لوسيان فافر .. مايسترو دورتموند لعزف أكثر هدوءا من صخب “ميتال” كلوب

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • يقدم بروسيا دورتموند بداية نارية للموسم الجديد سواء في الدوري الألماني محليا بستة إنتصارات وتعادلين في الجولات الثمانية الأولى ورقما تهديفي قياسي وصل إلى 27 هدف خلال تلك الجولات بجانب العلامة الكاملة بدور المجموعات بدوري أبطال أوروبا بعد رباعية نظيفة في مرمى أتليتكو مدريد

    الأنظار بدأت تتوجه على النادي الألماني الذي كان يعاني في السنوات الأخيرة منذ رحيل يورجن كلوب عن الفريق بسبب التراجع الذي شهده الفريق على يديه في موسمه الأخير معهم ثم الخلافات بين الإدارة وخليفته توماس توخيل حول طريقة إدارة الفريق ثم تجربة فاشلة مع المدرب بيتر بوش ثم محاولة إنقاذ مؤقته مع المدرب بيتر شتوجر في النصف الثاني من الموسم الماضي

    وصل هذا الصيف المدرب السويسري المخضرم لوسيان فافر في تجربته الأولى مع أحد الاندية التنافسية خارج سويسرا مع وصوله إلى سن الستين، فافر تجربة تستحق المتابعة مع النادي الألماني نظرا لسابق تاريخه المميز تدريبيا والذي كان دائما ما يقوم به في الظل مع أندية أقل شهرة

    من هو لوسيان فافر؟ مدرب سويسري ولد في سانت بارثيليمي التي تتحدث الفرنسية حيث نشأ هناك على حب كرة القدم في مزرعة والده حيث كان يفضل ركل الكرة عن المساعدة في الأعمال اليومية

    كنت أحيانا أقوم بالمساعدة في العمل في المرزعة ولكني لم أكن محبا لذلك

    كنت أحيانا أقوم بتسديد الكرة نحو باب المزرعة لغلقه بدلا من الذهاب بنفسي

    بسبب حبه للكرة بدأ مسيرته الكروية رفقة نادي لوسانو ثم تنقل بين نيوشاتل وسيرفيت في سويسرا ولعب لموسم وحيد في تولز الفرنسي حيث كان لاعب خط وسط قادم من المستقبل كما وصفه زملاءه بسبب تمريراته التي كانت تخرج من قدمه كأنها “موجهة بالليزر”، لودوفيتش ماجنين زميله في المنتخب حينها قال عنه

    لقد كان دائما متقدما عنا

    كان يتدرب وفقا لأحدث الأساليب العلمية ولم يكن يترك أبدا شيء للصدفة لا حينها عندما كان لاعبا ولا حاليا وهو مدرب

     حصل على جائزة أفضل لاعب في سويسرا عام 1983 وبعدها بعامين تعرض لإصابة أبعدته ل8 أشهر كاملة عن الملاعب بسبب تدخل من بيير ألبيرت شابوسات في واحد من أسوء التدخلات في تاريخ الكرة السويسرية والدوري هناك

    أعتزل عام 1991 وبدأ فورا رحلته التدريبية فأنضم كمساعد مدرب لفريق تحت 14 عاما بنادي إشالينز قبل أن يتم تصعيده لتدريب فريق 17 عاما وأخيرا في 1993 وجد نفسه مديرا فنيا للفريق الأول للنادي الذي كان ينشط في الدرجة الثالثة

    حقق معهم في موسمه الأول إنجازا تاريخيا بإيصاله للفريق إلى الدرجة الثانية وهو إنجاز مازال مخلدا في تاريخ النادي وبسبب نجاحه ضمه نادي نيوشاتل لتدريب أكاديميته وذلك ليعتاد على العمل في بيئة أحترافية بعد بدايته مع نادي هواه

    خلال تلك الفترة قام فافر بجولة أوروبية لزيارة الأسماء التدريبية المميزة حول أوروبا من أجل التعلم منهم وإثراء قدراته التدريبية فقضى أسبوعين مع يوهان كرويف المدير الفني لبرشلونة حينها وزيارة أخرى لأرسين فينجر في موناكو وأوتمار هيتزفيلد المدير الفني لبايرن ميونخ

    المدرب الذي يلهمني أكثر؟ يوهان كرويف بالتأكيد سواء عندما كان كلاعب أو كمدرب بعد ذلك في برشلونة

    لقد كنت هناك في 1993 لمدة أسبوعين لمتابعة عمله وكيفية جعله لبرشلونة يلعب ويتحرك سواء بالكرة أو بدونها

