قصص كأس العالم .. باربوسا الحارس الذي تحمل لـ 50 عاماً خطأً لم يرتكبه

  • Facebook
  • Twitter
  • Mail
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • Facebook
  • Twitter
  • WhatsApp
  • Pinterest
  • LinkedIn
  • قبل عدة أشهر من إقامة بطولة كأس العالم 2018 في روسيا ، موقع سبورت 360 يروي في سلسلة أسبوعية وخاصة ، أبرز القصص الملفتة والمعبرة التي شهدتها ملاعب المونديال منذ النشأة إلى يومنا هذا .. وحلقة اليوم نتحدث فيها عن قصة حارس برازيلي تم تحميله مسئولية خسارة مونديال 1950 وهو مواكير باربوسا

    أنظر يا ولدي هذا هو الشخص الذي أبكى البرازيل كلها

    كانت هذه كلمات قاسية أطلقتها أم أحد الأطفال أثناء مرورها بجانب حانة في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، الشخص الذي أبكى الجميع هو مواكير باربوسا حارس البرازيل في مونديال 1950 وذاك الطفل لم يكن قد ولد بعد حينها ولكنه قد عرف من خذل بلاده في تلك النسخة

    الحكابة تبدأ باستضافة البرازيل لكأس العالم عام 1950، حينها كانت أوروبا تتعافى من آثار الحرب العالمية الثانية والأنظار أتجهت إلى أمريكا اللاتينية لمتابعة عودة عجلة المونديال مرة أخرى للدوران بعد أن توقفت لظروف الحرب التي عصفت بالكرة الأرضية

    رشح الجميع البرازيل للفوز باللقب وبالفعل نجح راقصو السامبا في تقديم مستويات مميزة جعلتهم مرشحين للفوز باللقب، تصدروا مجموعتهم على حساب يوغسلافيا وسويسرا والمكسيك وتأهلوا إلى الدور النهائي، في تلك النسخة كان النظام ينص أن متصدري المجموعات الأربعة يلتقون في مجموعة واحدة لملاقاة بعضهم البعض والفائز من يحصد نقاط أكثر

    تأهلت البرازيل وأوروجواي والسويد وأسبانيا كمتصدرين للمجموعات، البرازيل فازت على السويد بسبعة أهداف وزارت شباك أسبانيا في ستة مناسبات بينما أوروجواي تعادلت مع أسبانيا بهدفين لهدف ثم فازت على اسبانيا بثلاثة أهداف لهدفين

    لقاء الجولة الأخيرة جمع بين البرازيل وأوروجواي، السامبا كانوا الأقرب للفوز بطبيعة الحال وأكثر من 170 ألف متفرج برازيلي أتجهوا إلى ملعب ماراكانا في قلب العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو لمتابعة تتويج منتخب بلادهم لأول مرة بالبطولة

    بدأت البرازيل الإحتفالات قبل إنطلاق المباراة فتم إعداد الكارنفالات الشعبية لتجوب الشوارع الرئيسية وتم طباعة الملايين من القمصان المطبوع عليها كلمات إحتفالية ببطل تلك النسخة من المونديال بل ووصل الأمر بأن رئيس فيفا جولي ريميه قد كتب خطابه الذي سيقوله بعد إنتهاء المباراة مباركا للبرازيل على اللقب

    أنطلقت المباراة والبرازيل تقدمت عن طريق فرايكا في الدقيقة 47 لكن أوروجواي تعادلت سريعا عن طريق سكيافينو في الدقيقة 66، الدقيقة 79 شهدت إنطلاق إيدواردو شيجيا من الجبهة اليمنى ودخوله لمنطقة الجزاء ليسدد في الزاوية الضيقة للحارس باربوسا معلنا عن الهدف الثاني لأوروجواي

    هدف لأوروجواي! …. هدف لأروجواي!!! هدف لأوروجواي

       بهذه الكلمات وبصوت حزين أعلن معلق الإذاعة البرازيلية عن الهدف الثاني لأوروجواي والذي أسكت كل من في ملعب ماراكانا الذي تحولت الأجواء الإحتفالية فيه إلى أجواء جنائزية فالصمت حل على الجميع وبدأ البعض في البكاء على ضياع البطولة مع فشل البرازيل في تعديل النتيجة قبل نهاية المباراة، التعادل كان سيكفي الفريق للفوز باللقب

    من تحمل هذه الهزيمة؟ شخص واحد فقط هو باربوسا الذي أتهمته الجماهير بأنه صاحب الخطأ الذي جاء منه الهدف نظرا لأنه توقع إرسال جاشيا للكرة بالعرض فتحرك على هذا الأساس وكانت النتيجة أنه وجد الكرة في شباكه رغم محاولته التصدي لها

    هيروشيما الخاصة بنا، صدمة ماراكانا، الصدمة الكبرى في التاريخ البرازيلي كلها عناوين أطلقتها الصحف البرازيلية لوصف تلك المباراة

