من بين نخبة المدربين المهاجرين نحو انجلترا بحثاً عن المجد الكروي والإثارة اللا متناهية، كان كونتي الإيطالي أقلهم ترشيحاً وقدرة على كسب ثقة الجماهير بإمكانية تفرده بالصدارة بفارق من السعة لا يجد فيها من يزاحمه عليها.

قد يجادل البعض أن كل كبار انجلترا و مرشحيهم يحملون من العُقد مايكفيهم ، وتتعرض هيبتهم الكروية لمساءلة حقيقية خاصة بعد فشلهم في منافسة ليستر في الموسم الماضي، وأن هذه الغربلة في المدربين ستخلق من البلبلة ما يكفي ليزيد من صعوبة المنافسة على الجميع، لكن هذا لم يكن عائقاً كافياً لكونتي الذي لطالما نظر لنفسه نظرة الفائز، الفائز فقط لاغير.

كونتي الذي جاء يحمل في جعبته ما يكفي للتشكيك فيه رغم مجده الإيطالي، وإنتصاراته رفقة السيدة العجوز كانت محلية في دوري لا يوجد فيه أي منافس لليوفي حتى اللحظة ومهما انحدر مستواه، وأما أوروبياً فلم يقدم الكثير ليعلو صيته بكونه مدرب محلي يليق بالدوري الإيطالي ولن ينجح بتلك السهولة في انجلترا.

وما زاد الأمور سوءاً أنه لم يختر من بين أندية البريمير سوى النادي ذو التشكيلة المزاجية المتمردة الأنانية التي يهتم أفرادها بأنفسهم قبل فريقهم ومشجعيهم، الذين تفننوا بطرد من لايتلائم مع هواهم حتى وإن كان مورينيو معشوق تشيلسي وجماهيرها.

وفي منافسة مورينيو نفسه الضليع بخبايا الدوري الأكثر تنافسية في أوروبا، وجوارديولا الذي لم تغرب عليه شمس موسم دون أن يتوج فيه بألقاب، وفينجر المدرب الأكثر صموداً في أوروبا، بل حتى كلوب الذي وضع  فريقه الألماني على القمة محلياً وأوروبياً، في منافستهم جميعاً ومع الفريق الأقل مرونة في التكيف مع رغبات المدربين، جاء النجاح ليكون أكثر استحقاقاً من أي نجاح آخر.

Chelseas-Eden-Hazard-celebrates-scoring-their-first-goal-with-team-mates-and-Chelsea-manager-Antoni

هذا النجاح لا يقاس فقط بابتعاده بالصدارة منفرداً دون منافس، حيث يتصارع الجميع بلا هوادة قتالاً على المركز الثاني فقط لاغير دون أن تراودهم جرأة رفع رؤوسهم للأعلى لزعزعة استقرار تشيلسي، بل في قدرته على تطويع هذه التشكيلة وإعادتها لإعتناق هوية الأبطال التي ضل عنها أفرادها وظن الجميع أنها لن تعود دون العبور بسوق انتقالات جذرية.

هذه التشكيلة التي لم يكن أمر ترويضها بالهين، فحتى نصف الموسم ما أن هبت رياح الصين حتى كادت تعصف باستقرار الفريق الذي لم يفكر موهوبيه مرتين قبل القبول بعروضها المغرية؛ ليرحل أوسكار ويكون كوستا على مشارف الانتقال لولا تغير مفاجئ في القوانين في اللحظات الأخيرة، لكن المحنك الإيطالي استطاع بطريقته غير المفهومة أن يستعيد زمام السيطرة على الأمور، ويروض مهاجمه من جديد بطريقته الإيطالية كما نجح بتطويع غيره من اللاعبين، وكأنه يقدم لهم عرضاً لا يستطيعون رفضه أو عصيانه على طريقة العراب الإيطالي زعيم المافيا الشهير، لينصب نفسه عراباً لإنجلترا، معيداً عائلته للقمة من جديد محطماً أنوف باقي العائلات الشهيرة التي كانت تطمع في السيطرة على مافيا كرة القدم دونما انتباه للعراب الحقيقي في دكة تشيلسي.

لمتابعة الكاتب عبر الفيسبوك