    ظل عامين مديرا للأكاديمية قبل أن يعود للدرجة الثانية لتدريب فريق يفردون الذي كان يقبع في المركز الأخير في منتصف ذاك الموسم لينقذه في الموسم الأول من الهبوط قبل أن يقوم بصناعة التاريخ معهم بالصعود للدرجة الأولى ثم الحصول على المركز الخامس في الموسم الأول لهم هناك في الدوري السويسري الممتاز

    صيف 2000 شهد عودته لنادي سيرفيت حيث تألق هناك لاعبا وذلك لقيادة الفريق تدريبيا ونجح في قيادة الفريق للفوز بكأس سويسرا وتمثيل مشرف بالوصول إلى دور الستة عشر بكأس الاتحاد الأوروبي

    أراد نادي زيورخ تغير مدربه وكان هدفه الأول التعاقد مع مدرب ألماني شاب يدعى خواكيم لوف لكن بسبب تلكئ الأخير في الرد على العرض تم عرض الفكرة على فافر الذي لم يتأخر في الرد على العرض بالقبول، صبر دام 25 عاما للفوز بالدوري المحلي أنتهى على يد فافر عندما قاد الفريق للدوري في 2006 ثم حافظ على اللقب في 2007 وقبلها أفتتح رصيد بطولاته في 2005 بالفوز بكأس سويسرا

    قاد فافر أصغر متوسط أعمار في تاريخ النادي للفوز بالبطولة فكان متوسط أعمارهم 21.6 عام فقط وشارة القيادة يحملها صاحب ال19 عاما حينها بلريم دزمايلي وبجانبه كان جوخان إنلر والثنائي كان هدية من فافر للكرة السويسرية

    FC Zuerich Trainer Lucien Favre haelt den gewonnen Cupfinalpokal in die Hoehe und zeigt ihn den Hunderten von Fans, am Dienstag, 17. Mai 2005, anlaesslich der Cupsieger Feier des FC Zuerich im Stadthaus auf Einladung des Zuercher Stadtpraesidenten Elmar Ledergerber nach dem gewonnen Fussball Cupsieg ueber den FC Luzern gestern im Basler St. Jakob-Park. (KEYSTONE/Eddy Risch)

    FC Zuerich Trainer Lucien Favre haelt den gewonnen Cupfinalpokal in die Hoehe und zeigt ihn den Hunderten von Fans, am Dienstag, 17. Mai 2005, anlaesslich der Cupsieger Feier des FC Zuerich im Stadthaus auf Einladung des Zuercher Stadtpraesidenten Elmar Ledergerber nach dem gewonnen Fussball Cupsieg ueber den FC Luzern gestern im Basler St. Jakob-Park. (KEYSTONE/Eddy Risch)

    خرج في صيف 2007 للتدريب خارج سويسرا فكانت ألمانيا وجهته وذلك بعد أن أستقر عليه نادي هيرتا برلين ليكون مديرا فنيا لهم في ظل أزمة مالية يمر بها النادي ورغم ذلك نجح في قيادتهم لموسم مميز والحصول على المركز الرابع قبل أن يتم إعفائه من مهمته في بداية موسم 2009-2010 بسبب تراجع النتائج مع بيع الفريق لنجومه

    ظل بدون عمل حتى فبراير 2011 عندما أعلن بروسيا مونشنجلادباخ أن فافر هو خليفة المدرب مايكل فرونتزك مع قبوع النادي في المركز الأخير ب16 نقطة بعد مرور 22 جولة ونجح في الحفاظ على تواجد الفريق في الدرجة الأولى في الدور الإقصائي أمام بوخوم

    الموسم التالي كسر مونشنجلادباخ كل التوقعات فحصد المركز الرابع وحجز مكان في الأدوار الأولية بدوري أبطال أوروبا حصد بعد ذلك الموسم الثامن ثم المركز السادس وفي موسمه الخامس مع الفريق نجح في الوصول للمركز الثالث والتأهل المباشر لدوري المجموعات بدوري أبطال أوروبا

    بعد خمسة هزائم في المباريات الإفتتاحية في الموسم التالي 2015-2016 قدم فافر إستقالته والتي رفضتها إدارة مونشنجلادباخ ولكنه أصر عليها لينهي مسيرته مع النادي الألماني قدم خلالها للعالم نجوم شابة كماركو رويس وكرستوفر كرامر ومحمود داود وجرانيت تشاكا وأندريا تير شتيجن الذي ظهر لأول مرة في مباراة دربي أمام كولون، فافر صرح حينها

