جماهير العراق

    صور من جماهير العراق

    في مصر، الحالة تبدو مختلفة، فالأمن يشهد تحسناً عقب الأحداث والتغييرات المتوالية هناك خلال فترة الربيع العربي، وكرة القدم تحقق نتائج لافتة على مستوى المشاركات الخارجية، فالزمالك والمنتخب لعبوا نهائيات دوري أبطال أفريقيا وكأس الأمم، كما أن المسافة بين المنتخب وروسيا تبدو قريبة جداً، وأقرب من أي وقت مضى، ويصاحب ذلك زيادة لافتة بعدد المحترفين في أوروبا.

    حادثة “محمد عواد” العالمية والجمهور!
    اؤمن شخصياً، أن الحادثة التي جرت مع حارس الإسماعيلي محمد عواد ضد النصر للتعدين، عندما تصدى لكرة بيده بشكل واضح خارج منطقة الجزاء بأمتار عديدة، ناتجة عن غياب الجمهور!

    ما جرى لم يكن طبيعياً، لم يعترض أي من الطرفين في أرض الملعب، ولم ينتبه الحكام، بل إن المعلق نفسه لم ينتبه وناقش اللقطة بشكل طبيعي، مما يجعل حالة غياب التركيز عامة، وليست خطأ تحكيمي !

    من يعتاد اللعب أمام الجمهور، من يعتاد أن يدير المباريات وسط الأهازيج، ومن يعتاد أن يعلق بجانب صوت المشجعين، ثم يختفي كل ذلك فجأة، يختفي تماماً تركيزه وشغفه، ويلعب بملل، لدرجة أنه قد لا يرى خطأ واضحاً مثل هذا!

    فقط قارن الأمر بنفسك كلاعب هاوٍ ، عندما تلعب بجزء ناقص من اللعبة، مثل بدلاً من اعتيادك مباراة بفريق من 5 لـ 5، تصبح 3 لـ 3 ، خلال اللقاء الفاقد للعدد، ستكون أقل تركيزاً وشغفاً.
    الخطر الأوروبي مستقبلاً
    هناك خطر آخر يحدث ويجب الانتباه له، في الماضي كنت أستغرب شغف الجمهور المصري ببطولاته ومبارياته، أذكر مشاهدتهم مباريات ودية للأهلي أو الزمالك، ونصف نهائي دوري الأبطال يقام بنفس الوقت.

    هذا بالنسبة للجيل الناضج، أما الجيل الصغير في العمر، أي الأطفال الذين بدأوا يعرفون كرة القدم الآن، فهم يشاهدون كل شيء من التلفاز، صحيح هناك ألتراس ناشط الكترونياً، لكن عندما نضع الدوري المصري في التلفاز، ونضع الدوري الإنجليزي بالتلفاز، فلا شك أن الجمهور سيختار في النهاية المنتج الأفضل.

    غياب عنصر “المحلية” يأتي بغياب حماس الجمهور تجاه البطولة، فمثلما هناك صفحة لألتراس الزمالك مثلاً، فهناك صفحة لجماهير ريال مدريد، قد يستمر التشجيع محلياً، لكنه لن يكون بشغف الماضي في الجيل الصاعد، وهذا أمر خطير.

    لماذا؟ .. صناعة وتنظيم الخصوم
    يقول لي صديق مطلع أقنعني برأيه “في مصر اختلاف كبير عن العراق أو سوريا، في مصر هناك صناعة، في العراق وسوريا ما زالت اللعبة هواية”.

    ويضيف “هناك الاف من البشر يعتاشون من اللعبة، هناك عشرات الملايين التي تجري في الأسواق بسببها، وضربة دموية ثالثة قد تؤدي إلى منع اللعبة من فيفا، قد تؤدي إلى هجرة الجمهور الذي يشجع ليهرب من الضغوط الحياتية وليس ليرى دماً، وبالتالي قد تنهار هذه الصناعة”.

