البحرين وعدت والبحرين لبت! سباق ولا أروع تحت الأضواء الكاشفة انتهى بفوز سيباستيان فيتيل مع حلول كل من فالتيري بوتاس و لويس هاميلتون في المركزين الثاني والثالث تباعا ويوم للنسيان لفريق الريد بُل وانسحاب كيمي رايكونن ودخول أحد ميكانيكي فيراري للمشفى.

أما نجم المساء فكان بلا منازع سائق التورو روسو بيير غاسلي ومحرك الهوندا بمركزه الرابع الذي اسكت النقاد واضعا نهاية لربما لفترة الآلام مع فريق المكلارين. كل هذا في سباق رائع جدا في البحرين.

لكن بعيدا عن التجاوزات الخيالية كهاملتون الذي تجاوز ثلاثة سائقين دفعة واحدة و معركة بوتاس وفيتيل في اللفة الأخيرة. ضف على ذلك معركة فيرشتابين وهاميلتون في اللفات الأولى, يعرف من تابع السباق بأن فوز سيباستيان فيتيل جاء بمغامرة استراتيجية من فريق الفيراري كادت أن تضيع السباق.

لهواة الاستراتيجيات في عالم الفورمولا 1 بالإضافة إلى من تابعوا الرياضة حديثا, إليكم ما حصل :

بدأ كلا من فيتيل وبوتاس ورايكونين على الإطارات الناعمة جدا أو ما يعرف بالسوبر سوفت. الإطار الأسرع على سطح الحلبة ولكن الإطار الذي يتهالك بشكل أسرع. في اللفة 18 دخل فيتيل لمنطقة الصيانة ليقوم بتبديل إطاراته إلى الإطار الناعم أو السوفت. إطار سريع أيضا ولكن ذو نسبة تهالك مرتفعة. أي بمعنى آخر, في ظروف عادية كان يجب على فيتيل الدخول لمنطقة الصيانة مجددا لان إطاره سيكون متهالك جدا في نهاية السباق. في اللفة 19 دخل زميل الألماني في الفريق كيمي رايكونن متبعا نفس الإستراتيجية: إطار سوفت.

المفاجأة كانت بدخول فالتيري بوتاس في اللفة 20 وماذا يضع الفنلندي على سيارته؟ إطارات متوسطة القساوة ميديوم! الأمر الذي فاجأ الجميع. نظريا إطار الميديوم أبطأ بكثير من السوفت ولكن مع دهشة الجميع, كانت أوقات الإطار أبطأ بقليل فقط من السوفت. أي بمعنى آخر: بوتاس كان على إطار سيوصله بسهولة إلى خط النهاية دون مشاكل تآكل محققا في الوقت ذاته تواقيت ممتازة في كل لفة.

في تلك المرحلة كان على فيراري الاختيار بين إدخال السيارة لمنطقة الصيانة مرة ثانية في الثلث الأخير من السباق ووضع إطارات جديدة ولكن بنفس الوقت خسارة وقت ثمين والتراجع خلف بوتاس في المركز الثاني (مع العلم بأنهم سيقومون بالضغط عليه إثر تآكل ايطاراته ومحاولة استعادة الصدارة) أو ترك فيتيل على إيطارات السوفت إلى نهاية السباق.

حاول الفريق الأحمر خلط الأوراق وإبقاء رايكونين على الاستراتيجية الأساسية بإدخاله لمنطقة الصيانة للمرة الثانية في اللفة 36 لعله يجبر بوتاس على الدخول( لحماية نفسه من رايكونن) وبذلك إعطاء الراحة لفيتيل و تمكينه من دخول منطقة الصيانة أيضا.

ولكن حصلت الكارثة! فريق الفيراري يتأخر في وقفة الصيانة والإطار الخلفي اليساري يرفض الخروج من مكانه. رايكونن ينال الإشارة الخضراء من فريقه بالخطأ وينطلق مسرعا مع تواجد الميكانيكيين بموقع غير آمن أبدا مما أدى إلى وقوع أحدهم وإصابته إصابة كبيرة أدت إلى دخوله المشفى لاحقا. أما المسكين رايكونن مع ثلاثة إطارات سوبر سوفت وإطار سوفت (الذي رفض الخروج) فما كان له إلا التوقف على بعد أمتار قليلة من خط الحظائر لينسحب رسميا من السباق بغضب كبير.

هذا فعليا ادى إلى ترك سيباستيان فيتيل بعد خسارة ورقة دخول بوتاس لمنطقة الصيانة وحيدا ليجابه تآكل إطاراته. في آخر 10 لفات من السباق بدأ سائق المرسيدس بوتاس بالهجوم على فيتيل وتقليص الفارق لفة بعد لفة مستفيدا من إطاراته المتوسطة ومستغلا إطارات فيتيل الناعمة التي كان جليا أنها أسلمت الروح. وعند دخولهم المنعطف الأول في اللفة الأخيرة حاول بوتاس تجاوز فيتيل لكن الأخير دافع عن مركزه ببراعة لينتهي السباق بهذا الترتيب مع فارق سبع أعشار من الثانية فقط عند تجاوز خط النهاية.

بعد نهاية السباق وعلى أمواج راديو الفريق عبر فيتيل عن سعادته بالفوز بالإضافة إلى ارتياحه الشديد وكأن هما انزاح عن قلبه بعد خط النهاية. “يا إلهي. سأقول لك (للمهندس). الإطارات كانت منتهية….منتهية! ”

بالفعل بدا بأن فيتيل قاتل بكل ما يملك للمحافظة على الصدارة وتمطن ببراعة بطل عالم رباعي بأن يحافظ على مركزه أما بوتاس فلربما لو كان للسباق لفة إضافية, فكنا نتكلم كلاما أخر الآن عن هوية الفائز.

في النهاية قدم لنا سباق البحرين طبقا استراتيجيا لذيذا قدم مع مقبلات من التجاوزات والانسحابات و حلوى درامية شهية فحبذا لو استطعنا الأكل كل أسبوع في مطعم يشبه مطعم البحرين.

هل تحبون الطعام الصيني؟ نراكم الأسبوع المقبل في شنغهاي

تابع الكاتب على القيسبوك : عالم الفورمولا مع ماهر أجمان