    يعتبرني البعض مجنونا لأني قمت بالإعتماد على حارس يبلغ من العمر 18 عاما ولكني كنت لأعتبر نفسي مجنونا إذا لم أقم بذلك

    أعلن نيس الفرنسي بعد ذلك تعينه لفافر مديرا فنيا للفريق وذلك بعد أن كان السويسري مرشحا لتدريب إيفرتون ولكنه مل من إنتظار العرض الرسمي ليقرر الذهاب لخلافة كلود باول في تدريب النادي الفرنسي حيث قام بثورة كروية هناك وقاد النادي للحصول على المركز الثالث في موسمه الأول هناك وهو الأعلى للنادي منذ منتصف السبعينيات وضاع منه التأهل لدوري الأبطال الموسم الماضي بسبب غياب التدعيمات

    هناك في نيس وجد نفسه مطالبا بالتعامل مع المشاغب ماريو بالوتيلي والذي نجح معه فافر في إخراج الأفضل منه، نجح فيما فشل فيه جوزيه مورينيو وروبيرتو مانشيني ويورجن كلوب في السيطرة على النجم الإيطالي فأخرج الأفضل من اللاعب الذي لم يكن ملتزما هكذا مع أي مدرب

    سجل بالوتيلي 17 هدفا في الموسم المميز الأول للنيس والموسم التالي كان نجم الفريق الأول بتسجيله ل26 هدفا في 38 مشاركة وهو الرقم التهديفي الأكبر في مسيرة المهاجم الإيطالي

    الأمر ليس صعبا إن قمت بإحترام بالوتيلي، هو يتدرب بشكل جيد

    أطلب منه العودة للدفاع مع زملائه والضغط على المنافسين ولكن بدون أن أصرخ عليه

     بداية هذا الصيف أعلن فافر رحيله عن النادي الفرنسي وقبوله بعرض بروسيا دورتموند الذي أراده منذ الموسم الماضي بأي ثمن إلى أن تحققت رغبتهم أخيرا، مهمة فافر كانت صعبة فكان عليه ليس فقط البناء ولكن المنافسة على الألقاب والفوز أيضا

    من أجل لعب كرة قدم أسرع تحتاج إلى لاعبين بذكاء مرتفع قبل المهارات الأساسية فليس من السهل إستلام كرة قوية وإرسال تمريرة مظبوطة إلى أحد الزملاء، إذا نجحت في ذلك ستسيطر على الخصم

    لاعب كرة قدم الحديث يجب أن يكون قادرا على اللعب بكلتا قدميه، الجانب التكتيكي يمكنك البناء عليه وتطويره بعد ذلك

    gettyimages-949653848

    هذا جزء من فلسفة فافر التدريبية فهو يريد اللاعب الذكي القادر على التحكم في الملعب وتحريك زملاءه لذلك كان أكسيل فيتسل من أوائل الأسماء التي انضمت إلى دورتموند مع وصوله وقدرته على التعامل وتطوير المواهب جعلت من جادون سانشو أحد الأسماء المميزة والمهمة في الفريق منذ بداية الموسم

    يكره فافر التحليل الإحصائي لمباريات كرة القدم فقال عنه في حوار صحفي

    ليس من أهتماماتي التحليل الإحصائي فكرة القدم لعبة سهلة لا تحتاج إلى كل هذه التعقيدات الرقمية

    لكني أفضل مشاهدة مباريات فريقي المسجلة للوقوف على الأخطاء التي سقط فيها فريقي حتى لو حققنا الفوز بخماسية فهناك بالتأكيد أخطاء تحتاج إلى إصلاح

    كما أشاهد مباريات الفريق الخصم من أجل دراسة طريق لعبه والبحث عن نقاط ضعفه لإستبدالها

    ورغم كرهه لتلك الإحصائيات إلا أن الكاتب كريستوف بيرمان في كتابه “خطة المباراة” كشف عن وجود إحصائية رقمية مهمة للفرق التي يدربها فافر وهي أن نسبة الاهداف التي يسجلها الفريق أعلى بكثير من النسبة المتوقعة للأهداف من تسديدات الفريق والأهداف التي يستقبلها الفريق أقل بكثير من الاهداف المتوقعة من نسبة التسديدات التي يستقبلها الفريق

    السبب في ذلك يأتي من أسلوب لعب فافر الهجومي حيث يأمر المدرب السويسري لاعبيه بعدم أخذ قرار التسديد إلا عند ضمان فرصة أكبر للتسجيل وإلا يقوم الفريق بتمريرة أكثر أو تصرف فردي من أحد لاعبيه ليصبح في موقف أفضل للتسجيل