    باربوسا كان في ال29 من عمره حينها وخلال الفترة ما قبل 1950 كان الحارس الأشهر والأفضل في البرازيل رفقة فاسكو دي جاما في الدوري البرازيلي ولكن بعد تلك النسخة من المونديال أختلف كل شيء

    لست أنا السبب في تلك الهزيمة لقد كنا 11 لاعبا يومها

    كان دائما باربوسا ما يخبر أصدقاءه هكذا عندما يتحدث إليهم والدموع تملأ عينيه كلما تذكر تلك المباراة التي قضت على حياته

    بعد تلك المباراة أصبح باربوسا منبوذا من الجميع خائفا من أن يتعرف عليه أحد حتى لا يقابل وابل من السباب والهجوم من جميع من حمله مسئولية الخسارة، تراجعت مسيرته الكروية ولكنه لم يترك كرة القدم حتى وصل إلى سن ال41 عندما تعرض لإصاب أثناء مباراة فريقه كامبو جراندي وخرج بمساعدة طبيب الفريق ولأول مرة منذ 1950 يقف المتابعين في أرضية الملعب لتحيته وتوديعه

     لم يمثل المنتخب البرازيلي بعد تلك المباراة سوى في مناسبة وحيدة كانت أمام الإكوادور في 1953 لكن لا أحد أستطاع نسيان ما حدث

    تم منعه من زيارة معسكرات المنتخب البرازيلي قبل نهائيات كؤوس العالم التالية حتى لا يجلب النحس وحرمه  رئيس الأتحاد البرازيلي  من تحليل مباريات المنتخب البرازيلي في بطولة 1994 لنفس السبب

    مونديال 1950 كانت بوابتي لدخول التاريخ ولا يمكنني الخروج منها

    هكذا كان يذكر باربوسا نفسه دائما كلما حمله أحد مسئولية خسارة المونديال حتى مع مرور السنوات ونجاح البرازيل في حصد الكأس الذهبية لأكثر من مرة

    bfb110_0b0709f2bfa34bf38f51edf31d34600f_mv2

    فشل باربوسا في الحصول على أي وظيفة في عالم كرة القدم بعد إعتزاله ولكنه نجح في العمل كمدرب للسباحة أين؟ في ملعب ماراكانا، باربوسا كان عليه يوميا لمدة 20 عاما الذهاب إلى عمله في نفس المكان الذي شهد إنتهاء مسيرته وخسارته لحب الجماهير التي حملته المسئولية

    لم يكن لباربوسا أولاد من زوجته كولتيلدي التي ماتت بالسرطان في 1994 ولكنه كان يعتبر تريزا بورا بمثابة ابنته، تريزا كانت تدير الحانة التي يلجأ إليها كل يوم من أجل الهروب من الأفكار التي تواجهه يوميا خصوصا بعد أن ماتت زوجته وتركته وحيدا

    لم يكن يمر يوم إلا وعلي إقناع نفسي بأنني لم أكن السبب بمفردي، لكن الناس يريدون سبب

    البعض يقول بأني فشلت، سواء فشلت فعلا أم لا من ذا الذي سيعود بالزمن إلى الخلف من أجل إصلاح ذلك؟

    هناك فيلم برازيلي قصير يدعى باربوسا تم إنتاجه في 1988 يحكي عن رجل سافر بالزمن إلى الخلف من أجل تفادي هدف شيجيا، وهناك رواية خيال علمي تدعى براسيل من تأليف إيان ماكدونالد يلعب فيها باربوسا دورا كبيرا في قصتها إضافة إلى رواية أخرى تدعى “التصدي الأخير لباربوسا” تتحدث عنه أيضا

    تم إهداء باربوسا أجزاء من مرمى ملعب ماراكانا خلال إصلاحات تمت فيه، باربوسا في اليوم التالي أقام حفلة شواء والخشب المستخدم كان هو الخشب الذي حصل عليه

    لقد كانت أفضل قطعة لحم مشوية قمت بتناولها

    الحارس البرازيلي قرر في محاولاته للتخلص من هذه الذكرى إحراقها

    أقصى الأحكام الجنائية في البرازيل هي السجن لمدة 30 عاما ولكني قضيت 50 عاما أدفع ثمن جريمة لم أرتكبها، حتى الجاني عندما يقضي عقوبته يتم مسامحته أما أنا فلم يتم مسامحتي أبداMoacir-Barbosa

    بعد أسبوع واحد من عيد مولده ال79 تعرض باربوسا لأزمة قلبية فارق فيها الحياة في السابع من ابريل 2000، لم يودعه الكثير من الأشخاص ولكن تيريزا كانت حاضرة لتوديع –بطلها- كما كانت دائما ما تحب أن تناديه

    ورغم موته إلا أن الذكرى لا يبدو أنها تريد أن تفارقه، قبره يحمل الرقم 50