    الكلام هنا يمكنني تفسيره كالآتي؛ المسألة هناك ليست مجرد أمر من صانعي القرار الحكوميين، بل هو التقاء وجهات نظر مع صانعي القرار في اللعبة ومن يسيرونها، فالخوف على “الصناعة القائمة” إن جاز التعبير، يأتي مع الخوف من أحداث أمنية تضيف للمجتمع المزيد من المشاكل.

    523514_0

    أمر أخر مهم، الألتراس في مصر أخذ شكلاً منظماً سريعاً، بات يمثل قوة، صحيح في طريقته يمارس الفوضى والحرية المطلقة لأن هذه طبيعة الألتراس في العالم، لكن هناك كلمة عليا تشعر بها في المواقف المهمة.

    الألتراس ي مصر ومتأثراً بالأحداث، خلط السياسة بالرياضة بالاقتصاد، وهذا حدث أيضاً في دول أخرى من العالم، بل إن ريال مدريد مثلاً حرم التراس سور لفترة طويلة من الملاعب، لاعتباره رفع من سقف تدخلاته.

    وجود هذه الحالة المنظمة التي تعتبر معادية لأركان صناعة اللعبة وأركان سياسية واقتصادية أخرى، جعل تحويل هذه التجمعات إلى مجرد صفحات في فيسبوك، شيئاً مغرياً أيضاً.

    كيف؟ ..حوار وأهمية وتدرج
    بلا شك، إن عودة الجمهور للمباريات لن يؤدي إلى مجازر في اليوم التالي، فهذا ضرب من الخيال وزرع الخرافات لا أكثر.

    لكن مع وجود احتقان واضح، بين الألتراس وأنديتهم قبل خلافهم مع جمهور أندية الخصم، وبين بعض جماهير أندية وأخرى على أساس “مناطقي”، يجعل الأمر بحاجة لخطة محكمة، حتى تعود كرة القدم بسلاسة، ومن دون ضربات موجعة في الوقت القريب.

    الأساس بالتفكير، أن الوضع الحالي يجب ألا يستمر، ويجب جعله كأمر واقع يعتاده الناس، بل يجب رؤية تغييرات مباشرة مستفيدين من الأجواء الإيجابية التي خلقها المنتخب المصري في أمم أفريقيا.

    لا يمكنني تصور أن استمرار صراع بعض التراس الزمالك – على سبيل المثال – مع مرتضى منصور أمر طبيعي، فالمنطق يقول إن كليهما يريد مصلحة ناديه، وفي داخلهما صدق نحو النجاح، فلو كان ذلك صحيحاً، فإن ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم.

    جماهير الزمالك والإدارة منطقياً لهم نفس الهدف

    جماهير الزمالك والإدارة منطقياً لهم نفس الهدف

    الألتراس مثلهم مثل أي جماعة شبابية في العالم، يحبون أن يشعروا بسماع الأخر لصوتهم، كما أن إدارات الأندية تحب أن تعمل من دون أن تشعر أن هناك من يخلق عداوة لها مع جماهيرها قبل جماهير خصمها، وهذا ما يجعلني أقول إن هناك حاجة ماسة، لحوار مباشر، وهيكلة جديدة يدخل ضمنها الجمهور المؤثر بجزء من عملية صنع القرار، وليس بصناعته.

    بعد ذلك، يجب البدء بعودة الجماهير تدريجياً، ربما في الأندية الأقل إشعالاً للتوتر، ولجزء محدد من الملعب، وبعد أن تستقر الأحوال هناك، يتم توسعة الأمر كخطوة ثانية، فثالثة، حتى يعود الأمر لطبيعته.

    ولا بد من إعادة شاملة وحقيقية للمسألة الأمنية، والاستعانة بشركات عالمية استطاعت تنظيم ملايين المشاهدين من دون أي صدام، فاستقدام خبرات أكثر كفاءة، لا يقلل أبداً من شأن الموجودين، بل يعزز مفهوم “المعرفة أولاً” في صناعة أي عملية بشكل صحيح.