    على الجانب الدفاعي أيضا تسمح فرق فافر للخصم بالتسديد من أماكن بعيدة عن مناطق الخطورة بينما يزيد الضغط كلما أقترب الخصم من المناطق صاحبة النسبة الأرجح والأكبر للتسجيل، أنعكس هذا على ارقام دورتموند هذا الموسم حتى الآن فأسود فيستفاليا أصحاب الهجوم الأقوى في الدوري الألماني ب27 هدف وأقوى دفاع فلم تهتز شباكه سوى في 8 مناسبات محليا وأوروبيا يعتبر ثاني أقوى هجوم بتسجيله 8 أهداف خلف برشلونة وباريس سان جيرمان أصحاب الأهداف العشرة ومازالت شباكه لم تهتز في تلك البطولة

    يعتبر هذا هو الفارق بين أسلوب لعب فافر وأسلوب لعب يورجن كلوب صاحب كرة القدم الهجومية السريعة والضغط العكسي لإعادة الكرة سريعا لفريقه أو كما يشبه أسلوبه بعزف “موسيقى الميتال الصاخبة”  لذلك تم إطلاق لقب “عكس يورجن كلوب” على المدرب السويسري في الصحافة الألمانية عندما تم إعلانه مديرا فنيا للفريق الصيف الماضي، فافر يهتم بالجانب الدفاعي للأندية التي يدربها أيضا بعكس بيتر بوش الذي كان يهتم بالإستحواذ أكثر والهجوم عن الدفاع وهو ما تسبب في هزائم عديدة لدورتموند الموسم الماضي في بدايته

    فافر ليس صديقا للاعبين كما هو الحال مع كلوب ولكنه أيضا ليس المدير المتزمت الملتزم كتوماس توخيل لذلك يمكن أعتباره بأنه المدرب الذي يجمع الصفات الأفضل من بين كل سابقيه في تدريب الفريق الألماني

    يحترم فافر كثيرا تنظيم لاعبيه على أرضية الملعب مع قدرته على التحكم في لاعبيه كقطع الشطرنج مما يجعل أمر إختراق الأندية التي يدربها صعبا ومع ذلك يقدم كرة هجومية مميزة مع تفضيله للإستحواذ على الكرة ولكن بشكل إيجابي على مرمى الخصم

    أنا لا أهتم بالإستحواذ على الكرة لمجرد الإستحواذ بل يجب أن يكون هناك تحركات كثيرة من أجل تسجيل هدف في النهاية

    يعاني فافر من مشكلة حقيقية عندما تتعلق الأمور بتعاقدات الأندية التي يدربها، خلال تواجده مع هيرتا برلين ومونشنجلادباخ كانت الصفقات تضيع من تلك الاندية بسبب عدم قدرة المدرب على حسم قراره في التعاقد مع بعض اللاعبين وإن جاء أحد اللاعبين بدون إرادته فستكون نهايته الإستبعاد كما حدث مع المهاجم الهولندي لوك دي يونج الذي وجد دوره مهمشا في مونشنجلادباخ لأن فافر لم يطلب التعاقد معه لأنه غير مناسب لإمكانيات الفريق

    مشكلة أخرى يعاني منها فافر وهي فقدانه الثقة بنفسه سريعا وعدم وجود إرادة حقيقية لديه من أجل إعادة بناء فريقه في حال التراجع، عندما كان في مونشنجلادباخ قدم إستقالته بعد الهزائم الخمسة للفريق في موسمه الأخير ورغم رفض تلك الإستقالة إلا أنه صمم عليها بسبب عدم ثقته في قدراته في إعادة الفريق مرة أخرى

    مازال الموسم في بدايته وفافر نجح في إعادة دورتموند مرة أخرى إلى قمة الدوري الألماني وقدم مباريات مميزة في دوري أبطال أوروبا والنجاح منتظر ومتوقع من فافر كما هو الحال في كل مكان قدم إليه بسبب قدراته في إخراج الأفضل من لاعبيه وفريقه دائما أينما حل

    التحديات الحقيقية المنتظرة من فافر هو الحفاظ على هذا المستوى المميز والتحدي الأكبر هو إخراج دورتموند من أي حفرة يسقط فيها النادي خلال الفترة المقبلة التي تنتظر فيها جماهير الفريق إستغلالا لسقوط البطل الدائم بايرن ميونخ وتراجعه

    عاد فافر لألمانيا وعاد دورتموند لعزف الموسيقى ولكن هذه المرة ليست الميتال الصاخبة ولكنه عزف أكثر هدوءا لمقطوعة مازالت تحت التأليف

    لمتابعة الكاتب على تويتر من هنا